"أقصر طرق التحرير".. أفراح أهل غزة بتوقيت "تاسعة البهاء"
يحمل الفلسطينيون في قطاع غزة أملاً مبنياً على "تاسعة البهاء" وساعات المقاومة وضرباتها حتى تحرير فلسطين، معتبرين إياها الطريق الأقرب إلى التحرير.
لأن الوقت مقرون بمن شاطرك اللحظة، ما زال المجتمع الفلسطيني يعيش في كل مساء عند الساعة التاسعة "ساعة البهاء" وزلزلتها للكيان، فقد شارك البهاء الشعب الفلسطيني كله في نصر متراكم يوماً بعد آخر، حتى استشهد البهاء وبقيت التاسعة حيةً تسعى وتبين.
تاسعة البهاء
ساعة البهاء أو تاسعة البهاء، كما يحب أن يسمّيها الفلسطينيون في قطاع غزة، هي ساعة اعتاد فيها القائد في "سرايا القدس" الشهيد بهاء أبو العطا، إطلاق دفعة من الصواريخ تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكانت تمثّل عنصر المفاجأة في حسابات الكيان وترسّخ أوتاد معادلة الردع المستمرة، حيث القصف بالقصف، والاعتداء بالرد المباشر، فجعل للتاسعة مساءً رونقاً وطنياً لا مثيل له، فحالما تدق الساعة التاسعة مساءً، بعد أي اعتداء إسرائيلي، تعلو أصوات صفّارات الإنذار في كيان الاحتلال، وتخرج الرشقات الصاروخية لتؤكد أن الدم الفلسطيني حرام، رسائل مستمرة في جهات عدة، والتوقيع دائماً كان بوسم "بهاء أبو العطا".
اغتال الاحتلال الإسرائيلي الشهيد بهاء أبو العطا في 12 تشرين الثاني/نوفمبر عام 2019 بعد أن أخفقت في اغتياله، غير مرة، في استهداف مباشر لمنزله، ليرتقي مع زوجته أم سليم شهدَين فيما أصيب طفلاه بجراح وصفت آنذاك بالخطرة.
أكمل رفاق أبو العطا الدرب، وردّوا في تمام الساعة التاسعة مساء برشقات من الصواريخ في الساعة التاسعة مساء، ليؤكدوا مواصلة الطريق نحو النصر، ودفع الاعتداء، ورفع العدوان عن أبناء الشعب الفلسطيني، لتصبح التاسعة ساعةً مقرونة بالبهاء والمقاومة والفرح.
طقوس فرح مختلفة
يقول المواطن يوسف أبو جزر من مخيم البريج في وسط قطاع غزة لـلميادين نت: "لقد كانت ساعة البهاء تمثّل لأبناء شعبنا لحظة انطلاق الزغاريد مع الصواريخ التي تثأر لدماء أبناء شعبنا وتشفي غليلهم، وإن أبو العطا كان يمثل خيارات الشعب الفلسطيني الحقيقية لإنهاء الاحتلال".
ويذكر أبو جزر أن اللحظات التي كانت ترافق رسائل ساعة البهاء التي تنافس ساعة (بيغ بن) في الدقة، بحسب تعبيره، هي أكثر اللحظات سعادة وانتشاءً لدى أبناء شعبنا في المخيمات والمدن الفلسطينية، لأنها تعبّر عنهم وتحمل همومهم إلى عنان السماء، وتتنزّل لهباً على دولة الاحتلال الإسرائيلي، الذي يواصل عدوانه عليم، ويقول: "لقد وزّعت حلوى على المارة والسكان في هذا المخيم تزيد على إنتاج ثلاثة مصانع كلما دقت تاسعات البهاء".
من جانبها تحدّثت المواطنة هيام شحتوت من مخيم جباليا شمالي قطاع غزة إلى الميادين نت فقالت: "إن ساعة البهاء كانت توحّد الحناجر الهاتفة بالتكبير فرحاً بقصف مدننا المحتلة، وكان إعلان التاسعة يأتي بالبهجة والسرور ومظاهر الاحتفال، فتطلق النساء زغاريدها ويَعلُنّ بها ويكرّرنها، وتصدح حناجر الرجال لروحك السلام أيها البهاء في كل ساعة".
وأضافت شحتوت: "إن الرد على جرائم الاحتلال يخلق حالات فرح اعتاد شعبنا أن يعيشها، لكن ساعة البهاء بات لها طقوس أخرى، حيث توزّع الحلوى وترفع الإعلام وترتفع الزغاريد ويكثر التكبير والتهليل، حتى الأطفال في المخيم تجدهم يتجمّعون ويجوبون المدينة هاتفين فرحاً بالرد وللشهيد بهاء أبو العطا رحمه الله".
وعلق منذر شقليه من مدينة رفح في جنوبي قطاع غزة للميادين نت على ساعة البهاء قائلاً: "ساعة المقاومة أو ساعة البهاء كما يحلو لسكان قطاع غزة تسميتها، ليس لأنها توقيت ضُربت فيه (تل أبيب)، ولكنها ساعة كانت تتجلى فيها معاني العزة والكرامة وترقى إلى أعلى مستوياتها في الشارع الفلسطيني عامة والشارع الغزّي على وجه الخصوص، ولا تمر السنوات إلا وتحمل في طياتها أحداثاً فاصلة، وأسماء خالدة على مدار التاريخ، وفي فلسطين مرّ كثير من الأسماء والصور، وغادرنا مَن ذهب، وبقي من يستحق أن يبقى خالداً في تفاصيل الذاكرة، فمن صلاح الدين الأيوبي إلى عز الدين القسام، مروراً بفتحي الشقاقي، وليس انتهاءً بالشهيد القائد الكبير، بهاء أبو العطا أبو سليم".
رسائل طال انتظارها
المواطن يوسف حسنين تحدث إلى الميادين نت عن الأمل المبني على تاسعة البهاء وساعات المقاومة وضرباتها حتى تحرير فلسطين، معتبراً إياها الطريق الأقرب إلى فلسطين، قائلاً: "إننا نعيش حالَ تمَنٍ صادقة لتحرير فلسطين، منتظرين تكثيف ضربات المقاومة تجاه أراضينا المحتلة، والاستمرار على نهج الشهيد أبو العطا الذي لو عاد ورأى رد فعل أبناء شعبنا على الصعيد المجتمعي واحتفالاتهم لاختار طريق ذات الشوكة بإصرار وعزيمة أكبر".
واختتم حسنين قائلاً: "رحل البهاء وبقيت تاسعة الرد تحمل اسمه، وما زلنا كشعب فلسطيني في الوطن وخارج الوطن حتى في انتظار ضبط عقارب ساعتنا على ساعة التحرير التي تحمل أسماء كلّ أصحاب التضحيات وصانعي الأمل الفلسطيني والوطني بالتحرير".