كريم بنزيما.. كرة القدم ابتسمت للعدل
كريم بنزيما توج بجائزة الكرة الذهبية عن العام 2022 بعد سنوات من التطور والتحسن والبحث عن الإنجازات. تعرفوا إلى بعض من قصة بنزيما.
تعد جائزة "الكرة الذهبية" التي تمنحها مجلة "فرانس فوتبول" واحدة من الجوائز الفردية التي يحلم بها كل لاعب كرة قدم. في سنوات مضت، كان البعض يشعر أن طريقة منح الجائزة لم تكن منصفة بحق بعض اللاعبين، ولم تكرم أفضل سنين عطائهم.
تجمع نسبة كبيرة من الجمهور على أن بعض الأسماء مثل أندريس إنييستا وأندريا بيرلو وتشافي هيرنانديز وتيري هنري استحقوا هذه الجائزة، لأن بعض مواسمهم كان "خارقاً" من حيث العطاء، وهذا لا يقلل من شأن ليونيل ميسي (7 كرات ذهبية) أو كريستيانو رونالدو (5)، اللذين لا شك في أنهما الأفضل في جيلهما.
وبعد جدل طويل، ابتسمت كرة القدم للفتى الحالم، للرجل القادم من فرنسا حاملاً في قلبه الدماء الجزائرية، كريم بنزيما، حصد "الكرة الذهبية 2022"، وتربع على عرش أفضل اللاعبين، ولكن هذا لا يلغي فكرة جائزة الترضية المستحدثة، وهي جائزة غيرد مولر لأفضل مهاجم، والتي حصدها روبرت ليفاندوفسكي للمرة الثانية على التوالي بنسختها الثانية.
بنزيما "كوكو" المثابر
ولد كريم بنزيما في عائلة مهاجرة من الجزائر، استقرت في حي برون في مدينة ليون، وهو الابن السادس من بين 9 أطفال رزق بهم حفيظ ووحيدة بعد زواجهما.
في صغره، عانى بنزيما من مشكلات عديدة سواء على الصعيد الاجتماعي أو على الصعيد الصحي، لكنه تغلب على كل ذلك.
ففي صغره، كاد أن يسقط ضحية للعصابات التي كانت في منطقته، لكن والده وقف في وجه انحرافه، وكان سبباً في إحداث تغيير كبير في سلوكه، مبعداً إياه عن كل اضطرابات المنطقة التي عاش فيها.
لم يكن من السهل على عائلة من المهاجرين الاستقرار في أحد أحياء ليون الأكثر اضطراباً. أرسله والده إلى إحدى المدارس، لكنه لم يلق ترحيباً نظراً إلى أصوله، وواجه كريم بنزيما العديد من المشاكل في التعامل مع الأطفال الآخرين، الأمر الذي أحبطه نتيجة التمييز.
Benzema invites his mum and his son on stage 🥰#ballondor pic.twitter.com/gSWqtL6ZaO
— Ballon d'Or #ballondor (@francefootball) October 17, 2022
في ذلك الوقت، كان بنزيما "سميناً" إلى حد ما، وهو ما عَرّضه للتنمر، لكن الوقت كان كفيلاً بالتغيير، تحدى بنزيما كل المشاعر السلبية التي سكنته، ليصبح شخصاً أفضل، ويفرض وجوده بين أصدقائه في المدرسة أو في الحي، كما عمل على خسارة بعض الوزن.
موهبة بنزيما كانت فطرية، ففي سن الثامنة، لاحظ فريدريك ريغوليت، وهو مدرب بنزيما في ذلك الوقت الفجوة الكبيرة بين موهبة كريم وبين بقية اللاعبين الصغار الذين يُدربهم. ولم ينسَ ريغوليت كيف كان "كوكو" يواصل اللعب بعد انتهاء التدريبات، وكيف يركل الكرة نحو الحائط باستمرار.
صديق طفولته، أنتوني مونييه، الذي تدرّج معه وكان زميلاً له في مرحلتي الطفولة والمراهقة، والذي لعب 21 مباراة أيضاً مع ليون بين عامي 2007 و2009، روى الكثير لصحيفة "The Athletic" البريطانية، عن مشاركته بنزيما في الغرف والأسرار والكلام والأحلام.
لم يخفِ مونييه حقيقة الطموح الذي كان يسكن كريم بنزيما، الذي لم ينم وكان متحسماً دائماً. عمل بنزيما جاهداً لإنقاص وزنه، فكان له ما أراد في سن الـ14، كما يروي مونييه، فقد كان وزنه الزائد عائقاً أمام تطوره، بالإضافة إلى افتقاره إلى الثقة بالنفس في تلك الفترة، فقد كان خجولاً جداً ولم يُحب أن "يسرق الأضواء" ويفخر بنفسه.
اقرأ أيضاً.. ماذا قال بنزيما عن تتويجه بالكرة الذهبية؟
في الـ15 من عمره، التحق بنزيما بمدرسة داخلية خاصة بأكاديمية "تولا فولاج"، وهناك كان يمارس كرة القدم، وبعدها بعام، عاد بنزيما وفاجئ الجميع بطريقة تطوره بدنياً وتحسينه لبنيته الجسدية.
في العطلة الصيفية تلك، بعد مغادرة الأكاديمية، عمل بنزيما على تطوير نفسه،ولم يهدر وقته في اللهو كما باقي الشباب.
بعدها مباشرةً، لعب كريم بنزيما بطولة أمم أوروبا ما دون 17 عاماً مع منتخب فرنسا وحقق اللقب، وهنا تألق وبرز بشكل لافت.
ربما تختصر هذه القصص الموجزة الكثير من شخصية بنزيما، وطريقة تطوره ذهنياً وبدنياً، وكيفية وصوله إلى ما هو عليه اليوم، لذلك لا يمكن التشكيك في أن بنزيما استحق صعود منبر "البالون دور"، وحصد الجائزة بعد كل ما أنجزه مع ريال مدريد.
كريم بنزيما في ريال مدريد
لم يخف بنزيما حبه لرونالدو البرازيلي، ولا شك في أنه شاهد "الظاهرة" عندما كان صغيراً، بعد تتويجه بالجائزة، وجّه كريم رسالة إلى قدوته الذي كان يجلس بين الحضور، وقال: "بالنسبة إلي، أنت قدوتي، لا يوجد مُهاجم يُشبهك في العالم. ما فعلتَهُ في الملعب من المستحيل مشاهدته مرّة أُخرى. أنت المُهاجم الوحيد الذي إذا وُجد في فريقي، سأجلس على الدكّة من دون أن أتكلّم، لأنّ المستوى الذي كنت عليه، من المُستحيل الوصول إليه".
والفتى الذي عشق رونالدو، انضم إلى ريال مدريد في العام 2009، وهناك استمر بنزيما لـ13 عاماً شهدت مراحل متقلبة في مسيرته، كان أبرزها بعد رحيل كريستيانو رونالدو حين أصبح القائد الملهم للفريق.
وأصبح بنزيما في ريال مدريد ثاني أكثر لاعب تتويجاً بالبطولات بـ24 لقباً، من بينها 5 في دوري أبطال أوروبا، ويعد ثاني الهدافين التاريخيين للنادي الملكي بـ328 هدفاً قابلة للزيادة، بعدما تجاوز أساطير مثل راؤول ودي ستيفانو، ولا يتجاوزه إلّا كريستيانو رونالدو، وهو أيضاً صاحب المركز السادس في عدد المباريات مع النادي بواقع 615 مباراة.
ويأتي تتويج بنزيما بالكرة الذهبية كثمرة لموسم لا ينسى (2021-2022)، سجل فيه أكبر عدد من الأهداف في تاريخه( 44 هدفاً) وصنع 17 هدفاً في 46 مباراة. وهو أيضاً هداف دوري الأبطال (15 هدفاً) والدوري المحلي (27 هدفاً).