روسيا تسبق "هوليوود" وترسل فريقاً إلى الفضاء لتصوير أول فيلم سينمائي
روسيا ترسل فريقاً فنياً إلى الفضاء من أجل تصوير أول فيلم روائي طويل في مدار الأرض في التاريخ، وتربح السباق ضد الولايات المتحدة التي تخطط لتصوير فيلم أميركي في مدار الأرض من بطولة الممثل الشهير توم كروز.
وصل طاقمٌ روسي يضمُ بين أفراده ممثلةً ومخرجاً إلى محطة الفضاء الدولية، لتصوير أول فيلم روائي طويل في مدار الأرض، وتسجيل نقاط رمزية في المنافسة مع الولايات المتحدة، بعد سنواتٍ من الانتكاسات في هذا القطاع.
والتحم صاروخ "سويوز"، الذي ينقل الممثلة يوليا بيريسيلد (37 عاماً) والمخرج كليم تشيبينكو (38 عاماً) إضافةً إلى رائد الفضاء المخضرم أنتون شكابليروف، بمحطةِ الفضاء الدولية عند الساعة 12,22 بتوقيت غرينيتش، بتأخير عشر دقائق عن الموعد المحدّد أساساً، وذلك بعد انتقال شكابليروف إلى نظام التحكم اليدوي.
وكانت المركبة، وهي من طراز "سويوز ام اس-19" انطلقت عند الساعة 08,55 بتوقيت غرينيتش، من قاعدة بايكونور الروسية في كازاخستان، في مهمة يُتوقع استمرارها 12 يوماً، قبل عودة الطاقم إلى الأرض في الـ 17 من تشرين الأول/أكتوبر.
وفي جوٍ من التوتر بين روسيا والولايات المتحدة، ترتدي هذه المغامرة السينمائية شكل السباق الجديد بين البلدين، بعد 60 عاماً على إرسال موسكو أول رجل إلى الفضاء، هو يوري غاغارين.
ويسعى الفريق الروسي إلى أن يسبق مشروع فيلم أميركي في مدار الأرض من بطولة توم كروز، ولا يُعرف حتى الساعة جدوله الزمني.
وأكد الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، للصحافيين، اليوم الثلاثاء، أنه "نحن رواد مجال الفضاء، ولا نزال نتمتع رغم كل شيء بموقع صلب للغاية".
وأضاف بيسكوف أنّ "ثمة محاولات للسيطرة علينا. المنافسة بديهية، لكن بالمعنى الإيجابي"، وذلك في تصريحات تعكس أهمية المسائل المرتبطة بالفضاء لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقالت بيريسيلد في تسجيلٍ مصوّر بثته اليوم الثلاثاء وكالة الفضاء الروسية روسكوسموس، إن "هذه الرحلة من دواعي سروري. الفضاء بنظري جذاب وغير محدود".
وتقام هذه الرحلة في أوج السباق نحو الفضاء، مع ازديادٍ كبير خلال الأشهر الأخيرة في الرحلات الترفيهية، على غرار تلك المنظمة من الملياردير البريطاني ريتشارد برانسون والأميركي جيف بيزوس.
وأعلنت شركة "بلو أوريجين" التي أسّسها بيزوس، أمس الإثنين، أن الممثل وليام شاتنر الذي جسّد دور الكابتن كيرك في مسلسل "ستار تريك" سيخرج إلى الفضاء الأسبوع المقبل.
"الانتصار على ناسا"
وبعدما مثّل طويلاً مصدر فخر لموسكو خلال الحقبة السوفياتية، مع وضع أول قمر اصطناعي في مدار الأرض، وأول حيوان وأول رجل ثم أول امرأة، يترنح قطاع الفضاء الروسي من جرّاء مشكلات متتالية شهدها في السنوات الأخيرة.
وتسعى وكالة "روسكوسموس"، من خلال هذا الفيلم، إلى تلميع صورة قطاع الفضاء في روسيا، بعد فضائح فساد وأعطال متسلسلة وفقدان الاحتكار المربح للرحلات المأهولة إلى محطة الفضاء الدولية، مع دخول شركة "سبايس إكس" التابعة لإيلون ماسك على هذا الخط.
وكانت "روسكوسموس" كشفت فجأة عن طموحها السينمائي العام الماضي، بعد الإعلان عن مشروع تصوير على متن محطة الفضاء الدولية مع توم كروز، نجم أفلام "ميشن إيمباسيبل".
وفيما صاحبت الصور دائماً المهمات نحو الفضاء، بدءاً من الخطوات الأولى على القمر عام 1969 وصولاً إلى المنشورات على الشبكات الاجتماعية لرائد الفضاء الفرنسي توما بيسكيه، لم يتم تصوير أي فيلم روائي طويل في مدار الأرض من قبل.
وخضع المخرج والممثلة اللذان يخرجان إلى الفضاء للمرة الأولى لتدريبٍ متسارع، لتعليمهما طريقة تحمّل التسارع القوي خلال الإقلاع أو التحرك في انعدام الجاذبية.
وفي مؤشرٍ على أهمية المشروع بالنسبة إلى موسكو، اختارت موسكو لإنتاج فيلم "التحدي" أسماءً من العيار الثقيل: مدير "روسكوسموس" ونائب رئيس الوزراء السابق، ديمتري روغوزين، والرئيس النافذ لقناة "بيريفي كنال" التلفزيونية كونستانتين إرنست.
في نيسان/أبريل الماضي، في الذكرى الـ 60 لرحلة غاغارين، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنّ "روسيا لا تزال تطمح إلى البقاء قوّة فضائية عظيمة".
كما ستخوض روسيا خصوصاً غمار السياحة الفضائية، ومن المقرر أن تنقل مليارديراً يابانياً نحو محطة الفضاء الدولية.
ومن بين طموحات "روسكوسموس" الأخرى، إنشاء محطّة فضاء روسية ومحطة روسية-صينية في المدار، أو حتى على القمر، بعد أن قررت موسكو صرف النظر عن المشاركة في مشروع قمري تقوده واشنطن، بحجة أنّه "شديد التمحور حول المصالح الأميركية".