لقاءات "مُتحللة" من الوداع.. مقابر جماعية مُكتشفة في مُجمّعي "ناصر" و"الشفاء"

عثرت السلطات الفلسطينية المختصة في غزة حتى اللحظة على ثلاث مقابر جماعية حفرها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مجمّعي "ناصر" و"الشفاء" الطبيَّين، وُجد في داخلها عشرات الشهداء الذين أعدم بعضهم ميدانياً، بينما سُرقت أعضاء البعض الآخر.

  • لقاءات
    لقاءات "مُتحللة" من الوداع.. مقابر جماعية مُكتشفة في مُجمّعي "ناصر" و"الشفاء"

لم تتوقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، والمستمرة منذ سبعة أشهر، على الإبادة وتهجير الأهالي من مناطق سكنهم وتدمير منازلهم، بل تعدت وحشيتها كل الخطوط الحمر، لتصل إلى حد دفن الشهداء في مقابر جماعية بعد إعدامهم وسرقة أعضاء بعضهم.

وأظهرت عملية اكتشاف عدد من المقابر الجماعية في مجمعي "الشفاء" في مدينة غزة، و"ناصر" الطبي في خان يونس، هول الجرائم الإسرائيلية، والتي ترتقي إلى مستوى جرائم الحرب.

وعثرت السلطات الفلسطينية المختصة في غزة، حتى اللحظة، على ثلاث مقابر جماعية حفرها جيش الاحتلال الإسرائيلي في المجمعين الطبيين، وُجد في داخلها عشرات الشهداء الذين أعدم بعضهم ميدانياً، بينما سُرقت أعضاء البعض الآخر.  

شهادات مؤلمة في "ناصر"

بعد أن فقدت الأمل في الوصول إليه أو معرفة مكانه، عثرت خلود النجار أخيراً على جثمان شقيقها محمد بين جثامين العشرات من الشهداء في المقبرة الجماعية، التي عُثر عليها في خان يونس. وكانت انقطعت الأخبار عن شقيقها منذ الاجتياح الإسرائيلي لمجمع ناصر.

روت النجار للميادين نت، بصعوبة بالغة وحزن شديد، لحظات تعرّفها إلى جثمان شقيقها، الذي كان مدفوناً إلى جانب العشرات داخل أحد أكياس الموتى، وكان عليه نجمة داوود الخاصة بالاحتلال الإسرائيلي، الأمر  الذي يعني أنه نُقل إلى مستشفيات الاحتلال، ثم أعيد إلى غزة ودُفن في المقبرة الجماعية.

وتفيد النجار بأنها تعرّفت إلى جثمان شقيقها من ملابسه، وعلى الرغم من تغير لونها بسبب غرقها في دمائه، فإن ذاكرتها البصرية لم تخنها، متهمة جيش الاحتلال بإعدام أخيها ميدانياً والتنكيل بجثمانه.

لم تكن رحلة البحث عن شقيق خلود مهمة سهلة نفسياً عليها وعلى أفراد عائلتها، فقد ملأهم الأسى بعد إيجاده في المقبرة، مثل حال المئات من الذين عثروا على جثامين أفراد عائلاتهم.

"قُتل تحت التعذيب"، هذا ما اكتشفته تغريد العمور بعد العثور على جثمان والدها محمد. عاشت لحظات صعبة للغاية قبل وصول عائلتها إلى الجثمان. وكان والدها اعتُقل على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة خان يونس، بعد تعرضه لإصابة بالغة.

وتقول تغريد إنّ والدها نجح في إجلائهم عن خان يونس، وقبل أن يغادر المدينة أصيب على إثر إطلاق النار عليه من جانب جيش الاحتلال، وفُقد منذ ذلك الحين، ليتبين أنه اعتقل، بحسب تأكيد شهود عيان للعائلة.

بحث متواصل في "الشفاء"

وفي شمالي غزة، يواصل محمد النواتي معاناة البحث عن شقيقه خالد، الذي فقدت آثاره بعد الاجتياح الإسرائيلي لمجمع الشفاء، لافتاً إلى أنه يواصل البحث في المقبرة الجماعية المكتشفة في المجمع الطبي، أملاً في العثور على طرف خيط بشأن شقيقه.

ويفيد النواتي الميادين نت بأنه لا يعرف حتى اللحظة مصير شقيقه، كما أنه يُرجّح بعد اكتشاف عدد من المقابر الجماعية، التي حُفرت بواسطة الاحتلال الإسرائيلي، أن يكون الآلاف من المفقودين في غزة دُفنوا فيها.

ويضيف: "يجب على العالم أن يجبر سلطات الاحتلال على كشف مصير الآلاف من المعتقلين، والاعتراف بالجريمة العظمى التي ارتكبها في قطاع غزة، وتحديد أماكن جميع المقابر الجماعية التي حفرها جنوده في غزة وجنوبيّها".

وبحسب الإحصاءات الرسمية الفلسطينية، فإن نحو 8 آلاف فلسطيني من قطاع غزة لا يزالون في عداد المفقودين بسبب الحرب الإسرائيلية، بينما أكد جهاز الدفاع المدني أنه عثر على أكثر من 300 من الشهداء في المقابر الجماعية.

مهمّة صعبة

وعقب عثورها على ثلاث مقابر جماعية، أكدت الأجهزة الفلسطينية المختصة أنها تعتمد بصورة أساسية، من أجل كشف جرائم الاحتلال بهذا الشأن، على تجمع الذباب بكثافة في بعض المناطق، الأمر الذي يُعَدّ مؤشراً على وجود مقبرة جماعية حفرها الاحتلال.

ويفيد الناطق باسم جهاز الدفاع المدني، محمود بصل، بأن مهمة البحث عن المقابر الجماعية وجثامين الشهداء المفقودين صعبة للغاية، وأن تتبع ضباط الدفاع المدني للذباب يأتي بسبب دفن الاحتلال للجثامين بالقرب من سطح الأرض وبطريقة غير إنسانية.

ويوضح بصل لـلميادين نت أنه تم العثور حتى اللحظة على جثامين نحو 400 شهيد فلسطيني في المقابر  المكتشفة في غزة وخان يونس، متّهماً قوات الاحتلال بإعدام مواطنين عزل وإخفاء جثامينهم في المقابر الجماعية.

ويضيف: "تعرّفنا حتى اللحظة إلى 165 جثة من الجثث التي جرى انتشالها، والاحتلال دفن الشهداء بعمق ثلاثة أمتار تحت الأرض، وكسد الجثامين فوق بعضها، علاوة على أن بعضهم كان مكبَّل اليدين، في أن آخرين عراة بالكامل، وبعضهم بطنه مفتوحة ومسروقة الأعضاء".

ولا يزال مصير الآلاف من سكان القطاع مجهولاً، وفق المسؤول الفلسطيني، وخصوصاً مع رفض سلطات الاحتلال التعاون مع المؤسسات الدولية لكشف أسماء المعتقلين والسكان الذين جرى إعدامهم، داعياً المؤسسات الدولية إلى حماية الفلسطينيين وكشف جرائم الإخفاء القسري والمقابر الجماعية.

ويؤكد بصل أنّ "جهاز الدفاع المدني تلقى مئات البلاغات المتعلقة باختفاء أفراد من العائلات الفلسطينية في مناطق العمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي، وأن قوات الاحتلال تتعمّد إخفاء جثث الضحايا لطمس معالم جرائمها في القطاع".

ويرجح أن تعثر طواقم الدفاع المدني على عدد من المقابر الجماعية في المناطق السكنية التي نفذ بها جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياته العسكرية، وخصوصاً في ظل العدد الكبير من المفقودين في القطاع، متهماً قوات الاحتلال بتعمد دفن الشهداء في أماكن مجهولة.