هجمات كييف على محطة زاباروجيا.. من يدعم الإرهاب النووي؟
إن إمداد أوكرانيا بتقنيات وأسلحة عسكرية هجومية معناه أنَّ المعركة أكَّدت للعالم حقيقة المخاوف الروسية التي عبرت عنها موسكو في مرات عديدة.
تأكَّد للغرب ثبات روسيا على أرض المعركة المحتدمة وطيسها والمشتعلة نيرانها في أوكرانيا، التي انخرطت في مشاريع الاستفزاز الغربي ضدها بشكل فتح الباب على مصراعيه نحو تسارع وتيرة الصراع الدولي المنذر بالانهيار الوشيك للسّلم والأمن العالميين.
ولم يراجع حلف الناتو سياسته وأساليبه العدائية التي صارت مرفوضة من مختلف القوى العالمية، وحتى من داخل الحلف نفسه، إلى درجة أن أوروبا، الحليف التقليدي للولايات المتحدة الأميركية، أصبحت تواجه تحولات داخلية قد تتباين وتيرتها من دولة إلى أخرى، لكنها تشترك في رغبة شعوب أوروبا ونخبها الفاعلة في تبني توجهات تحفظ لأوروبا ودولها الاستقرار والأمن، بعيداً من دوامة الغطرسة الغربية المتمركزة في أوروبا على حسابها وضد مصالح شعوبها التي سبق أن ذاقت معاناة الحروب وويلاتها، وخصوصاً العالمية منها.
من هنا، وجب طرح سؤال جوهري عن سبب محاولة البعض تناسي دور روسيا في الدفاع عن أوروبا والعالم إبان الحرب العالمية الثانية، وعن سبب الرغبة في توريط أوروبا في نزاع مع ذاتها ومع جغرافيتها التي لن تلغيها التحالفات، ولن تبعدها المصالح (وإن اختلفت فيها دولها) عن ضرورة إيجاد تقاطعات لا مفر منها لأجل الاستمرار في عالم تحفّه مخاطر الحروب المدفوعة من بعيد أو الموجّهة بمبدأ التدمير الذاتي لأوروبا والتفكيك السلبي لمجتمعاتها واقتصادها الذي كان قوياً وأضحى متراجعاً أمام أوضاع لا يمكن التكهن بعواقبها.
وآخر التحذيرات التي تسترعي انتباه الأوروبيين هي تصريحات وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الذي قال إنّ روسيا تصنف هجمات الجيش الأوكراني على محطة زاباروجيا للطاقة النووية بأنها إرهاب نووي، فهل يستفيق الأوروبيون أم أن أوراقهم ليست بأيديهم؟
إن إمداد أوكرانيا بتقنيات وأسلحة عسكرية هجومية معناه أنَّ المعركة أكَّدت للعالم حقيقة المخاوف الروسية التي عبرت عنها موسكو في مرات عديدة، وعلى رأسها مخاطر الزحف الغربي بحلفه على مرمى حجر من الحدود الروسية، وما تبع ذلك من خرق أوكراني واضح لاتفاقية مينسك.
كل هذه المخاطر كانت غير معروفة للعالم فيما مضى، لكنها أصبحت جلية اليوم، على الرغم من التعتيم الإعلامي المنحاز ضد روسيا والمحاولات المفضوحة لبعض المحللين المحسوبين على القوى الغربية.
كل ذلك كشفته وفضحته التصريحات المتضاربة الصادرة عن بعض المسؤولين السياسيين، وحتى القادة العسكريين لدول من حلف الناتو، ما يبين بشكل قاطع لا يقبل أدنى تشكيك مسببات هذه الحرب التي لم تكن أبداً بقرارات من الداخل الأوكراني بقدر ما كانت موجهة من خارجه.
وقد وصلت مخاطر تهديد الأمن والسلم العالميين إلى ما هي عليه من علنية توريد الأسلحة الغربية الهجومية الموجهة لضرب الداخل الروسي لفرض استفزازات خطرة ضد أمن روسيا وضد مقدراتها الإستراتيجية، فماذا يريد الغرب من روسيا التي يعلم جيداً أنها أقوى من أي وقت مضى، ويدرك أنها مستعدّة لردع أعدائها المتحايلين باسم التحضر المخالف للطبيعة البشرية بدعمهم المثلية وابتزازهم الخبيث للدول بمسميات الحرية الدينية المزعومة عبثاً في قوائم معدّة وفق منهجية من يخالفنا فهو عدونا، ومن يساندنا فهو تحت رحمتنا!
هل توجد غطرسة وهمجية أكبر من هذه؟ إذاً، العالم اليوم أمام خيارين؛ إما مساندة حقه في التوازن الضروري الذي يكفل الاستقرار وإما البقاء في وضعية المتفرج، ليستمر الضغط على روسيا وحدها التي تدافع عن العالم كما فعلت في الحرب العالمية الثانية، حين قدمت تضحيات كبيرة ساهمت في تقديم ملحمة كفاح مشرف لأجل الحرية وضد النازية، التي عادت للأسف من البوابة الأوكرانية وبرعاية غربية، فهل تحالف الغرب مع عدوه المزعوم ضد حلفائه الأوروبيين، وخصوصاً أن النازية عدو للإنسانية، وأن الشعوب الأوروبية كانت أول من حاربها؟