بلديات قرى جنوب لبنان الحدودية تواصل خدمة الأهالي.. إسناد مؤسساتي لجبهة المقاومة
لم يتوقف النشاط البلدي في قرى جنوبي لبنان الحدودية مع فلسطين المحتلة، وكان له دور كبير في تعزيز صمود الأهالي ودعمهم، على رغم ضعف الإمكانات المتاحة، وتخلي الدولة عن تنفيذ التزاماتها.
تشهد بلديات قرى جنوبي لبنان، عند الحدود مع فلسطين المحتلة، تحديات مغايرة وأكثر خطورة مما تعيشه مثيلاتها في القرى الجنوبية الأخرى، في ظل ما تتعرض له من اعتداءات إسرائيلية مباشرة، يحاول الاحتلال من خلالها القضاء على كل مقومات الحياة فيها. لكن العمل البلدي في هذه القرى لم يتوقف، وكان له دور كبير في تعزيز صمود الأهالي ودعمهم، على رغم ضعف الإمكانات المتاحة، وتخلي الدولة عن تنفيذ التزاماتها، فأخذت هذه المؤسسات على عاتقها مهمة احتضان السكان، الذين لا يزالون في القرى، وتلبية احتياجاتهم، مُحاوِلةً الاستفادة من كل مصادر الدعم والإمكانات المتاحة والمتوافرة.
مواكبة السكان والنازحين بكل الإمكانيات
على الرغم من تعرضها للقصف المباشر، فإن بلدية الناقورة الحدودية "لا تزال تؤدي دورها والتزاماتها تجاه أهلها الصامدين فيها، والنازحين إليها، على رغم الإمكانات المادية الضئيلة"، كما يقول رئيس البلدية، المهندس عباس عواضة للميادين نت، موضحاً أنه مع بدء العدوان الإسرائيلي منذ ما يقارب ثمانية أشهر، شكّل المجلس البلدي فريقين لمتابعة شؤون الأهالي، الأول يتعلق بأبناء البلدة والثاني بالنازحين.
ويشرح عواضة أنّ نشاطات العمل البلدي تتمثّل بالقيام بأعمال النظافة من أجل تفادي انتشار الأوبئة، وتأمين مياه الشرب والكهرباء، ومعالجة الأعطال في شبكات البنى التحتية، "فضلاً عن التنسيق الدائم مع حركة أمل وحزب الله لتأمين حاجات الأهالي الصامدين بصورة دورية".
وعلى صعيد النازحين، يؤكد أن "البلدية تتابع أمور العائلات النازحة، التي تشكل تقريباً 80% من مجموع الأهالي. ويتم ذلك بالتنسيق مع اتحاد بلديات صور لتأمين مقوّمات الحياة الضرورية لهم"، موضحاً أن لأبناء البلدة المغتربين، وللمتبرّعين، دوراً كبيراً في دعم نشاطات العمل البلدي، ولاسيما على صعيد الحالات الإنسانية الصعبة.
اقرأ أيضاً: المغتربون يزورون بلداتهم جنوبيّ لبنان وسط الحرب.. ويساهمون في نهضة القرى
البلديات جزء من عمل الجبهة
من جهته، وصف رئيس بلدية المدينة الصامدة بنت جبيل، عفيف بزي، في حديث إلى الميادين نت، الواقع في البلدة بأنه "صعب جداً، فمسؤوليات البلدية كبيرة، والإمكانات التي توفرها الدولة في مقابل ذلك ضئيلة جداً، إذ إنّ أموال البلدية المتوافرة لديها لا تكاد تكفي رواتب الموظفين، وأحوال الناس صعبة ولا تسمح بالجباية، وخصوصاً أن الناس تصب كل مطالبها على البلدية (الكهرباء، المياه، التقديمات الصحية... إلخ)، كونها الممثل الرسمي لكل وزارات الدولة".
ويشمل نشاط بلدية بنت جبيل أيضاً تغطية خدمات النازحين، والمقدَّر عددهم بـ1300 عائلة. وهم موزَّعون على ثلاث مناطق، وشكّلت البلدية في كل منها لجان عمل لمتابعة شؤونهم ضمن الإمكانات المتوافرة. وتمكنت، بفضل الجهود الحثيثة، من تأمين مستلزمات الأهالي المالية والغذائية والصحية.
وبشأن مصادر الدعم، أشار بزي إلى أنها محصورة، بصورة عامة، في مساعدات الجمعيات والمبادرات الفردية ومساهمات أبناء البلدة والمغتربين، يضاف إليها واردات الدولة الخجولة، مؤكداً أن "هذا العمل هو رسالة صمود وإيمان، مفادها أن هذه المسيرة في خدمة الأهالي هي شرف كبير لنا، والمطلوب اليوم هو تكاتفنا جميعاً من أجل تخطي المرحلة، كما أن تضحياتنا لا تقارَن بما قدمه الشهداء".
إيواء النازحين واحتضانهم
يشرح نبيل فواز، رئيس بلدية تبنين، قضاء بنت جبيل، للميادين نت، الحال العامة، قائلاً إن "90% من البلديات في لبنان لا تزال تعاني ضعف الإمكانات المادية واللوجستية والبشرية، وبلدية تبنين، في ظل ظروف الحرب، مستمرة في تقديم جميع الخدمات الضرورية إلى المواطنين، مقل مياه الشرب والكهرباء، وجمع النفايات ومعالجتها، وكل المعاملات الإدارية، بالإضافة إلى توفير عيادة طبية متنقلة أسبوعياً، بالتعاون مع إحدى الجمعيات، وغيرها من الخدمات".
ويلفت فواز إلى أنّ الأولوية هي تأمين الطبابة والاستشفاء والمواد الغذائية، بحيث "قام مجلس الجنوب، بالتنسيق مع البلدية، بتوزيع حصص غذائية للأهالي الصامدين والنازحين، وتأمين مساعدات طبية للجرحى وبعض الاحتياجات الضرورية للنازحين (فرش، أغطية، وغيرها)"، مشيراً إلى أنّ "مصادر الدعم الرسمية محدودة، وحتى تلك المقدمة من الجمعيات، وثمة مساهمات من المغتربين، ولاسيما لذويهم، ومساهمات الأحزاب هي ضمن نطاق العمل التطوعي الإسعافي، بالإضافة إلى مساعدة المعوزين والنازحين من القرى الأمامية".
الجدير بالذكر أن تبنين تضم 250 عائلة نازحة، عمدت البلدية، بالتعاون مع الأهالي، إلى تأمين البيوت لها من دون أي مقابل مادي. وبعض النازحين أقام مع أهل البلدة، وآخرون سكنوا في بيوت المغتربين، أو بيوت الأهالي المقيمين بالعاصمة بيروت. وأكد فواز أنّ البلدية "لم ولن نتخلى عن الدفاع عن مصالح الناس وتحسين ظروف الحياة قدر المستطاع".
تقديم وحدات سكنية
"حالة تكافل كبيرة يبديها المجتمع المضيف في بلدتنا، عبر تقديم ما يقارب 200 وحدة سكنية إلى النازحين عن قراهم من دون مقابل، معظمها مجهَّز بالأثاث. وفي حال عدم وجود الأثاث والكهربائيات، يسعى العمل الاجتماعي في حزب الله لتأمينها"، يقول رئيس بلدية مجدل سلم، علي ياسين.
على صعيد الاحتياجات الغذائية، يفيد بأن" حزب الله يقدم مساعدات شهرية، بالإضافة إلى التدفئة والمحروقات. كما أن للجمعيات المحلية داخل البلدة دوراً أيضاً في تقديم المساعدات أو المطبخ اليومي، يضاف إلى ذلك أن المنطقة لها طابع زراعي، ويوجد فيها ثروة من الماشية والأبقار لا بأس فيها، بحيث زاد إنتاج الحليب واللبن في مناطق النزوح. ومن أجل تصريف الإنتاج، تم تجميعه في سوبر ماركت محددة في منطقة وسطية بين القرى، وعمّمنا العنوان على أهلنا النازحين".
أما على صعد الخدمات الصحية والتعليمية والإنمائية، فيلفت ياسين إلى "أننا شهدنا مبادرة من جانب أحد المتبرعين ومن التعبئة التربوية في حزب الله، عبر فتح مكتبة عامة وبرنامج دعم علمي لصفوف المرحلة الأساسية". وبالنسبة إلى القطاع الصحي، فإن "أطباء بلدة حولا يعاينون النازحين مجاناً، مع تقديم أدوية في عيادة مستحدثة قدمتها البلدية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى أطباء البلدة، بالإضافة إلى المعاينة المجانية في مراكز الهيئة الصحية في المنطقة. أما فينا يتعلق بتأمين الطاقة الكهربائية، فيقول ياسين إن حزب الله يغطي مبلغ 24$ شهرياً بدلاً من تكلفة اشتراك مولّد عن كل وحدة سكنية في البلدة.