"العبقري الصغير".. الطفل السوري ساري عزام يتغلب على التوحد بمواهبه الاستثنائية (فيديو)

"العبقري الصغير"، صفة أُطلقت على الطفل السوري ساري عزام (6 سنوات)، بسبب القدرات العقلية الاستثنائية التي يتمتع بها، والتي قد تصل إلى مستوى العلماء والعباقرة، وفق تأكيد الأطباء والاختصاصيين.

  • "العبقري الصغير".. الطفل السوري ساري عزام يتغلب على التوحد بمواهبه الاستثنائية (فيديو)

"أينشتاين سوريا"، "الطفل المعجزة"، "العبقري الصغير"، و"الفتى الموهوب"، كلها صفات أُطلقت على الطفل السوري ساري عزام ذي السنوات الست، بسبب القدرات العقلية الكبيرة التي يتمتع بها، إذ أكد بعض الأطباء والاختصاصيين أنها تصل إلى مستوى العلماء والعباقرة.

"عبقرية" ساري لاحظتها والدته بعمر الثلاث سنوات، عندما بدأ بقراءة القرآن الكريم بلغة سليمة وتجويد صحيح، ولدى خضوعه للتشخيص الطبي تبيّن أنه مُصاب باضطراب "طيف التوحد"، أو ما يُسمى بمتلازمة العبقري أو الموهوب، وهي حالة نادرة في العالم.

و"طيف التوحد" هو نوع من أنواع الاضطرابات النمائية التطورية، تُحدث أثراً في نمو الأطفال وتطورهم، وتُشخّص الحالات غالباً في العام الثالث من عمر الطفل، وتحدث هذه الاضطرابات نتيجة خلل في الجهاز العصبي المركزي، الذي يؤثر في بعض وظائف المخ، مُحدثاً اضطرابات في النمو ومشكلات سلوكية تميّز مرضى التوحد. 

ويؤثر اضطراب "طيف التوحد" في كيفية إدراك الطفل للآخرين والاندماج معهم، ويتجلى هذا الاضطراب في جوانب أساسية من نموه، مثل التفاعل والتواصل والسلوك الاجتماعي، وهذا ما يبدو جليّاً من خلال وضع ساري وتفاعله مع عائلته وأقرانه.

العبقري الصغير

  • فيديو | "العبقري الصغير".. الطفل السوري ساري عزام يتغلب على التوحد بمواهبه الاستثنائية

خضع الطفل ساري في البداية للبحوث العلمية واختبارات الذكاء، ليكتشف الأطباء القدرات الكبيرة التي يتمتع بها وتميّزه عن أقرانه، حيث أتمّ حفظ القرآن الكريم مع تجويده بعمر 3 سنوات، كما بدأ يتحدث ويكتب لغات قديمة وحديثة كالإنكليزية، والفرنسية، والصينية، واليابانية، والبنغالية، والبورمية، والجورجية، والروسية، والأرمنية، والعبرية، واليونانية، والهيروغليفية وغيرها.

لم يكتفِ الطفل الموهوب بذلك، بل بدأ بحل المعادلات الرياضية المعقدة، وحفظ الرموز الكيميائية، والنظريات الصعبة، وبرع في جمع الأعداد خلال زمن قصير للغاية، كما رسم الذرّة وكتب مكوناتها، ونجح في حساب العدد الكتلي للذرّة، وتوجه لفهم المعادلات الكيميائية النووية، كما تعلّم العديد من لغات البرمجة المستخدمة حالياً في تطوير البرامج الحاسوبية.

عبير عيسى والدة ساري عزام قالت للميادين نت إن طفلها شاهد ذات يوم على يوتيوب معادلة رياضية من اختصاص طلاب الجامعة، وميزة هذه المعادلة أن لها طرقاً كثيرة للحلّ، فبدأ بحلّها كل يوم بطريقة مختلفة عن اليوم الذي سبقه، وفي كلّ مرة كانت تُرسل الحلول إلى الاختصاصيين لتكتشف أن الإجابات صحيحة، وفي كثير من الأحيان لم يصدقها أحد أن الحلول هذه قد نجح في الوصول إليها طفل صغير لم يتجاوز عمره الـ 6 سنوات.

وتضيف عيسى: "ساري يمضي ساعات طويلة يومياً على موقع يوتيوب لتقوية مهاراته المختلفة في اللغات الأجنبية، والمعادلات الرياضية، والموسيقى، والفيزياء، وهو يفاجئنا كل يوم بقدرته على تعلم الأشياء الجديدة التي تفوق مستوى عمره بكثير، لكنه رغم ذلك يحتاج إلى رعاية أكاديمية خاصّة من أجل تطوير قدراته العقلية أكثر وأكثر".

لا تخفي والدة ساري خوفها عليه، لكنها في الوقت نفسه، تأمل بأن يتلقى الرعاية الصحية والنفسية والتعليمية المناسبة حتى يصبح في المستقبل القريب شخصاً استثنائياً: "متيقنة من أن ساري سيكون مشروع عبقري، وإنساناً مهماً يفيد بلده والعالم، لكنه يحتاج إلى عناية خاصّة للوصول إلى هذا الهدف، ونحن لا نستطيع تقديم ذلك له لأننا لا نملك القدرة المادية لتأمين ذلك".

العائلة أنشأت صفحةً عامة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" باسم "ساري عزام"، للتعريف بالقدرات العقلية التي يتمتع بها، حيث يتم نشر مقاطع فيديو بشكلٍ دائم تظهر الطفل وهو يحلّ المسائل الرياضية الصعبة، أو يكتب المعادلات الكيميائية المعقدة، أو يردد الأحرف الكاملة لإحدى اللغات الأجنبية؛ وتحظى الصفحة بمتابعة كبيرة.

ظروف مادية صعبة

داخل منزل جده الواقع في منطقة العباسيين في العاصمة دمشق، يقطن الطفل ساري مع والديه وشقيقته المُصابة بالتوحد أيضاً، بعد أن اضطرت العائلة للنزوح من منزلها داخل مخيم اليرموك على أطراف دمشق في بداية الحرب على سوريا، فلم تجد العائلة مكاناً تلجأ إليه إلا عائلة والدة ساري.

في باحة المنزل، لا يفارق القلم يدَ ساري الصغيرة، وتراه لا يكلّ ولا يملّ من الكتابة على اللوح الذي علّقه والده على الحائط؛ يكتب الطفل أعداداً تارةً، وأحرف لغات أجنبية تارةً أخرى، وفي بعض الأحيان، يكتب حلولاً لمعادلات حسابية صعبة تطرحها عليه والدته، لكنه في كلّ مرة يضع الإجابات بشكلٍ أسرع من المرات السابقة، وينتقل في المستويات من الصعب إلى الأصعب، وسط حالة من الذهول تنتاب كل من يشاهد إجابات الطفل الصغير.

الظروف المعيشية الصعبة التي تمرّ بها العائلة، والحاجة إلى علاج مستمر للأخت الكبيرة، والتكلفة العالية لتأمين رعاية تعليمية وصحية ملائمة لقدرات ساري، جعلت والدي الطفل في حالة عجزٍ كامل، فالعائلة لا تملك القدرة المادية الكفيلة بتأمين الأدوات العلمية اللازمة لتطوير قدرات ساري بشكلٍ يتناسب مع إمكانياته العقلية.

في المقابل، تلقت العائلة مساعدات من مؤسسات اجتماعية وتعليمية واختصاصيين وأكاديميين، من أجل وضع الطفل ساري على السكة الصحيحة لاكتشاف قدراته، وتنمية أفكاره، وتطوير أدواته الجسدية والعقلية، بشكلٍ يمكّنه من أن يصل إلى المستويات الأعلى، ويكون متمكناً من الاعتماد على نفسه في أقرب وقتٍ ممكن.

ولعلّ من أبرز التحديات التي واجهت عائلة ساري في التعامل مع حالته أيضأً، هي عدم قدرته على التعامل مع أقرانه بشكلٍ طبيعي، ما يؤكد حاجة الطفل إلى تأهيل اجتماعي للاندماج مع أصدقائه، وعدم دخوله في حالة من العزلة الاجتماعية، الأمر الذي يؤدي إلى تطورات سلبية في حالته الصحية.

لكن عائلة الطفل كشفت مؤخراً أن ساري استطاع فهم اللغة العربية وتحسين تواصله مع محيطه باستخدامها، كما أظهر فهماً عميقاً للحالات الإملائية وتعلّم قواعد اللغة العربية، كما تمكّن من التخلّص من "طيف التوحد" بنسبة قاربت 90%.