من التتويج إلى عزاء مفتوح.. هكذا خطف اعتداء حمص حلم الأهالي
مشافي المدينة غصّت بالجثامين والمصابين وهي التي تعاني كما غيرها من مشافي البلاد، من نقص الكوادر الطبية، والصعوبات في تأمين المواد، وفقدان الموارد، نتيجة العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على البلاد.
مرّ يوم أمس ثقيلاً على سوريا التي ودّعت ثلّة من شبابها الطلاب الضباط وأهاليهم، شهداء في إثر هجوم إرهابي بمسيّرات تحمل ذخائر متفجّرة، استهدفت حفل تخرّجهم بالكلية الحربية في ريف محافظة حمص.
غصّت مشافي المدينة بالجثامين والمصابين، وهي التي تعاني كما غيرها من مشافي البلاد، من نقص الكوادر الطبية، والصعوبات في تأمين المواد، وفقدان الموارد، نتيجة العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على البلاد.
وقالت وزارة الصحة في آخر تحديث لها، إنّ عدد الشهداء ارتفع إلى 89 شهيداً منهم 31 من النساء، و5 أطفال، و277 جريحاً في حصيلة غير نهائية.
دخلت اليوم سوريا في حداد رسمي على الشهداء، يستمر لثلاثة أيام، الأعلام منكّسة في الساحات وعلى المباني الحكومية، الشوارع فارغة، والناس يتملّكها ألم عميق.
لحظات فرحٍ لم تكتمل
من أمام المشفى العسكريّ بحمص، جرت مراسم تشييع رسمية مهيبة للشهداء.
وقف والد مجد ونور أحمد باكياً أمام نعشيهما، " خُلقا معاً، واستشهدا معاً " هكذا قال الأب المفجوع مضيفاً: "كانت نور تدرس في السنة الثالثة في كلية هندسة الطاقة، كان الحماس يغمرها لأنها ستضع رتب أخيها التوأم عوضاً عن أمها المتوفاة".
"يا رفقات زينة لا تنسوها"، تصرخ الأم المكلومة على نعش ابنتها الصغيرة، التي أصرّت على الحضور من القرية لتشارك أخيها فرحة تخرّجه.
آية شاهين، الممرضة النشيطة والعروس الجديدة، حُملت على أكتاف زوجها، وأخيها الملازم الخريّج، لتوارى الثرى بقرب أبيها، فابنة الشهيد أصبحت شهيدةً أيضاً.
شاركت سمر، ابنها الملازم أحمد خضور أجمل لحظات حياته، وضعت رتبه، عانقته، وها هي مسجاة إلى جانبه، قبل أن يُنقلا إلى مثواهما الأخير.
ما زالت رائحة وآثار دماء أبو صالح على بزّة ابنه الخريّج، الذي يقف رغم جراحه أمام النعش.
يقول الملازم: "سامحني يا أبي، استشهدتَ بين يدي ولم أستطع فعل شيء، ألقيتَ حملاً كبيراً عليّ، لكنني أعدك أنني سأكون على قدر المسؤولية".
يسمح محمد لدموعه أن تنهمر بغزارة، وهو يحمل نعش زميل دراسته في الكلية، رفيق سلاحه الشهيد معتز الشيخ، على أكتافه.
يقول الملازم أول: "لقد كتب صديقي أول أمس على حسابه على الفيسبوك وكأنه يودّعنا قائلاً "إنها أيامنا الأخيرة معاً، وحان وقت فراقنا،وداعاً لثلاث سنوات جعلتنا أخوة، سنرحل تاركين خلفنا عشرات القصص التي لا يعلم بها أحد في الخارج".
"شبّ متل الوردة"، تندب سيدةٌ قريبها النقيب محمد العكاري، الشاب الذي جاء ليحضر تخرّج ابن شقيقه، لكن القدر جعله الشهيد المُحتفى به اليوم.
المصوّر التلفزيوني عبد الغني أبو شعر، العامل المتفاني الجاد، صوّر معارك كثيرة ضد الإرهاب، وانتهى به الأمر شهيداً مسجّى إلى جانب الطلاب والأهالي، الذين وثّق فرحهم بكاميرته.