بايرن الأقوى في ألمانيا.. لماذا؟ وما هو قانون الـ"50+1"؟

أندية الدوري الألماني لكرة القدم، "البوندسليغا"، لا تنافس دائماً في دوري أبطال أوروبا، باستثناء بايرن ميونيخ. فما هو السبب؟ وما هو دور الجماهير في "تحجيم" الأندية؟

  • بايرن الأقوى في ألمانيا.. لماذا؟ وما هو قانون الـ
    بايرن الأقوى في ألمانيا.. لماذا؟ وما هو قانون الـ"50+1"؟

يحتلّ الدوري الألماني لكرة القدم، "البوندسليغا"، التصنيف الثالث بين الدوريات الأوروبية، بحسب الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، "يويفا". وأندية الدوري الألماني لا تنافس، بصورة كبيرة، في دوري أبطال أوروبا، ولا تذهب بعيداً في البطولة، باستثناء بايرن ميونيخ.

على الصعيد القاريّ، يمثّل المنتخب الألماني الكرةَ الألمانية خيرَ تمثيل، بحيث يُعتبر من أبرز المنتخبات في العالم، وهو صاحب ثاني أكبر عدد بطولات في كأس العالم (4 ألقاب)، خلف البرازيل (5).

ويمتلك بايرن ميونيخ 6 ألقاب في دوري أبطال أوروبا، ويُعتبر الأول على صعيد الإيرادات في ألمانيا، إذ بلغ حجم مبيعاته في موسم 2018ـ2019 ما يقارب 750.4 مليون يورو، وحصد أرباحاً تشغيلية بلغت 146.1 مليون يورو. وعلى الرغم من تراجع إيرادات أندية كرة القدم بصورة عامة بسبب فيروس كورونا، فإنّ ترتيب بايرن بين أغنى أندية كرة القدم في العالم ارتقى من الرابع إلى المركز الثالث عام 2021، بقيمة 4215 مليون دولار (بحسب فوربس)، والنادي الأكبر من ناحية الأعضاء (185 ألف عضو). ويمتلك البايرن 3202 رابطة رسمية للمعجبين حول العالم، بحيث تضم هذه الروابط نحو 230 ألف مشترك.

تستثمر في النادي "البافاري" ثلاثُ شركات عالمية كبيرة، وتتوزّع على النحو التالي: أديداس (10%، بقيمة 75 مليون يورو في عام 2001)، أودي (9.09%، بقيمة 90 مليون يورو في عام 2009)، وأليانز (8.33%، بقيمة 110 ملايين يورو في عام 2014)، الأمر الذي يُشكل قوة اقتصادية كبيرة للنادي.

هذه السيولة تجعل بايرن الأقوى في ألمانيا، الأمر الذي يُضعف المنافسين ويصعّب عليهم إزاحته عن عرش الكرة الألمانية. وتتيح هذه الموارد لبايرن قدرة شرائية كبيرة، وتخلق فجوة اقتصادية مع الأندية الأخرى، الأمر الذي يعزّز، على نحو مستمر، قوة النادي محلياً وقارياً.

ويملك بايرن أيضاً أفضل عائد ثابت من مبيعات التذاكر، إذ بلغت 70 مليون يورو في عام 2020 (نصف موسم فقط)، و203 ملايين يورو من عائدات البثّ التلفزيوني، والعائدات الإجمالية بلغت 634 مليون يورو (بحسب تقرير لشركة ديلويت).

تتباين ميزانيات الأندية أوروبياً بحسب ثروات مُلاّك الأندية، ويتباين طموح الفِرَق بين دوري وآخر، وهناك عدد من الأندية التي حقّقت إنجازات بعد دخول رؤوس أموال كبيرة لها من خلال المُلاّك، مثلاً مانشستر سيتي، الذي استحوذت عليه مجموعة أبو ظبي في عام 2007، وتُوّج بمجموعة كبيرة من الألقاب، وأصبحت الفِرَق تقيم له وزناً، وتتعامل معه بحذر في أثناء مواجهته.

لكنّ ما يحدث في عالم الاستثمارات الرياضية مُغاير في حالة أندية "البوندسليغا". ففي الدوري الألماني لا يوجد شخص يملك نادياً ويستثمر فيه، كما يحدث في الدوريات الأخرى. والسبب هو قانون الـ"50+1".

ما هو قانون الـ"50+1"؟

  • جماهير بوروسيا دورتموند
    جماهير بوروسيا دورتموند

في عام 1998، أجرت رابطة الدوري الألماني لكرة القدم تصويتاً شاركت فيه أندية الدوري الألماني من مختلف الدرجات. وشمل التصويت كيفية إدارة الأندية، وإلى من تعود ملكيتها. وكان الإجماع في التصويت على أن يمتلك الجمهور 51% من القرار، وأنّ أي مستثمر يريد شراء النادي لا يستطيع اتخاذ القرارات منفرداً، فهو يحتاج إلى الجمهور الذي يملك القرار الرئيسي، ويمنع أي قرار لا يتماشى مع مصلحة الفريق (بالنسبة إلى الجمهور).

ونَصّ القرار أيضاً على أنّه في حال استثمار أحد الأشخاص في نادٍ ما، يمكنه التقدم بعرض لشراء النادي بالنسبة الأكبر، أي يستطيع اتخاذ القرارات، لكن شرط أن يكون عضواً في النادي منذ 20 عاماً. ومع مرور الأعوام الـ20 يتمّ التصويت إن كان يستطيع امتلاك النادي، أم لا.

ويربط هذا القانون الجماهير بأنديتها بصورة أكبر، ويجعلها جزءاً منه.

إيجابيات القانون الألماني

لهذا القانون مجموعة من الإيجابيات والسلبيات. من الإيجابيات المحافظة على قانون اللعب المالي النظيف، وهو ما يحدّ إمكان إبرام الأندية لصفقات كُبرى. وفي حال دفعها مبالغ كبيرة، لا يمكن لجميع الأندية فعل ذلك.

ومن وجهة نظر الجماهير، فإنّ هذا القانون هو أحد أهم أسباب انخفاض أسعار تذاكر حضور مباريات الدوري، وتعتبر أنّ الأندية هي أملاك وطنية للناس، وليست للاستثمار.

سلبيات القانون

مع الإبقاء على هذا القانون، يبقى لدى المستثمر خوف من الإقدام على خطوة شراء نادٍ ألماني، لأنه يتوجب عليه الانتظار 20 عاماً كي تُصبح له حرية القرار. فمن يضمن أنّ قوته الاقتصادية ستبقى على ما هي عليه؟ وكيف ستكون حال الأندية الأخرى في الدوريات الأوروبية الأخرى بعد 20 عاماً؟ لذلك، يُفضّل كثيرون الاستثمار في دوريات أخرى، وهذا ما حدث في فرنسا وإنكلترا.

وشهد الدوري الألماني الخروج عن هذه القاعدة. واستثناءً تاريخياً، اشترت شركة "Red Bull"، في عام 2009، ترخيص نادي ماركران شتادت الذي كان يلعب في الدرجة الخامسة، وحوّلت الاسم إلى لايبزيغ. وكان هدف الشركة آنذاك الوصول إلى الدرجة الأولى من الدوري الألماني، وهو الأمر الذي تحقَّق بعد مرور 7 أعوام، إذ شارك في الدوري الألماني في موسم 2016-2017.

لماذا تكره الجماهير الألمانية نادي لايبزيغ؟

  • بايرن الأقوى في ألمانيا.. لماذا؟ وما هو قانون الـ
    جماهير لايبزيغ

مع شراء شركة "ريد بول" نادي ماركران شتادت وتحويل اسمه إلى لايبزيغ، كانت سياسة النادي واضحة، وهي منع المشجعين من إبداء آرائهم في كيفية سير الأمور في الفريق، كما يحدث مع سائر الأندية. وما جعل النادي مكروهاً أكثر، هو ما اعتبره الجمهور "انقلاباً" على لوائح الاتحاد الألماني للعبة. فكما هو معتاد، تمنح الفرق الألمانية الأعضاء والجمهور حصة معقولة في انتخابات مجلس الإدارة، إلّا أنّ لايبزيغ قام بحلّ آخر للحد من هذه الخطوة، إذ إنه اشترط على الراغب في كسب العضوية في النادي أن يدفع ما يقارب 1000 دولار أميركي؛ أي أكثر بعشر مرات مما يدفعه العضو في بايرن ميونيخ، وهذا هو سبب امتلاك لايبزيغ عشرات الأشخاص فقط في عضويته.

وعَقِبَ هذا القرار، هاجمت الجماهير مُلاّك النادي بالقول: "إنهم ضربوا الجماهير بعُرض الحائط، واعتدوا على حق الجمهور وتقاليد الكرة الألمانية"، وأضاف أحد المشجعين أن "لايبزيغ أُنشئ من أجل جني الأموال وبيع مشروب الطاقة، لا للعب الكرة".

في فولفسبورغ وباير ليفركوزن وهوفنهايم، تخطت ملكية المستثمرين 49%، وأصبح لهم الحرية في اتخاذ القرارات، بعد انتهاء فترة الأعوام الـ20.

لكن مجموعة من جماهير الأندية الأخرى، كبوروسيا دورتموند وبايرن ميونيخ وغيرهما، هاجمت فريق هوفنهايم الذي قام بهذه الخطوة، واعتبرت هذا القرار عكس التقاليد الألمانية، واعتبرته دخيلاً على الكرة الألمانية.

لكنّ يبقى السؤال: هل سنرى في المستقبل تغييراً في هذا القرار؟ وهل من الممكن أن نرى مستثمرين جدداً يتخطّون 49%؟