"نُرابط في غزة وعيوننا ترنو إلى النبي".. لا حجّ للغزّيين هذا العام
بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وسيطرة جيش الاحتلال على معبر رفح، لم يتمكن الآلاف من حجاج غزة من السفر إلى الملكة العربية السعودية، من أجل أداء مناسك الحج.
عشرة أعوام متواصلة انتظر فيها الفلسطيني عدلي برغوث، ليحقق حلمه بأداء مناسك الحج، وليكون أحد المقبولين في قائمة الحجاج الفلسطينيين، إلّا أن حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة حرمته من أداء الفريضة، وأجبرته على الانتظار أعواماً أخرى.
برغوث، البالغ من العمر 63 عاماً، سجّل اسمه واسم زوجته أيضاً لدى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، منذ عام 2014، عقب الحرب الإسرائيلية على القطاع، وانتظر طوال هذه الأعوام ليكون ضمن فوج الحجاج الفلسطينيين، مشيراً إلى أنه، على إثر الحرب على غزة واحتلال معبر رفح، حُرِم من أن يكون بين الحجاج هذا العام.
حلم لم يتحقق
جمع برغوث الأموال اللازمة لأداء فريضة الحج بشق الأنفس كي يحقق حلمه، وفق ما يؤكد لـلميادين نت، لكن الأموال، التي جمعها على مدار الأعوام العشرة الماضية، صرفها خلال الحرب، وخصوصاً في ظل ارتفاع الأسعار وشح المواد الغذائية.
الحسرة والحزن الشديد لا يفارقان برغوث، الذي لم يفقد الأمل في أن يكون العام المقبل ضمن حجاج فلسطين، قائلاً إن "الاحتلال يحاربنا في مختلف الجبهات، وفي كل شيء، والحرب كانت السبب في حرمان حجاج غزة من أداء الفريضة".
يوماً بعد يوم، وعلى الرغم من تأكده من عدم قدرته على أداء فريضة الحج لهذا العام، فإن برغوث يتواصل يومياً مع المسؤولين عن ملف الحج والعمرة في القطاع، من أجل السؤال عن إمكان وجود انفراجة في الملف، مؤكداً أن المطلوب من العالمين الإسلامي والعربي التدخل لتحقيق أمنيات آلاف الحجاج في غزة.
وبسبب الحرب الإسرائيلية على القطاع، وسيطرة جيش الاحتلال على معبر رفح، لم يتمكن الآلاف من حجاج غزة من السفر إلى الملكة العربية السعودية، من أجل أداء مناسك الحج، وهو الأمر الذي يحدث للمرة الأولى منذ النكبة الفلسطينية عام 1948.
أعوام من الانتظار
تقول عهود صيام، التي انتظرت أعواماً من أجل أداء شعائر الحج، إنها تعيش حالة من الصدمة بسبب عدم تمكنها من الالتحاق بقوافل الحجاج، لافتة إلى أنها تشعر بخسارة كبيرة كأنها فقدت شخصاً عزيزاً عليها.
وتقول صيام، لـلميادين نت، إنها، إلى جانب توفيرها المبلغ الخاص بالسفر، من خلال ما يُسميه الغزيون "الجمعيات المالية" التي ينظّمها عدد من الأقرباء، كانت اشترت أيضاً بعض الهدايا الخاصة، التي يقدمها الحجاج إلى المهنئين بعودتهم سالمين من رحلة الحج.
وتضيف: "منذ عام وأنا أقوم بشراء الهدايا، وكنت أدّخر كل مبلغ أحصل عليه، إما لتكاليف السفر للحج وإما للهدايا. كما أن أبنائي كتبوا على جدران المنزل التهاني الخاصة بالحجاج فرحاً منهم بقرب تحقيق حلمي، إلا أن الحرب هدمت كل ذلك".
ولا تزال صيام تحتفظ بحقائب الهدايا والحقائب التي أعدّتها للسفر، وترفض فتحها أو التصرف بها، على أمل أن يتحقق أملها في السفر للحج العام المقبل، قائلةً إن "هذه الحقائب لن تُفتح إلا إذا تحقق حلمي بالحج".
ونددت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بمنع الآلاف من سكان القطاع من أداء فريضة الحج، بسبب احتلال الجيش الإسرائيلي للجانب الفلسطيني من معبر رفح البري، والذي يُعَدّ المنفذ الوحيد للسكان مع العالم الخارجي.
وقالت الوزارة، في بيان صحافي، إن "العدوان الصهيوني المتواصل على غزة، واحتلال معبر رفح البري، تسببا بالحيلولة دون إتمام موسم الحج لحجاج غزة لهذا العام"، مؤكدة أن ذلك يمثل انتهاكاً واضحاً لحرية العبادة وللقانون الدولي والإنساني.
وأشارت إلى أن ذلك يشكل جريمة حرب جديدة تضاف إلى سلسلة الجرائم التي ارتكبها الاحتلال بحقّ الشعب الفلسطيني وأماكن العبادة.
أعداد كبيرة من الحجاج
ويؤكد مدير شركة ضيوف الرحمن للحج والعمرة، خالد الحلبي، أن عدداً كبيراً من الحجاج يتواصلون معه من أجل معرفة الأخبار المتعلقة بإمكان سفرهم إلى السعودية وأداء فريضة الحج للعام الجاري، مبيناً أنه لا توجد حلول في الأفق من أجل تحقيق ذلك.
ويوضح الحلبي، لـلميادين نت، أن "جيش الاحتلال حرم الآلاف من سكان القطاع من أداء فريضة الحج، وأن هذا الأمر يمثل سابقة لم تحدث منذ عام 1948، باستثناء توقف موسم الحج خلال جائحة كورونا عام 2020".
ووفق الحلبي، فإن ما يقارب ألفي حاج حُرموا من أداء المناسك العظيمة. وعلى الرغم من المساعي الرسمية والحثيثة، فإن سيطرة جيش الاحتلال على معبر رفح حالت دون ذلك، لافتاً إلى أن ذلك يمثّل حرباً أخرى يخوضها الاحتلال ضد سكان غزة.
ويلفت إلى أن "شركات الحج كانت تلقت وعوداً، قبل الهجوم العسكري على مدينة رفح، بإمكان تأمين سفر الحجاج إلى السعودية، إلا أن تلك الوعود لم يتحقق منها شيء"، مضيفاً: "نأمل أن يتمكن الحجاج من أداء المناسك العام المقبل".