مخاطر التعاون بين مصر و"إسرائيل" في مجال الصناعة والطاقة (4)
الخطير ليس حجم العوائد أو الصادرات المصرية أو الأردنية إلى الولايات المتحدة وفق نظام "الكويز"، وإنما الخطر يكمن في الزحف الإسرائيلي من قطاع صناعي إلى آخر داخل الدول العربية المطبعة مع هذا الكيان.
أولاً: الكويز فتحت عمل الشيطان
سمحت اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (QIZs) - التي وُقِّعت بين الجانبين في كانون الأول/ديسمبر 2004 برعاية أميركية - سمحت بدخول المنتوجات المصرية من الملابس الجاهزة للسوق الأميركية، وتم إعفاؤها من الرسوم الجمركية شريطة أن يكون فيها مكون إسرائيلي بنسبة 11.7%، ثم خفضت عام 2008 إلى 10.5%. ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في وقت كانت "منظمة التجارة العالمية" ألغت قيود الحصص ذات الصلة، وتوقّع اتفاقيات تفضيلية مع دول أخرى.
من ناحية أخرى، فإن تفاعل ديناميات هذه الاتفاقية عبر الزمن زاد في عدد الشركات المصرية المنخرطة فيها من 117 شركة في مجال الملابس الجاهزة عام 2005، حتى بلغت نحو 1158 شركة مسجلة في شباط/فبراير 2022، والتي توظف نحو 500 ألف عامل، وتتوزع "المناطق الصناعية المؤهلة" في مصر على محافظات القاهرة الكبرى – شاملة الجيزة وجزءاً من القليوبية والإسكندرية ومنطقة قناة السويس ومنطقة وسط الدلتا والصعيد - وتنتج الغالبية العظمى منها المنسوجات (80٪)، بينما تصدر الشركات المتبقية المنتوجات الزراعية، والكيميائيات والمعادن الأساسية، والبلاستيك، والمنتوجات الجلدية، ومواد البناء، مثل : الطوب والحديد والإسمنت، الذي ينتجه بعض الشركات التابعة للجيش المصري في سيناء.
وبلغت صادرات الكويز المصرية إلى الولايات المتحدة، منذ عام 2005 حتى عام 2019، نحو 12 مليار دولار، وفي عام 2021 فقط بلغت الصادرات، بموجب بروتوكول "الكويز"، نحو 1.2 مليار دولار. وعموماً، شكّلت منتوجات المناطق الصناعية المؤهلة نحو 37% من إجمالي صادرات مصر إلى الولايات المتحدة، و48٪ من الصادرات غير النفطية.
إذاً، نحن أمام شبكة علاقات ومصالح اقتصادية ومالية هائلة لا يمكن الاستهانة بها أو بتأثيرها في صنّاع السياسات الاقتصادية في مصر.
في الجانب الآخر، أسست هذه المصالح المالية بدورها علاقات وزيارات متبادلة بين رجال أعمال ومسؤولين مصريين وإسرائيليين، على نحو يخلق بيئة تعاون وعمل. ففي الأسبوع الثاني من شهر نيسان/أبريل 2016 وصل وفد من أرباب الصناعة الإسرائيليين لدراسة إمكان توثيق العلاقات الاقتصادية بين "إسرائيل" ومصر. ووفقاً لما نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" فإنه تم استقبال الوفد الإسرائيلي من جانب نظرائهم المصريين، الذين أعربوا عن رغبتهم في رفع حجم التبادل التجاري بين الجانبين.
ثم عُقد بعد عامين ونصف عام مؤتمر المنطقة الصناعية المؤهلة (الكويز) للمرة الثانية في تشرين الأول/ أكتوبر 2018. وفي نيسان/أبريل 2022 زار وفد إسرائيلي مصر للبحث في سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين القاهرة و"تل أبيب"، وكانت القاهرة تحرص على زيادة صادرات "المناطق الصناعية المؤهلة" إلى الأسواق الأميركية، لذلك رحّبت بمساعدة "إسرائيل"، وهذا يتباين تماماً عمّا توصّل إليه بعض الباحثين حينما قال "أمّا مصرياً، فيمكن القول إن الاختراق التطبيعي اقتصاديا - بالنسبة إلى حجم الاقتصاد المصري أو بنيته - ظل أكثر محدوديةً وأقل تفشياً من تفشيه في جنوبي بلاد الشام، حتى عام 2020".
واستند هؤلاء في هذا التقليل من خطورة هذا الاختراق الإسرائيلي للصناعة المصرية والأردنية، ولاحقا في المغرب ودول الخليج، إلى أن نسبة صادرات المناطق الصناعية المؤهلة في مصر - والبالغة عام 2019 نحو مليار دولار، ونحو 1.2 مليار دولار عام 2021، مقارنة بالقيمة المطلقة للناتج المحلي الإجمالي في مصر، والبالغ عام 2021 نحو 400 مليار دولار - لا تزيد على 0.29% من الناتج المحلي الإجمالي المصري ذلك العام، أي أنها قليلة الأهمية نسبياً. وللأسف، فإن هذا الحكم التقديري لم يكن صحيحا على الإطلاق!!
وفي أيلول/سبتمبر 2021، كشف تقرير أصدرته دائرة الإحصاء المركزية في "إسرائيل" زيادة في حجم التجارة بين "إسرائيل" وبعض الدول العربية بصورة ملحوظة. ففي الأشهر السبعة الأولى من عام 2021، ارتفع بنسبة 234% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020، في إثر تطبيع العلاقات وفق "اتفاقيات أبراهام"، التي وُقعت بين دولتي الإمارات والبحرين، من جهة، و"إسرائيل" والولايات المتحدة، من جهة ثانية، في أيلول/سبتمبر 2020.
ويبيّن التقرير – الذي نشره مدير وحدة التواصل الاجتماعي باللغة العربية في وزارة الخارجية الإسرائيلية، يوناتان جونين - أن التجارة مع الإمارات ارتفعت من 50.8 مليون دولار (بين كانون الثاني/يناير وتموز/يوليو عام 2020) إلى 613.9 مليون دولار في الفترة نفسها من عام 2021، وبحلول الأول من شهر نيسان/أبريل 2023 دخلت اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين الكيان الإسرائيلى وحكومة الإمارات حيز التنفيذ، على نحو يفتح مجالاً واسعاً للتبادل، تجارياً واستثمارياً، بين الجانبين. ومع الأردن زادت التجارة من 136.2 مليون دولار إلى 224.2 مليون دولار من دون أن تحتسب حصة المكونات الإسرائيلية من اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة بين الأردن والكيان الإسرائيلي واتفاقيات الغاز والمياه والكهرباء المستجدة بينهما، كما نمت التجارة مع المغرب، وهي آخذة في التوسع بسرعة هائلة، وكذلك البحرين.
بيد أن الخطير في هذا الاختراق ليس حجم العوائد أو الصادرات المصرية أو الأردنية إلى الولايات المتحدة وفق نظام "الكويز"، وإنما الخطر يكمن في الزحف الإسرائيلي من قطاع صناعي إلى آخر داخل الدول العربية المطبعة مع هذا الكيان، بحيث انتقلت من قطاع الملابس الجاهزة إلى سائر القطاعات الصناعية. وإذا ربطناها بما يجري في قطاع الطاقة، وخصوصاً الغاز الطبيعي، فنحن في خطر حقيقي لا يجب أبدا التقليل من شأنه أو مخاطره في الحاضر وفي المستقبل.
ثانياً: في مجال الغاز الطبيعي
تناولنا في مقالين سابقين (الميادين نت بتاريخ 28/7/2022 وبتاريخ 24/4/2023) كيف نشأت العلاقة بين الحكومة المصرية والكيان الإسرائيلي في مجال الطاقة، في شقيه: النفط (منذ عام 1980 حتى عام 2000)، والغاز الطبيعي بداية من عام 2005 حتى يومنا هذا. الجديد، الذي نحاول عرضه وتقديمه هنا، هو المدى والعمق اللذان وصل إليهما هذا التعاون، بحيث انتقل من كونه مجرد صفقات تجارية إلى أن أصبح شراكة استراتيجية كاملة، في المستويين الإقليمي والدولي.
فبعد أن استسلمت الحكومة المصرية لمطالب الشركات الأجنبية الأربع، مالكة معملَي إسالة الغاز في إدكو ودمياط (غاز دي فرانس - بريتش غاز- يونيون فينوس غاز- وإيني الإيطالية) من ناحية، وضغوط "إسرائيل"، ومن خلفها الأميركيون، من ناحية ثانية، بورقة التعويضات المحكوم بها ضد مصر، وقدرها 1700 مليون دولار عام 2017، والرغبة والجشع لدى رجال الأعمال المصريين المرتبطين بأجهزة الأمن والاستخبارات المصرية من ناحية ثالثة، جرى التوقيع على اتفاقيات توريد الغاز "الإسرائيلي" إلى إحدى الشركات الخاصة المصرية (دولفينوس القابضة المحدودة)، ثم أعقبها عام 2019 تأسيس ما سُمِّي "منتدى غاز شرق المتوسط"، الذي ضم، إلى جانب مصر، كلاً من قبرص واليونان و"إسرائيل" وإيطاليا والأردن وسلطة محمود عباس الفلسطينية، مع وجود طلبات انضمام دول جديدة الى المنتدى، منها فرنسا والولايات المتحدة والإمارات، اللتان ترغبان في الانضمام كمراقبتين، وهكذا تحولت العلاقة التجارية إلى علاقة شراكة متعددة الأطراف.
وبتاريخ الأربعاء، 15 حزيران/يونيو 2022، وقّعت مصر و"إسرائيل" والاتحاد الأوروبي - بحضور رئيسة المفوضية الأوروبية، صهيونية الفكر والهوى، أورسولا فون دير لايين - مذكرة تفاهم في القاهرة، تهدف إلى تصدير الغاز الإسرائيلي المنتج من حقلي "ليفياثان" و "تمارا" إلى أوروبا بعد إسالته في معملي الإسالة الموجودين في دمياط وإدكو، في محاولة لإيجاد بدائل من الوقود الروسي، في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا. وحرصت فون دير لايين على المشاركة في اجتماع لمنتدى غاز شرق المتوسط.
وتعهَّدت فون دير لايين، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته في القاهرة، أن يقدم الاتحاد الأوروبي تمويلاً فورياً إلى مصر، قيمته 100 مليون يورو، من أجل دعم الأمن الغذائي فيها، كثمن وإغراء لتوقيع هذا الاتفاق، هكذا من دون خجل أو مواربة من الطرفين، مضيفة أنها "تأمل أن يساعد هذا على زيادة سعة تخزين الحبوب وتوفير التمويل لشركات الريف والمزارعين". وأشادت فون دير لايين، في المؤتمر الصحافي الذي عقدته بعد لقائها الرئيس المصري، بالاتفاق، ووصفته بأنه "خطوة كبيرة الى الأمام من حيث إمدادات الطاقة لأوروبا، وأيضاً بالنسبة إلى مصر لتصبح مركزاً إقليمياً للطاقة". وقالت إن الاتحاد الأوروبي يريد تنمية علاقاته بمصر و"إسرائيل" "للتخلص من اعتماده على الوقود الأحفوري الروسي".
وحتى نتعرف أكثر إلى الحجم والعمق لهذا التعاون التجاري والاستراتيجي في مجال الغاز الطبيعي بين حكومتي مصر والكيان الإسرائيلي، نذكّر بالأرقام التالية:
1- في الاتفاقية الأولى بين البلدين عام 2005 وافق نظام مبارك على تصدير 1.7 مليار متر مكعب سنوياً من الغاز المصري لمدة 15 عاماً، بثمن يتراوح بين 70 سنتاً و1.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية، بينما يصل سعر التكلفة العالمية إلى 2.65 دولار. وعُدِّل السعر بعد ذلك إلى 3.5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
2- من جانبه، قال يوسف ميمان، الشريك الإسرائيلي في تلك الاتفاقية الأولى، إن سعر الغاز الطبيعي المصري المورّد إلى شركة كهرباء "إسرائيل" يتراوح بين 4 و4.5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وقامت شركة غاز شرق المتوسط بتعديل سعر توريدها للغاز المصري إلى "إسرائيل" في كانون الأول/ديسمبر 2010، بحيث أصبح يتراوح بين 4.5 و5 دولارات. وأضاف، في تقرير قدمه إلى المستثمرين في الشركة، أن شركة غاز شرق المتوسط حققت عائداً من 7 مليارات متر مكعب - صدرتها مصر إلى "إسرائيل" خلال أربعة أعوام من بدء التصدير عام 2008 - تخطّى مليار دولار في العام. وبعد خصم الفائدة والضرائب يصبح الربح الصافي 350 مليون دولار في العام. وقال موقع "غلوبس" إن هذا العائد يعني أن شركة غاز شرق المتوسط تحقق عائداً قدره 1.40 دولار لكل مليون وحدة حرارية إنكليزية.
3- في 12 نيسان/أبريل 2012 تم إنهاء التعاقد مع شركة شرق المتوسط للغاز(EMG)، التي تقوم بتصدير الغاز إلى "إسرائيل"، بزعم إخلال الجانب الإسرائيلي ببنود التعاقد. هكذا صرحت الحكومة المصرية ورئيس الشركة القابضة للغاز (بتروغاس) المهندس مدحت شعيب بدلاً من الدفع بمبدأ قانوني وارد في كل عقود البترول والغاز في مصر والعالم، وهو مبدأ القوة القاهرة، وكان ذلك من أكبر أخطائها التي مكّنت "إسرائيل" من الإمساك برقبة مصر في التحكيم الدولي، وأجبرتها على تقديم تنازلات جديدة وخطيرة، دفعتها دفعاً إلى التعاقد من جديد من أجل شراء الغاز "الإسرائيلي" هذه المرة، وفتح منفذ حيوي وسوق لصادرات غاز "إسرائيل"، التي كانت ما زالت محصورة، تبحث بقلق عن منافذ لتسويق هذا الغاز، من حقلي "ليفياثان" و"تمارا".
4- في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2013، صرح سليفان شالوم، وزير الطاقة والمياه الإسرائيلي، بأن "إسرائيل" تدرس تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، وأكد أن هناك طلباً مصرياً بشأن شراء الغاز من "إسرائيل"، أي أن هذا الطلب المصري كان مبكّرا جداً حتى قبل صدور حكم التعويض لمصلحة الكيان الإسرائيلي، وهي مسألة ذات دلالات كبيرة.
5- في17 تشرين الأول/أكتوبر 2014، تم توقيع خطاب نيات لتصدير الغاز من "إسرائيل" إلى مصر لحساب شركة مصرية خاصة، تُسَمّى "دولفينوس".
6- في آذار/مارس 2015، بدأت شركة "دولفينوس" مفاوضات شراء غاز من حقل "تمارا" الإسرائيلي بقيمة 1.2 مليار دولار سنوياً. وفي أيار/مايو 2015 بدأت شركة "دولفينوس" مفاوضات مع شركة غاز شرق المتوسط لنقل الغاز من حقل "تمارا" الإسرائيلي إلى مصر عبر أنبوبها في الاتجاه العكسي من عسقلان إلى العريش.
7- في 18 شباط/فبراير 2018 أُبرم الاتفاق بين شركة "ديليك" الإسرائيلية - المالكة لحقوق التنقيب في حقلي "تمارا" و"ليفياثان" - وشركة "دولفينوس هولدينغ". وينص الاتفاق على أن يورد الجانب الإسرائيلي 6.4 مليارات متر مكعب سنوياً من الغاز المستخرج من هذين الحقلين إلى مصر، لمدة عشرة أعوام قابلة للتمديد والتجديد، بإجمالي 64 مليار متر مكعب من الغاز، وتبلغ قيمة العقد 15 مليار دولار، وسط مباركة ورعاية من شركة "نوبل إنيرجي" الأميركية. وتأتي هذه الاتفاقية، بالإضافة إلى الاتفاقيات التي تم توقيعها عام 2016 مع شركة الكهرباء الوطنية الأردنية لمد الأردن بالغاز من حقل "ليفياثان".
8- بدأت "إسرائيل" عملية تصدير الغاز إلى مصر عام 2021. ومنذ ذلك الحين، سلّمت "إسرائيل" إلى مصر ما معدله 5 مليارات متر مكعب سنوياً من الغاز عبر خط أنابيب غاز شرق البحر الأبيض المتوسط (عسقلان -العريش). وهكذا، جرى ربط الحبل السُّري بين قطاعي الطاقة في الجانبين لفترة طويلة قابلة للتمديد.
9- لم يكن ذلك كافياً، ففي تشرين الثاني/نوفمبر 2021 وقعت الحكومة المصرية مع الكيان الإسرائيلي بروتوكولاً إضافياً لزيادة إمدادات الغاز الإسرائيلي إلى مصر من أجل إعادة التصدير، بعد أن أثير موضوع تصدير الغاز المصري إلى لبنان لتشغيل محطات الكهرباء المعطلة، والتي تعانى أزمة مستعصية.
10- في 16 شباط/فبراير 2022 صرحت وزيرة الطاقة الإسرائيلية، كارن الحرار، في أثناء زيارتها القاهرة، بأن "إسرائيل" ستعزز صادراتها من الغاز الطبيعي إلى مصر بنسبة 50% بزيادة 2.5 مليار متر مكعب سنوياً بحلول نهاية هذا الشهر، عبر الأردن باستخدام خط الغاز العربي. وأضافت أنه "تمت الموافقة على المسار الجديد بسبب زيادة الطلب في مصر، التي ما زالت في حاجة إلى واردات من حقل "ليفياثان" البحري الإسرائيلي، ويمد الحقل نفسه الأردن بالغاز"، مشددة على أن من المحتمل أن تزيد الكمية إلى أربعة مليارات متر مكعب سنوياً في الأعوام المقبلة.
11- بالفعل، أدى هذا التعاون المصري الإسرائيلي إلى زيادة صادرات الغاز المسال من معملي إدكو ودمياط بصورة كبيرة خلال شهر أيلول/سبتمبر 2022، بفضل زيادة الإنتاج الإسرائيلي من الغاز الطبيعي بنسبة 22% خلال النصف الأول من عام 2022، تجاوزت 10.85 مليارات متر مكعب. ومن المنتظر أن يساهم بدء التشغيل لحقل "كاريش" قبالة ساحل البحر الأبيض المتوسط في دعم تلك الصادرات.
وهكذا، يتضح أن الدوافع الحقيقية للتعاقد المصري – الإسرائيلي، المعزَّز بالدعم، أميركياً وأوروبياً، لم يكن وليد حاجة مصرية إلى الغاز الإسرائيلي بقدر ما كان توجهاً استراتيجياً للسلطة في مصر من جهة أولى، و حاجة للكيان الإسرائيلي من جهة ثانية، ولدول الاتحاد الأوروبي من جهة ثالثة، وخصوصاً بعد اندلاع نيران الحرب الروسية – الأطلسية في أوكرانيا. فصَوْغ شبكة التحالفات، التي يصعب قطعها على أي نظام وطني بديل في مصر، تستدعي التشبيك في أكثر من مجال وقطاع : يبدأ من أفواج السياحة، مرورا بـ"الكويز" واختراق الصناعة المصرية، وصولاً إلى التعاون والتنسيق، أمنياً واستخبارياً، وانتهاءً بالطاقة والغاز.