الاعتداءات على دير الزور تواجه مقاومة شعبية: لإنهاء الوجود الأميركي

أهالي الشرق السوري يصعّدون في خياراتهم للردّ على الاعتداءات الأميركية المستمرة، وترسيخ فكرة المقاومة الشعبية لدى أبناء المنطقة كسبيل وحيد لإنهاء الوجود الأميركي بشكلٍ كامل.

  • الاعتداءات على دير الزور السورية تواجه مقاومة شعبية: لإنهاء الوجود الأميركي
    الاعتداءات على دير الزور السورية تواجه مقاومة شعبية: لإنهاء الوجود الأميركي

يعاين عبد الله مطاوع الخسائر المادية الكبيرة التي لحقتْ بأرضه الزراعية في منطقة حويجة صكر في ريف دير الزور شمال شرق سوريا، بعد أن استهدفتها الصواريخ الأميركية فجر السبت الماضي، والتي أدت أيضاً إلى تدمير حظيرة الحيوانات التي يمتلكها بما فيها من أغنام وأبقار، فلم يبقَ أمامه إلا الحسرة على ما ضاع والعجز أمام ما هو مقبل. 

يقول مطاوع للميادين نت: "هذه المرة الثانية التي أشاهد أرضي بهذه الحالة، في المرة الأولى تعرّضت لهجوم من قبل عناصر تنظيم داعش الذين نهبوها وأحرقوا أشجارها عام 2015، وبعد جهد كبير ومساعدة من الأهل والأصدقاء تمكّنت من إعادة ترميمها وبناء حظيرة جديدة، لكن بعد الغارات الأميركية لا أعتقد أني سأكون قادراً على ترميم الأرض مرةً أخرى، فالتكلفة المادية اليوم تضاعفت عشرات المرات، ولا أعرف سبيلاً للخلاص مما أنا فيه اليوم".

يتابع مطاوع حديثه والدموع تملأ عينيه: "الحمد لله لم يصب أبنائي بمكروه من جرّاء الغارات، وخرجنا جميعاً سالمين من هذا العدوان الذي لا يمكن القبول به تحت أيّ مبرر، فأميركا التي تنادي يومياً بأنها موجودة لحماية السوريين هي نفسها من تقتلهم وتسرق ثرواتهم وتدمّر ممتلكاتهم، وكلّ ما نحن عليه اليوم لن ينتهي إلا بخروج القوات الأميركية من أرضنا".

حال عبد الله مطاوع لا يختلف كثيراً عن مئات السوريين الذين تعرّضت منازلهم وممتلكاتهم لأضرار جسيمة بعد الضربات الأميركية الأخيرة على المنطقة الحدودية بين سوريا والعراق، وعلى الرغم من ادعاء الولايات المتحدة استهدافها لنقاط عسكرية، إلا أن الواقع على الأرض يقول عكس ذلك تماماً، فأغلب الأهداف التي تمّ ضربها بصواريخ شديدة الانفجار مدنيّة بالمطلق.

قبل أيام أعلنت الولايات المتحدة استهداف قاعدة "البرج 22" في الأردن والقريبة من الحدود السورية، ما أدى إلى مقتل 3 عسكريين أميركيين وجرح 34 آخرين، لتوجّه واشنطن فوراً الاتهام لفصائل المقاومة الإسلامية في سوريا والعراق، وتعلن أنها ستردّ بضربات انتقامية في الزمان والمكان المناسبين.

فجر السبت الماضي، استيقظ أهالي ريف دير الزور شمال شرق سوريا على وقع انفجارات عنيفة غير مألوفة، ناتجة عن غارات أميركية طالت مواقع عديدة على الشريط الحدودي بين سوريا والعراق في ريف دير الزور، وفي الوقت الذي أكد فيه البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية أن الغارات استهدفت مقارّ عسكرية، أكد أهالي المنطقة أن المواقع المستهدفة عبارة عن مزارع مدنية ومناطق سكنية، وأدت الاستهدافات إلى حدوث أضرار كبيرة في الممتلكات.

السيدة نايفة العبد الله (48 عاماً) من أهالي حي "الجفرة" في ريف دير الزور، تشرح للميادين نت ما جرى: "فجر السبت الماضي استيقظنا على أصوات انفجارات مدوّية قريبة من الحي الذي نقطنه، وأدى الضغط إلى تحطّم زجاج النوافذ في المنزل، من دون القدرة على معرفة مكان الانفجارات بالتحديد، لكن الأصوات القوية أثارت حالة من الرعب بين الأطفال، واستمرت الأصوات لأكثر من نصف ساعة".

وتضيف العبد الله: "بعد أن توقّف القصف بدأنا بمعاينة الخسائر، لنكتشف أن معظم منازل الحي تعرّضت لتحطّم الزجاج، مع سماع صراخ أصوات الأطفال الذين تعرّضوا لجروح نتيجة الزجاج المتناثر، في حين تعرّضت السيارات المركونة على الطرقات إلى أضرار كبيرة"، وتساءلت العبد الله: "هل تنتقم أميركا من المدنيين؟ وعلى أيّ جريمة تنتقم؟ هل المطالبة بخروج قوات الاحتلال جريمة أصلاً؟".

مناطق مدنية تواجه العدوان الأميركي

بيان وزارة الدفاع السورية أكد أن الغارات الأميركية استهدفت عدداً من المواقع والبلدات في المنطقة الشرقية، بالقرب من الحدود السورية ــــــــ العراقية، ما أدى إلى استشهاد عدد من المدنيين والعسكريين وإصابة آخرين بجروح، وإلحاق أضرار كبيرة بالممتلكات العامة والخاصة. 

وأكد البيان أن المنطقة التي استهدفتها الهجمات الأميركية هي المنطقة ذاتها التي يحارب فيها الجيش السوري بقايا تنظيم "داعش" الإرهابي، وهذا يؤكد أن "الولايات المتحدة وقواتها العسكرية متورطة ومتحالفة مع هذا التنظيم، وتعمل لإعادة إحيائه ذراعاً ميدانياً لها سواء في سوريا أو العراق بكل الوسائل القذرة".

تؤكد المعلومات المتوفّرة أن العدوان الأميركي استهدف مبنى مستودع الكتب المدرسية في مدينة دير الزور، وحي الجفرة قرب مطار المدينة، ومزرعة مدنية في حويجة صكر، ومدجنة على أطراف قرية "التبني"، وحاجزاً في محيط قلعة الرحيبة الأثرية القريبة من مدينة الميادين، ودوار "البلعوم" وحظيرة أغنام قرب منطقة عين علي بين مدينة الميادين وبلدة "القورية" في ريف دير الزور.

خالد الهوش صاحب المدجنة المستهدفة على أطراف قرية "التبني" في ريف دير الزور يؤكد للميادين نت أن مدجنته تم تدميرها بشكلٍ كامل من جراء العدوان الأميركي، وأنه تعرّض لخسائر مادية كبيرة بعد نفوق جميع الدواجن التي كان يملكها"، وتساءل الهوش: "عن أيّ نقاط عسكرية أو مخازن أسلحة يتحدثون؟ هل المداجن أصبحت هدفاً للاعتداءات الأميركية؟ ألم يكفهم ما سرقوه من النفط السوري والقمح من منطقة الجزيرة؟".

إحياء "داعش" مجدداً

القصف الأميركي على سوريا استهدف عدداً من النقاط العسكرية ببادية الميادين في ريف دير الزور؛ تلك النقاط تعتبر خطوطاً قتالية متقدمة لمواجهة عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي في البادية السورية، وتعمل منذ سنوات على منع عودة نشاط التنظيم مرة أخرى إلى الشرق السوري، وسط معلومات تؤكد شن عناصر من التنظيم هجوماً في عمق البادية أثناء العدوان الأميركي.

وفي هذا السياق يؤكد قاسم المشهداني أحد وجهاء مدينة "البوكمال" في ريف دير الزور للميادين نت أن العدوان الأميركي الأخير هو دعم واضح وصريح لخلايا تنظيم "داعش" في الشرق السوري، حيث تهدف الضربات إلى إضعاف قدرة الجيش السوري والقوات الرديفة، بهدف عودة إحياء التنظيم لخدمة المشاريع الأميركية في الشرق السوري.

ويضيف المشهداني أن الهجمات الأخيرة للولايات المتحدة على المناطق السكنية، ودعمها المتواصل للجماعات الانفصالية، وسرقتها المستمرة للثروات السورية تساهم في تنامي مشاعر الكره والعداء للولايات المتحدة بين الأهالي، الذين باتوا يؤكدون ضرورة إنهاء وجود القواعد الأميركية في سوريا كسبيل وحيد لعودة الأمور إلى طبيعتها.

إن انسحاب القوات الأميركية من سوريا بات أمراً مطروحاً على الطاولة في الغرف الأميركية المغلقة، وفق ما سرّبه الإعلام الأميركي مؤخّراً، لكن ذلك لن يمنع أهالي الشرق السوري من تصعيد خياراتهم في الأيام المقبلة للرد على الاعتداءات المستمرة، وترسيخ فكرة المقاومة الشعبية لدى أبناء المنطقة كسبيل وحيد لإنهاء الوجود الأميركي بشكلٍ كامل.