عن بيليه وتوتي.. "اللاعب النموذج"
تغيّر الكثير في يومنا هذا في عالم الكرة. لاعبون أمثال بيليه وفرانشيسكو توتي أصبحوا قلّة.
لم يعد فرانشيسكو توتي لاعباً في فريق روما، لكنه لم ينسَ روما، وكيف له أن يفعل ذلك؟ وهو الذي، رغم نجوميته، لعب طيلة مسيرته في الملاعب في هذا الفريق. ظلَّ في فريقه ومدينته، ولم يغادرهما أبداً، رغم أنه كان يستطيع أن يفعل ذلك.
تحدّث توتي أمس عن أن ريال مدريد حاول التعاقد معه عندما كان نجماً في الملاعب في روما، لكنه أكَّد أن خياره الأول ظلَّ روما، ولو كان هذا الأمر سيحرمه من التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا.
تحدّث توتي أمس عن ذلك، ولكن قبل عدة أعوام، كانت دموعه ودموع مشجّعي روما هي التي "تتحدَّث" في اليوم الذي خاض فيه آخر مبارياته مع فريقه الأزلي قبل اعتزاله، عندما كان المشهد مؤثراً في ملعب "الأولمبيكو" في العاصمة الإيطالية. هذا الأمر لا نراه إلا مع نجوم أمثال توتي، ظلّوا، رغم نجوميتهم، أوفياء لفرقهم الأولى، وإن لم تكن من كبرى الفرق الأوروبية.
هؤلاء قلّة. نذكر منهم على وجه التحديد الأسطورة البرازيلي بيليه. بيليه قدَّم "العجائب" من خلال موهبته في الملعب، لكنَّ "العجيب" هو أنَّ هذا اللاعب الأسطوري رفض أوروبا وكلّ ما فيها، وظلَّ طيلة مسيرته في فريق واحد هو سانتوس في البرازيل.
أليس من "عجائب" الكرة أنَّ لاعباً مثل بيليه لم يلعب في ملاعب أوروبا وفرقها الكبرى؟ لم يخفِ أن فرقاً مثل ريال مدريد ومانشستر يونايتد وميلان سعت للتعاقد معه، ومن لا يرغب في أن يكون لاعب مثل بيليه في ذلك الوقت في صفوف فريقه؟ لكنَّ بيليه لم يفكر في أن يترك سانتوس. كان سانتوس كلّ شيء بالنسبة إليه، وقبل أي شيء.
إنّ كلمة "الانتماء" تبقى أبرز كلمة في "معجم" الكرة، ولا تضاهيها كلمة. نتحدّث عنها لأننا في زمن قلَّ فيه أمثال توتي وبيليه وغيرهما. صحيح أن لا مانع من أن ينضمّ لاعب إلى فريق آخر لغايات رياضية، ولتطوير مستواه والفوز بالألقاب، لكن "اللاعب النموذج"، مثل بيليه وتوتي، يبقى الأجمل، ويضج بالمعاني والعِبر.
نتحدث عن ذلك أكثر في يومنا هذا، لأننا في زمن أصبح فيه أكثر اللاعبين يقاسون بسعرهم وبالمردود المادي الذي يعودون به على أنديتهم من خلال الإعلانات والتسويق وغيرهما. في المقابل، فإن أكثر اللاعبين باتوا يبحثون عن مراكمة الثروات واستعراض السيارات الفخمة والربح الأكثر.
فلنتذكر، ألم ينشغل كثر قبل مباراة باريس سان جيرمان أمام مانشستر سيتي في دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي بقيمة الفريقَين المالية، وكانت الدهشة بأن قيمتهما تتخطى مليارَي يورو؟ هكذا، أصبح المال مرادفاً لكلمة الكرة في أكثر الأحيان!
لنأخذ مثلاً آخر حالياً هو اللاعب الألماني أنطونيو روديغير. قبل موسمين، لم يكن هذا اللاعب يجد مكاناً في التشكيلة الأساسية في صفوف تشيلسي مع المدرب السابق فرانك لامبارد. بعدها، أصبح مواطنه توماس توخيل مدرباً للفريق.
ومذّاك، بدأ روديغير يلعب، وبدأ مستواه يتطور، وأصبح من أفضل لاعبي الدفاع في العالم. ماذا كانت النتيجة؟ روديغير أصبح يطالب فريقه بزيادة راتبه ليبقى في صفوفه، في ظل اهتمام ريال مدريد بالتعاقد معه!
هكذا، تغيّر الكثير في عالم الكرة. أين كانت مع بيليه وتوتي وغيرهما؟ وأين ستصبح يا ترى؟