هل أطلقت "أبل" رصاصة الرحمة على بطاقة الهاتف النقال؟

ربما الاهتمام الأكبر الذي يجب أن نفكر فيه, هو كيفية التقليل من الاعتماد على التقنيّات والخدمات على الشبكة العنكبوتية, وخصوصاً فيما يتعلق بالتواصل مع الآخرين, في مقابل التوجه الأكبر للقاء وجهاً لوجه، لا عن طريق الشاشة.

  • هل أطلقت
     أي تقنيّة جديدة تُواجَه بنوعٍ من الرفض

أطلقت شركة "آبل" في مؤتمرها السنوي لهذا العام، النسخة 14 من هاتفها النقال المعروف باسم آيفون، وكعادةِ منتجات آبل فإنها دائماً ما تقسم جمهور المراقبين إلى قسمين، قسمٌ يكون مبهوراً بالإصدار الحديث ويرى كلَ مافيه عبارةً عن ميزةٍ طال انتظارها، و قسمٌ يحاول اكتشاف الثغرات ليبني عليها انتقاداته، لكن إصدار هذه السنة من "آيفون" ربما يفتح الباب الأوسع للانتقادات.

لم يلاحظ الباحثو بين الإصدار الأقدم، آيفون 13، و الأحدث آيفون 14، فروقاتٍ يمكن أن تدفع المشتريين إلى إقتناء النسخة الأحدث، على الأقل لهذه السنة، وربما يكون الكلام الأكثر كان عن ميزة الاتصال بالأقمار الصناعية، والتي تم دمجها في "آيفون 14"، لكن لا تحديثات في ما يخص الابتكارات الجديدة، و التي كانت الإشاعات في عالم التكنولوجيا تدور حولها، مثل دمج الكاميرا الأمامية في الشاشة مثلاً.

الحديث عن الانتقاد، خارج الولايات المتحدة الأميركية، ربما ينحصر في هذه الأمور، لكن الأمر مختلف عن إصدار آيفون المخصص للبيع حصراً داخل أراضيها، فتلك النسخة من آيفون 14 ستأتي مع ميزةٍ ربما لن تكون مريحةً للكثيرين، فقد قررت الشركة الصانعة إلغاء مدخل البطاقة الخاصة بتعريف المشترك عند مزوّد خدمة التنقال, والمعروفة بـ SIM card، وقررت الاستغناء عنها بالجيل الجديد eSIM، وهو عبارةٌ عن تقنيّةٍ جديدةٍ تقوم على دمج البطاقة داخل الهاتف النقال نفسه، على الرغم من أن آبل كانت قد طرحت هذه التقنية من قبل، لكنها أبقت على سابقتها في هواتفها النقالة، لكن الآمر مختلف الآن، على الأقل داخل الولايات المتحدة.

لكن مالذي يعنيه ذلك، وهل هو بالسوء الذي يدور الحوار عليه في مواقع الإنترنت؟

لتوضيح الأمور أكثر، فإن أي تقنيّة جديدة تُواجَه بنوعٍ من الرفض، وخصوصاً إن لم تكن رائجةً بالقدر الكافي، بحيث يمكن الانتقال لها بسهولة، وبقاء الخيارات الأخرى متوفرةً دائماً ما يعطي نوعاً من الأمان لمستخدمي التقنيات بشكلٍ عام، وككل منتجٍ أو تقنيّةٍ جديد، يمكن فرز السلبيات والإيجابيات.

* فمن إيجابيات التقنيّة الجديدة:

-  إمكانية دمج أكثر من مزوّد على نفس الهاتف من دون الحاجة لاستخدام بطاقتين.

-  إمكانية تغيير المزوّد بسهولة دون الحاجة لتغيير بطاقة التعريف (SIM).

 -  إمكانية إيقاف بطاقة الهاتف عن بعد.

 - تقليل المساحة والوزن، ولو بشكلٍ ضئيل، بالإضافة إلى إلغاء المدخل، ما يخفف من إمكانية دخول الماء والغبار إلى داخل الهاتف.

- تقليل حالة إصدار بطاقة هاتف بشكلٍ احتيالي، في حال سرقة المعلومات الشخصية واستخدامها لشراء بطاقة هاتفٍ جديدة.

أما عن السلبيات، وهي مدار النقاشات الجارية حالياً:

-لم يتم، بعد، دعم التقنيّة من كل مزوّدي خدمة الهاتف النقّال في العالم، وبعض المزوّدين أسعارهم أغلى بالنسبة لها.

-صعوبة تغيير الهاتف، وخصوصاً في الحالات الطارئة، عندة تعطّله، أو لدى نفاذ البطارية.

-عدم إمكانية تغيير الهاتف بسهولة، فمع الـ eSIM لن تستطيع بسهولة، نزع البطاقة من الهاتف القديم وإدخالها في هاتفٍ جديد، حيث يجب الاتصال بمزوّد خدمة الهاتف النقال لإتمام العملية.

-إمكانية بيع الهاتف النقال لشخصٍ آخر، أصبحت أكثر تعقيداً، ففي الحالة الحالية، يكفي إزالة البطاقة.

ربما تكون هذه المقارنات هي ما يشغل بال المهتمين في المجال، وخصوصاً الإصدار الأميركي للآيفون 14، ولتقنيّة eSIM، والسؤال الأهم الذي يدور حالياً، هو لماذا قررت شركة آبل اتخاذ هذا القرار الآن؟ وخصوصاً أن التقنيّة لم تعتمد بشكلٍ كاملٍ في كل العالم؟ وحتى لو اعتُمِدت، فلن تكون مجالاً لاستعياب كل المستهلكين على الفور، لماذا قررت شركة آبل أن تطلق رصاصة الرحمة على بطاقة الهاتف النقال الحالية داخل الولايات المتحدة الأميركية؟

يدّعي المشككون في التقنيّات الجديدة، أنها ربما تكون إحدى الطرق الجديدة في كسر الخصوصية، والتي ربما كانت تقلّ بالنسبة لنا يوماً بعد يوم، فمع كلِّ جهازٍ جديد، أو خدمةٍ على الشبكة، نجد أن خصوصيتنا أصبحت أكثرَ عرضةً للانتهاك، فمع كمّ المعلومات الهائل الذي نقدمه إلى كل مزوّد خدمة، ومع آلاف برمجيات التجسس التي نستخدمها، بعد أن نضغط على زر الموافقة بشكلٍ طوعي، يبدو أننا نواجه المزيد من المراقبة على مدار الساعة.

ربما الاهتمام الأكبر الذي يجب أن نفكر فيه, هو كيفية التقليل من الاعتماد على التقنيّات والخدمات على الشبكة العنكبوتية, وخصوصاً فيما يتعلق بالتواصل مع الآخرين, في مقابل التوجه الأكبر للقاء وجهاً لوجه، لا عن طريق الشاشة.