كتائب المقاومة في الضفة: عندما يستفيق "الأسد النائم" (2/4)
عام 2022، انطلقت كتيبة نابلس ومعها مجموعتان من فتح، لتصبح نابلس ندّاً حقيقياً لجنين، ثم جاءت كتيبة طولكرم لتخفف العبء الميداني عن جنين ونابلس، مع زيادة استنزاف الإسرائيليين على صعيد القوات البرية والمجهود المخابراتي.
أخذت جنين حصة الأسد من الحلقة الأولى، ليس حصراً لأن انطلاق كتائب المقاومة المتصاعدة في الضفة بدأ منها، بل لأنها تمثّل الشعلة التي يجب ألا تنطفئ حتى تتّقد المدن الباقية، ولا سيما الخليل. فعلى الطريق إلى الجنوب، زرع الشهيد جميل العموري بذوراً أين ما حلّ، في نابلس وطولكرم، وليس أخيراً طوباس.
لكن مدناً أخرى، مثل نابلس، تسبب دخولها على خط المواجهة في انقلاب جذري للمعادلة، إذ ربما أمكن احتواء ظاهرة جنين عسكرياً (سياسة القضم البطيء والاستدراج والاغتيالات المركزة)، أو اجتماعياً ("التسهيلات" وزيادة التجارة وتصاريح العمل)، فيما أتى دخول مدن ومخيمات أخرى ليوسّع المأزق الإسرائيلي.
بعد عام تقريباً على انطلاقة "كتيبة جنين" واستشهاد مؤسسها جميل العموري، ومن بعده عبد الله الحصري وشادي نجم وأحمد السعدي وآخرون، أثمر الزرع في نابلس. في 24 أيار/مايو 2022، شهدت منطقة ضريح النبي يوسف القريبة من مخيمي بلاطة وعسكر شرقي نابلس اشتباكات بين المستوطنين والمئات من الشبان الذين رشقوا القوات المقتحمة بالحجارة، قبل أن يتطور المشهد إلى اشتباك مسلح بدا أنه يأخذ الشكل المنظم والمدروس.
بعدها بأيام قليلة، صدر البيان الأول لـ"كتيبة نابلس" شارحاً حيثيات الكمين الذي نفّذه 4 مقاتلين؛ "اثنان اعتليا أسطح أحد البنايات القريبة من القبر... في حين تمركز آخران بين الأشجار في الجهة المقابلة قبل الاقتحام بساعات... انتظروا وقت اطمئنان جنود الاحتلال، وأمطروهم بزخات الرصاص من مسافة قريبة جداً، قبل أن ينسحب مقاتلونا من المكان بسلام".
أيامٌ أخرى وبدأت عُصب "سرايا القدس" (الجهاد الإسلامي) بالظهور في المدينة التي كانت شبه محسومة لمقاتلي "فتح" (وسط غياب حمساوي مسلح رغم الحضور الجيد للحركة هناك)، وهذا ما كانت تعالجه خطابات الكتيبة بوضوح، إذ قالت في بيان لاحق: "لسنا وحيدين في الميدان... ظروف محافظة نابلس تستوجب العمل ضمن ضوابط في التشبيك والمتابعة والإعلان للمحافظة على أمد العمل المقاوم، فكل بندقيةٍ نفضت غبارها أفقياً هي شريكةٌ حتمية في الكفاح المسلح، لا نقدمها ولا نؤخرها، فنحن نتاج فكرة خرج بها الشهيد المجاهد جميل العموري حينما قال: رسالتي إلى شباب الضفة، لا تطلقوا رصاصكم في الهواء".
"جبل النار"
من المعروف أنَّ نابلس لا تُعدّ من معاقل "الجهاد الإسلامي" في الضفة، بل تقتسمها "حماس" و"فتح"، لكن العلاقة الجيدة بين "الجهاد" وعدد من عناصر "فتح"، والأزمة في العلاقة بين فتحاويي المدينة، وخصوصاً البلدة القديمة، والسلطة، والكاريزما التي كان يتمتع بها الشهيد العموري وزياراته إلى نابلس، عوامل ساهمت كلها في سحب قدم كثيرين إلى الظاهرة المستجدة، لكن "كتيبة نابلس" (سرايا القدس) تتركز أكثر في بلاطة الذي يمتاز بواقع أمني وديموغرافي يسمح بتمدد الفعل المقاوم.
في بلاطة كثافةٌ سكانية عالية لأربعين ألف لاجئ يعيشون وسط هندسة مدنية تمثّل عامل احتضان أمني جيّد يحرم القوات المقتحمة حريةَ المناورة، لأنه يتكون من بيوت متجاورة وشوارع ضيقة تسمح بإمكانية التنقل من بيت إلى بيت من دون الحاجة إلى الخروج إلى الشوارع الرئيسية. هو أيضاً بيئة جيدة للعمل العسكري ضد الاحتلال، بالنظر إلى خروجه عن تبعية السلطة، فالعلاقة بين الفتحاويين هناك والأجهزة الأمنية علاقة شائكة وصلت إلى ذروتها في شباط/فبراير 2018، قبل أن تنفجر في 2020.
مع أنَّ مدينةً مثل الخليل فيها كميات سلاح أكبر من نابلس، فإنَّ استغلال القيادي المفصول من "فتح" محمد دحلان حالة النقمة على الأجهزة الأمنية في نابلس لاختراق القواعد الشعبية للحركة هو ما أثار السلطة ضدهم أكثر من غيرهم.
امتدّ هذا الاستغلال 7 سنوات ضخّ فيها دحلان أموالاً إماراتية اشترى بها ولاءات كثيرة، بعدما كان المسيطر من قبله اللواء توفيق الطيراوي، والأخير أيضاً سحب منه رئيس السلطة، محمود عباس، حديثاً عدداً من الامتيازات، منها حراسه الشخصيون، بعد صدامه مع الوزير الصّاعد بسرعة إلى سدة القيادة، حسين الشيخ، وعدد آخر من القيادات الفتحاوية.
في النتيجة، سمحت حالة التوتر داخل "فتح" بإنشاء بيئة حاضنة لكل فعل يعارض توجهات السلطة، وهذا ما دفع "الجهاد الإسلامي" إلى التقاط الفرصة، تحديداً في بلاطة. الخطوة الأكثر ذكاء أنها لم تسعَ إلى تحويل الشبان انتماءهم التنظيمي إليها، بل طلبت منهم الاستمرار بالعمل باسم تنظيمهم كي يحافظوا على ما لديهم من امتيازات، وثانياً - ليس السبب الأخير - كي يستقطبوا عدداً أكبر للمقاومة المسلحة. ما ساعد في ذلك أنَّ الفتحاويين عموماً يتقبّلون التحالف مع "الجهاد" أكثر من "حماس"، وحتى "الجبهة الشعبية"، ولا سيما في مدن شمالي الضفة، ولهذا أسبابه التي تحتاج بحثاً منفصلاً.
ما سبق جعل حتى مناصري "الجهاد الإسلامي" يرون في تشكيل هذه الكتيبة "أعجوبة"، وخصوصاً أن كوادر الحركة المنظّمين رسمياً في نابلس لم يكونوا يتعدّون المئة بقليل حتى وقت قريب. مما يزيد امتيازات دخول المدينة على خط كتائب المقاومة هو وفرة السلاح، ولا سيما في بلاطة، الّذي يمتاز شبابه بخصلة مشتركة مع أهالي جنين هي "شجاعتهم الشديدة واندفاعهم غير المحدود".
وبينما مثّل الأداء السيئ للأجهزة الأمنية و"فتح" على الصعيد الداخلي، ومن ذلك اغتيال نزار بنات وسرقة أموال بناء مستشفى الحسن للسرطان والتنسيق الأمني، عوامل منفرة، تسبب استشهاد أدهم مبروكة (28 عاماً) ومحمد الدخيل (22 عاماً) وأشرف مبلسط (21 عاماً) في 8 شباط/فبراير 2022 بحالة تأثر كبيرة، خصوصاً أن اغتيالهم جرى وسط نابلس، وفي وضح النهار، بالنظر إلى الحضور الشعبي الذي كانوا يتمتعون به، وهو الأمر الذي أدركت رام الله خطورته سلفاً. ولذلك، كانت ولا تزال تعمل قدر المستطاع على إيجاد شرخ بين العناصر المسلحين التابعين لـ"فتح" من جهة، وخلق عداوات بينهم وبين "الجهاد" من جهة، وأكبر مثال على ذلك الإشكال الذي وقع مع قيادات في الأخيرة (خضر عدنان مثالاً).
منذ اغتيال الثلاثة، بدأت مطاردة شاب صغير يُدعى إبراهيم النابلسي (19 عاماً) لم يكن مشهوراً في ذلك الوقت بقدر شهرته بعد استشهاده (9 آب/أغسطس 2022)، لكن الأشهر الستة التي عاشها مطارداً كانت كفيلة، إلى جانب مقتله في معركة، بالدفع نحو تعزيز حالة المقاومة في نابلس. وجاء استشهاده، ومعه إسلام صبوح (في العشرينات) وحسين نزال (16 عاماً)، ليعطي دفعة جديدة للمقاومين، ويجعل عدداً من الفتحاويين الرافضين أوامر حركتهم يخلقون تشكيلاً جديداً حمل اسم "عرين الأسود"، أعلن نفسه بداية هذا الشهر.
النابلسي سبق أن نجا من محاولة اغتيال قبل استشهاده بأسبوعين، قضى فيها شهيدان كان لهما أيضاً تأثيرهما في الجمهور، هما محمد عزيزي (25 عاماً) وعبد الرحمن صبح (28 عاماً)، عقب حصار واشتباك. مع ذلك، تواجه الحالات العسكرية في نابلس مشكلة في القيادة الموحدة وتنظيم العمل وجعله يرتقي من وضعية التصدي للاجتياحات إلى المبادرة، وهذا ما يحتاج إلى زمن، لكنَّ آثار التحسن بدأت تظهر أكثر فأكثر مع عدد من الكمائن المتتالية، وخصوصاً التي تستهدف المستوطنين ممن يقتحمون قبر يوسف دورياً.
من جهة أخرى، تعني قوة نابلس تخفيف الضغط على جنين، وخصوصاً أن بلاطة يمثل أكبر مخيم لاجئين في الضفة، والعقبات اللوجستية بشأن إيصال الأموال والأسلحة إليه أقل من جنين، فضلاً عن أن زيادة حالة المنافسة الحزبية تقود إلى مزيد من الفعالية في العمل، خصوصاً بين "حماس" و"الجهاد الإسلامي". ورغم سيئات الحالة التنافسية على المجتمع ظاهراً، فإن نتاجاتها على صعيد المقاومة إيجابية في هذه المرحلة.
هكذا، حاول الاحتلال في البداية التقليل من قدر "كتيبة نابلس" وكذلك "طولكرم" و"طوباس"، حتى وصل فيه الحال إلى إهمال ذكر الأخيرتين في الإعلام العبري، لتتحول "كتيبة نابلس" ومجموعات "فتح" بالتدريج إلى ندّ حقيقي لـ"جنين"، وتزيد شعبيتها وحضورها مع توالي الشهداء والتصدي للاقتحامات.
في 2 نيسان/أبريل 2022، وقع اشتباك في مدخل قرية عرابة في جنين قضى فيه الشهيد سيف أبو لبدة (25 عاماً)، ابن مخيم عين شمس بطولكرم، ليتضح أنه كان في طريقه لتنفيذ عملية استشهادية قبل أن تطارده قوة خاصة من الجيش.
أثناء المطاردة، وقعت القوة في كمين محكم شارك فيه عدد من عناصر "كتيبة جنين"، ودار اشتباك طويل مع قوات الاحتلال أدى إلى إصابة 4 من الجنود، أحدهم بصورة خطرة، واستشهاد كل من صائب عباهرة (30 عاماً) وخليل طوالبة (24 عاماً)، إلى جانب أبو لبدة.
قاد حدثان مهمان جهاز "الشاباك" إلى أبو لبدة: الأول تنفيذه قبل أسبوع من اغتياله عملية إطلاق نار على قوة خاصة، أطلق فيها 52 رصاصة على وحدات الاحتلال ("لم يصب أي من الجنود بأعجوبة"، وفق وصف القناة العبرية 12)، والآخر أنه ظهر وهو يتحدث أمام مجموعة من عناصر "الجهاد"، مؤكداً لهم أن حدثاً كبيراً قريباً سيسمعون به.
في وقت لاحق، نشرت "سرايا القدس" مقطعاً مصوراً ظهر فيه وهو يقرأ وصيته على طريقة استشهاديي الانتفاضة الثانية، ليكون أبو لبدة، كما العموري، صاحب الدور التأسيسي الملهم في طولكرم، فيما توكّل الأمين العام للحركة، زياد النخالة، بنفسه إعلان ولادة "كتيبة طولكرم".
من الجيد التذكير بأنّ علاقة تاريخية مميزة تربط بين مخيمي جنين ونور شمس، فجذور اللجوء واحدة، لأن المخيم الصغير تأسَّس عام 1951، أي بعد 3 سنوات على نكبة فلسطين، وسكان نور شمس في الأساس كانوا يسكنون مخيماً في جنين مقاماً على سهل جنزور، لكن بسبب عاصفة ثلجية أطاحت به رحلوا إلى طولكرم، فكان المخيم الجديد الذي يقارب عدد سكانه 10 آلاف. ومثل نابلس، لم يسجّل عين شمس خلال سنوات انتفاضة الأقصى الثانية أنه كان معقلاً لـ"الجهاد الإسلامي"، لكن الحركة استطاعت أن تتمدد فيه بعدما كان ثقلها متركزاً في قرى مثل عتيل وعلار وصيدا.
جاء اختيار هذا المخيم لتأسيس نواة الكتيبة جاء بسبب هندسته المكانية والتداخل العمراني وإمكانية الاتصال الجغرافي بينه وبين مخيم جنين، ليكون أكثر أماناً من مراكز المدن. وكما يبدو، احتاج الشهيد أبو لبدة وقتاً شبيهاً بالذي احتاجه العموري للتأسيس والتحشيد لإحياء العمل العسكري من جديد، فضلاً عن تنفيذه شخصياً عدداً من عمليات المشاغلة وإطلاق النار.
في البداية، تجاهل العدو هذه الكتيبة على الصعيد الإعلامي، ولا يزال كذلك إلى حدّ ما، بل عمد إلى العمل عليها مخابراتياً من دون مواجهة مبْكرة كي لا يساهم في صناعة رموز ملهمين كما جنين، وهذا ما يفسر محاولة الاحتلال اعتقال أبو لبدة لا قتله، لكن وقوع القوة في كمين هو ما قاد إلى اشتباك دامٍ بين الجانبين.
مع ذلك، يَفهم الإسرائيلي أنَّ طولكرم لها بعض الخصائص التي تميزها عن كلٍّ من جنين ونابلس، إذ يمتاز شبابها، بالنظر إلى التجربة في الانتفاضة الثانية، بالهدوء الكبير والتفكير المعمّق والصبر الإستراتيجي في تنفيذ الفعل.
هذا لا ينفي وجود هذه المميزات نفسها في جنين ونابلس، لكن لكلٍّ نقطة قوته. المثال على ذلك ما فعله الشهيد لؤي السعدي ("الجهاد الإسلامي"، 1979-2005) حين أسس مدرسة عسكرية كان قوامها التخطيط الطويل للوصول إلى الأهداف المدروسة بعناية، والقدرة العالية على العمل على نحو يتجاوز الفعل الطارئ إلى المستمر الذي يمكن أن يعاود نشاطه بعد كل ضربة، وأيضاً التخفي عن العدو، وأخيراً الحالة المتشعّبة في توزيع قواعد الفعل العسكري إلى قرى بعيدة ومدن خارج الحيز المكاني الذي تبدأ منه.
السلوك نفسه ينطبق على قيادات أخرى في طولكرم على اختلاف انتماءاتهم الحزبية، منهم الأسير عباس السيد (1966)، أحد أكبر قادة "كتائب القسام" (حماس) في طولكرم، وهو مسؤول عن قتل مئات المستوطنين والجنود في عشرات العمليات الاستشهادية، وكذلك الشهيد رائد الكرمي (1974-2002)، أبرز مؤسسي "كتائب الأقصى" (فتح) وقائدها العام عقب اغتيال ثابت ثابت. وقد اتهمته قوات الاحتلال بالمسؤولية عن قتل العشرات من المستوطنين والجنود، وقالت إن الانتفاضة الثانية تزداد سوءاً بسببه. وكان من الممكن أنْ يؤدي الاستثمار المستمر في نهج الكرمي، الملقّب بـ"صائد المستوطنين"، إلى رفع كلفة الاستيطان في الضفة، وصولاً إلى تفكيك بعض المستوطنات.
خاتمة: طولكرم إذا عادت
إضافة إلى ما سبق، تحمل طولكرم جملة أخرى من المميزات، من أهمها التواصل الجغرافي والتداخل التاريخي بينها وبين مخيم جنين؛ ففي اجتياح 2002، انتقل القائد الشيخ الشهيد رياض بدير (الجهاد الإسلامي) على رأس العشرات من المقاومين من طولكرم، واستطاعوا المشاركة في القتال إلى جانب مقاومي جنين حتى الاستشهاد، وهو ما يفسر التدخل السريع لعناصر "كتيبة جنين" في الكمين. أيضاً، تمتلك بلدات طولكرم ومخيماتها إرثاً تاريخياً مرتبطاً بالشهداء والأسرى شبيهاً بالذي تمتلكه جنين، حتى إننا نتحدث عن أجهزة أمنية يفعل عناصرها ما يفعله عناصر في جنين.
ومثلما تحظى جنين بسهولة وصول السلاح إليها من الداخل المحتل، تتميَّز طولكرم بأنها واحدة من أكبر المجمعات البشرية الفلسطينية التي تمتهن السرقة من المحتل، بل شكلت المدينة السوق الأبرز والأكثر ثراءً لسرقة السيارات ذات الأرقام الإسرائيلية لتنفيذ عمليات فدائية أو نقل الاستشهاديين إلى مدن العمق، لكن العنصر الأهم الذي يُبنى عليه هو ثقافة الاشتباك حتى النفس الأخير ورفض الأسر، التي أنشأها قادة "الجهاد" في الضفة، ولا سيما الشهداء السعدي وبدير وإياد حردان وآخرون.
ساهمت "طولكرم" في تخفيف العبء الميداني عن "جنين" وكذلك "نابلس"، وخصوصاً مع زيادة استنزاف الإسرائيليين على صعيد القوات البرية والمجهود المخابراتي، لكن الأخطر على الاحتلال هو نضوج الفعل العسكري لـ"طولكرم"، لأن مثل هذا الحدث سيشكل فارقة نوعية في الضفة، ليس في تمدد خلايا المقاومة فحسب، إنما زيادة القدرة على اختراق الداخل المحتل أيضاً، وربما تحوّل العمل من الاشتباك التكتيكي ورد الفعل إلى المبادرة والعمل المنظم القادر على كيّ الوعي الإسرائيلي، كما فعل بطلان من جنين لن ينسى أحد اسميهما: رعد خازم، وضياء حمارشة الذي عبر من خلال طولكرم، وقبلهما وبعدهما أسرى وشهداء كثر.
هذا ما يفسر أن أكثر من نصف الكتائب الإسرائيلية المنتشرة في الضفة تتركز حول طولكرم، لتعبّر عن المأزق الإسرائيلي في مواجهة هذه المدينة التي تشبه الرمح المغروز في خاصرة "إسرائيل"، بل يكفيها وصول سلاح بسيط في حسابات الجيوش، مثل قذائف الهاون، ليصير قلب "الدولة" تحت النار.
اقرأ: كتائب المقاومة في الضفة: عندما يستفيق "الأسد النائم" (1/4)