أول منتخب عربي في نصف نهائي كأس العالم.. ماذا تعرف عن المغرب؟

المنتخب المغربي دخل غمار المونديال بنفسية إيجابية للانتصار، وهذا ما عوّل عليه المدرب، وانعكس على أداء المنتخب. تعرَّف إلى أبرز معالم البلاد، من المناطق والأطباق واللهجة.

  • أول منتخب عربي في نصف نهائي كأس العالم.. ماذا تعرف عن المغرب؟
    أول منتخب عربي في نصف نهائي كأس العالم.. ماذا تعرف عن المغرب؟

من لا يعرف دولة المغرب، أو لم يسمع بها في أقاصي العالم، فإنه حتماً تعرّف إليها وهي في طور مرورها في تصفيات نصف نهائي كأس العالم، كأول منتخب عربي وأفريقي يتأهّل للمربع الذهبي، بينما آمال المغربيين والعرب بصورة عامة معلقة عليه في تحقيق إنجاز لم يصل إليه منتخب عربي منذ 92 عاماً. أمّا على المستوى الأفريقي فنجحت قبل ذلك ثلاثة منتخبات أفريقية في بلوغ دور الثمانية في كأس العالم، وهي الكاميرون (1990)، والسنغال (2002)، وغانا (2010).

أداء كروي متميز حوّل أنظار العالم قاطبة نحو المملكة المغربية، الواقعة شمالي غربي قارة أفريقيا، والتي يحدّها البحر المتوسط والمحيط الأطلسي على التوالي في الشمال والغرب، وتمتد إلى المناطق الجبلية الشاسعة في الداخل نحو الصحراء، وتزخر بتضاريس طبيعية خلابة ومعالم تاريخية وأثرية متنوعة، يضاف إليها اكتشاف جماهير المونديال المواهب الكروية  لمنتخب "أسود الأطلس"، كما يطلق على لاعبيها. 

ولمن لا يعرف المغرب، فهي دولة تشتهر بالمفكّرين والفكر الصوفي، كما تشتهر بمدنها "الزوينة"، على غرار مدينة مراكش، والتي يُطلق عليها أيضاً المدينة الحمراء، نسبة إلى لون مبانيها. وتحاكي هندستها المعمار الأندلسي. أمّا مدينة أغادير، الموجودة عند الساحل الأطلسي، فتُعرف بجاذبيتها السياحية المعتمدة على جمال شواطئها، إلى جانب جمال الرباط وطنجة وفاس.

وتوجد في المغرب مناطق غير معروفة كثيراً، مثل مدينة "آسفي"، وهي مدينة السمك والخزف، ومدينة "سيدي إفني" الهادئة والمطلة على البحر، ومدينة إيموزار كندر المعروفة بشلالات "علا وشيو" وشلال "عين سلطان"، ومدينة الحسيمة ومحاميد الغزلان في عمق الصحراء.

ولعل كأس العالم هي دعوة مفتوحة إلى كل الجنسيات من أجل زيارة هذا البلد الجميل، والمتنوع ثقافياً وطبيعياً.

أطباق المغرب الشعبية

كان كأس العالم مناسبة لإحياء السياحة المغربية والتعريف بعاداتها وتقاليدها وأطباقها، ولعل أشهرها الكسكسي، وهو طبق أمازيغي تشتهر به كل من تونس والجزائر أيضاً، مع بعض الاختلافات في طرق طهوه واستخدام البهارات والهريسة (الشطة) ذات المذاق الحار، في المطبخ التونسي مثلاً. لكن يظل الكسكسي طبقاً مشتركاً مغاربياً يجمع سائر دول المغرب العربي، وهو طبق مميز ثقافياً وحضارياً لدى المنطقة.

الرفيسة والخليع والمروزية وطاجن الدجاج هي أيضاً من أشهى الأطباق التي يمكن اكتشافها، فضلاً عن لذة الشاي المغربي الشهير.

كسر حاجز اللهجة

اللافت للانتباه، خلال كأس العالم، هو التقارب مع سائر شعوب الدول العربية، وكسر حاجز اللهجة الذي كان يحول بين المشرق والمغرب، إذ إن اللهجة المغربية الدارجة في شمالي أفريقيا هي خليط بين الأمازيغية والعربية والفرنسية وبعض الكلمات الإيطالية والإسبانية.

تقاطرت إلى المغرب، شأنه شأن سائر دول شمالي أفريقيا، حضاراتٌ متعددة في القرن الـ15 بعد سقوط الحضارة العربية في الأندلس، بحيث جاءت وفود موريسكية عاشت في الأندلس ما يفوق سبعة قرون، تلتها مباشرة الهجمات الاستعمارية، ثم استقرار البرتغاليين والإسبان في المدن الساحلية الشمالية والغربية في إطار الهجوم الإيبيري.

التراكمات اللفظية والتعبيرية جعلت لهجات الشمال الغربي في المغرب تتباين عن مثيلتها في الشمال الشرقي، وعن لهجات فاس ومكناس وسلا والرباط، وعن مدن الشاوية، ولو أن الدارجة في مراكش والجديدة وآسفي والصويرة وأغادير تبدو متقاربة، من حيث النبرة والتراكيب والمصطلحات.

وها هي النجمة الخضراء، التي تزين العلم المغربي، ترتسم على وجوه المشجعين من المغرب، أو من غيره من دول أخرى في الوطن العربي الكبير. ففرحة الجماهير بتوالي الانتصارات جعلها تنتج أغنية طريفة من وحي الانتصار، تقول كلماتها: "هالا هالا المغاربة سبوعة ورجالا"، والتي رددها عرب كثر، وليس المغاربة فقط. من هنا، كانت الكرة سبيلاً إلى أن تنتشر اللهجة المغربية بين العرب في قطر، والتي لطالما كانت محصورة في بيئتها المغاربية.

"كل مغربي هو مغربي" 

برزت ظاهرة أخرى، يمكن رصدها في المونديال، هي ما عبر عنه وليد الركراكي مدرب المنتخب المغربي، بقوله إن "كل مغربي هو مغربي"، ويعني بذلك وحدة الأصل، مهما كان بلد المهجر.

ويقول الركراكي "إننا واجهنا، قبل نهائيات كأس العالم، كثيراً من المشاكل مع اللاعبين الذين وُلدوا في أوروبا، واللاعبين الذين وُلدوا في المغرب".

وتتوزع الجالية المغاربية (أي المغرب والجزائر وتونس) في دول كثيرة، منها إيطاليا وإسبانيا، غير أن الرقم الأكبر للجالية المغاربية هو في فرنسا، وهو يقدَّر بين 5 و6 ملايين شخص، من بينهم 3.5 ملايين يحملون الجنسية الفرنسية.

وظهرت ضخامة عدد هذه الجالية خلال مباريات مونديال قطر، بحيث يقيم نحوالى 15 ألف مغربي.

المغرب أعاد الثقة بفوز العرب

يبدو أن الحالة النفسية للشعوب العربية، التي سيطر عليها اليأس من تحقيق النجاح، مثّلت جزءاً مهماً من حالة الفشل العام لعقود. ويقول الصحافي والناشط المغربي، سفيان السعودي، إن عامل  النجاح أو الفشل مرتبط بالحالة النفسية، والمنتخب المغربي دخل غمار المونديال بنفسية إيجابية للانتصار، وهذا ما عوّل عليه المدرب، وانعكس على أداء المنتخب، ووصل إلى الشعب المغربي وشمالي أفريقيا والعالمين العربي والإسلامي. ويرى أن السعادة شعور مُعْدٍ، مثل اليأس والفشل تماماً، وخير دليل فرح الشعوب العربية بتأهل مننخب المغرب. 

وأضاف أن من المهم إيصال رسالة إيجابية عن المغرب وعن العرب والمسلمين، فـ"نحن لا نصدّر الإرهاب، ولسنا حاضنات للتعصب، ولا شعوباً غاضبة وأصحاب وجوه مكفهرّة ومستسلمة، كما يشاع عنا. ففي كأس العالم، أثبتنا العكس تماماً، وأنه توجد لدينا روح التحدي، مثل هزيمة فرنسا أمام تونس، وهزيمة كل من إسبانيا والبرتغال أمام المغرب".