محمد صلاح.. من حقول نجريج إلى "ملكٍ" في ليفربول
اللاعب المصري محمد صلاح بدأ مسيرته من بلده الأُم "مصر"، ووصل اليوم إلى المنافسة على الكرة الذهبية، لكنّ مسيرته مرّت في كثير من المصاعب. فمن هو محمد صلاح؟
محمد صلاح حامد محروس غالي، يختلف هذا الاسم بين عامَي 2010 و2021. ابن قرية نجريج، التابعة لمدينة بسيون في محافظة الغربية، والتي تشتهر بالحقول الزراعية الواسعة، لم يكن يتوقع أن يصبح بين اللاعبين الأفضل في العالم، وأن يتم ترشيحه لنيل "الكرة الذهبية". لكنّ الإصرار والثقة بالنفس، اللذين امتلكهما صلاح، كانا الدافع الدائم والسبب الرئيسَ ليصبح ما هو عليه اليوم.
من الممكن أن يؤدّي الحظ دوراً في شُهرة أحد اللاعبين، في احتفالٍ بتسجيل هدف، أو عَبْرَ أيّ موقف من الممكن أن يحدث في ملاعب كرة القدم. لكنْ، أن تصل إلى القمة بسبب مجهودك الخاص، وأن تثابر من أجل أن تُصبح الأفضل، فيجب عليك أن تكون مثل محمد صلاح، بحيث ينافس اليوم على "البالون دور"، ويتصدر اسمه، إلى جانب بنزيما وميسي، الترشيحات.
كيف حوّل محمد صلاح الحُلم إلى حقيقة؟
بدأ محمد صلاح مسيرته في فريق شباب المُقاولون العرب، وكان يلعب في مركز الظهير دائماً. لكن، في إحدى المُباريات التي فاز فريقه فيها بنتيجة 4 أهداف في مُقابل لاشيء، راح يذرف الدموع لأنه لم ينجح في التسجيل. هنا، أدرك مُدرّب الفريق شغفه في تسجيل الأهداف، وقرّر إشراكه في المُقدّمة، الأمر الذي غيّر مسيرته.
شارك صلاح في الدوري المصري لكرة القدم للمرة الأولى، في آذار/مارس 2010، وسجّل هدفه الرسمي الأول في كانون الأول/ديسمبر 2010. وفي بداية عام 2011، بدأ يلعب أساسياً، لكنه واجه عائقاً بعد توقُّف الدوري المصري بسبب "كارثة بورسعيد"، التي راح ضحيتها 72 مشجعاً من جمهور الأهلي المصري.
مع فترة توقف الأندية عن اللعب بسبب الكارثة، نظّم فريق بازل السويسري مباراة مع منتخب مصر تحت عُمر 23 عاماً في آذار/مارس 2012، بحيث كانت فُرصة صلاح في إظهار نفسه. وفعلاً، شارك في الشوط الثاني، واستطاع تسجيل هدفين، قاد بهما المنتخب المصري إلى الفوز بنتيجة 4-3.
بعد تألقه في المُباراة الوديّة، قدّم فريق بازل السويسري عرضاً إلى فريق المُقاولون العرب، للتعاقد مع محمد صلاح لمدة 4 أعوام في مُقابل مليونَي يورو. وفي موسم 2012-2013، فاز بازل بلقب الدوري السويسري بقيادة المصري محمد صلاح، الذي اختير "الفتى الذهبي" في الدوري السويسري في ذلك العام.
تشابهت قصص انتقاله بين المقاولون العرب وبازل، وبازل وتشيلسي الإنكليزي. في موسم 2012-2013، شارك صلاح مع فريقه بازل، ضد تشيلسي في نصف نهائي بطولة الدوري الأوروبي، واستطاع تسجيل هدف التقدم لبازل في ملعب "ستامفورد بريدج"، لكن الفريق "اللندني" انتصر حينها بثلاثة أهداف في مقابل هدف.
في موسم 2013-2014، ساهم صلاح في إلحاق الهزيمة بفريق تشيلسي في مباراتي الذهاب والإياب في دور المجموعات في دوري أبطال أوروبا، بحيث سجّل هدفاً في مباراة الذهاب وهدفاً في الإياب.
مع بداية عام 2014، انتقل صلاح من بازل إلى تشيلسي، في صفقة قُدِّرت بـ11 مليون جنيه إسترليني. لكن فترته مع تشيلسي لم تكن كما كان متوقَّعاً، فلقد لازم دكة البُدلاء. لذا، قرر بالرحيل.
مع بداية عام 2015، انتقل محمد صلاح إلى صفوف فيورنتينا الإيطالي، على سبيل الإعارة، وكان تأثيره واضحاً في الفريق "البنفسجي"، بحيث سجّل 9 أهداف في 26 مُباراة، وساهم في تسجيل هدفين في مرمى يوفنتوس في نصف نهائي كأس إيطاليا.
بدأت الصُّحف الإيطالية تتغنّى بصلاح، إذ وصفته صحيفة "لاغازيتا ديللو سبورت" بـ"تعويذة إيطاليا"، و شبّهته صحيفة "كيو أس سبورت" بـ"الفرعون"، بينما قالت صحيفة "الكوريري" إنّ صلاح "لَعَنَ يوفنتوس".
وما كان لافتاً هو ارتداء القميص الذي يحمل الرقم 74 مع فيورنتينا، بحيث كان يرتدي رقم 22 مع بازل، و15 و17 مع تشيلسي.
في مطلع عام 2015، أُعير صلاح مُجدَّداً، لكن لفريق روما لمدة عام، مع أحقية شراء العقد لمصلحة فريق "الذئاب" في مُقابل 5 ملايين يورو، الأمر الذي أثار غَضَب فيورنتينا الذي تقدَّم بشكوى لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" بحق تشيلسي وصلاح، مُدَّعِياً أنّ تشيلسي انتهك عقده مع فيورنتينا، عندما أعار عقده لروما. وصدر الحُكم فيما بعد، وجاء في مصلحة صلاح وتشيلسي.
كانت بداية صلاح مع روما "رائعة"، استطاع خلالها تسجيل 14هدفاً في الدوري الإيطالي وهدفاً في دوري أبطال أوروبا، الأمر الذي جعله ينال لقب أفضل لاعب في روما (2015-2016).
ومع التألق اللافت مع الفريق، تعاقد روما مع صلاح بصورة دائمة في مُقابل 15 مليون يورو، وسجّل صلاح بعدها 19 هدفاً، وهو أفضل سِجِلّ تهديفي له مع نادي العاصمة الإيطالية: 15 منها في الدوري الإيطالي، و2 في كأس إيطاليا، و2 في دوري أبطال أوروبا.
مغامرة ليفربول... محمد صلاح الأفضل
لَفتَ تألق "الفرعون" المصري محمد صلاح، اهتمامَ أهمّ الأندية الأوروبية، لكنّ رغبته في الانتقال إلى ليفربول حسمت الأمر، إذ أعلن الفريق الإنكليزي في عام 2017، انتقال محمد صلاح، في صفقة قُدِّرت بـ 36 مليون جنيه إسترليني، الأمر الذي جعل صفقة صلاح الصفقةَ الأغلى في تاريخ ليفربول، وأغلى عقد للاعب أفريقي في التاريخ.
منذ تلك اللحظة، يصنع محمد صلاح التاريخ مع "الريدز"، وهو من الركائز الأساسية في عودة ليفربول إلى منصات التتويج، وتحقيق لقب الدوري الإنكليزي الممتاز، "البريميرليغ"، بعد غياب 29 عاماً، بالإضافة إلى تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا.
استطاع صلاح ترسيخ اسمه في تاريخ ليفربول، فأصبح اللاعب الأفريقي الأكثر تسجيلاً في تاريخ "البريميرليغ"، بـ104 أهداف في 166 مباراة، وساهم في 38 تمريرة حاسمة.
وأصبحت الجماهير تتغني بـ"الفرعون المصري"، أو كما تقول اسمه الجماهير الإنكليزية "مو صلاح". وقامت جماهير ليفربول بتأليف أغنية خاصة به، تعبيراً عن عشقها له.
يُعتبر محمد صلاح الآن من بين أفضل اللاعبين في العالم. وكثير من الآراء تُجمع على أنه أفضل لاعب في العالم، لأنّ ما يقوم به صلاح في الوقت الحالي، يفوق ما كان عليه في السابق، إذ استطاع تسجيل أهداف أصبحت "ماركة مُسجَّلة" باسمه. وهذا ما بدا واضحاً في تصريح مُدرّبه يورغن كلوب، الذي قال "بدأ الناس يلاحظون استمرارية صلاح، فجودته كانت دائماً موجودة. ومن المُذهل ما يُقدمه، ففي الوقت الحالي هو أفضل لاعب في العالم".
The counterattack 👏
— Liverpool FC (@LFC) October 22, 2021
The finish 🔥
The celebration 😍@MoSalah sealing the 𝐖 at Old Trafford last season ⚽ pic.twitter.com/Si5ZQjoH7n
A goal that 𝐧𝐞𝐞𝐝𝐬 to be seen from every angle 💫🤩@MoSalah’s display of individual brilliance, presented by @Sonos 🎥 pic.twitter.com/eg2hyPWBHA
— Liverpool FC (@LFC) October 17, 2021
Salah vs. Man City, October 3 😱
— B/R Football (@brfootball) October 17, 2021
(via @LFC)pic.twitter.com/rpRAQdiqyo
وتعقيباً على هدفه المُذهل في مرمى مانشستر سيتي، قالت صحيفة "ديلي ميل" الإنكليزية إنّ "الفرعون المصري" أظهر سبب كونه أفضل لاعب في أوروبا، ويجب على ليفربول أن يمنحه أكبر عقد في تاريخ النادي.
وفي سياق مُتصل، تحدّث "أسطورة" ليفربول، جيمي كاراغر، عن صلاح ، وقال إنّه يلعب بصورة مغايرة لأي لاعب في الكرة الأوروبية. وقال دينيسي سوندرز، لاعب ليفربول السابق، إن "رونالدو وميسي هما مَن يُقارَنان به حالياً، لكن صلاح أفضل منهما الآن. هما ليسا مثل صلاح، فهو لا يُمكن إيقافه".
وتحدّث لاعب ليفربول السابق، ديريك كويت، عن صلاح، وشبَّهه بـ"الأسطورة" ليونيل ميسي، لاعب باريس سان جيرمان. وقال كويت في تصريحات صحافية "أشاهد كرة القدم كثيراً مؤخراً. ما يفعله محمد صلاح حالياً يدلّ على أنه لاعب مُذهل. يُسجّل أهدافاً رائعة، وهو يُشبه ليونيل ميسي. أعتقد أنه يُقدّم الأداء الخاص نفسه".
شهدت مسيرة صلاح تتويجه بمجموعة من الألقاب الفردية والجماعية، وهنا أبرز ألقابه:
· لقب الدوري الإنكليزي الممتاز، مرتين.
· دوري أبطال أوروبا، مرة واحدة.
· كأس العالم للأندية، مرة واحدة.
· دوري السوبر الأوروبي، مرة واحدة.
ألقاب محمد صلاح الفردية:
· أفضل لاعب أفريقي، مرتين.
· هداف "البريميرليغ"، مرتين.
· لاعب العام في ليفربول، مرتين.
· لاعب العام في روما، مرتين.
· أفضل لاعب في الدوري الإنكليزي الممتاز في عام 2018.
والسؤال الذي يطرح نفسه حالياً، هو: هل سيشهد حفل "الكرة الذهبية" تتويج محمد صلاح بالجائزة التي تمنحها مجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية"؟ في الوقت الذي يشهد حملة من أجل منحه هذه الجائزة، بسبب أدائه الثابت منذ فترة طويلة.