شهادات من داخل مجمع الشفاء شمالي غزة: جرحى مبتورة أقدامهم يخرجون زحفاً
يواصل الاحتلال، منذ 6 أيام، احتجاز نحو 150 مريضاً وجريحاً ومرافقيهم رهائنَ في غرفة واحدة، ويعرّضهم للتحقيق والتعذيب، بالإضافة إلى قتل عدد كبير من الناس. ويقول أحد المحاصرين: "رأيت بعيني رجلاً طاعناً في السن مبتورة إحدى قدميه، يخرج زحفاً من المستشفى".
لليوم السادس على التوالي، تحاصر قوات الاحتلال الإسرائيلي مجمع الشفاء الطبي، شمالي قطاع غزة، ممعنة في ارتكاب الجرائم بحق المرضى ومرافقيهم والطواقم الطبية.
وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، اليوم السبت، بأنّ "جيش" الاحتلال الإسرائيلي يهدّد بقصف مباني مجمع الشفاء الطبي وتدميرها فوق رؤوس الطواقم الطبية، ومن في داخلها.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي، في بيان، إنّ "هناك إفادات من داخل مجمع الشفاء الطبي تشير إلى تهديد جيش الاحتلال للطواقم الطبية الموجودة داخل مباني المستشفى والنازحين، وأنّه سيقوم بقصف تلك المباني وتدميرها فوق رؤوسهم، أو أن يخرجوا للتعذيب والتحقيق والإعدام".
شهادات مروعة
يؤكد جلال عنبر، الذي لا يزال محاصَراً داخل مجمع الشفاء، للميادين نت، أنّ الاحتلال يواصل منذ أيام احتجاز نحو 150 مريضاً وجريحاً ومرافقيهم رهائنَ في غرفة واحدة، ويعرضهم بين الحين والآخر للتحقيق والتعذيب.
وأقدم الاحتلال على فصل المصابين عن مرافقيهم، الذين يتعرضون بدورهم لعمليات تعذيب ممنهجة، تشمل تعريتهم بالكامل، وفق عنبر.
ومعظم المرضى المحتجزين كدروع بشرية من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي، غير قادرين على الحركة، ومصابون في الأقدام، ويعاني بعضهم بتراً في أطرافه، علاوة على أن هناك محتجزين كانوا مرضى داخل أقسام العناية المركزة.
ويروي عنبر تفاصيل الحصار المأسَوي، إذ إن المرضى والمصابين يجلسون على الأرض من دون أسرّة، ومحتجزون في مكان واحد من دون أي خدمة طبية، وبعض الجروح تعفن وخرج منه الدود، وسط عجز كامل عن إسعافهم، في حين لا تزال مئات العائلات محتجزة داخل مباني المجمع الطبي.
ويجبر الاحتلال المحتجزين داخل المجمع الطبي على التحقيق على مدار الساعة وهم عراة بالكامل، "حتى النساء لم يسلمن من جرائم الاحتلال، وتم التحقيق معهن بالطريقة نفسها".
خرج المصابون زحفاً!
نائل القطاطي نجح بصعوبة بالغة في إنقاذ عائلته والخروج من المجمع الطبي عقب حصاره، ويؤكد لـلميادين نت أنه تعرّض وأفراد عائلته لأبشع أنواع التعذيب من جانب جيش الاحتلال قبل إجبارهم على النزوح إلى وسط القطاع، عبر شارع الرشيد غربي غزة.
ويفيد القطاطي بأنهم أُجبروا على خلع ملابسهم بالكامل، والمرور عبر حاجز عسكري وضع الاحتلال الإسرائيلي داخله كاميرات للتعرف إلى الوجه، مضيفاً: "لم يسمح لأحد بالمرور إلا عارياً، وأجبر المصابين والمرضى على السير منفردين".
ويشير إلى أن "الاحتلال لم يسمح للمصابين، ممن بُترت أقدامهم، بالحصول على مساعدة مرافقيهم، ومنعهم من الخروج في الكراسي المتحركة، بحيث اضطر عدد منهم إلى السير زحفاً إلى خارج المستشفى".
ويتابع: "رأيت بعيني رجلاً طاعناً في السن، مبتورة إحدى قدميه، يخرج زحفاً من المستشفى، وجيش الاحتلال رفض السماح لأحد بمساعدته"، مشدداً على أن الوضع في مجمع الشفاء صعب للغاية، ويرتقي إلى مستوى جريمة حرب.
ويضيف: "رأينا أيضاً، خلال سيرنا في اتجاه شارع الرشيد، عدداً من المصابين الذين استُشهدوا بسبب إجلائهم قسراً من مجمع الشفاء، كما أن عدداً من الشهداء ملقىً على الأرض، والاحتلال يطلق النار على أي شخص يحاول تقديم المساعدة إليهم".
إعدام واعتقال الكوادر الطبية
وفي شهادة أخرى على جرائم الاحتلال، يقول رائد فورة أنه، خلال اليومين الأولين خلال حصار الشفاء، لم تحصل عائلته وآلاف النازحين على الطعام أو الشراب.
ولم يتوقف الاحتلال عن إرهاب النساء والأطفال وتعذيب الرجال والمرضى والمصابين، كما أنه تعمّد اعتقال جميع الكوادر الطبية، على نحو يضمن عدم تقديم الخدمات الصحية إلى المصابين، وفق فورة.
ويضيف: "منذ اللحظات الأولى، تم اعتقال الكوادر الطبية ونقلهم إلى جهة مجهولة، وتوقفت الخدمة الطبية، وهو الأمر الذي تسبب بمضاعفات خطيرة للمصابين"، متابعاً: "كنا نسمع صراخهم نتيجة الأوجاع، ولا نستطيع تقديم شيء إليهم، وبعضهم استُشهد بسبب توقف الخدمة الطبية".
وأجبر الاحتلال عدداً كبيراً من العائلات على النزوح، إلا أنه أبقى على عدد منهم دروعاً بشرية من دون طعام أو شراب، كما يقول فورة. ولم يكتف الاحتلال بذلك، بل "فجّر أيضاً معظم المنازل المحيطة بالمجمع الطبي، وارتكب مجازر عنيفة بحق السكان".
ويتابع: "خلال أيام الحصار، لم نسمع صوت الأَذان، وكنا نصوم ونفطر على قليل من الماء المتوافر في صنابير أقسام المستشفيات، وكنا شهوداً على اقتياد الاحتلال سكان المنازل المحيطة بمجمع الشفاء وإخضاعهم للتحقيق وإطلاق النار على بعضهم"، مؤكداً أن ذلك أسفر عن استشهاد وإصابة العشرات.
وأفاد المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي، إسماعيل الثوابتة، بأنّ قوات الاحتلال قتلت أكثر من 100 شخص داخل مجمع الشفاء، مشيراً إلى أنّها أعدمت بعض الكوادر الطبية داخله.
وأعلن الثوابتة أنّ 4 مرضى استُشهدوا داخل المنشأة الصحية الأكبر في قطاع غزة، نتيجة منع "جيش" الاحتلال علاجهم، واصفاً الوضع داخل المجمع بالمأسَوي.
إلى ذلك، أقرّ "جيش" الاحتلال باعتقال وتوقيف أكثر من 800 شخص، وقتل 170 فلسطينياً في مجمع الشفاء ومحيطه، غربي مدينة غزة.