منطاد صيني أربك البنتاغون... معلومات مثيرة عن البالونات الطائرة؟

قد يأخذنا عالم المناطيد الساحر إلى مدى الخيال السريالي.... وقد نخال أن تعبير بالون ما هو إلاّ مرادف للسياحة والاستكشاف، لكن حدث أسقاط المنطاد الصيني فوق الولايات المتحدة، جعل العالم يضرب أخماساً بأسداس ويفكّر بقلق ولو لبرهات... فماذا نعرف عن المناطيد؟

  • لحظة إسقاط المنطاد الصيني
    لحظة إسقاط المنطاد الصيني

وقف العالم خلال اليومين الماضيين على "قدمٍ ونصف"، مترقِّباً لحدثٍ عالمي طائر.

منطاد صيني متطور يخترق أجواء الولايات المتحدة، معلّناً حالة التأهّب في صُفوف الجيش وأجهزة الاستِخبارات الأميركيّة والكنديّة، تعليق الحركة الجوية في 3 مطارات ضمن إجراء يتعلق بـما سميّ بـ "الأمن القومي"!

استنفار مقاتلات للتعامل معه، ارتباك أميركي في المكان المزمع لاسقاطه، الرئيس بايدن يعطي أمراً بإسقاط المنطاد، طائرة "فانتوم" تطلق صاروخًاً يسقطه، والبحث جارٍ عن حطامه الذي يتعدى طول 3 حافلات....

كل هذا الاستنفار الأميركي قوبل برد فعلٍ صيني مقتضب، فقد أعربت الخارجية الصينية عن "استيائها الشديد واعتراضها إزاء استخدام القوة في إسقاط منطادها، الذي تم رصده فوق أميركا الشمالية يستخدم للأرصاد الجوية ودراسة الطقس".

  • "اف 22" تسقط المنطاد الصيني

جرس إنذار: البرّ الأميركي ليس في مأمن!

أتى ظهور المنطاد فوق البرّ الأميركي الذي لطالما بقيّ بعيداً ولأسباب جغرافية وغيرها، عن منأى التأثير الخارجي، ليرخي بثقله خشيةً وترقبّاً على كواهل الأميركيين لجهة إمكانية الوصول إلى عقر دار بلاد "العم سام".

وقد ذهب بعض المحللين إلى اعتبار الحدث الذي جرى يوم السبت الماضي، ليس كما قبله، ووصل بآخرين إلى اعتباره "رسالة صينية" مبطّنة!

وتظهر خرائط نشرتها وسائل إعلام أميركية أن المنطاد الصيني حلق في سماء ولايات: مونتانا، وايومينغ، ساوث داكوتا،نبراسكا.كنساس،ميزوري، كنتاكي، تينسي، ساوث كارولينا.

يسرح دان جافي، أستاذ كيمياء الغلاف الجوي بجامعة واشنطن: "إنه فيما يتعلق بأنماط الرياح، فإن حساب الصين بأن التيارات الهوائية العالمية – الرياح المعروفة باسم Westerlies – حملت المنطاد من أراضيها إلى غرب الولايات المتحدة أمر معقول". 

ودرس جافي الدور الذي تلعبه أنماط الرياح هذه في نقل تلوث الهواء من المدن الصينية ودخان حرائق الغابات من سيبيريا والغبار من العواصف الرملية في صحراء جوبي إلى الولايات المتحدة لمدة عقدين.

 وقال "إنها متوافقة تماماً مع كل ما نعرفه عن الرياح، وسيستغرق وقت العبور من الصين إلى الولايات المتحدة حوالي أسبوع".

بيد أنه، وفي تناول الأمر من وجهة نظر تقنية، يفرد وليام كيم، الخبير في مناطيد المراقبة في مركز أبحاث "ماراثون انيسياتيف" "في واشنطن، مساحة للحديث عن هذه الأجهزة  باعتبارها " أدوات مراقبة قوية من الصعب إسقاطها".

وتكون الحمولة الضخمة للمنطاد، والتي يمكن رؤيتها بوضوح، من أدوات إلكترونية للتوجيه والمراقبة، بالإضافة إلى الألواح الشمسية لتشغيلها.

وإذا كانت الأقمار الاصطناعية باتت معرّضة بشكلٍ متزايد للهجوم من الأرض والفضاء، تتمتع المناطيد بالعديد من المزايا، بدءاً من قدرتها على الهروب من الرادار"، بحسب كيم.

وأضاف: "إنها مصنوعة من مواد لا تعكس الضوء، فهي ليست معدنية. لذا، حتى لو كانت كبيرة إلى حدّ ما سيكون اكتشافها  صعباً"؟

  • المنطاد الصيني
    المنطاد الصيني قبل إسقاطه

وأوضح الخبير: "يمكنها التحليق فوق الموقع نفسه على مدى أشهر".

بالنسبة لكيم، فإن وقوع الخطأ "احتمال حقيقي". وهنالك أمكانية بالفعل كي يكون المنطاد الصيني قد أُرسل، في البداية، لجمع البيانات خارج الحدود الأميركية أو أعلى من ذلك، قبل أن يتعطّل، مشيراً إلى أنه حلّق على ارتفاع 46 ألف قدم تقريباً فوق سطح الأرض، مقابل 65 ألفاً إلى 100 ألف قدم عادة لهذا النوع من المناطيد".

أول رحلة لمنطاد الهواء في العالم

تمّت أول رحلة لمنطاد الهواء الساخن المأهولة في القرن الثامن عشر ، لكن الصين كانت تجرب تقنية الهواء الساخن لأكثر من 2000 عام، مع إجراء أول اختبارات موثقة في وقتٍ مبكر من القرن الثالث قبل الميلاد.

وكان أكبر مبتكر منطاد الهواء الساخن في الصين هو Zhuge Liang ، الاستراتيجي والمخترع العسكري ، الذي قام بتكييف آلية منطاد الهواء الساخن لإرسال رسائل إلى القوات الداعمة في حالة محاصرة جيشه.

وكان نوع منطاد الهواء الساخن القديم الذي استخدمه الصينيون عبارة عن "فانوس محمول" في الأساس ، على غرار تلك التي لا يزال الناس يرغبون في إطلاقها اليوم في حفلات الزفاف والمناسبات المماثلة. 

الحيوانات والمناطيد!

واحدة من الحقائق الأكثر إثارة للاهتمام هي أن الناس لم يكونوا أول من طار بالمنطاد، بل كاننت التجارب تجري على الحيوانات.

فعندما كان الأخوان الفرنسيان "مونتغولفييه"  يجرون تعديلات على تصميم منطاد الهواء الساخن في فرنسا في القرن الثامن عشر ، بدأوا في إجراء رحلات تجريبية لمعرفة ما إذا كانت آمنة.

لذلك ، وضعوا خروفاً وديكاً وبطة في منطاد الهواء الساخن ووضعوه في السماء. ارتفع البالون إلى ارتفاع 600 متر ، وبعد السفر لأكثر من ميلين ، هبط بأمان في حقل بعد أن تضرر القماش.

وفاة أول طيار منطاد في حادث تحطم

أصبح جان فرانسوا بيلاتري دي روزير أول شخص على الإطلاق يقوم برحلة في منطاد الهواء الساخن عندما وافق على تشغيل منطاد شقيق مونتغولفييه في عام 1783. منطاد الهواء الساخن أيضًا.

بعد النجاح الأولي، أراد هو وراكب آخر دفع حدود بالونات الهواء الساخن في ذلك الوقت بالطيران عبر القنال الإنجليزي، ولسوء الحظ، حدث خطأ ما ، واشتعلت النيران في البالون ، ما أدى إلى سقوط كل من روزيير وزميله وموتهما.

دور محدود للمناطيد في الحروب

إذا كنت ترغب في معرفة واحدة من الحقائق التي ستثير الاستغراب فإن المناطيد  استخدمت في الحرب الأهلية الأميركية من عام 1861 إلى 1865.، حيث كانت بمثابة أداة استطلاع حيوية للاستكشاف.

وتحمل المناطيد مجموعة من أجهزة الاستشعار المتطورة ومن بينها كاميرات فيديو ذات عدسات مقربة واجهزة تصوير حراري وليزر لتحديد مدى الاهداف وتتابع هذه الأجهزة أي اشعاعات تنبعث من أفواه الأسلحة الصغيرة أو مدافع الهاون كما أنها تحاول ضبط التحركات المشبوهة للمقاتلين.

إسقاط المنطاد؟

واليوم، بينما تبدو المناطيد أنها أهداف سهلة إلا أن فرص تفاديها للنيران المعادية تعد أكبر من الطائرات الصغيرة من غير طيّار كما أنها وعلى خلاف من مناطيد الحرب العالمية الاولى التي كانت معبأة بغاز الهيليوم القابل للانفجار.

وقبل الحرب العالمية الأولى، بدأ رواد مثل شركة "زيبلين" الألمانية في تقديم خدمات الركاب، ولكن المناطيد التي شيّدت في السنوات التالية كانت أكبر وأكثر شهرة.

منطاد فوق مدينة القدس!

الشيّق هنا، أن المنطاد الشهير غراف زبلين (The Graf Zeppelin) حلّق فوق مدينة القدس القديمة مرتين: الأولى قبل 90 عاماً في آذار/ مارس 1929، والثانية بعد ذلك التاريخ بعامين، في 11 نيسان/ أبريل 1931. وكان ذلك في إطار رحلتين جويتين وصل فيهما المنطاد الألماني الشهير إلى فلسطين والشرق الأوسط عبر البحر الأبيض المتوسط.

  • منطاد ألماني فوق مدينة القدس عام 1931
    منطاد ألماني فوق مدينة القدس عام 1931

في عام 1919 طار المنطاد البريطاني R34 عبور مزدوج من المحيط الأطلسي وفي عام 1926 المنطاد شبه الصلب الإيطالي ، كانت Norge أول طائرة تؤكد تحليقها فوق القطب الشمالي.

أمّا أول سفينة فضائية أميركية الصنع، فهي سفينة حربية أميركية، طارت في عام 1923. كان شيناندواه أول من استخدم الهيليوم، الذي كان في مثل هذا العرض القليل أن المنطاد الوحيد احتوى على معظم احتياطيات العالم.

وبعد استخدام المناطيد في الحربين العالميتين توقف استخدامها وقد سحب السلاح البحري الأميركي آخر مناطيده من الخدمة في عام 1962 بعد أعوام من استغلالها في مجال أعمال الدورية فوق المحيط. إلاّ أنه خلال العقد الأخير بدأت تعود بعض مناطيد التجسس المزودة بنظم رؤية وتصوير متطورة للغاية.

وخلال الحرب العالمية الثانية، أطلقت اليابان آلاف المناطيد الهيدروجينية التي تحمل قنابل، وانتهى الأمر بالمئات في الولايات المتحدة وكندا، كان معظمها غير فعّال، لكن إحداها كانت قاتلة، ففي أيار/ مايو 1945، توفي 6 مدنيين عندما وجدوا أحد المناطيد على الأرض في ولاية أوريغون، وانفجر.

وعانت عمليات المنطاد سلسلة من الحوادث المميتة التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة، ولا سيما إلى R101 البريطانية في عام 1930 و Hindenburg الألمانية في عام 1937. بعد كارثة Hindenburg ، وكان بذلك عصر الطائرات الكبيرة قد انتهى بالفعل.