البريكس بين ديناميتها العالمية و"تناقضاتها الداخلية" (1-2)
كيف ستكون الصورة الجديدة لتجمع بريكس بلس على المستويين الاقتصادي والجيو – سياسي؟
في جو احتفالي مهيب انعقد اجتماع القمة الخامسة عشرة لمجموعة دول البريكس BRICS الخمس في عاصمة جنوب أفريقيا خلال الفترة من 22 إلى 24 آب / أغسطس عام 2023، وفي حضور رؤوساء وممثلي خمسين دولة ومنظمة عالمية وإقليمية، وانتهت بمقررات تمثل نقلة نوعية في العمل الاقتصادي والجيو – سياسي العالمي.
وكان من أبرز هذه القرارات ضم ستة بلدان جدد إلى المجموعة بداية من كانون ثاني/يناير من العام القادم، وهى إيران والسعودية والإمارات ومصر وأثيوبيا والأرجنتين في توزيع جيو- سياسي ملحوظ من ناحية، وفي تفاوت للقدرات الاقتصادية والمالية من ناحية أخرى.
والحقيقة أن مجموعة البريكس التي بدأت كفكرة طرحها أحد الخبراء الاقتصاديين في مؤسسة الخدمات المالية والاستثمارية الأمريكية (غولدمان ساكس) Goldman Sachs البريطاني الجنسية جيم أونيل عام 2001 في سياق دراسته عن وصف الأسواق الناشئة في الدول التي كانت تحقق معدلات نمو عالية على مستوى الإنتاج العالمي خلال السنوات العشر السابقة، وتوقع أونيل أن اقتصادات هذه الدول ستهيمن مجتمعة على الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050.
وقد التقطت الفكرة أربع من تلك الدول الأسرع نموا في العالم في أيلول/سبتمبر عام 2006 وهي البرازيل وروسيا والهند والصين، وعقد وزراء خارجيتها اجتماعا تحضيريا على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لإعلان بداية تعاون مشترك بين بلدانها، وأطلق عليها بريك BRIC، ثم عقدت اجتماع القمة الأولى لها في يونيه / حزيران عام 2009 في مدينة بايكاترينبورغ الروسية بحضور الرؤساء: البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، والروسي ديمتري ميدفيديف، والهندي مانموهان سينغ، والصيني هو جينتاو، ورفعوا درجة تعاون دول بريك إلى مستوى القمة.
ومع انضمام جنوب أفريقيا رسميا إلى هذا التكتل الرباعي - بمناسبة القمة الثالثة للمجموعة، والتي عقدت في الصين يوم 14 أبريل/نيسان 2011 - غيّرت المجموعة اسمها إلى كلمة بريكس BRICS.
إذًا، لم تكن الفكرة في بداية التأسيس سوى تكتل أو تجمع لدول يجمعها النمو الاقتصادي الأسرع دون أن تتكون بعد كل تلك الأفكار والأهداف الكبرى التي نمت وتطورت بعد ذلك وخصوصا بعد عام 2014، وضد الاستخدام المكثف والقاسي للإجراءات العقابية والمقاطعة لروسيا الاتحادية بعد تدخلها في الأزمة الأوكرانية، وصعود تيار اليمين العنصري والنازي في حكم هذه الدولة، وما اتخذته القيادة الروسية من ضم شبه جزيرة القرم وسلخها من الخريطة غير المحددة للدولة الأوكرانية منذ انسلاخها عن الاتحاد السوفيتي في عام 1991.
كما كان التغول والتوغل الأمريكي والأوروبي في استخدام سلاح المقاطعة والحصار والعقوبات ضد الصين وثمانٍ وثلاثين دولة أخرى تعارض أو تناوئ أو تختلف مع السياسات الأمريكية والغربية - والذى وصل إلى حد الغطرسة والغرور - كان قد شكل تحديا هائلا لنظم العلاقات الاقتصادية والسياسية الدولية، كما كان له دوره في تحذير وتنبيه القوى الكبرى غير الأطلسية وفي مقدمتها الصين وروسيا والهند للمخاطر الهائلة المحيطة بالعلاقات الاقتصادية والسياسية الدولية، ودرجة التوحش والغطرسة اللتين تتسم بهما السياسات الأمريكية والأوروبية الغربية.
ومن هنا تطورت فكرة التكتل الاقتصادي والجيو – سياسي لمجموعة البريكس مع تعدد وتكرار اللقاءات شبه السنوية لقادة هذا التكتل الاقتصادي والجيو- سياسي الجديد، بداية من الاجتماع التأسيسي الأول الذي ضم البلدان الأربعة الأعضاء المؤسسة للمجموعة بتاريخ 16 يونيو/حزيران 2009 بمدينة بايكاترينبرغ في روسيا، إلى الاجتماع الثاني في العاصمة البرازيلية برازيليا في 16 أبريل/نيسان 2010 اللذين أضفيا الطابع المؤسسي على مؤتمرات المجموعة، ومن ثم أسهما في تشكيل واقع جيو-سياسي جديد، ومن بعدها عقدت القمة الثالثة بتاريخ 14 أبريل/نيسان 2011 في سانيا بجمهورية الصين، والتي أطلق عليها مجموعة البريكس بعد الانضمام الرسمي لجمهورية جنوب أفريقيا. وبعدها لقاء القمة الرابعة بتاريخ 29 مارس/آذار 2012 في مدينة نيودلهي بالهند، ثم مؤتمر القمة الخامسة بتاريخ 28 مارس/آذار 2013 في ديربان بجنوب أفريقيا.
وفي سبتمبر/أيلول من العام نفسه، أطلقت الصين مبادرة الحزام والطريق الذي يعد مشروعا استراتيجيا للصين من المنظورين: الاقتصادي والسياسي.
وبعدها عقد لقاء القمة السادسة بتاريخ 17 يوليو/تموز 2014 في فورتاليزا البرازيل، التي قرر فيها قادة المجموعة تأسيس بنك التنمية الجديد (New Development Bank) (NDB)، بمثابة بنك تنمية متعدد الأطراف تديره دول بريكس الخمس برأس مال قدره 50 مليار دولار، ثم تم زيادته إلى 100 مليار دولار في السنوات الثلاث اللاحقة، والدور الأساسي لهذا البنك هو منح قروض بمليارات الدولارات لتمويل مشاريع البنية الأساسية والصحة والتعليم في البلدان الأعضاء بالمجموعة وكذلك البلدان الناشئة الأخرى، وقد انضمت إلى هذا البنك فيما بعد كل من أوروغواي والإمارات العربية المتحدة وبنغلاديش أواخر عام 2021، ومصر في آذار / مارس 2023 بمساهمة قدرها 1.2 مليار دولار سددت منها مصر 240 مليون دولار، على أن تلتزم بسداد الجزء المتبقي على سبعة أقساط بصفتهم أعضاءً جددا.
كما تأسس صندوق احتياطي في شنغهاي اتفاقية احتياطي الطوارئ (Contingent Reserve Arrangement) (CRA)، فخُصص له مبلغ 100 مليار دولار تحسبا لأي أزمة في ميزان المدفوعات. ويعد هذا الصندوق إطارا لتوفير الحماية من ضغوط السيولة العالمية.
أما القمة السابعة، فقد عقدت بمدينة أوفا في روسيا عام 2015، وهي السنة التي جرى فيها الافتتاح الرسمي لـبنك التنمية الجديد (NDB)، وهكذا تأسست مؤسسات مالية موازية لمؤسسات بريتون وودز التي تسيطر عليها دول التحالف الغربي والأطلسي مثل البنك الدولي WB وصندوق النقد الدولي IMF. كما جرت فيها مشاورات لنظام دفع متعدد الأطراف، يكون بديلا لنظام الاتصالات المالية بين البنوك العالمية سويفت (SWIFT)، والذي من شأنه أن يوفر قدرا أكبر من الضمان والاستقلالية لدول مجموعة بريكس.
وفي عام 2016 عقد قادة دول بريكس (الرئيس البرازيلي الجديد ميشيل تامر، ورئيس روسيا فلاديمير بوتين، ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، ورئيس الصين شي جين بينغ، ورئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما) مؤتمر القمة الثامنة في مدينة شنغهاي بالصين حيث المقر الرئيسي لبنك التنمية الجديد.
وفي الرابع من سبتمبر/أيلول 2017 عقدت دول بريكس القمة السنوية التاسعة في شيامن بالصين، وانضمت إليها في هذه القمة كل من تايلند والمكسيك ومصر وغينيا وطاجيكستان كدول مراقبة، لمناقشة خطة بريكس بلس التي تهدف إلى التوسع المحتمل للمجموعة.
وفي المدة من 25 إلى 27 يوليو/تموز 2018 عقد قادة بريكس قمتهم العاشرة في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا، وتمحورت أعمال هذه القمة حول إقامة تعاون اقتصادي متزايد في بيئة اقتصادية دولية متغيرة، على خلفية الفشل الذي عرفته قمة مجموعة السبع الصناعية الكبرى، وحضرت تركيا القمة بصفتها رئيسة لمنظمة التعاون الإسلامي.
وبتاريخ 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 عقد مؤتمر القمة الحادية عشرة للمجموعة في العاصمة البرازيلية برازيليا وقامت هذه القمة بمناقشة التطورات في مجالات العلوم والابتكار لدول بريكس، وأيضا تطوير التكنولوجيا والعملة الرقمية.
وقد أبرمت في هذه القمة اتفاقات متبادلة للمساعدة في وقف الاتجار بالمخدرات والجريمة المنظمة، وأعلن بيانها الختامي الالتزام بتعددية الأطراف وتعاون الدول ذات السيادة من أجل تعزيز الأمن والسلام على مستوى العالم.
وعقد مؤتمر القمة الثانية عشرة لمجموعة بريكس يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 في سان بطرسبورغ في روسيا بالشراكة مع منظمة شنغهاي للتعاون عبر تقنية التناظر المرئي في أثناء جائحة كورونا. وناقشت هذه القمة اتفاقا متبادلا حول مساعدة الدول الأعضاء لمجموعة بريكس من أجل مستويات معيشة أحسن، وتحسين مستوى معيشة شعوب هذه الدول.
وفي التاسع من سبتمبر/أيلول 2021 عقد مؤتمر القمة الثالثة عشرة في نيودلهي بالهند عن طريق تقنية التناظر المرئي، في حين عقد مؤتمر القمة الرابعة عشرة في بكين بالصين يوم 23 يونيو/حزيران عام 2022. وها نحن خلال الفترة من 22 إلى 24 آب/أغسطس 2023 تعقد المجموعة قمتها الخامسة عشرة لتبدأ مرحلة جديدة من توسيع عضوية المجموعة لتضم ست دول جديدة هي: إيران والسعودية والإمارات ومصر وأثيوبيا والأرجنتين.
وهكذا تراكمت العملية الإجرائية والتنظيمية مصحوبة ومتزامنة بتطوير وتعميق الإطار الاستراتيجي والفكري الهائل الرامي إلى إعادة التوازن في نظام العلاقات الاقتصادية والسياسية الدولية من ناحية ووقف هذه الهيمنة والغطرسة الإمبريالية التي يمارسها الغرب الأطلسي من ناحية أخرى، وينهي نظام القطب الواحد الذي تتزعمه أميركا، وذلك من خلال التركيز على تحسين الوضع الاقتصادي العالمي وإصلاح المؤسسات المالية، إلى جانب تعزيز الأمن والسلام على مستوى العالم والتعاون الاقتصادي بين الدول، وهو ما من شأنه أن يسهم في خلق نظام اقتصادي عالمي متعدد الأقطاب، وكسر هيمنة الغرب بزعامة أميركا بحلول عام 2050.
وقد أعلنت دول مجموعة "بريكس" أهدافها من اللحظة الأولى لتشكيلها:
1- تعزيـز التبـادل التجاري والاستثمارات بيــن الدول الأعضاء.
2- تعزيـز الشفافية وتنسيق المواقف في المنتديـات الدوليـة، مثـل الأمم المتحدة ومجموعة العشرين.
3- إنشاء البنك الجديد للتنمية بهدف توفير تمويل لمشاريع التنمية الاقتصادية والبنية التحتية في الدول الأعضاء.
4- تعدّ "بريكس" منبراً قوياً للدول الناشئة للتعبير عن مصالحها ومواقفها في المنتديات الدولية.
5- تعزيز القوة الاقتصادية، خاصة أن "بريكس" تجمع بين اقتصادات كبيرة ونامية.
6- تهدف أيضاً إلى تحقيق التنمية المستدامة والشاملة في الدول الأعضاء.
7- تعزيز التعاون الجنوب - جنوب، وتعزيز التوازن الاقتصادي العالمي وتعزيز المصالح العامة الدولية.
8- تعزيز العلاقات الثنائية بين الدول الأعضاء ومع الدول والمنظمات الأخرى.
9- تعزيز الأمن والاستقرار العالميين، وذلك من خلال التعاون في مكافحة الإرهاب وضمان الأمن للجميع.
10- الالتزام بإصلاح المؤسسات المالية الدولية حتى يكون للاقتصادات الناشئة والنامية صوت أكبر من أجل تمثيل أفضل لها داخل المؤسسات المالية.
11- العمل مع المجتمع الدولي للحفاظ على استقرار النظم التجارية متعددة الأطراف وتحسين التجارة الدولية وبيئة الاستثمار وتقليل تأثير الدولار على حركة التجارة العالمية وتأسيس عملة أفضل للتجارة.
12- التنسيق والتعاون بين دول المجموعة في مجال ترشيد استخدام الطاقة من أجل مكافحة التغيرات المناخية.
13- تقديم المساعدة الإنسانية والحد من مخاطر الكوارث الطبيعية، وهذا يشمل معالجة قضايا مثل الأمن الغذائي العالمي.
14- التعاون بين دول "بريكس" في مجالات العلوم والتعليم والمشاركة في البحوث الأساسية والتطور التكنولوجي المتقدم.
وقد تعطلت قوة الدفع والزخم إلى حد ما لفترة من الزمن حينما تولى رئاسة البرازيل ذلك الرئيس اليميني والعنصري جايير بولسونارو لمدة 4 سنوات (كانون الثاني/ يناير 2019-تشرين الثاني/ نوفمبر 2022)، ثم استعادت حيويتها بعودة الرئيس البرازيلي اليساري لولا دو سيلفا إلى الحكم ودعوته فوراً إلى التخلص من هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي، وعلى المعاملات بين دول أميركا اللاتينية وفي العالم.
ملامح القوة في بنية "بريكس"
تتفاوت التقديرات العالمية بشأن الوزن النسبي للقوة الاقتصادية والسياسية والديموغرافية لمجموعة "بريكس" الخمس من مصدر إحصائي إلى آخر، بيد أن ما أصبح شبه متفق عليه أن هذه المجموعة تشكل نحو 27% من مساحة اليابسة في الكرة الأرضية بمساحة إجمالية 40 مليون كيلومتر مربع، ويعيش فيها أكثر من 40% من سكان الكرة الأرضية، إذ تضم أكبر 5 دول مساحة في العالم وأكثرها كثافة سكانية، وتساهم دول "بريكس" الخمس في نحو 25.6% من الناتج العالمي عام 2022، ويقدر حجم اقتصاداتها في نهاية عام 2022 بنحو 27.5 تريليون دولار، كما أنها تسيطر على 17% من التجارة العالمية.
ومع هذا التوسع الجديد، فإن مجموعة "بريكس بلس" أصبحت تضم أكثر من 3 مليارات و670 مليون نسمة أي ما يقارب 46% من سكان العالم، كما أن اقتصادها سيصبح نحو 29 تريليون دولار بزيادة 1.1 تريليون دولار بما يمثل نحو 31.5 % إلى 33% من حجم الاقتصاد العالمي، وهي مقارنة بدول مجموعة السبع الكبار G7 (الولايات المتحدة – ألمانيا – كندا – اليابان – فرنسا – بريطانيا – إيطاليا) التي لم تزد مساهمتها في الناتج العالمي على 30.7%. بينما تستحوذ على 60% من الثروة العالمية.
ومما لاشك فيه أن انضمام دول مثل السعودية وإيران والإمارات - بما تملكه من احتياطي ضخم من الثروات من النفط والغاز، وكونها من أكبر مصدري النفط على مستوى العالم - يعطي المجموعة قوة إضافية هائلة، خصوصاً في مجال الطاقة العالمي.
بيد أن هذه الإضافة بقدر ما تمنح هذه المجموعة دينامية وفاعلية إضافية فإنها تضع أمامها بعض الصعوبات، وربما بعض العراقيل للاندفاع أكثر نحو تحقيق أهدافها الكبرى التي ربما تنتظرها معظم – إن لم يكن جل – بلدان الجنوب والشرق، بعيداً من الهيمنة والغطرسة والجنوح الأطلسي الغربي.
وهنا، نستطيع أن نشير إلى مجموعة من نقاط القوة التي تمتلكها مجموعة "بريكس" (سواء في صورتها الأصلية الخماسية، أو حتى في صورتها الجديدة بريكس بلس التي تضم إحدى عشرة دولة سواء على المستوى الاقتصادي أو على المستوى الجيو – سياسي) على النحو الآتي:
1- تمتلك هذه الدول ثقلاً اقتصادياً ومالياً هائلاً يمكنها من تلبية احتياجات أعضائها من ناحية، وكثير من دول الجنوب والدول الراغبة في الالتحاق بهذا الكيان الضخم.
2- كما تمتلك رغبة معلنة في التخلص من هيمنة دول التحالف الغربي وغطرستها بقيادة الولايات المتحدة، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة بين أعضائها.
3- وبالقدر نفسه، فهي حريصة على إجراء تغييرات جوهرية في نمط العلاقات الاقتصادية والسياسية الدولية والذي بات ضيقاً ومقيّداً بصورة بائسة وحزينة.
4- وهي أيضاً، رغم تشابك مصالح بعض دولها مع الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، خصوصاً الهند والصين والسعودية والإمارات، سواء في مجال التجارة أو التعاون التكنولوجي والعلمي، فإنها عموماً -وإن كان بدرجات متفاوتة -ترغب في التخفف من فرض دول التحالف الغربي/الأطلسي العقوبات والمقاطعات والحظر والحصار على كثير من دول العالم، إذ بات ذلك سيفاً مسلطاً على الجميع.
5- وهي أيضاً، رغم امتلاك بعضها محافظ مالية واستثمارية وفوائض مالية موظفة وموجودة لدى الولايات المتحدة ودول التحالف الأطلسي، سواء بصور إيداعات مصرفية بالدولار واليورو أو أسهم في شركات أو في صورة سندات وأذون خزانة لدى الأجهزة المصرفية في هذه الدول، فإن لديها مخاوف من خضوعها في أي وقت لسيف العقوبات من ناحية، أو لأحكام قضائية أو سياسية (قانون جاستيس) بالمصادرة والحجر من ناحية أخرى.
6- وتتشارك دول المجموعة عموماً في الأضرار التي تصيب اقتصاداتها بسبب التقلبات التي تجري في أسعار صرف الدولار الأميركي بين الفينة والأخرى، أو بسبب الأزمات الدورية الاقتصادية والمالية التي تعاني منها اقتصادات الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، وتؤدي عادة إلى خسارة دول مجموعة "بريكس" وغيرها من دول العالم مئات المليارات من الدولارات في لحظة واحدة أو في فترة قصيرة جداً.
7- كما أن دول الثقل الرئيس في هذه المجموعة (الصين وروسيا وإيران والبرازيل وربما الأرجنتين) تتبنى رغبة أكيدة معلنة بضرورة التخلص بسرعة من هيمنة الدولار على نظم المدفوعات الدولية، وبالمقابل الاندفاع بقوة نحو اتّباع نظام للتجارة والمدفوعات بالعملات الوطنية بين دولها، إلى حين الوصول إلى اتفاق على خلق عملة موحدة، وهو الهدف الأسمى لهذه الدول، والذي ربما يحتاج إلى عدة سنوات قادمة.
8- وبانضمام دول مثل إيران والسعودية والإمارات إلى مجموعة "بريكس"، بالإضافة إلى روسيا، وهي أكبر منتجي ومصدري النفط والغاز في العالم، عدا الولايات المتحدة) تصبح هذه المجموعة أقوى تكتل اقتصادي يمتلك الجزء الأعظم من الطاقة في العالم.
9- تؤدي هذه المجموعة الاقتصادية والجيو-سياسية دوراً لا يستهان به في التخفيف من تأثير العقوبات الأميركية والأوروبية على أعضائها من ناحية، أو على بقية دول العالم وحكوماته التي تعاني أو قد تعاني من هذه العقوبات غير القانونية وغير الشرعية من منظور القانون الدولي.