أمهات اللاعبين يتصدّرن مشهد كأس العالم فيما المغرب يصنع التاريخ

صنعت أمهات المنتخب المغربي مشهديّةً لم تكن متوقّعة، وأعادت ترسيخ صورةٍ جذّابةٍ للأسرة العربية. بعثَ المنتخب العربي، من على أرضٍ عربية، رسالة مفادها أن القيم التي يتمسّك بها المجتمع العربي ليست سهلة الاختراق والتفكيك.

  • أمهات اللاعبين يتصدّرن مشهد كأس العالم فيما المغرب يصنع التاريخ
    أمهات اللاعبين يتصدّرن مشهد كأس العالم فيما المغرب يصنع التاريخ

ممسكاً بيدَي والدته، احتفل اللاعب المغربي سفيان بوفال بفوز منتخب بلاده على منتخب البرتغال. 

أمام آلاف المشاهدين ومئات العدسات، شاركت الأمّ ابنها فرحة الانتصار، تمسّك كلٌ منهما بيَدَي الآخر من دون إفلات، بدا هذا التمسّك جزءاً من طقوس الاحتفال. 

إنها الانتصارات التي يُشارك سحر الأمهات في صناعتها.

في طريقه إلى منتصف نهائي كأس العالم، أعاد المنتخب المغربي ترسيخ قيمٍ بدا لوهلةٍ أنّها تآكلت أمام سيل التغيّرات والمفاهيم المستجدّة. مشهد احتفال اللاعب بوفال مع والدته ـ سبقه مشهدٌ مشابه للّاعب أشرف حكيمي. عكَسَ تقديساً لمكانة الأم ودورها، وتمسّكاً بالأسرة واستقرارها. وكشف في الوقت نفسه، التأثير الإيجابي والدعم الكبير الذي مثّله وجود الأمهات في الملعب.

الاتحاد المغربي لكرة القدم حرص على وجود عائلات لاعبي المنتخب في قطر، لما يشكّله هذا من دعمٍ معنوي للاعبين بحسب ما أكدته وسائل إعلام مغربية. مدرب المنتخب وليد الركراكي أكّد أهمية الدعم النفسي الذي قدّمته عائلات اللاعبين، معتبراً أن هذا الدعم ساهم في تحقيق الفوز. وقد أشار الركراكي، في أحد حواراته الصحافية، إلى ارتباط اللاعبين بأُسَرهم حين قال: "رضا الوالدين وراء كل نجاح".

والدة الركراكي نفسها حضرت إلى قطر لتكون إلى جانب ابنها في فعاليات كهذه. فاطمة، التي تعيش في باريس منذ 50 عاماً، غادرتها إلى قطر لتتمكن من تشجيع ابنها عن قرب.

مشهد اللاعب أشرف حكيمي وهو يصعد إلى المدرجات ليتلقّى قبلة الفخر على خده، شدّ عدسات الكاميرات ولفت الأنظار. بعد ركلةٍ حاسمة من ركلات الترجيح ضد إسبانيا، سارع حكيمي، وبردّة فعلٍ عفوية تلقائية، للاحتفال مع والدته. تلقّفت الأم ولدها وطبعت قبلة أكثر عفوية على خده. 

في مقالٍ بعنوان "أمهات اللاعبين يحتلون مركز الصدارة بينما يصنع المغرب التاريخ في كأس العالم"، اعتبرت "ذا غارديان" البريطانية أن تألّق المنتخب المغربي ووصوله إلى نصف النهائي كان، بجزءٍ منه، بفضل دعم الأمهات ووجودهنّ بالشكل الذي شهدناه.

صنعت أمهات المنتخب المغربي مشهديّةً لم تكن متوقّعة، وأعادت ترسيخ صورةٍ جذّابةٍ للأسرة العربية. بعثَ المنتخب العربي، من على أرضٍ عربية، رسالة مفادها أن القيم التي يتمسّك بها المجتمع العربي ليست سهلة الاختراق والتفكيك.

قطر كانت قد تعرّضت لموجة انتقاداتٍ هائلة، منذ بداية التحضير لاستضافة مباريات كأس العالم، نتيجة الرفض الصريح للمظاهر التي تروّج أو تدعم المثلية الجنسية. كان موقف الدولة المضيفة واضحاً تجاه مفاهيم دخيلة على المجتمع.

عبّر المنتخب الألماني، عن استنكاره موقف قطر والدول العربية من المثلية. وضع لاعبو المنتخب أيديهم على أفواههم في إشارة إلى "تقييد" للحريات، بعد تهديد الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بفرض عقوبات على اللاعبين في حال ارتداء شارة دعم المثليين خلال المباريات.

وكانت سبعة منتخبات أوروبية تنوي ارتداء شارة دعم المثليين خلال المباريات، لكنها تراجعت عن قرارها بعد تحذير من الفيفا.

لم يتمكّن داعمو المثلية من جعل فعاليات كأس العالم مناسبة للترويج لها. لكنّ المنتخب المغربي نجح بجدارةٍ في تقديم صورةٍ، لعلّها الألطف، عن الأسرة العربية، والمجتمعات العربية بشكل عام. صورة تلك الأمهات، أوصلت رسالة إلى العالم كله، أن الأسرة بتماسكها واستقرارها، ستبقى ميزةً وركيزة ثابتة في المجتمع العربي.

طوال تسعٍ وعشرين عاماً، كانت والدة اللاعب سفيان بوفال تهمس له كل يوم أنه قادرٌ على تحقيق الانتصارات. الأم التي أجادت احتضان ولدها، هي من صنعت صورة الاحتفال العظيمة التي شاهدناها جميعاً. وسنحفظها جميعاً.