حزب الله يُطلق ورشة إعادة إعمار الأبنية والمصالح المدمّرة والمتضرّرة في لبنان
تعدّ مؤسسة "جهاد البناء" ومعها شركة "معمار" للهندسة والبناء الجهة المركزية التي تقود عملية إعادة الإعمار، وقد باشرت عملها منذ الساعات الأولى لوقف العدوان.
لم ينتظر المسؤولون في حزب الله كثيراً بعد إعلان وقف إطلاق النار في لبنان؛ حتى بادروا بنشر خطط إعادة إعمار الأبنية المدمرة والمتضررة. أفراد وبلديات ومؤسسات خاصة ورسمية، نفضوا جميعهم غبار الحرب وحضروا في الساحات منذ صباح اليوم التالي لوقف إطلاق النار، لتدخل المبادرات والخطط والإجراءات حيّز التنفيذ في مختلف المناطق المتضررة.
أولى المبادرات انطلقت من بين الناس، من أبناء البيئة المقاومة. الكثير من الأهالي لم ينتظروا دفع التعويضات ليبدأوا بإصلاح بيوتهم المتضررة، ويروي أحد أصحاب المهن عن تلقّيه الكثير من الاتصالات للبدء بأعمال الصيانة، وعندما كان يسأل الناس: "ما بدكن تنتظروا الكشف؟"، كانت الأجوبة بمعظمها متشابهة: "فدا الشهدا، فدا السيد، هنّي قدموا الدم ونحنا ما بدنا منهم شي".
جهاد البناء: خطط إعادة الإعمار بدأت
تعدّ مؤسسة "جهاد البناء" ومعها شركة "معمار" للهندسة والبناء الجهة المركزية التي تقود عملية إعادة الإعمار، وقد باشرت عملها منذ الساعات الأولى لوقف العدوان. في هذا السياق، يشير مدير شركة "معمار" حسين خير الدين للميادين نت، أن الشركة عمدت لفتح مكاتب للمهندسين على كل الأراضي اللبنانية التي لحقتها الأضرار، ويرأس كل مكتب مدير وعدد من المهندسين.
ويشمل دور المهندسين الكشف على كل الوحدات السكنية والتجارية المتضررة وملء استمارة بذلك، وتقدير كلفة إعادة ترميمها والدفع لأصحابها ليقوموا بعملية الترميم، أما فيما يتعلق بالوحدات السكنية المهدّمة فسيُدفع لأصحابها مبلغ 14 ألف دولار لمدة سنة إذا كان صاحبها مقيماً في بيروت و12 ألف دولار إذا كان خارجها، وذلك كبدل إيواء.
وفقاً لمدير شركة "معمار"، فإنه لا يوجد لغاية الآن إحصاء نهائي لعدد الوحدات السكنية والتجارية المتضررة وكذلك المهدّمة، لكن يقدّر بأن تكون أكثر من ضعف تلك التي تضررت وتهدمت في حرب تموز 2006، والتي بلغت حينها 17500 وحدة مدمّرة و127000 وحدة متضرّرة.
وعن الفترة الزمنية اللازمة لإنهاء عملية إعادة الاعمار، فإن عمليات الترميم تستلزم ما بين 3 إلى 6 أشهر، أما فيما يتعلق بالوحدات المهدّمة فهي تحتاج إلى 3 أو 4 سنوات، وسيتم دفع إيواء لأصحابها خلال أيام قليلة، مؤكداً أن المؤسسة بكل أركانها ستعمل جاهدة لإنجاز مشروع إعادة الإعمار بالسرعة الممكنة. وعلى المستوى الزراعي، أوضح خير الدين أنه سيتم إحصاء الأضرار الزراعية والثروة الحيوانية في كل المناطق اللبنانية المتضررة، وذلك وفق خطة عمل محددة أيضاً.
العمل البلدي شريك في عملية النهوض
يؤدي العمل البلدي دوراً أساسياً في إعادة تنظيم حياة الناس بعد الحرب من جهة، وتوفير الظروف المناسبة للبدء بعملية مسح الأضرار وإعادة البناء من جهة أخرى في كل من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت.
منذ صباح اليوم التالي للحرب بدأت بلدية مدينة صور بالعمل على إعادة تاهيل البنى التحتية في المدينة، لا سيما على صعيد شبكة الكهرباء. لم يترك موظفو الشركة عملهم طيلة فترة الحرب، ولم يتقاعسوا بعدها عن إصلاح الأعطال في أحياء المدينة كافّة، وفق ما أفاد نائب رئيس البلدية صلاح صبراوي للميادين نت. بعد استهداف شركة المياه التي تغذي سكان صور وعدد من القرى المحيطة بها وخروجها عن الخدمة، عمدت البلدية إلى وضع صهاريج لتوزيع المياه على البيوت فضلاً عن تجهيز خزانات في كل الأحياء، خاصة وأن عدد سكان المدينة يبلغ تقريباً 60000 نسمة.
وعلى صعيد الدمار، فتحت البلدية مداخل الأبنية المقفلة بالردم عبر آلياتها وآليات الدفاع المدني وكشافة الرسالة، بالتعاون أيضاً مع جمعية "بركة" التي ساهمت بشكل كبير في هذا السياق، بانتظار صدور قرار مجلس الوزراء حول الأماكن التي سيتم وضع الردم فيها خاصة وأن 50 مبنى في المدينة تعرض للدمار الكامل.
وعن عملية إعادة الإعمار، أكد صبراوي أن الخطوة الأولى في هذا الإطار قد بدأت، فيما يتعلق بإصلاح الزجاج والأبواب وغيرها، وذلك بالتنسيق مع "جهاد البناء" و"مجلس الجنوب" للمضي قدماً بالخطوات اللاحقة، المُتضمّنة تقديم بدل إيواء وإعادة بناء وذلك وفق لجان تتولى عمليات المسح والكشف على الأضرار.
بدورها، لم تتوانَ بلدية بعلبك عن أداء مهماتها بكل الإمكانات المتوفرة لديها. ويشير رئيس البلدية مصطفى الشل إلى أن فريق العمل عمد الى رفع الأنقاض عن الطرقات الأساسية والفرعية داخل الأحياء لتسهيل عودة النازحين إلى منازلهم، والمباشرة برفع النفايات من أحياء المدينة كافة، وتنظيم حركة السير في الوسط التجاري.
في اليوم التالي لسريان وقف اطلاق النار، تم تشكيل فريق عمل من قبل أصحاب الاختصاص بتوجيه من مسؤول منطقة البقاع في حزب الله، للكشف على الأضرار والإسراع في دفع التعويضات للمتضررين، وقد تسبب العدوان الاسرائيلي بتدمير 91 مبنى بشكل كامل في المدينة وهي المستهدفة بشكل مباشر، وتدمرت معها مئات الوحدات السكانية المجاورة، وتضررت آلاف الوحدات السكنية والتجارية.
المقاومة والدولة معاً في عملية الإعمار
عملية إعادة الإعمار كانت محوراً أساسياً لدى قيادات حزب الله وعلى رأسهم الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، الذي أكد في تصريح له منذ أيام أن مرحلة الإيواء والإعمار هي وعد من السيد حسن نصر الله وهي التزام من قبل حزب الله، وتأتي تحت شعار "وعد والتزام"، مشيراً إلى أن الحكومة اللبنانية معنية برفع الأنقاض ومعالجة البنى التحتية ووضع برنامج لكلفة ترميم المنازل وإعادة الإعمار، وأن الحزب سيعمل يداً بيد مع الحكومة والدولة اللبنانية التي عليها أن تبرز مساهمات الدول الشقيقة والصديقة.
بدوره، تحدث وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية في تصريح إعلامي له عن أن الدولة مسؤولة عن تعويض الناس من خزينتها وأموالها وعلاقاتها الدولية، وأن جلسة الحكومة التي عقدت يوم الإثنين الماضي بحضور جميع الوزارات والمؤسسات المعنية من مجلس الجنوب والهيئة العليا للإغاثة وغيرها، كان من المقرر أن تتناول عملية مسح الأضرار على مستوى البنية التحية من قبل الوزارات المعنية وعلى مستوى الأبنية السكنية، وكذلك موضوع نقل الردم وتحديد أماكن وضعه، على أن يتم حسم هذه القضايا في جلسات الحكومة في الأسبوع الحالي.
وفي سياق متصل، يعمل مجلس الجنوب جنباً إلى جنب مع شركة معمار وجهاد البناء، وقد بدأ بإجراء عمليات المسح للأضرار في العديد من القرى بالتنسيق مع العمل البلدي فيها.