صورٌ من عالمٍ جديدٍ يتشكل
بين سياستي الحمائية والعقوبات، يتعزز الانقسام في الاقتصاد الدولي تدريجياً، ويحاول الغرب أن يفرض على دول العالم الالتحاق بمحوره في مواجهة روسيا والصين.
توالت أنباءٌ دوليةٌ مؤخراً، ربما تضيع دلالاتها الكبرى في زحمة الحدث المباشر محلياً وإقليمياً، لكنها ترسم بمجموعها صورةً لعالمٍ جديدٍ يتشكل من حولنا بسرعةٍ فائقةٍ بمقاييسَ تاريخيةٍ. إنه عالمٌ تضعف فيه روابط وتتعزز أخرى، كأنه يتجه نحو تفكيك الاقتصاد الدولي إلى قارات متباعدة، بعضها أقرب لبعضها من بعضها الآخر. لكنه عالمٌ يتميز، بالرغم من آلام المخاض العسير، بصعود الشرق والجنوب، وانسحاب الظل الغربي عن مساحاتٍ كبيرةٍ منه. هل يتحوّل إلى عالمين منفصلين يا ترى؟ أم إلى مجموعة من العوالم؟ وهل نسير في اتجاه تعدد الأقطاب؟ أم نحو انشطارٍ عموديٍ لا تربط بين ضفتيه جسور؟
ظهرت في الأسابيع الفائتة مجموعة إحصاءات تشير إلى أن تجارة روسيا مع مجموعة الـ 7 الكبار انخفضت 36%، في حين أنها ازدادت مع دول "بريكس" 121% في عام 2023. من اللافت أيضاً أن التبادل التجاري بين الصين والولايات المتحدة انخفض 15% عام 2023، في حين أنه ارتفع 40% بين الصين وروسيا.
وتقول وكالة "رويترز" في 17/9/2023، نقلاً عن تقرير لصندوق النقد الدولي، إن الشركات الأميركية والأوروبية طفقت تحوّل سلاسل إمدادها بعيداً من الصين، وأن الشركات الأميركية بدأت تسحب استثماراتها منها، ما عدا في بعض القطاعات، "مثل الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا الخضراء".
تتوالى العقوبات أيضاً في اتجاه إحداث شرخ شرقي-غربي في الاقتصاد الدولي، إذ تقول أخبار الأيام الفائتة إن وزارة الخزانة الأميركية فرضت حزمة جديدة من العقوبات على روسيا استهدفت، على وجه الخصوص، شركات المعادن والسيارات وتصنيع معدات سكك الحديد الروسية، كما استهدفت عدداً من الشركات غير الروسية المتهمة بانتهاك العقوبات على روسيا.
وعلى الرغم من تداول وسائل الإعلام مؤخراً تقارير عن ارتفاع مبيعات الغاز المسال الروسي إلى أوروبا بنسبة 40%، مقارنة بما قبل الأزمة الأوكرانية، فإن الاتجاه العام لأوروبا هو بتر صلاتها الاقتصادية مع روسيا، كما يتجلى ذلك في التخفيض الحاد لوارداتها من النفط والغاز والفحم الروسي، ولو جاء ذلك على حساب الاقتصاد الأوروبي ومعدل نموه.
كذلك، ما برحت الولايات المتحدة تعتمد مكرهةً على روسيا لتزويدها بثلث حاجتها تقريباً من الوقود النووي قليل التخصيب، لتشغيل مفاعلاتها النووية، الأمر الذي يثير حنقاً كبيراً في الكونغرس وفي الإعلام الأميركي، ويدفع الإدارة الأميركية إلى البحث عن مصادر بديلة، ومنها كازاخستان، ويفسر بالتالي بعضاً من الاندفاع الأميركي في اتجاه آسيا الوسطى لجرّها بعيداً من روسيا والصين.
إن الأثر العام لمثل هذه الإجراءات هو تحفيز روسيا والصين على إنشاء منظومة اقتصادية دولية منفصلة عن تلك التي يهيمن عليها الغرب، وهو توجه تعمقه السياسات الغربية الحمائية في مواجهة الصين، حتى قبل أزمة أوكرانيا، وهي سياسات تصاعدت بعدها طبعاً.
يُجري الاتحاد الأوروبي حالياً، على سبيل المثال، تحقيقاً يستهدف السيارات الكهربائية المصنعة في الصين بعد أن باتت تغزو السوق الأوروبية، أكبر سوق للسيارات الكهربائية في العالم، لأنها أرخص ثمناً وأكثر جاذبيةً للمستهلكين. وهو ما استحسنه صانعو السيارات الأوروبيون. ويبدو أن تلك الخطوة سيتلوها تقييدٌ لصادرات السيارات الكهربائية الصينية إلى السوق الأوروبية.
بين سياستي الحمائية والعقوبات، يتعزز الانقسام في الاقتصاد الدولي تدريجياً، ويحاول الغرب أن يفرض على دول العالم الالتحاق بمحوره في مواجهة روسيا والصين، ولو على حساب أرباحه. كان من ذلك مثلاً إنهاء شركة "رايثون" Raytheon العسكرية الأميركية عقداً مع السعودية بقيمة 17 مليار دولار بسبب علاقة الشريك السعودي، أي شركة Scopa Defense، مع روسيا والصين وبيلاروسيا، وخطر تسرب التكنولوجيا العسكرية الأميركية إلى تلك الدول، بحسب تقرير في صحيفة "وول ستريت جورنال" في 15/9/2023.
كذلك فرضت الصين، بدورها، عقوبات على اثنتين من كبريات شركات صناعة الأسلحة الأميركية، هما Lockheed Martin وNorthrop Grumman، لدورهما في تزويد تايوان بالأسلحة. وتصاعدت في الآن عينه صادرات إيران من النفط إلى الصين، في آب / أغسطس الفائت، إلى مستوىً قياسيٍ عند 1.5 مليون برميل يومياً، على الرغم من العقوبات الأميركية، وفي تحدٍ مباشرٍ لها. ويذكر أن الصين أصبحت، منذ عام 2022، الشريك التجاري الأول لإيران، مع أنها كانت الشريك التجاري رقم 50 لإيران قبلها بعامٍ فقط.
ما من شكٍ في أن سعي الغرب لعزل روسيا والصين وتدمير اقتصاديهما منح الدول المحاصرة والخاضعة للعقوبات حيزاً أكبر للتنفس. وكان الوفد الفنزويلي في الجمعية العامة للأمم المتحدة قد عرض، في 21/9/2023، "خريطة جغرافية سياسية للعقوبات الاقتصادية" تضمنت تفاصيل وإحصاءات تظهر وقوع 30 بلداً تحت وطأة العقوبات الغربية، منها 9 بلدان تتعرض حالياً لاستهداف غربي مشدد ولحصار مباشر، وعلى رأسها روسيا وسوريا وكوريا الديمقراطية وإيران وكوبا، إضافةً إلى الدول التي أنهكها الحصار سابقاً مثل العراق وليبيا.
كان ألبيرتو فرناندز، رئيس الأرجنتين التي تئن من وطأة وصفات صندوق النقد الدولي الانتحارية، قد طالب، من على منبر الأمم المتحدة، خلال انعقاد جمعيتها العامة، برفع الحصار عن فنزويلا وكوبا، معيداً تأكيد سيادة بلاده على جزر المالفينَس التي تحتلها بريطانيا.
الحاجة الموضوعية لإنشاء نظام اقتصادي عالمي بديل
إن الحماسة لإنشاء اقتصاد دولي جديد وبديل لا تقتصر على الدول المحاصرة، بل تتعداها إلى كل المتضررين من الهيمنة الغربية ومنظومة العلاقات التي تفرضها، وهي حماسة تتصاعد. وقد أظهرت "بريكس" أنها طرفٌ ذو ثقل ومصداقية، وبأنها وسيلة للتخفيف من سطوة الغرب وإجراءاته التعسفية، الأمر الذي دفع دولاً مثل السعودية والإمارات للانضمام إليها، على الرغم من علاقاتها المتينة مع الغرب.
ثمة حاجة موضوعية إذاً لنشوء أطرٍ بديلة مثل "بريكس" و"منظمة شنغهاي للتعاون" لموازنة هيمنة الغرب وتحكمه بالعالم عبر المنظومة التي أسسها، إذ إن على بلدان العالم أن تشتري دولارات ويوروهات كي تتاجر فيما بينها، وأن تمر عبر منظومة تحويل الأموال الغربية (سويفت)، وأن تخضع لوصاية المؤسسات الاقتصادية الدولية التي أنشأها الغرب والتي يسيطر عليها مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
تواجه "بريكس" إذاً تحديات ليست بسيطة ما برحت تنتظر أدواتٍ فعالة لمواجهتها، كما أشرت في مقالاتٍ سابقة، ومنها:
أ – إيجاد وسيلة تبادل نقدي دولي مستقرة غير الدولار واليورو.
ب – إيجاد وسيلة تحويل أموال موثوقة غير "سويفت".
ج – بناء مؤسسات اقتصادية دولية غير البنك وصندوق النقد الدوليين.
ويمثل "بنك التنمية الجديد" خطوةً أولى في اتجاه التجاوب الفعال مع تلك التحديات، وكذلك منظومات تحويل الأموال الصينية والروسية التي ما برحت تخطو خطواتها الأولى وتحتاج إلى المزيد من التطوير والتوسع.
مؤشرات جديدة على صعود الشرق والجنوب
يمكن القول إن العالم يشهد تحولاً نوعياً، وأن الجنوب يصعد، على الرغم من تزايد الفقر والجوع وارتفاع الأسعار وتراكم الديون والأزمات المناخية المتلاحقة، وأن الشرق يؤكد وجوده في مواجهة الحرب التي يشنها الغرب عليه. وقد اتخذ انعقاد قمة مجموعة الـ 77 زائد الصين في كوبا هذا العام، في 15/9/2023، معنىً جديداً، يؤكد صعود الجنوب، في سياق التغيرات الدولية.
تتكوّن مجموعة الـ 77 + الصين من 134 بلداً تمثل 80% من سكان كوكبنا، وهي أكبر منظمة حكومية للبلدان النامية والصاعدة. وفي كلمته الافتتاحية، دعا المضيف الكوبي، الرئيس ميغيل دياز كانيل، الجنوب العالمي إلى تغيير قواعد اللعبة الدولية، وإلى تشكيل عالم أكثر تمثيلاً لمكوناته، وأكثر تجاوباً مع حاجات البلدان النامية.
كان العنوان الرئيسي للقاء مجموعة الـ 77 + الصين هذا العام في كوبا هو "تحديات التنمية الراهنة: دور العلم والتكنولوجيا والإبداع". وقد دعا رئيس الاتحاد الأفريقي غزالي عثماني في كلمته في اللقاء إلى وضع خطوطٍ عريضةٍ لآليةٍ ملموسةٍ تتيح الوصول إلى الثورة الرقمية، محيياً مبادرة الصين للتعاون الرقمي، والتي تعدّ، بحسب قوله، وجهاً مهماً من وجوه مبادرة "الحزام والطريق".
طلب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، في اللقاء ذاته، من الصين والهند مساعدة الجنوب العالمي على تطوير تكنولوجيا الصحة والزراعة واستكشاف الفضاء. ووقفت وزيرة خارجية باناما جانينا تيواني قائلة إن عالم اليوم الذي تعتمد فيه التنمية على تقدم العلوم والتكنولوجيا والإبداع "لم يعد فيه حيز للإجراءات الأحادية مثل الحصار الذي ما برح يفرض على إخوتنا الكوبيين"، داعيةً إلى تعزيز علاقات الجنوب بالجنوب، واستراتيجيات التعاون مع حلفائه.
كان الجو العام للقاء مجموعة الـ 77 إذاً يميل مع العالم الجديد والبديل، وكان اللقاء فرصة لرفع صوت الجنوب العالمي عالياً، ولا سيما أنه جاء بعد:
أ – انعقاد قمة "بريكس" في جوهانسبرغ، في جنوب أفريقيا، في 22/8/2023، والتي اتخذ فيها قرار توسيع عضويتها بـ 6 أعضاء جدد، كانوا سيكونون أكثر بكثير لولا تحفظات الهند. ويجدر الذكر أن أكثر من 20 بلداً تقدم بطلبات انتساب إلى المنظمة، من أبرزها بيلاروسيا والجزائر. لكن الهند حرصت على ألا يجري توسيع المنظمة بما يضعها على مسار تصادمي مع الغرب، كما حرصت أن تركز على عضويات الدول التي تعد أنظمتها أقل عداءً للغرب في المنظمة، ومع ذلك جرى قبول عضوية إيران.
ب - قبول عضوية الاتحاد الأفريقي في قمة مجموعة الـ 20 التي انعقدت في نيودلهي في 9/9/2023، وهي المجموعة التي تمثل أكبر 20 اقتصاداً في العالم. ويمثل الاتحاد الأفريقي 1.4 مليار نسمة (مثل الصين أو الهند تقريباً)، و3 تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي، أي أن حجم اقتصادات القارة مجتمعة يظل أصغر من الاقتصاد البريطاني مثلاً. على الرغم من ذلك، يمثل ضم الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة الـ 20 اعترافاً بالأهمية المتصاعدة للجنوب العالمي، وبأهمية القارة الأفريقية في لعبة الشطرنج الكبرى في ظل التحولات الدولية الجديدة. لكن، يبقى السؤال الكبير طبعاً: أين الكتلة العربية من هذه المعادلة؟
وإذا كانت قمة مجموعة الـ 20 قد أسفرت عن الإعلان عن "الممر الهندي" إلى أوروبا عبر الكيان الصهيوني، فإن الغرب لم ينجح في تحويل قمة الـ 20 إلى منصة لإدانة روسيا، كما أرادت الإدارة الأميركية.
أما "الممر الهندي" فممر تكثر علامات الاستفهام حول جدواه اقتصادياً وإمكانية تنفيذه. لكنه، سياسياً، مبادرة هندية وأميركية لقطع الطريق على مشروع "الحزام والطريق" الصيني، كما أنه، إقليمياً، مبادرة أميركية-صهيونية لتفريغ المصالحة السعودية-الإيرانية من مضمونها وإعادة الزخم للمشروع "الإبراهيمي" عبر اتفاق تطبيع سعودي مع الكيان الصهيوني.
تمثل دعوة بكين الرئيس بشار الأسد لزيارة الصين، في أحد جوانبها، رداً على الممر الهندي، لأن سوريا من منظور الجغرافيا السياسية الدولة الرئيسية في بلاد الشام التي يمثل وصول مبادرة "الحزام والطريق" إليها، عبر إيران والعراق، تحدياً للاحتلال الأميركي في المنطقة الشرقية للبلاد.
لكن الصين لا تعمل بطريقة ردة الفعل، بل يجب أن تقرأ الزيارة أيضاً في ضوء استراتيجية الصين لتعزيز علاقاتها ببلدان يمكن أن تصبح مفاصل أساسية في مبادرة "الحزام والطريق"، وكان من ذلك مثلاً دعوة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو لزيارة الصين في 8/9/2023، والتي أسفرت في أيامها الأولى عن توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء مناطق صناعية صينية في فنزويلا تساعد على تنويع الاقتصاد الفنزويلي بعيداً من الاعتماد على تصدير النفط، إضافة إلى توقيع عدة اتفاقيات تعاون ثنائية، والإعلان عن شراكة استراتيجية رفيعة لا تحظى بها إلا قلة من البلدان مع الصين.
تتصاعد في الآن عينه دعوات إصلاح مجلس الأمن الدولي والمؤسسات الاقتصادية الدولية بما يعكس تحولات ميزان القوى في عالمنا المعاصر، وتحاول الولايات المتحدة استيعاب تلك الدعوات بأن تقدم مشاريع "إصلاحية" لمجلس الأمن لا تهدد هيمنتها.
هل تتحوّل مشكلات الغرب المتفاقمة إلى أزمة كبرى؟
يعيش الغرب، على المقلب الآخر، مشكلات متفاقمة، عكستها أنباء الأسابيع الأخيرة. وكان من ذلك:
أ – وصول الدين العام الأميركي إلى عتبة 33 تريليون دولار، والخلاف المحتدم في الكونغرس، مجدداً، حول مشروع الموازنة للعام المقبل، وخطر إفلاس الحكومة وتعطيل مؤسساتها إذا لم يجرِ الوصول إلى اتفاق.
ب - إعلان المفوضية الأوروبية، في تقريرٍ أصدرته قبل أيام، أن معدل النمو في منطقة اليورو في العام الجاري لن يزيد على 0.8%، بعد أن توقعته أن يبلغ 1.1%، وبأنه لن يزيد على 1.3% في العام المقبل، بعد أن توقعته أن يبلغ 1.6%. ويذكر أن الاستثمار الأجنبي المباشر في الاتحاد الأوروبي انخفض 80% منذ 2021.
ج – إعلان رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بأن 8 ملايين شاب وشابة في الاتحاد الأوروبي عاطلون من العمل، وليسوا في برامج تدريبية أو تعليمية. ويذكر أن ضغوط الموازنة، ولا سيما الإنفاق الأوروبي على حرب أوكرانيا، تمنع الاتحاد الأوروبي من تخصيص موارد لأولئك الشباب، الأمر الذي يمثل وقوداً انتخابياً للأحزاب والمرشحين اليمينيين المناهضين للعضوية في الاتحاد الأوروبي.
د – اندلاع أكبر إضراب عمالي في الولايات المتحدة منذ عقود، وهو إضراب عمال السيارات في شركات تصنيع السيارات الـ 3 الرئيسية في الولايات المتحدة، والذي بدأ في 15/9/ 2023. ويقود الإضراب اتحاد عمال السيارات الذي يضم 150 ألف عضو. ويذكر أن الحراك النقابي يشهد تصاعداً كبيراً في الولايات المتحدة على خلفية تدهور أحوال العمال المعيشية من جراء ارتفاع الأسعار أساساً، وتزايد ديونهم (ديون بطاقات الائتمان تجاوزت تريليون دولار). ومنذ بداية العام الجاري حتى أيلول / سبتمبر الجاري كان هناك 250 إضراباً عمالياً شمل 600 ألف عامل في قطاعات اقتصادية مختلفة، من الشحن وسكك الحديد إلى شركات كبرى مثل "ستاربكس" و"ألفابت"، إلى معلمي منطقة شيكاغو.
فهل تتفاقم مشكلات الغرب لدرجة تحوّلها إلى أزمة كبرى؟