فعلتها قطر.. كيف انتهى اليوم الأول من مونديال 2022؟

كان حفل الافتتاح قريباً إلى الأفلام، لكنه كان حقيقياً. الأفواه مفتوحة من فرط الدهشة. الصمت عمّ المكان فجأة. الجميع بانتظار ما سيحدث.

  • فعلتها قطر.. كيف انتهى اليوم الأول من مونديال 2022؟
    من حفل افتتاح مونديال قطر 2022 (أ ف ب)

الكثير من التأويلات والتوقعات رافق تحضيرات كأس العالم هذا العام. عناوين عريضة في الصحف العالمية والعربية روّجت لإخفاق متوقع لبلد صغير في البحر الأبيض المتوسط في التحضير لحدث ضخم بحجم كأس العالم. هناك من عوّل على إخفاق أي بلد عربي في استضافة الكأس، وهناك من توقّع أن المونديال لن يكون، لكنه كان. 

أول أيام بطولة كأس العالم في قطر انتهى، لكنّه لم يكن يوماً عادياً. فعلتها قطر. بعد تحضيرات استمرت ما يقارب 12 عاماً، بدأت قطر أمس أولى أيام كأس العالم بحفل "رائع"، كما وصفه مشجعون، وكتبت عنه وسائل الإعلام في العالم بأنه "الأكثر إثارة للجدل على الإطلاق".

أعطى الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني إشارة الانطلاق لافتتاح البطولة، وقال: "عملنا ومعنا كثيرون من أجل أن تكون هذه البطولة أنجح البطولات"، وأضاف: "سوف نتابع ومعنا العالم بأسره المهرجان الكروي الكبير في هذا الفضاء المفتوح للتواصل الإنساني. سوف يجتمع الناس على اختلاف أجناسهم وعقائدهم وتوجهاتهم هنا في قطر وحول الشاشات في جميع القارات للمشاركة في لحظات الإثارة ذاتها".

كان حفل الافتتاح قريباً إلى الأفلام، لكنه كان حقيقياً. الأفواه مفتوحة من فرط الدهشة. الصمت عمّ المكان فجأة. الجميع بانتظار ما سيحدث. 

7 لوحات في افتتاحية كأس العالم

في ملعب "البيت" بالخور شمالي قطر، مثّلت اللوحة الأولى "بوابة عبور" الافتتاح الرسمي للحفل. أخذتنا اللوحة إلى المواضيع التي ستطرح خلال الافتتاح. ظهر الهاون والمدق الذهبي والمرأة ومكانتها في المجتمع العربي. يمثّل الهاون رمزاً عربياً قديماً، إذ عُرف العرب بدق البن واللحمة والبهارات، ويكاد لا يخلو بيت عربي منه.

".. وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا"

  • الألعاب النارية في حفل افتتاح مونديال قطر 2022 (أ ف ب)
    الألعاب النارية في حفل افتتاح مونديال قطر 2022 (أ ف ب)

"لتعارفوا". ارتكزت هذه اللوحة خلال الافتتاح على عدة فقرات، من بينها "ليتني خيمة"، ثم فقرة "الحوار" التي عالجت إشكالية المفاهيم المغلوطة وشكلّت دعوة للحوار والتعلّم من الآخر.

حضر في هذه الفقرة الممثل الأميركي العالمي مورغان فريمان، إلى جانب الطفل غانم المفتاح، سفير النيات الحسنة المصاب بـ"متلازمة التراجع الذيلي". وقد ظهر فريمان في "حوار السلام" إلى جانب الطفل القطري تجسيداً لحوار الحضارات بين الشرق والغرب. 

تساءل الحضور عن يد فريمان. ولاحقاً، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالسؤال عن يده اليسرى التي ظهرت كأنها غير حقيقية، لأنه كان يضع قفازاً غريباً. وبحسب وسائل إعلام غربية، أعلن الممثل الأميركي عام 2013 تشخصيه بالإصابة بالألم العضلي الليفي بعد تعرّضه لحادث سير عام 2009.

هذه الفقرة تحديداً شدّت أنظار الحضور ووسائل الإعلام العربية والغربية. كان مشهداً لافتاً يظهر تلاقي الحضارات والآلام من طرفي العالم.

بعد هذه اللوحة، كانت لوحة "إيقاع الأمم" التي ارتكزت على الاحتفال بمشجعي كرة القدم، ورأت أنهم الأبطال الحقيقيون لهذه البطولة، ثم كانت لوحة "نوستالجيا كروية" التي جمعت الأغنيات السابقة تكريماً للدول المضيفة لكأس العالم، ولوحة "الحالمون" التي كانت آخر موسيقى تصويرية رسمية لألبوم كأس العالم قطر 2022. 

وحكت لوحة "جذور الحلم" قصة الأمير الوالد حمد بن خليفة آل ثاني، وعرضت فيلماً أرشيفياً لوالد الأمير القطري وهو يلعب الكرة مع أصدقائه المساهمين في بناء البلاد. 

وكانت لوحة "هنا والآن" آخر محطات الافتتاح. بدأت اللوحة بكلمة الأمير القطري، وانتهت بظهور الشعار الرسمي لكأس العالم فيفا قطر 2022، الذي يشكّل بداية لــ"هنا والآن".

خسارة قطر وفوزها

بدأت المباراة الأولى بين المنتخب القطري والإكوادوري. ومنذ ملامحها الأولى، لم تكن الجماهير العربية، والقطرية خصوصاً، راضية عمّا يحصل. سجّلت الإكوادور هدفين في مقابل 0 لقطر، وانتهت المباراة بفوز المنتخب الإكوادوري. وعلى الرغم من خسارة المنتخب القطري على أرضه، فإنَّ الاحتفالات لم تتوقف. 

جماهير المنتخب القطري والجماهير العربية استكملت الاحتفالات من خلال العروض القطرية والفلكور والفرق الشعبية التي ترتدي الزي العربي. 

الاحتفالات بقيت مستمرة على جميع الأراضي القطرية. أنهى المشجعون مشاهدة المباراة وانتشروا في جميع أنحاء البلاد.

بقيت الاحتفالات والابتسامات موزعة أينما ولّيت وجهك في سوق واقف وكورنيش الدوحة والساحات المخصصة للاحتفال، وظلّت الجماهير العربية تهتف باسم قطر وأسماء بلدانها حتى الصباح.

يقول المشجعون هنا إنَّ جمالية الافتتاح الرائع أنست الجماهير خسارة المنتخب القطري، ويرون أن ما قدمته قطر وستقدمه خلال الأيام القادمة سيرفع صورتها عالياً أمام العالم أجمع. أما خسارة الفريق، فإنها تبقى تفصيلاً أمام المشهد الحضاري الكبير الذي تقدمه قطر، وهم يثقون بأنها قادرة منذ اليوم وحتى انتهاء "العرس العالمي" على تحويل الحلم إلى حقيقة.