التعليم في سوريا أمام تحديات الحرب وآمال المجتمع الأهلي لدعم الطلاب
تواجه سوريا تحديات تعليمية كبيرة مع بداية كل عام دراسي جديد، وعلى الرغم من هذه الصعوبات، يبرز دور المجتمع الأهلي للتخفيف من هذه الأوضاع، لتلعب المبادرات المحلية دوراً محورياً.
مع بداية كل عام دراسي جديد في سوريا، تتجلى التحديات الكبيرة التي يواجهها القطاع التعليمي نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة والأثر المدمر للحرب. وبرغم ذلك، يتعاظم دور المجتمع المحلي باعتباره أحد أبرز السبل لدعم الطلاب، خصوصاً أولئك الذين يواجهون الفقر، من خلال مبادرات مجتمعية تهدف إلى تحسين مستويات التعليم. في وقت تظهر الإحصائيات أن الحرب في سوريا تسببت في تدمير ما يقرب من 50% من المدارس، وفقاً لتقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) الصادر في عام 2022. هذا الواقع يعكس خسائر فادحة في البنية التحتية التعليمية، مما يزيد من تعقيد الوضع التعليمي والمجتمعي.
دور المجتمع الأهلي في مواجهة العقبات
تواجه سوريا تحديات تعليمية كبيرة مع بداية كل عام دراسي جديد، وعلى الرغم من هذه الصعوبات، يبرز دور المجتمع الأهلي للتخفيف من هذه الأوضاع، لتلعب المبادرات المحلية دوراً محورياً، خاصة بالنسبة لأطفال العائلات الأشد فقراً، من خلال مبادرات مجتمعية تهدف إلى تحسين مستويات التعليم.
وفي هذا السياق، يقول ناصر الماضي، الناطق باسم جمعية الشباب الخيرية للميادين نت، إن الجمعية تطلق حملات مستمرة لدعم الطلاب المحتاجين بعد دراسة الواقع الاجتماعي وفق واقع الاحتياج، حيث تم استهداف 1100 طالب من مراحل التعليم المختلفة للأطفال الأيتام والأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة وكذلك الأطفال الأشد فقراً، من خلال تقديم حقائب مدرسية وقرطاسية، عبر فعاليات للتوزيع ذات طابع ترفيهي، تتضمن شخصيات كرتونية محببة، بهدف تحفيزهم وتعزيز الوضع النفسي للأطفال وتشجيعهم على التعليم.
ويرى ناصر أن هذه الحملات هي واحدة من عدة ستستمر بهدف الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة، مع ضرورة تعاظم الفعاليات كافة، والتي تشكل معاً أداة فاعلة في التخفيف من الأثر السلبي والقاسي على الأطفال، وخلق بيئة تعليمية أكثر كفاءة لضمان فرص متساوية للأطفال في حقهم في التعليم والحياة.
ومع استمرار الواقع الاقتصادي الصعب، يأتي دور المجتمع المحلي ليكون بمثابة داعم هام للكثير من العائلات، فالمبادرات المجتمعية، على الرغم من تأثيرها الإيجابي، لا تزال بحاجة إلى دعم أكبر وزيادة للجهود المشتركة بين المجتمع المدني والحكومة لضمان تحسين بيئة التعليم وتوفير الفرص للأطفال السوريين.
التحديات الاقتصادية
جهود المجتمع المحلي تتماشى مع ما أكده للميادين نت محمد راكان مصطفى، رئيس قسم الاقتصاد في صحيفة الوطن السورية، وهي محاربة واقع اقتصادي صعب، حيث أشار إلى التأثيرات الكبيرة للحرب الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون السوريون، مما زاد من العبء على الأسر في تلبية احتياجاتها الأساسية. وسلط الضوء على أهمية التكاتف الاجتماعي في ظل ارتفاع تكاليف التعليم.
وعلى المستوى الاجتماعي، برزت مبادرات إنسانية ملحوظة من قبل المجتمع السوري، حيث شهدت دمشق والمحافظات حملات مثل توزيع الحقائب المدرسية، مما يعكس التكاتف والتعاون بين أفراد المجتمع، حيث تعاني العملية التعليمية وفقاً لمصطفى من صعوبات نتيجة العقوبات والحصار، حيث تتراوح تكلفة تجهيز الطالب بالسوري بين مليونين ومليونين ونصف، وهو مبلغ خيالي بالنسبة للموظف السوري، مع الارتفاع الحاد في تكاليف المعيشة. فقد شهدت البلاد تضخماً كبيراً في الأسعار، وارتفاعاً غير مسبوق في سعر الصرف، مما جعل العديد من الأسر تعاني في تلبية احتياجاتها الأساسية. وقد أقرّ البنك الدولي بارتفاع مستوى الفقر وتراجع الرفاهية في سوريا.
ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة، يعاني ما يقرب من 8.2 مليون طفل في سوريا من آثار الحرب، بما في ذلك فقدان التعليم والموارد الأساسية. وقد أضفت الظروف السياسية والاجتماعية مزيداً من قسوة الحرب على الأطفال، مما جعل التحديات التعليمية أكثر تعقيداً، الأمر الذي يزيد من ضرورة تعاون العديد من المؤسسات والجمعيات الأهلية لتقديم الدعم اللازم، وذلك من خلال توفير التبرعات العينية وتنظيم حملات توعية لتحفيز الأفراد على المشاركة في هذه المبادرات.
ومع مطلع كل فصل دراسي جديد تعود التحديات المعيشية لتتصدر أولويات الأسر السورية، مما يعظم دور المبادرات المجتمعية، التي تعمل على توفير بيئة تعليمية أفضل ودعم الطلاب الأكثر فقراً. ومع استمرار التحديات، تبقى الحاجة إلى مزيد من الجهود الجماعية والابتكارات المحلية قائمة، لضمان حق كل طفل في الحصول على التعليم الجيد مهما كانت ظروفه.