زعماء القبائل العراقية يوقّعون "وثيقة عهد" لاحتواء النزاعات العشائرية
وزارة الداخلية في العراق تجمع زعماء القبائل العراقية، لتوقيع وثيقة العهد العشائرية، بهدف الحد من النزاعات العشائرية والحفاظ على السلم والأمن المجتمعي.
لم تهدأ النزاعات العشائرية في العراق برغم جميع محاولات فرض القانون. فالمحافظات العراقية تشهد بشكل شبه يومي نزاعات تبدأ بالاشتباك بالأيدي وصولاً إلى استخدام السلاح، كما حدث مؤخراً في مدينة الصدر شرقي العاصمة بغداد من نزاع بواسطة أسلحة نارية، تسبب بإصابة مواطن وضابط في وزارة الداخلية، على خلفية نزاع بين عائلتين.
هذه الحادثة هي الأقل وطأة من نزاعات عشائرية أخرى قد حصلت في العراق، خاصة في المحافظات الجنوبية كالبصرة وذي قار ،استخدمت فيها أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، مما اقتضى تدخّل فرق عسكرية وأمنية لفضّ تلك النزاعات. هذا الأمر دفع وزارة الداخلية إلى جمع زعماء القبائل العراقية، ودعوتهم لتوقيع وثيقة العهد العشائرية للحد من هذه النزاعات والحفاظ على السلم والأمن المجتمعي.
وبهذا الخصوص، أوضح اللواء الحقوقي سلمان عبد الله الحسناوي، مدير مديرية شؤون العشائر في وزارة الداخلية للميادين نت أهمية هذه الوثيقة التي تم توقيعها في صحن الإمام الحسين في كربلاء، خلال مؤتمر عقد بالتنسيق مع العتبة الحسينية في مركز البحوث والدراسات التابع للعتبة، وبإشراف وزارة الداخلية برعاية مباشرة من المتولي الشرعي ووزير الداخلية، وحضر المؤتمر أكثر من 400 شيخ عشيرة من كافة المكونات.
وأشار الحسناوي إلى أنّ هذا العهد هو إتمام للوثيقة التي وقعت في عام 2017، وقد نصّت على دعم الأجهزة الأمنية ومحاربة آفة المخدرات والإبلاغ عن المروجين والمتاجرين والمتعاطين، كذلك دعم السلم المجتمعي، ومراعاة للأعراف والفصول العشائرية وموافقتها للشريعة وحقوق الإنسان، واحترام المرأة، وكثير من البنود. لكن الأبرز في هذه الخطوة، وفق الحسناوي، هو نها وُقّعت من قبل جميع رؤساء وزعماء القبائل في المحافظات، وستنشر قريباً لتكون "دستوراً ملزماً لجميع شيوخ العشائر وأبناء القبائل"، مضيفاً أن وزارة الداخلية كانت وما زالت تسعى إلى الحد من النزاعات العشائرية التي تطورت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وأثارت الرعب داخل المجتمع، لذلك فإنّ الهدف الأساس منها تعزيز سلطة القانون الذي يمثل الفيصل في محاسبة من يخرق القانون والأعراف الإنسانية.
ونصّت الوثيقة أيضاً على ضرورة اللتزام بالعادات والتقاليد الأصيلة بما لايخالف الدين الإسلامي، ومنع ظاهرة الابتزاز الالكتروني بكل حيثياته ومنع التهجير القسري وجميع أنواع النزاعات العشائرية.
ويقول علي الياسري زعيم عشيرة للميادين نت إن "هناك عادات سلبية كثيرة ومتعددة في المجتمع العراقي، واليوم العشيرة هي الداعم الرئيس للمجتمع والدولة والأجهزة الأمنية، ولعلّ أبرز ظاهرة اليوم في المجتمع هي إطلاق العيارات النارية، سواء في الأفراح أو الأحزان أو حتى المشاجرات التي تحدث بين الأفراد، لتتحول إلى نزاعات عشائرية قد تدخل فيها عديد أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، لذلك فإنّ الكثير من اللقاءات قد حدثت بين العديد من الرموز العشائرية في العتبة الحسينية، من أجل توقيع وثيقة عهد. ونحن كرؤساء عشائر نرحب بخطوات الحكومة العراقية ووزارة الداخلية من أجل تعزيز سلطة القانون في جميع المجالات، وخاصة النزاعات العشائرية التي أدت إلى زهق العديد من الأرواح".
وبعد عام 2003 شهدت المحافظات العراقية انتشار ما يسمى بالسلاح المنفلت، مما دفع العديد من شيوخ العشائر إلى حصر السلاح بيد الدولة. وفي هذا السياق، أكد الشيخ صدام العطواني في حديث للميادين نت أنّ قضية تسليم السلاح التي تتضمنها الوثيقة التي تعهد بها زعماء القبائل في وزارة الداخلية، هي رسالة إيجابية من شيوخ العشائر الأصيلة لتعزيز السلم المجتمعي والحفاظ على النسيج العراقي والحد من ظاهرة انتشار السلاح المنفلت، خاصة أن هنالك قرار صادر من مجلس القضاء الأعلى بما يخصّ الدكة العشائرية المادة الثانية من قانون العقوبات، التي قد تصل مدة عقوبة المدان بقضايا الدكة إلى الإعدام وهي غير قابلة للكفالة.
لذلك، وفق العطواني، "نرى أنّ العشائر العراقية جادة في التعاون مع القوات الأمنية في تسليم السلاح والحد من الظواهر الدخيلة على المجتمع العراقي، خاصة أنّ السلاح أصبح يُشكّل خطراً على السلم المجتمعي، واستُخدم بطريقة عشوائية وذهبت ارواح كثيرة بسبب هذه الظواهر تحديداً في المناطق الريفية وغيرها".
وعبّر النائب ياسر الحسني عضو لجنة العشائر النيابية عن تفاعله مع هذه الوثيقة في تصريح للميادين نت قائلاً إنّ "هذه الوثيقة وقعت لوجود طارئ وحاجة ماسة لها، خاصة بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها النزاعات العشائرية في العراق، لذلك من الضروري ضبط الأعراف العشائرية بهذه الوثيقة للحد من تلك النزاعات التي بدت ترهب المواطن الآمن، وتسبب فوضى أمنية كبيرة استدعت في بعض الأحيان تدخل قوات عسكرية كبيرة لتطويق بعض المناطق في جنوب العراق، لأنها تحولت إلى ساحة حرب ضروس فاضت بها دماء العديد من الأبرياء.