غانا في كأس العالم.. نجوم ساطعة من رحم المعاناة
يعيش معظم اللاعبون الأفارقة بشكل عام، والغانيون بشكل خاص، ظروفاً استثنائية تنتج نجوماً كباراً في الملاعب الأوروبية والمحافل الدولية، وتكون ثمرة جهد وتعب طويل ومسير قاسٍ من الآلام للوصول إلى ما يسمى "البر الأوروبي الآمن".
منذ ولادتهم، يعيش معظم اللاعبين الأفارقة، وبينهم الغانيون، ظروفاً استثنائية، في بلاد تسود فيها أشباح الجوع والفقر والحروب.
ما نشاهده في ملاعب الدوريات العالمية، من قوة وشدة لدى اللاعبين الغانيين، لا يكون نتاج التدريب والقدرة الجسدية فحسب، بل نتاج رحلة طويلة في طرقات مخيمات اللجوء، ومسير قاسٍ من الآلام للوصول إلى ما يسمى "البر الأوروبي الآمن"، أملاً في السير على خطى أسلافهم، الذين نجحوا في إبهار العالم في مختلف البطولات.
اقرأ أيضاً.. كوبالا.. عابر الحدود الذي غاب عن كأس العالم
في النسخة المقبلة من كأس العالم، "قطر 2022"، يسعى أبناء المنتخب الغاني لإيصال رسالة واضحة، مفادها أن "النجوم السوداء لم تأتِ إلى قطر للنزهة فحسب".
وعلى الرغم من أن المنتخب الغاني فتيّ مقارنة بكثير من المنتخبات المشاركة في البطولة (تأسس الاتحاد الغاني لكرة القدم في عام 1957)، فإن كرة القدم الدولية في غانا بدأت في عام 1950 عندما خاض لاعبون غانيون مباراة ودية مع لاعبين من نيجيريا.
تاريخ مشاركات غانا في كأس العالم
انتظرت غانا حتى نسخة كأس العالم 2006، التي أُقيمت في ألمانيا، لتسجل الظهور الأول لها في البطولة الكروية الأغلى. وفي تلك المشاركة نجحت النجوم السوداء في نشر بريقها خلال دور المجموعات (بهزيمة أمام إيطاليا وانتصارين على التشيك 2-0 والولايات المتحدة الأميركية بنتيجة 2-1).
وفي الدور الثاني اصطدم لاعبو المنتخب الغاني بالبرازيل المدجَّجة بالنجوم، لتنتهي المباراة بفوز "السيليساو" بنتيجة 3-0.
وفي نسخة كأس العالم 2010، حقق لاعبو منتخب غانا معجزة الوصول إلى الدور ربع النهائي بعد مسيرة مميزة، وكانوا على أعتاب الوصول إلى نصف نهائي البطولة، إلّا أن حدثاً درامياً حوّل مسار التأهل من غانا إلى الأوروغواي. وعلى الرغم من قسوة الإقصاء فإن جيان أسامواه ورفاقه جعلوا العالم بأكمله يقف احتراماً لبلادهم.
اقرأ أيضاً.. كأس العالم 1982.. المؤامرة الأوروبية على الجزائر
ولم تكن آخر مشاركة لغانا في كأس العالم موفقة (نسخة البرازيل 2014)، إذ أُقصي المنتخب من دور المجموعات بعد أن هُزم في مباراتين وتعادل في واحدة.
ويعود أبناء القارة السمراء مجدداً إلى كأس العالم للمرة الرابعة في تاريخهم، بحيث يتطلعون إلى السير مجدداً على خطى أسلافهم وتحقيق معجزة جديدة.
غانا في الدوحة.. أتينا للمنافسة
تصدّرت غانا مجموعتها في التصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم، "قطر 2022"، بحيث قدم منتخب "النجوم السوداء"، أداءً مميزاً، ليُنهي التصفيات وفي جعبته 13 نقطة.
وفي مباراة فاصلة، نجح الغانيون في فرض التعادل الإيجابي (1-1) على مضيفهم منتخب نيجيريا، ليعلنوا رسمياً حضورهم للمرة الرابعة في كأس العالم.
وأوقعت قرعة البطولة المنتخب الغاني في المجموعة الثامنة، رفقة كل من الأوروغواي، في تكرار لمباراة عام 2010، والبرتغال وكوريا الجنوبية.
وعلى الرغم من الفوارق الكبيرة التي تمتلكها كل من البرتغال والأوروغواي، فإن "النجوم السوداء" لطالما شكلت منتخباً صعب المراس، قد يبعثر أوراق المجموعة، ويحقق مفاجأة التأهل للدور الثاني.
الأسد الباسكي ويليامز سلاح غانا الفتاك
يبني منتخب غانا آماله في خط الهجوم على نجاعة مهاجم نادي أتلتيك بلباو، إيناكي ويليامز، الذي فضّل تمثيل بلاده الأم على حساب منتخب إسبانيا.
يمتلك ويليامز رصيداً مميزاً في الدوري الإسباني، بحيث نجح في تسجيل 59 هدفاً في الدوري الممتاز مع النادي "الباسكي"، فضلاً عن امتلاكه رقماً قياسياً في عدد المشاركات المتتالية في الدوري الإسباني.
كذلك، يعتمد المنتخب الغاني على نخبة من اللاعبين أصحاب الخبرة، من جهة، كالأخوين أندريه وجوردان أيو، وعدد من اللاعبين المتألقين في الدوريات الأوروبية الكبرى، كدانيال أمارتاي لاعب ليستر سيتي، وطارق لامبتي لاعب برايتون، وتوماس بارتي متوسط ميدان أرسنال.
أوتو أدو رجل المهمات الصعبة
على الرغم من حلوله في إحدى أصعب الفترات التي عصفت بالمنتخب الغاني، والتي تمثّلت بخروج غانا من الدور الأول في بطولة أمم أفريقيا 2020، وإقالة المدرب الصربي ميلومان راغيفيتش، فإن أوتو أدو نجح في تحويل الأزمة إلى فرصة، وأعاد تنظيم البيت الغاني، معيداً الثقة من جديد بعدد من اللاعبين، الذين تراجع مستواهم في وقت سابق مع المنتخب.
في تلك الفترة عمل الاتحاد الغاني على إعادة أغلبية اللاعبين الذين يملكون أصولاً غانية إلى المنتخب الوطني، بدلاً من تمثيل منتخبات أخرى، الأمر الذي عزز المنتخب بعدد من الأسماء المميزة.
وكانت ثمرة التغييرات التي أحدثها أدو في المنتخب، التعادل الإيجابي أمام منتخب نيجيريا المنظم والمدجج بالنجوم، في مباراة ضمنت وصول "النجوم السوداء" إلى كأس العالم.