أهالي جنوب لبنان بعد الاعتداءات الإسرائيلية: لا تراجع عن خيار المقاومة
لم تتغير ثوابت الجنوبيين منذ التسعينيات، الثأر وخيار المقاومة. فيتحدّون الترهيب الإسرائيلي في الحرب الأخيرة، معبرين عن استعدادهم لبذل ما يملكون من البشر والحجر "فداء للمقاومة" كما يقولون.
زفّت عدد من قرى جنوب لبنان الأسبوع الماضي شهداء مدنيين ارتقوا ضحايا العدوان الإسرائيلي، بالإضافة إلى عدد كبير من الجرحى كان آخرهم 14 جريحاً نتيجة الغارتين الإسرائيليتين اللتين استهدفتا منطقة الغازية (جنوب صيدا) أمس الإثنين.
وقبل 3 أيام شيعت بلدتي النبطية والصوانة 10 شهداء في موكب مهيب. الضحايا الشهداء حسين برجاوي، فاطمة برجاوي، أمل عودة، زينب برجاوي، أماني برجاوي، غدير ترحيني، الطفل محمود عامر، الطفلان حسين وأمير محسن، ووالدتهم روعة المحمد.
سلسلة اعتداءات استذكر الجنوبيون فيها شهداء قانا (نيسان/أبريل 1996): النعوش المصفوفة ذاتها، الأرض ذاتها، الدم المسفوك نفسه، القاتل نفسه، والمتخاذلون أنفسهم. ورغم الزمن الطويل منذ 1996، لكن لا تزال ثوابت الجنوبيين نفسها، الثأر وخيار المقاومة. فيتحدّون الترهيب الإسرائيلي، مستعدين لبذل ما يملكون من البشر والحجر "فداء للمقاومة" كما يقولون.
خيارنا مقاومة
تقول فاطمة إسماعيل، وهي إحدى سكان بلدة عدشيت الجنوبية للميادين نت، وقد انزاح القلق عن ملامحها: "على رغم المخاطر التي تحدق بنا، لكننا متأكدون من أن دماءنا لن تهون على المقاومة، ونحن على ثقة بردها على استهداف المدنيين كما أكد السيد حسن نصر الله يوم الجمعة".
أما على سلوم، من سكان النبطية، فقد عبر عن خلاصات حتمية لديه: "صحيح أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول أن يوحي بأن الجنوب بأكمله لم يعد آمناً، وأن الحرب لم تعد تقتصر على المناطق الحدودية، غير أننا ورغم هول المجزرة التي حصلت منذ أيام سنبقى ثابتين في منازلنا، وعلى أرضنا ولن نترك النبطية، إذ لا نزال في طور استقبال أهالينا النازحين".
بدورها، تشير زينب الحوراء من بلدة الصوانة الجنوبية إلى أن الاستهداف الذي طال البلدة كانت له تبعاته من الخسائر البشرية والمادية على أهالي الصوانة، "لكن اللافت أن أهل القرية عادوا إلى الحياة بشكل شبه طبيعي في اليوم التالي، وهذا يمكن أن تروه عندما تتجولون في أحياء البلدة التي تعجّ بالناس، فهذه الضّربَة لم تستطع أن تزعزع من عزيمتنا أو تثنينا عن خيار المقاومة، وجَواب الأهالي كلهم أنّهم سيبقون هنا من دون أن يتسلل الخوف إلى قلوبهم".
"سكنا منزلنا لشهر واحد فقط بعد أن استغرقت فترة إعماره أكثر من 7 سنوات، كان مكوناً من 3 طوابق، مسوّراً بأشجار عالية وفيه إطلالة جميلة. الآن لم يتبق منه سوى الغبار، فقد كان أول بيت يلحقه هذا الضرر البليغ من جراء القصف الإسرائيلي المتوحش على برعشيت"، تقول مريم شهاب للميادين نت.
وتلفت مريم إلى أن الجنوبيين متنبهين لرغبة آلة القتل الإسرائيلية الضغط على أهالي الجنوب وإثنائهم عن خيار المقاومة، لكن "كل شي فدا المقاومة".
عبارة منعتها التضحيات من أن تصبح مستهلكة يوماً، أو أن تفقد معناها لدى الجنوبيون. جملة عندما تتخيلها تتذكر صوت امرأة ترتدي حجاباً أبيض، تفتح يديها، وخلفها الحجارة والدمار لتقول العبارة نفسها في حرب تموز 2006.