الأنقاض والحصار.. مُتضررو زلازل شباط في سوريا أمام معاناة مُزدوجة
أصبح الحصار المفروض على سوريا تحدياً كبيراً أمام جميع مؤسسات الدولة، وزادت الآثار السلبية الناتجة من الزلزال وفقدان الأرواح معاناة المتضررين، ما أدى إلى إطلاق حملات واسعة للمطالبة برفع العقوبات والحصار عن البلاد.
شهدت سوريا في شباط/فبراير 2023 زلزالاً مدمراً أثّر في مناطق واسعة في شمال البلاد ووسطها وبعض مدنها على امتداد الساحل السوري، مُتسبباً بخسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، وبكارثة إنسانية غير مسبوقة شكلت واحدة من أكبر التحديات أمام السوريين الذين عانوا خلال سنوات طويلة من الحرب وآثارها الاقتصادية، إلى جانب الحصار الاقتصادي الخانق.
الظرف الاستثنائي للبلاد وضع حالة الاستنفار في أقصى درجاتها، ليترأس الرئيس السوري بشار الأسد اجتماعاً طارئاً لمجلس الوزراء صباح السادس من شباط/فبراير لبحث تداعيات الزلزال الذي ضرب البلاد بقوة بلغت 7.7 درجات، متسبباً بسقوط مئات الضحايا وعدد كبير من الإصابات وانهيار وتصدع العشرات من الأبنية السكنية.
بعد الاجتماع، انطلقت خطوات سريعة، ووضعت خطة عمل واسعة في إطار الجهود لِتَخفيف معاناة المتضررين، وأُنشئ صندوق وطني لدعم المتضررين من الزلزال، وتم ربط الوزارات المعنية بخلية واحدة وتوزيع المهام والتحرك على مستويات داخلية وخارجية.
كيف يبدو واقع الحال بعد مرور ما يقارب عاماً ونصف عام على الكارثة؟ وإلى أين وصلت الجهود المبذولة؟
بلغ عدد المُتضررين نحو 3374 متضرراً في محافظات حلب واللاذقية وحماه، وتقدّم نحو 1617 متضرراً بطلبات للحصول على الدعم، وتلقى نحو 1124 متضرراً الدعم بقيمة وصلت إلى نحو 117 مليار ليرة سورية. وسلّم مجلس إدارة الصندوق الشقق الجاهزة المُكتتب عليها لِأصحابها. وكذلك منح مجلس إدارة الصندوق عدداً من متضرري الزلزال في المناطق الريفية تعويضاً نقدياً بِواقع 40 مليون ليرة سورية، كِبديل من الاكتتاب على مساكن بديلة لدى المؤسسة العامة للإسكان.
التحديات والعقبات في ظل الحصار
التمويل وتأمين المواد الأولية في المرحلة الأولى
تُواجه جهود الصندوق تحدياتٍ في السرعة والكفاءة في تقديم الدعم لِلمُتضررين، بسبب غياب المقدرة على تأمين المواد الأساسية واللوجستية في ظل العقوبات المفروضة على سوريا.
الوصول إلى جميع المتضررين
واجه الصندوق الوطني تحدياً في الوصول إلى جميع المُتضررين بالسرعة المطلوبة، وضمان تقديم الدعم بشكل فوري وكامل، بسبب عدم توافر المعدات الأساسية المتعلقة في إزالة الأنقاض والسلامة العامة، من جراء العقوبات الاقتصادية على البلاد، والقيود المفروضة على عمليات التحويل المالي التي حالت دون وصول الكثير من التبرعات النقدية.
120 شقة للمتضررين في حلب
بدأت المؤسسة العامة للإسكان في حلب إجراءات إبرام العقود لتسليم المساكن المخصصة في مشروع المعصرانية لِلمُتضررين من الزلزال، وفق مدير المؤسسة المهندس سالم حبيب. وأفاد في حديث للميادين نت بأنّ المُتضرر المُستفيد، بحسب تقارير لِجان السلامة العامة و الصندوق الوطني لِدعم المُتضررين من الزلزال، يُمنح مبلغ 40 مليون ليرة سورية، يتم تحويلها على اسمه من الصندوق لِمصلحة المؤسسة. وبعد التَخصيص، يُمنح قرضاً بِمبلغ 200 مليون ليرة من دون فوائد، ويتم استيفاء القرض بعد 3 سنوات من إبرام العقد مع مؤسسة الإسكان ولمدة سداد 10 سنوات.
وبيّن حبيب أنّ عدد الشقق المنتهية التي سيتم تسليمها 120 شقة، مُوزّعة على أربعة أبنية بِمساحات مُتَنوّعة (90-86-75 متراً مربعاً)، بِما يُلبي احتياجات الأسر المُتضررة بحسب عدد أفراد الأسرة، وتَمّ البدء بِتَخصيص 84 أسرة في المساكن، وسيتم تسليم الشقق جاهزة لِلسكن.
وأشار إلى أنّ المؤسسة تُتابع بِناء 4 أبنية برجية في منطقة الحيدرية لِلمُتضررين من الزلزال بواقع 320 شقة، ويتألف كل بِناء من 10 طوابق وواقع 80 شقة في كل منها، وسيتم تزويد الأبنية بالمصاعد التي سيتم تخديمها بالطاقة الشمسية.
70 شقة للمتضررين في اللاذقية
أعلن مدير فرع المؤسسة العامة للإسكان في اللاذقية كنان سعيد عن الانتهاء من تنفيذ مشروع السكن البديل لمتضرري الزلزال في موقع أوتستراد الثورة في مدينة اللاذقية، مشيراً إلى أن 118 مكتتباً تم تخصيصهم للحصول على شقق في الأبنية الجديدة التي تضم 160 شقة سكنية بمساحة 100 متر مربع لكل شقة.
وأوضح سعيد أنّ المشروع تضمّن 4 أبنية برجية تم تنفيذها وفق المواصفات القياسية السورية، وتشمل جميع خدمات البنية التحتية من شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء وغيرها.
وأشار إلى أنّ المؤسسة تُواصل تنفيذ مشاريع سكنية لِتضرري الزلزال في مدينة جبلة (حي النقعة وحي العزة) وحي الغراف. وبلغت نسبة إنجاز مشروع مدينة جبلة 100% في الهيكل و40% في الإكساء، في حين بلغت نسبة إنجاز مشروع حي الغراف 30%.
وأصبح الحصار المفروض على سوريا تحدياً كبيراً أمام جميع مؤسسات الدولة، وزادت الآثار السلبية الناتجة من الزلزال وفقدان الأرواح من معاناة المتضررين، ما أدى إلى إطلاق حملات واسعة للمطالبة برفع العقوبات والحصار عن البلاد، نظراً إلى تأثيراتها المباشرة التي تفاقم الأضرار والمعاناة، لكن الخطوات البسيطة التي ردّ بها المجتمع الدولي كانت مؤقتة وأكثر هشاشة من واقع الكارثة.