خلفيات "مواجهة السدود" في أوكرانيا ومآلاتها

ملف تفجير سد نوفا كاخوفكا، تم فتحه بصورة مبكّرة في تشرين الأول/أكتوبر 2022، حين تبادل كِلا الجانبين - الروسي والأوكراني - الاتهامات بشأن التخطيط من أجل نسفه.

  • خلفيات
    تم تأسيس سد "نوفا كاخوفكا" عام 1956 خلال الحقبة السوفياتية

حدث "غامض" آخر يشهده الميدان الأوكراني، يتعلق بتدمير سد "نوفا كاخوفكا" الكهرومائي جنوبي أوكرانيا، وهو حدث أعاد إلى الأذهان سِمَتين أساسيتين من سمات الأزمة الأوكرانية. الأولى هي "غموض" بعض الحوادث التي يشهدها هذا الميدان ومحيطه الروسي، مثل حادثة تدمير هذا السد، وقبلها هجمات الطائرات المسيّرة على العاصمة الروسية، بالإضافة إلى هجمات أخرى، أهمها الهجوم على جسر القرم، والضربة الصاروخية التي استهدفت الطراد الروسي "موسكوفا".

أمّا السمة الثانية فتتعلق بوجود مفارقات "تاريخية" تربط هذه الحوادث بأخرى حدثت في حقبة الحرب العالمية الثانية، وخصوصاً أن الجيش السوفياتي قام، عام 1942، خلال انسحابه من شبه جزيرة القرم، بنسف سد مماثل لسد "نوفا كاخوفكا"، لإبطاء تقدم الجيش الألماني.

بطبيعة الحال، ترجح مؤشرات كثيرة أن تكون أوكرانيا أو طرف دولي داعم لها، الجهة المنفذة للهجمات السالف ذكرها، وخصوصاً تلك التي تمّت في الأراضي الروسية. وهنا، يمكن فهم مبادرة كييف لإنكار أي علاقة لها بهذه الهجمات، نظراً إلى أن الموقف الغربي المبدئي، الذي على أساسه يتم تزويد كييف بالأسلحة، مبني على أساس عدم تنفيذ أي هجمات في العمق الروسي - أو على الأقل عدم التبني العلني لهذه الهجمات -، لكن تبدو حالة سد "نوفا كاخوفكا"، ذات طبيعة خاصة، نظراً إلى وجود عدة مبررات يمتلكها الطرفان - الروسي والأوكراني - لاتهام الطرف الآخر بتدمير هذا السد.

تاريخ وخصائص أحد أهم سدود أوكرانيا

تم تأسيس سد "نوفا كاخوفكا" عام 1956، خلال الحقبة السوفياتية، كجزء من محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية، بقدرة إجمالية تبلغ 334.8 ميغاوات. ويبلغ طوله الإجمالي 3.2 كيلومترات، وارتفاعه يصل إلى 30 متراً، ويقع شمالي شبه جزيرة القرم، وتحديداً في القسم الأخير من مسار نهر الدنيبر نحو مصبه في البحر الأسود، حيث يفصل هذا السد بين مدينة خيرسون ومدينة زاباروجيا، التي تقع شمالي شرقي السد.

تعود أهمية هذا السد إلى عدة عوامل أساسية، فهو يسمح بتخزين المياه من نهر الدنيبر بصورة سنوية، بحجم يصل إلى 18 مليار متر مكعب من المياه، يتم الاحتفاظ بها في البحيرة التي تقع خلفه، وهي الأكبر على مستوى كل السدود المقامة على نهر الدنيبر، الأمر الذي يوفّر احتياطيات مائية كبيرة للري، وفي الوقت نفسه تستخدم محطة زاباروجيا النووية لتوليد الطاقة، مياه هذه البحيرة، من أجل تبريد مفاعلاتها الستة.

كما يساعد هذا السد على تنظيم مياه نهر الدنيبر، بحيث يتم توجيه مياه الشرب والري إلى المناطق الأكثر جفافاً في جنوبي أوكرانيا، وتوفير مناطق واسعة لصيد الأسماك، بحيث يُعَدّ نقطة انطلاق أحد أهم أنظمة الري في أوروبا، ومن خلاله تقوم المناطق الجنوبية في أوكرانيا بزراعة ما يصل إلى 80% من جميع الخضروات في أوكرانيا، ونسبة كبيرة من الفواكه، عبر التزود بمياه الري من 4 قنوات فرعية، الأولى هي قناة "فيركن جاتشينسكي"، التي توفر مياه الشرب والري للحقول الواقعة شمالي منطقة زاباروجيا، والثانية هي قناة "كيرفي ريه" للري في اتجاه مدينة "دنيبروبتروفسك"، والثالثة هي قناة جنوبي أوكرانيا، "كاخوفسكي"، التي تقوم بإيصال مياه الشرب والري إلى معظم الحقول الزراعية في منطقة خيرسون، كما توفر مياه الشرب للأشخاص الذين يعيشون في مئات البلدات والقرى الواقعة على طول مسارها. أمّا القناة الرابعة فهي قناة شمالي القرم، والتي تقوم بإيصال مياه الشرب إلى مناطق غربي خيرسون، وصولاً إلى المناطق الشمالية والشرقية من شبه جزيرة القرم، وتُعَدّ مصدر مياه الشرب الرئيس لشبه الجزيرة.

يُعَدّ هذا السد أيضاً بمثابة محطة ذاتية لتوليد الطاقة الكهرومائية، عبر توربينات يتم تشغيلها عند الحاجة، من أجل تغطية العجز في الشبكة الكهربائية الأوكرانية، ناهيك بأنه يحمل جسراً يبلغ طوله 4 كيلومترات، يصل بين ضفتي نهر الدنيبر في منطقة خيرسون، وكان يُعَدّ عملياً الجسر الوحيد الصالح للمرور في النطاق الواقع جنوبي مدينة زاباروجيا، وصولاً إلى البحر الأسود.

ملفّ تفجير هذا السد، تم فتحه بصورة مبكّرة في تشرين الأول/أكتوبر 2022، حين تبادل كِلا الجانبين - الروسي والأوكراني - الاتهامات بشأن التخطيط من أجل نسفه، وكانت بداية هذا التراشق بالاتهامات عبر تصريحات أدلى بها سيرغي سوروفيكين، قائد القوات الروسية في أوكرانيا، قال فيها إن لديه معلومات تفيد بأن القوات الأوكرانية تستعد لضربة كبيرة للسد، وأنها تدربت على استخدام صواريخ "هيمارس" لتنفيذ هجوم على هذا الجسر.

هذا التصريح أعقبه قيام المندوب الروسي الدائم في الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، في الشهر نفسه، بإرسال رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أكد فيها وجود خطط اوكرانية من أجل تدمير السد، وهو ما ردت عليه كييف عبر تصريحات أدلى بها الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قال فيها إن الجيش الروسي قام فعلاً بتلغيم السد استعداداً لتفجيره.

نتائج كارثية لتدمير سد نوفا كاخوفا

نتج من الدمار الجزئي، الذي طال هذا السد، تدفق كميات ضخمة من المياه من الخزان الذي يقع شرقي السد نحو غربيّه، بحيث أظهرت الصور الجوية أن مساحة تتجاوز 2500 كيلومتر مربع، بين منطقة السد ونطاق خليج "دنيبروفسكا"، وتشمل نحو 29 قرية ومنطقة، غمرتها المياه، منها 19 تحت السيطرة الأوكرانية، و10 تحت السيطرة الروسية في الضفة الشرقية لنهر الدنيبر.

هذا الوضع سيؤدي قطعاً إلى تغيير كبير في تضاريس خط المواجهة في خيرسون، على رغم أن التقارير المتوافرة تشير إلى أن مستويات تدفق المياه انخفضت في النطاقات السابق ذكرها، لكن هذا لا ينفي أن تأثيرات هذه التدفقات المائية سوف تؤثر بصورة كبيرة في جغرافيا منطقة خيرسون، في المديين القصير والمتوسط.

إلى جانب التأثيرات السلبية، التي نتجت من هذا الوضع بشأن محصول الخضراوات الأوكراني، والذي تتم زراعة ما يصل إلى 80% منه في المناطق الجنوبية التي تعتمد على خزان السد المنهار، طرأ تأثير سلبي مهم في محصول القمح الأوكراني، بحيث تنتج منطقتا خيرسون وزاباروجيا، مجتمعتين، نحو 13% من إنتاج أوكرانيا من القمح، أي أكثر من 20 مليون طن.

تشير توقعات وزارة الزراعة الأوكرانية إلى أن 10% على الأقل من محصول القمح الأوكراني للعام الجاري سوف تخسرها كييف نتيجة انهيار هذا السد والفيضانات التي تلته، كما تتوقع أن تغمر المياه نحو 10 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية في الضفة الشمالية لنهر دنيبرو في منطقة خيرسون، ويُتوقع أن يتم غمر أضعاف هذه المساحة في المنطقة الواقعة عند الضفة الجنوبية للنهر، والتي تسيطر عليها القوات الروسية.

وإذا وضعنا في الاعتبار الأضرار التي ستتسبب بها هذه الفيضانات بالنسبة إلى المحاصيل المزروعة فعلياً، وتسببها ببعثرة الألغام الأرضية التي كانت مزروعة عند حافة الضفة الجنوبية للنهر، وكذا التناقص السريع في المياه المتوافرة للري، والتي كان مصدرها الأساسي هو خزان السد المنهار، فإننا سنصل إلى نتيجة مفادها أن الإنتاج الزراعي الأوكراني - وكذلك الإنتاج الزراعي في شبه جزيرة القرم - سوف يتأثر بصورة كبيرة من انهيار السد، وبالتالي انخفاض حجم ما يمكن تصديره إلى الدول النامية من القمح والذرة، وهو ما يمكن في ضوئه النظر إلى ارتفاع الأسعار العالمية للقمح والذرة بعد ساعات من إعلان انهيار السد الأوكراني، إذ صعدت أسعار القمح بنسبة 2.4 في المئة في التعاملات المبكّرة في بورصة شيكاغو التجارية، إلى 6.39 دولارات للبوشل، كما ارتفعت أسعار الذرة أكثر من 1%، إلى 6.04 دولارات للبوشل.

الأضرار التي أصابت الأراضي الزراعية الأوكرانية لا تقتصر فقط على نقص إمدادات المياه وغمر الأراضي الزراعية بالمياه، فلقد أعلنت كييف أن نحو 150 طناً من زيت المحركات لوّثت نهر الدنيبر بعد انهيار السد، وهو ما ساهم – إلى جانب التدفق السريع للمياه - في موت كميات ضخمة من الأسماك، وإحداث تأثيرات سلبية في التربة الزراعية، وهو ما يشكل أثراً اقتصادياً وبيئياً سلبياً إضافياً.

وفيما يتعلق بمحطة زاباروجيا النووية، فإن هذه المحطة تُعَدّ جزءاً من مجمع صناعي ضخم تبلغ مساحته 8 كيلومترات مربعة، يضم 6 مفاعلات نووية بقدرة 1 غيغاوات، إلى جانب 3 محطات للطاقة الحرارية تعمل بالفحم والغاز.

حالياً، تقع 3 من هذه المفاعلات ضمن السيطرة الروسية، في حين تقع المفاعلات الثلاثة الأخرى ضمن مناطق السيطرة الأوكرانية، وتم إغلاق جزء من هذه المفاعلات في أيار/مايو 2022، وإغلاق بقيتها في أيلول/سبتمبر من العام نفسه. يتم استخدام جزء من مياه خزان السد المنهار، في ملء بركة التبريد الخاصة بهذه المحطة. وحتى الآن لم يتضح على نحو كامل حجم الضرر الذي أصاب سد نوفا كاخوفكا، وحجم المياه المتسربة منه، لكن بما أن مفاعلات المحطة لا تعمل حالياً، والعمل بها يقتصر على تبريد الوقود النووي المتبقي داخل المفاعلات وأحواض التخزين، فبالتالي لا توجد - بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية - مخاطر جدية متعلقة بهذه المحطة، كونها لا تعمل حالياً، ولا تحتاج إلا إلى قدر محدود من المياه لتبريد الوقود المتبقي داخل المفاعلات.

بالإضافة إلى ما سبق، ستتأثر إمدادات مياه الشرب الخاصة بمناطق شبه جزيرة القرم سلباً بتدمير هذا السد في المدى الطويل، فهذه المناطق تتزود بمياه الشرب عبر قناة مائية ترتبط بخزان سد نوفا كاخوفكا. وقامت السلطات الأوكرانية، في أعوام سابقة، ببناء سدود على هذه القناة للحد من كميات المياه التي تصل إلى شبه جزيرة القرم، لكن مع بدء العمليات العسكرية الروسية العام الماضي، تم تطهير القناة لتسمح بمرور كميات كبيرة من المياه.

حالياً، تمتلئ الخزانات الخاصة بشبه جزيرة القرم بالمياه، وبالتالي لن تتأثر إمدادات المياه في هذه المنطقة في المدى المنظور، لكن في المدى المتوسط، ستقل بصورة كبيرة المياه التي ستصل إلى المنطقة، وهو ما سيؤثر في السكان وعمليات الزراعة في شبه جزيرة القرم. الوضع نفسه ينطبق على القنوات المائية الثلاث السالف ذكرها، والتي ترتبط بخزان السد المنهار.

اتهامات متبادلة ومبررات متعددة

على مستوى الاتهامات المتبادلة، اتهمت موسكو القوات الأوكرانية بصورة مباشرة بتفجير السد، استناداً إلى عدة مبررات، منها تعرض محيط السد للقصف عدة مرات خلال الأشهر الماضية من جانب القوات الأوكرانية، الأمر الذي أسفر عن بعض الأضرار ببناء السد، وحقيقة أن الأراضي الواقعة تحت السيطرة الروسية في الضفة الشرقية لنهر الدنيبر، هي الأكثر تضرراً من انهيار السد، نتيجة لانخفاض ارتفاعها مقارنة بمناطق السيطرة الأوكرانية.

يضاف إلى هذا التأثيرات السلبية المتوقعة لانهيار السد في إمدادات مياه الشرب لشبه جزيرة القرم، وهي تأثيرات كانت من الأسباب المعلنة من جانب روسيا لإطلاق عملياتها في أوكرانيا، بالنظر إلى قيام كييف، خلال الأعوام السابقة، بتقييد كميات مياه الشرب التي تصل إلى القرم، وهو ما ترى موسكو أنه حدث مرة أخرى عبر عملية انهيار السد.

كذلك، كانت الآثار المدمرة التي تعرضت لها المواقع العسكرية الروسية في الضفة الشرقية لنهر الدنيبر، من أسباب الاتهامات الروسية لكييف، بحيث تضررت التحصينات الروسية في عدة مناطق، وخصوصاً في أوليشكي وهولا بريستان، على نحو دفع القوات الروسية المرابضة عند ساحل النهر، للانسحاب مسافة 15 كيلومتراً خلف ضفة النهر، وهو ما ترى موسكو أنه يخدم الأهداف العسكرية الأوكرانية، في ظل تحركات كييف لشن هجوم رئيس نحو المناطق الجنوبية، بحيث ساهم انهيار السد في تحييد القوات الروسية في جبهة خيرسون، وإبعادها عن خط المواجهة.

يضاف إلى ذلك أن الأراضي التي تم إغراقها بفعل الفيضان الذي أعقب انهيار السد، ستجعل من المستحيل على القوات الروسية إعادة التقدم نحو ضفة نهر الدنيبر، نظراً إلى تحول الأراضي المطلة على النهر وما خلفها إلى مستنقعات ومناطق سبخية من الصعب على المدرعات والدبابات التحرك فيها.

علاوة على ذلك، سبق أن قامت القوات الأوكرانية خلال الأشهر الأولى لبدء المعارك، بتفجير سد يقع عند نهر "إربين" شمالي العاصمة كييف، من أجل إبطاء تقدم القوات الروسية نحو العاصمة، وهو ما تسبب باجتياح المياه منازل عدة قرى، بينها قرية دميديف، ناهيك بقيام السلطات الأوكرانية، خلال الأشهر الماضية، بفتح السدود التي تقع في الأقسام الشمالية من نهر الدنيبر، بهدف زيادة كميات المياه المتراكمة خلف السد المنهار، وهو ما تسبب بزيادة حجم الفيضان الناتج من انهياره، وخلق منطقة عزل واسعة مع القوات الروسية، وتدمير التحصينات الروسية وحقول الألغام التي أقامتها موسكو خلال الأشهر الأخيرة جنوبي نهر الدنيبر.

في المقابل، تتهم أوكرانيا القوات الروسية بتلغيم السد وتفجيره، بحيث تقول إن الفيضان والأضرار، التي أصابت المناطق المحيطة بنهر الدنيبر، جعلت من الصعب على القوات الأوكرانية تنفيذ أيّ هجمات على منطقة خيرسون، نظراً إلى تحول مناطق المواجهة إلى أراضٍ موحلة لفترة طويلة مقبلة. كذلك، تشير كييف إلى قيام القوات الروسية بالانسحاب من شمالي خيرسون نحو جنوبي نهر الدنيبر في وقت سابق، وهو ما ترى أنه دليل على رغبة القوات الروسية في تجنب الخسائر التي كانت قواتها ستصاب بها في حالة تفجير السد وهي موجودة شمالي النهر.

أخيراً، يمكن القول إن انهيار هذا السد يبقى له احتمال ثالث، وهو أن انهياره جاء عَرَضياً، بسبب الأضرار التي أصابته من المعارك السابقة، وعدم خضوعه للصيانة منذ فترة طويلة، ونتيجة الضغوط الكبيرة التي تعرضت لها جدرانه بسبب تدفق المياه بصورة أكبر من المعتاد على السد، نتيجة لفتح السلطات الأوكرانية بوابات سدود شمالي الدنيبر، وعدم فتح روسيا لكافة بوابات التصريف الخاصة بالسد قبل انهياره.

على المستوى العسكري، لا يمكن النظر إلى الوضع الذي تشكل عبر انهيار هذا السد من زاوية الفائدة العسكرية لأي من الجانبين، بحيث يمكن عَدُّه بمثابة "عامل لتثبيت الوضع القائم في جبهة خيرسون"، على الأقل في المدى المنظور. المؤكد أن الجانبين يشتركان في المسؤولية عن الانهيار الجزئي لهذا السد، وكِلاهما سيدفع ثمناً باهظاً على المستوى الاقتصادي، وخصوصاً القطاع الزراعي الأوكراني، وإمدادات المياه الخاصة بشبه جزيرة القرم.