آيات الرفاعي.. الشابة التي ذُكر اسم قاتليها في ورقة نعيها
جريمة قتل الشابة السورية آيات الرفاعي تثير الرأي العام بعد قتلها على يد زوجها وعائلته، وحملة "لا تسكتي" تسلّط الضوء على العنف الذي يمارس ضد المرأة ويتسبب في عدد لا بأس به من الوفيات سنوياً، حول العالم.
لم تكن تعلم آيات الرفاعي، الشابّة الدمشقية العشرينية، أنّها وبسبب "مفك براغي" و"إبريق ماء ساخن" ستقضي ليلة رأس السنة في مستشفى المجتهد ،كجثّةٍ هامدة، عليها علامات زرقة مُعمّمة، وكدماتٍ داخلية في دماغها، حسب تقرير الطّبابة الشرعية.
إلى هنا يبدو الأمر اعتياديّاً، فهذه مستشفى، والحوادث تحدث دائماً، لكن فتاةً شجاعة تدعى راما، وهي جارة آيات، قلبت الأمر رأساً على عقب، عندما نشرت الرواية الحقيقية لخلفية هذه الحادثة على فيسبوك، والتي تتلخص بكون آيات ضحية جريمة عنفٍ منزليّ، وقتلٍ اشترك فيه الزوج ووالديه.
التحقيقات أثبتت أن آيات قُتلت نتيجة تعرضها للضرب 3 مرات ليلة وفاتها، ضربتان منها بعصاة خشبية "خيزرانة" يغطي رأسها المسامير، ويقول الزوج مبرراً جريمته في اعترافاته التي نشرتها الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية على فيسبوك: "لم تكن تعجبني، ولا تعجب أهلي".
ويتابع والده: "ضربناها مراراً وتكراراً، ومنعناها من الخروج من المنزل، أنا وزوجتي وابني"، ولم يشفع لآيات أن "أن الحائط اهتز من ضربها" حسب والدة الزوج بل أكملوا حياتهم بصورةٍ طبيعية، إلى أن اكتشف حفيدهما بعد ساعة أنها "فاقدة للوعي".
لاقت قضية آيات تفاعلاً واسعاً، حتى أنه نتيجة الضغط الشعبي، أُجبر محامي الزوج على التّراجع عن الدّفاع عن موكله، في حين أن المحامي العام الأول بدمشق، أكّد أن مقترفي الجريمة الذين اعترفوا بفعلتهم، والمساعدين، والمتستّرين، كلهم سوف ينالون الجزاء العادل.
آيات كانت محظوظةً، ولو بعد موتها، وحتى لو كان الأمر متأخراً، بأن صديقتها تشجّعت وتكلّمت، لكن فكّروا كم مرة نحن مشينا وقرأنا بشكل عابر نعوات نساءٍ، على أن أسباب موتهنّ تعود لحوادث أو انتحار وغيرها؟
كم مرّةً كان الجيران والأهلُ متواطئين، وذهبت قصص الضحايا طيّ النّسيان؟ وكم مرّةً قتل المُجتمع النساء ومشى بجنازاتهنّ؟!.
لا تسكتي
تُسجّل سمر السباعي، رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، مخرجات النّدوة التي نظّمتها الهيئة في جامعة دمشق، مع وزارة الإعلام والعديد من المؤسّسات الحكومية والجمعيّات الأهلية والمهتمين، على هامش إطلاقهم لحملة "لا تسكتي" وتقول للميادين نت: "هناك حالاتٌ كثيرة مشابهة لحالة آيات في المجتمع، لكن الاعتراف بوجود مشكلة والبحث عن حلول لها، هو بدايةٌ مهمة، خصوصاً أننا نعيش مرحلة مواجهة مفرزات الحرب".
وأيضاً: "فالعنف مورس علينا جميعاً، وعلى مرأى العالم كله، لكن السؤال هنا، هو كيف تلقّته كل أسرة وكيف ترجمته؟ فالقاتل الذي مارس العنف على زوجته، هو أيضاً مورس عليه عنفٌ من نوع آخر، هؤلاء جيل حرب، إذ أن القاتل لم يكن يتجاوز ال 12 عاماً، والضحية 10 أعوام، حين بدأت الحرب".
تؤكد السباعي أنه لا يمكن للجهات الحكومية أو الأهلية التّحرّك والوصول للضحايا، إلا في حال التّشجع والإبلاغ من قبل المجتمع المحلي، وتضيف: "الجهات التي تدعم المعنفات بقوانين وبرامج متعددة موجودة، فنحن مثلاً في وحدة حماية الأسرة، نقدم لهنّ مراكز إقامة مؤقتة آمنة، ونساعدهم في تمكين أنفسهم اقتصادياً، استعداداً لمواجهة الحياة مرّةً أخرى، عبر تعليمهم مهن وحرف متعددة، إضافةً إلى الخدمات القانونيّة والدعم النفسي والاجتماعي، والاستشارات الصحية، كما خصصنا الرقم 190 0951444 لتلقي الاتصالات على مدار الساعة".
تعديل قوانين العقوبات والأحوال الشخصية هو بداية الحل
تُراجع المحامية سهاد الشّكعة، ملفات قضايا موكليها في مكتبها بدمشق، وتقول للميادين نت: "هذه الجريمة التي هزت الرأي العام السوري، حدثت سابقاً وتحدث يومياً، لكنها طفت إلى السطح بسبب مواقع التواصل الاجتماعي، وتسببت بتحريك المياه الراكدة، إذ أننا رأينا عودة المطالبات الشعبيّة بتعديل قوانين العقوبات والأحوال الشخصيّة، التي أصبحت غير متوافقة مع التطورات الحالية، ومع تبعات ما بعد الحرب".
وتعتبر الشّكعة، أن تعديل القوانين لا يكفي فقط، والتّباكي والشجب لا يعطيان أي نتيجة، بل يتسبّبان دوماً بعودتنا إلى نفس المربع، متابعةً: "أُولى الخطوات التي يجب أن نقوم بها، هي حملات توعية تشمل الكبار والصغار، لتشجّعهم على عدم الصمت عند التعرض للعنف، واقترحتُ أن تنسق وزارة العدل مع نقابة المحامين وفروعها في المحافظات، لتفعيل خطٍّ ساخن منعاً لتكرار مثل هكذا حالات، والوصول إلى نهايةٍ أليمة مثل الضحية آيات الرفاعي".
وتنظر الشّكعة إلى ساعتها، كي لا تتأخر عن الجلسة التي ستتوجه إليها للدفاع عن موكّلتها التي قام زوجها بتشويه وجهها، بسبب إصرارها على العمل في الخارج، وتختم بالقول: "جميع النساء مُعرّضات للعنف، المُتعلّمات والأُمّيات، العاملات وربّات المنازل، وأنا واجهت حالاتٍ كثيرة في محاكم دمشق وريفها، حتى أنني تعرّضت للتهديد على خلفيّة بعض الدعاوي، لكننا نستطيع مواجهة ذلك معاً.. لا تسكتي".
يذكر أن اسم الشابة آيات الرفاعي كان الأكثر تداولاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، وهي شابة من دمشق تزوجت قاصراً، ولها ابنة، قتلت على يد زوجها وذويه، بعد تعنيفها في المنزل، وكانت وفاتها نتيجة ضرب مبرح على رأسها، أفقدها الوعي، ومن ثم أفقدها حياتها.