الاحتلال يفتح السدود ويغرق المنازل والأراضي الزراعية في قطاع غزة
أغرق الاحتلال الإسرائيلي عشرات المنازل ومئات الدونمات الزراعية شرق مدينة غزة وفي وسط القطاع، بعد فتح العبّارات المجمعة للمياه في طرف الاحتلال، والتي اتجهت نحو الأراضي الزراعية والمناطق السكانية المنخفضة.
بات قطاع غزة منطقة يحاول الاحتلال الإسرائيلي كل يوم القضاء على الحياة فيه، فإن لم يكن العدوان بفتح النار تجاه المواطنين العزّل في منطقة فيها كثافة سكانية عالية، فإن ذلك يكون في شلّ المرافق الحيوية لأهل القطاع. ومن بين الاعتداءات فتح سدود تجمعات المياه المحاذية للشريط الحدودي، وإغراق منازل السكان والطرقات الرئيسية والأراضي الزراعية، مُخلفاً ضحايا وخسائر مادية وبشرية.
يقول المواطن إياد مشعل (37 عاماً)، من مدينة دير البلح لـلميادين نت: "مرّة كنت قد انتهيت من عملي وذهبت إلى البيت متعباً، فتمدّدت قليلاً لأحصل على قسط من الراحة، وقبل أن أتناول الطعام غمرت المياه منزلي الذي أقطن فيه وعشرة أشخاص من عائلتي، بينهم ستة أطفال. فزع الأطفال وفرّوا من أماكنهم، وبدأ الصراخ كما لو كنا محاصرين بالنار".
أخلى مشعل وجيرانه منازلهم لأيام على إثر غرقها في مياه الأمطار من جانب، ومياه التجمعات المائية التي فتحها الاحتلال تجاه منازلهم من جانب آخر، لتُغرق كل ما في طريقها، حيث وصل منسوب ارتفاعها المتر الواحد في بعض المناطق.
انطلقت لجنة الطوارئ التابعة للوزارة في قطاع غزة بعد سماع مناشدات المواطنين لتقديم يد العون، ومساعدة فرق الدفاع المدني وطواقم الإسعاف في إخلاء المواطنين لأماكن آمنة، ونفذت اللجنة 686 زيارة لعائلات تضررت بفعل المنخفض وفتح السدود، وقدمت 197 مساعدة للعائلات الأكثر احتياجاً، وفق عزيزة الكحلوت الناطقة باسم وزارة التنمية المجتمعية.
وأضافت الكحلوت في حديثها إلى الميادين نت أن قرابة 50% من البيوت في قطاع غزة متهالكة وبحاجة إلى ترميم لتصبح صالحة للسكن، مشيرةً إلى أن وزارتها تعمل جاهدة من خلال برامجها، والتواصل مع المؤسسات الدولية لمحاولة حل المشكلات التي تفوق قدرات الوزارة، في ظل الحصار الإسرائيلي القائم منذ العام 2006، ولفتت إلى أن طواقمها لم تستطع الوصول إلى كل المواطنين ومساعدتهم لضعف قدرة الوزارة على التعامل مع هذه الأعداد الكبيرة.
خسائر كبيرة
أغرق الاحتلال الإسرائيلي عشرات المنازل ومئات الدونمات الزراعية شرق مدينة غزة وفي وسط القطاع، بعد فتح العبّارات المجمعة للمياه في طرف الاحتلال، والتي اتجهت نحو الأراضي الزراعية والمناطق السكانية المنخفضة، بحسب سامي العمصي، رئيس اتحاد نقابات عمال فلسطين في قطاع غزة.
واعتبر العمصي في تصريحه للميادين نت أن فتح الاحتلال السد لتجمع مياه الأمطار يعدّ جريمة أدت إلى إغراق منازل المواطنين وتدمير الأراضي الزراعية بالقرب من مدينة دير البلح، ومنطقة الزوايدة، والبريج والنصيرات، ومنطقة شرق خان يونس والشارع الرئيسي، مشيراً إلى أن المزارعين تكبّدوا خسائر مادية فادحة فقد دمّرت أراضيهم بشكل مباشر.
يستعد المزارعون في قطاع غزة في كل مرة قبل هطول الأمطار لزيادة تخضير الحقول والحصاد كتعويض عن السنوات الماضية، لكن الاحتلال الإسرائيلي أغرق حقولهم وأتلف المحاصيل والشتلات. وهو ما أوضحه المزارع صالح النباهين لـلميادين نت، متابعاً أن المزارع المتضررة تشمل مزارع دواجن وأغنام، وأن الاحتلال تسبب في نفوق أعداد كبيرة وخسائر مادية فادحة بين المزارعين، وإن لم يكن هناك تعويض لن يعود معظم هؤلاء المزارعين إلى العمل لفترة وجيزة.
من جانبه قال أدهم البسيوني المتحدث باسم وزارة الزراعة في قطاع غزة لـلميادين نت، إن الاحتلال الإسرائيلي يكبد قطاع غزة خسائر مادية كبيرة في كل فصل شتاء بهذه الطريقة، وإن استمرار فتح السدود تجاه أراضي المزارعين، يعدّ "سياسة حقيرة يتبعها الاحتلال ليدمر موارد المزارعين الضعيفة أصلاً". في وقت بلغت الأضرار قرابة مليون دولار، بعد أن غمرت المياه أكثر من 500 مزرعة تغطي مساحة عشرات الدونمات بآلاف الأمتار المكعبة من المياه المتجمعة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
بنى تحتية بالية
يستهدف الاحتلال الإسرائيلي البنى التحتية بشكل ممنهج ومستمر خلال عدوانه المتكرر على قطاع غزة، وحتى الآن لم تكن هناك مشاريع تنموية وإعادة إعمار للقطاع، وخاصة البنية التحتية فيه، والتي تتعلق بمياه الأمطار والصرف الصحي، بحسب ما أفاد المهندس في بلدية غزة أنور الجندي.
وأضاف الجندي للميادين نت أن البنية التحتية تعمل بما لا يزيد عن 50% من طاقتها في مواجهة الطلب الهائل، وهي تتزايد بسرعة بسبب النمو السكاني في غزة، وهذه القدرة يتم تقويضها بشكل منهجي من خلال استهدافها مباشرة بالصواريخ، وبشكل غير مباشر عن طريق منع وصول المواد اللازمة لتطوير البنية التحتية.
وأكد أن بلدية غزة قامت بترميم البنية التحتية المستهدفة خلال عدوان 2021، لكن محاولاتها تقوم على قدرة البلدية التي لا تستطيع إعادة إعمارها لاستئناف عملها كما كانت من قبل، لافتاً إلى أن البلدية تسعى إلى جلب تمويل عبر مؤسسات دولية خاص بالبنى التحتية، وهو ما تنتظره في الوقت الحالي.