الخسائر المصرية المتوقّعة من جرّاء الأزمة الأوكرانية
بحكم العلاقات المصرية الروسية، فإنه من المتوقع أن لا تقتصر تبعات الأزمة في أوكرانيا على الداخل المصري بنقص واردات القمج أو ارتفاع أسعار المحروقات، بل ستتعداها إلى أكثر من ذلك.
لن يتوقف حجم الخسائر المصرية من جراء الأزمة الأوكرانية على أزمة واردات القمح والمواد الغذائية المهمة الواردة من روسيا وأوكرانيا، وارتفاع أسعارها في الأسواق الدولية وحدها، أو في زيادة أسعار المحروقات والغاز وتبعاتها على تكاليف النقل والمواد الغذائية أيضاً، بل إنه يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك وأعمق، بحكم عمق العلاقات المصرية – الروسية، وتعدّد مجالات التعاون بين مصر وكل من روسيا وأوكرانيا.
وإذا حاولنا استكمال ملامح هذه الصورة، ينبغي أن نتناول ثلاثة مجالات من مجالات الخسارة المصرية وهي:
الأول: توقّف أو تعطّل المشروعات الاستثمارية التي تقوم بها روسيا وصندوقها الاستثماري في مصر.
الثاني: توقّف أفواج السيّاح الروس والأوكرانيين، الذين يُعَدّون من أهم روافد السياحة المصرية، ومصدراً مهماً في إيرادات البلاد من العملة الصعبة.
الثالث: التبادل التجاري، ومنفذ للصادرات المصرية.
فلنتناول كل واحد بشيء من التفصيل:
أولاً: الخسائر المتوقعة للاستثمارات الروسية
في تصريحات إلى جريدة المال القاهرية، قال نيكولاي أسلانوف، رئيس مكتب التمثيل التجاري الروسي في القاهرة، إن حجم الاستثمارات الروسية في مصر بلغ نهاية عام 2021 حوالى 7.5 مليارات دولار، منها 60% في قطاع النفط والغاز، مؤكداً أن مصر تُعَدّ أحد الشركاء الرئيسيين لروسيا في قارة أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط.
وأشار إلى أن الشركات الروسية في مصر تخطط لزيادة استثماراتها في السوق المحلية بقيمة 1.5 مليار دولار خلال العام الجديد 2022، مشيراً إلى أنه وفقاً لإحصاءات هيئة الجمارك الفيدرالية الروسية الصادرة في 2019، بلغ حجم التجارة الثنائية بين البلدين 6.3 مليارات دولار، لافتاً إلى أنها تمثل أكثر من 40% من إجمالي حجم التجارة الروسية مع الدول الأفريقية، وأن حجم الصادرات الروسية إلى مصر سجّل خلال تلك الفترة 5.8 مليارات دولار، بينما بلغ حجم الصادرات المصرية إلى روسيا 481 مليون دولار.
أما الشركات الروسية العاملة في مصر، فقد بلغ عددها حتى تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019 حوالى 23 شركة تعمل في مجالات مختلفة، أهمها البترول والغاز، ومنها (روزنفت) و(غازبروم) في مجال النفط والغاز، وخصوصاً في حقل ظهر، كما أن المنطقة الصناعية الروسية داخل المنطقة الاقتصادية في محور قناة السويس تُعتبر المشروع الأكبر والأهم لروسيا في مصر، ومن المتوقع أن تُضخّ استثمارات بقيمة 7 مليارات دولار، وتوفّر 35 ألف فرصة عمل، إضافة إلى عدد آخر من الشركات العاملة في قطاع السياحة والاستثمار العقاري، ومن أهم تلك الشركات "تيز تور" للسياحة بحجم استثمارات يبلغ 9.9 ملايين دولار، وشركة "رد سي بيرل" للاستثمار السياحي بحجم استثمارات يبلغ 4.2 ملايين دولار، وشركة "أوول ردس" للاستثمار والتنمية السياحية بحجم استثمارات يبلغ 3.8 ملايين دولار، وشركة "جلوسا ديفينج كروز" بحجم استثمارات يبلغ 2.9 مليون دولار، وشركة كايرو ستار للاستثمار العقاري والسياحي بحجم استثمارات يبلغ 2.4 مليون دولار، وشركة "رد سي ريزورت للسياحة" بحجم استثمارات يصل إلى 2.3 مليون دولار، وشركة "سيما" لتصنيع المواد الخرسانية وإنشاء الطرق بحجم استثمار بلغ 1.4 مليون دولار، وشركة "روساتم" المتخصّصة في الطاقة النووية التي تُعدّ أول محطة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية في مصر، وتتولّى الشركة الروسية بناء المحطة وتوظيف قدراتها وخبراتها الواسعة في هذا القطاع (1).
وبتاريخ الـ 25 من أيلول/ سبتمبر 2018 جرى توقيع عقد توريد وتصنيع 1300 عربة سكة حديد جديدة للركاب، في صفقة هي الأضخم في تاريخ السكك الحديدية المصرية، وذلك بين هيئة سكك حديد مصر والتحالف الروسي المجري الممثل في شركة "ترانسماش هولدينغ"، بحضور رئيس الوزراء المصري د. مصطفى مدبولي، ووزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية.
كما جرى التوقيع بين الهيئة العربية للتصنيع وشركتي أزموت Azimut وألمزAlmaz الروسيتين، في الـ 11 من تشرين الأول/أكتوبر 2019 على مذكّرتين للتفاهم في إطار نقل وتوطين التكنولوجيا وتعميق التصنيع المحلي، وزيادة القيمة المضافة من خلال الشراكة والتعاون مع الشركات العالمية، وسدّ الفجوة الاستيرادية وزيادة فرص الاستثمار في مصر.
وقد استقبلت مصر في العام 2019 أكثر من 130 وفداً لرجال أعمال من الشركات الروسية، لبحث مشاريع وفرص عمل مشتركة. وشملت المباحثات مجالات استكشاف النفط والغاز، والطاقة النووية، وإنشاء المنطقة الصناعية الروسية والنقل بالسكك الحديد، والتعدين وصناعة السيارات، والآلات الزراعية، وتحديث أحواض بناء السفن، وتقنيات تكنولوجيا المعلومات، والمستحضرات الصيدلانية، والخدمات المصرفية وغيرها.
محطة الضبعة النووية تُعَدّ من أكبر الاستثمارات الروسية في مصر وفي أفريقيا
يُعَدّ مشروع إنشاء محطة كهروذرية في مصر، بالتعاون والمساندة الروسية من أكبر وأهم المشروعات والاستثمارات الروسية في مصر وفي دول القارة الأفريقية. وكان هذا المشروع الضخم قد بدأ التباحث فيه بين الطرفين أثناء المباحثات التي جرت في موسكو يوم الـ 25 من آذار/ مارس 2008 على المستوى الرئاسي، وأسفرت عن توقيع اتفاقية ستتيح لروسيا المشاركة في المناقصة المتعلقة ببناء أول محطة كهروذرية في مصر، وقد تمّ بالفعل التوقيع بين الجانبين في الـ 19 من تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 على اتفاقية تعاون تقضي بإنشاء "موسكو" أول محطة نووية تضم أربعة مفاعلات لإنتاج الطاقة الكهربائية في منطقة الضبعة. ومثّل الجانب المصري هيئة المحطات النووية، كما مثّل الجانب الروسي شركة "روز أتوم" الروسية العاملة في مجال بناء المحطات النووية.
وشملت الاتفاقية النواحي الفنية المتعلقة بأحدث التكنولوجيات التي تشمل أعلى معايير الأمان النووي، كما تضمّن العرض الروسي أفضل الأسعار التمويلية الخاصة بأفضل تمويل وفترة سماح أو فائدة، ولم تضع الاتفاقية شروطاً سياسية على مصر، وبمقتضاها توفر روسيا حوالى 80% من المكوّن الأجنبي، وتوفّر مصر الـ 20% الباقية، على أن تسدّد مصر قيمة المحطة النووية بعد الانتهاء من إنشائها وتشغيلها. ووفقاً للاتفاقية تضم المحطة النووية في المرحلة الأولى 4 وحدات، قدرة كلّ منها حوالى 1200 ميغاوات بتكلفة حوالى 10 مليارات دولار، ومن المخطّط أن يكتمل المشروع في غضون 12 عاماً (2).
كما تمّ توقيع اتفاقية أخرى تحصل بموجبها مصر على قرض روسي لتمويل إنشاء هذه المحطة، ووقّع البلدان اتفاقية ثالثة بين هيئة الرقابة النووية والإشعاعية في مصر والجهاز الفيدرالي للرقابة البيئية والتكنولوجية والنووية في روسيا. وقّع اتفاقية إنشاء المحطة النووية في الضبعة وزير الكهرباء والمدير العام لهيئة الطاقة الذرية الروسية، كما شهد الرئيسان المصري والروسي في الـ 11 من كانون الأول/ديسمبر 2017 التوقيع على وثيقة العقد النهائي لإنشاء أول محطة نووية في الضبعة، وتتكون المحطة من 4 مفاعلات نووية بقدرة إجمالية تصل إلى 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل منها، على أن يتم تشغيل أول مفاعل في عام 2026.
كما تعمل كبريات شركات النفط والغاز الروسية في مصر؛ حيث قامت شركة ROSNEFT بشراء حصة قدرها 30% في الامتياز الخاص بأكبر حقل غاز بحري مصري وهو حقل ظُهر، كما تعمل شركة LUKOIL بنجاح في السوق المحلية منذ أكثر من 10 أعوام.
وأشار رئيس مكتب التمثيل التجاري الروسي "أسلانوف" إلى أننا "نتفاوض مع الشركاء في مصر بشأن شروط التعاون في تحديث البنية التحتية للسكة الحديد، وقطاع الزراعة، وتصنيع السيارات، وبناء السفن وإعادة بناء المشروعات المعدنية"، كما يجري العمل بشكل وثيق على توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ومصر. وأضاف أن مصر تتلقّى أحدث التكنولوجيا وأكثرها أماناً في المشروع النووي، لافتاً إلى أن تنفيذه يخلق أكثر من 50 ألف فرصة عمل في قطاع الطاقة النووية والمجالات المرتبطة به (3).
ومن الإنجازات الحقيقية للتعاون السوفياتي - العربي على مدار الستينيات والسبعينيات كان سد أسوان، ومجمّع الحديد والصلب في مصر، ومجمّع توليد الكهرباء على الفرات في سوريا، والمجمّعات الصناعية في الجزائر، والمشروعات الأخرى الاستثمارية الكبيرة في اليمن والمغرب وليبيا والسودان وتونس والعراق وغيرها من البلدان العربية.
وكان الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" قد صرّح خلال كلمته في المنتدى الاقتصادي الأفريقي الروسي "سوتشي"، بأن روسيا تنفّذ أكثر من مشروع مفاعل نووي في أفريقيا، وخاصة المشروع الذي يجري تنفيذه في مصر، مشيراً إلى أن موسكو تأمل مضاعفة حجم التبادل التجاري مع دول أفريقيا خلال السنوات الخمس المقبلة. وأضاف بوتين: "روسيا تطوّر مشروعات مشتركة في مجالات الصناعة الاستخراجية والزراعة، بالتعاون مع الدول الأفريقية". وأوضح أن روسيا تُعَدّ من الدول العشر الأُوَل للمستوردين من أفريقيا، ونصدّر من المنتجات الزراعية أكثر ممّا نصدّره من أسلحة، والشركات الروسية جاهزة لتزويد شركائها الأفارقة بما تملكه من تكنولوجيا.
ولا شك في أن الحرب الاقتصادية التي تُشنّ ضدّ روسيا من جانب التحالف الاستعماري الغربي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية، سوف تنعكس سلبًا على مسار علاقات التعاون بين مصر وروسيا، وخاصة إذا استمرت الأزمة وتبعاتها لفترة طويلة من الزمن (أكثر من ستة أشهر)، بحيث تطال سياسة العقوبات والحظر الغربية جميع الدول التي تتعاون مع روسيا ومن بينها مصر. وهكذا، فإن هذه الاستثمارات الروسية المتوقعة سوف تتوقف لفترة طويلة من الزمن، إن لم تكن ستتوقف نهائياً.
ومن ناحية أخرى، سوف تتّخذ صور بعض الخسائر، وقفاً للصادرات المصرية أو تخفيضاً لها، إلى دولة روسيا، وكذا تقليص الواردات من روسيا، أو حتى حظر بعضها كاملاً، ومن المتوقع أن تتوقف الاستثمارات الروسية في مصر، وكذا أن يخرج المستثمرون المصريون من السوق الروسية خوفاً من قرارات المقاطعة الغربية. وأخيراً، فإن مبيعات السلاح الروسية وما يستتبعها من معونة فنية وقطع غيار وبرامج صيانة قد تتعرض للتوقف أو الانحسار، بما يهدّد برامج تنويع مصادر السلاح وإجراءات الأمن القومي للدولة المصرية.
مع أهمية الإشارة إلى أنه خلال الفترة (1983-1990) صدّر الاتحاد السوفياتي إلى بعض البلدان العربية أسلحة ومعدات عسكرية بمبلغ يزيد على 55 مليار دولار، حصل العراق منها على حوالى 24 مليار دولار، وسوريا على 11 مليار دولار، وليبيا على 7 مليارات دولار. وبواسطة هذه التوريدات من الأسلحة والمعدات العسكرية، أمّنت سوريا واليمن الديمقراطية 100% من احتياجاتهما من الأسلحة، بينما غطّى العراق حوالى 50% من احتياجاته العسكرية. وقُدّمت هذه الأسلحة إما كهدايا أو في شكل قروض ميسّرة طويلة الأجل.
وقد استمرّت برامج التسلّح الروسية إلى مصر وبعض الدول العربية بعد عام 1999، وازدادت في عهد الرئيس الروسي "بوتين".
ثانياً: خسائر مصر من السياحة الروسية والأوكرانية
تُعدّ الوفود السياحية الآتية من روسيا وأوكرانيا من أكبر المجموعات السياحية التي تزور مصر، وتقدّم لها واحدة من أهم مصادر الدخل والإيرادات من العملة الصعبة.
لقد ظلّ متوسط عدد السائحين الروس الآتين إلى مصر يرواح بين 2 مليون و3 ملايين سائح سنوياً، طوال الفترة الممتدة من عام 2010 حتى وقع الحادث المأساوي الذي جرى في صحراء سيناء بتفجير الطائرة الروسية بعمل إرهابي، وبعدها توقّفت تماماً حركة السياحة الروسية حتى عام 2020. وتظهر البيانات المتاحة ثقل هذا الاستثمار الروسي وأهميته، في مصر بالقطاع السياحي، خلال هذه الفترة على التحو التالي:
تطوّر الأرقام السياحية الوافدة من السوق الروسية إلى مصر خلال الفترة من 2010 حتى عام 2015 (4):
عام 2010 بلغ 2.8 مليون سائح.
عام 2011 بلغ 1.3 مليون سائح .
عام 2012 بلغ 1.9 مليون سائح .
عام 2013 بلغ 2.5 مليون سائح.
عام 2014 بلغ 3.1 ملايين سائح.
عام 2015 بلغ 2.3 مليون سائح.
في عام 2016 توقفت الحركة السياحية. بعد حادث إسقاط الطائرة الروسية في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2015
في عام 2017 بلغ 100 ألف سائح.
وكانت الحكومة المصرية تأمل استعادة حركة السياح الروس إلى مصر خلال الأشهر الثمانية السابقة لاندلاع نيران الحرب في أوكرانيا، وقدّرتها في آب/ أغسطس 2021 بـ 300 رحلة طيران شهرياً، مستضيفة في شواطئ البحر الأحمر وجنوب سيناء حوالى 500 ألف سائح روسي (5).
أما السيّاح الآتون من أوكرانيا، فقد احتلوا المركز الثاني في حركة السياحة الوافدة إلى مصر خلال عام 2019، قبل جائحة كورونا، ومثّلوا حوالى 21% من إجمالي سوق السياحة في مصر، خلال 2020.
حيث استقبلت المدن السياحية المصرية نحو 1.6 مليون سائح أوكراني، بنسبة ارتفاع تقدّر بـ 32% عن عام 2018. وأعلنت السفارة الأوكرانية لدى القاهرة أن أكثر من 727 ألف أوكراني زاروا الأراضي المصرية بهدف السياحة عام 2020، وقد أدّت جائحة كورونا إلى انخفاض العدد الإجمالي من الأوكرانيين الذين سافروا إلى خارج بلادهم للاستجمام خلال عامي 2020 و2021 بنسبة 81%، وفي المقابل انخفض عدد السياح الأوكرانيين الذين سافروا إلى مصر بنسبة 5.48%عام 2020 مقارنة بعام 2019 (6).
وهكذا خسرت مصر ما لا يقل عن خمسة مليارات دولار سنوياً منذ عام 2016، بسبب انقطاع الإيرادات السياحية الروسية والأوكرانية، والتي يُتوقع عدم استعادتها طوال السنوات الثلاث المقبلة حتى يصل أطراف النزاع الدولي الجاري في أوروبا إلى اتفاق تسوية يرتّب دعائم نظام الأمن المتبادل في أوروبا.
ثالثاً: التبادل التجاري ومنفذ للصادرات المصرية
تطورت علاقات التبادل التجاري بين مصر وروسيا طوال الثلاثين عاماً الأخيرة؛ ففي عام 2019 بلغت الصادرات الروسية إلى مصر حوالى ثلاثة إلى أربعة مليارات دولار، توزّعت أهم بنودها بين القمح بواقع 1.275 مليار دولار، بما يمثل (22% من إجمالي حجم الصادرات إلى مصر)، والمعادن والصناعات المعدنية، وبلغت قيمتها 751 مليوناً (بنسبة 13%) من الإجمالي، فضلاً عن وسائل النقل والأجهزة الميكانيكية بقيمة 519 مليوناً. كما صدّرت روسيا لمصر منتجات أخشاب وأعمالاً خشبية بقيمة 346 مليون دولار، والنفط والغاز 342 مليون دولار، فضلاً عن تصدير منتجات كيميائية بقيمة 58 مليوناً، والنحاس وغيرها، هذا عدا عن صفقات التسليح التي لا تُدرَج عادة في البيانات الرسمية المعلنة في مصر.
وأشار المجلس التصديري إلى أنه وفقاً لبيانات موقع Trade Map التابع لمركز التجارة العالمية، فإن إجمالي واردات مصر من روسيا في عام 2020 كانت قد بلغت 2.5 مليار دولار، ويُعَدّ القمح أهم الواردات المصرية من روسيا بقيمة بلغت حوالى 1.6 مليار دولار تمثل 64% من إجمالي واردات مصر من روسيا، تليه الزيوت النباتية كثاني أهم الواردات الغذائية لمصر من روسيا بقيمة 60 مليون دولار العام ما قبل الماضي. وفي عام 2021 بلغ التبادل التجاري بين البلدين حوالى 4.0 إلى 4.5 مليارات دولار.
ويُقدّر حجم الصادرات المصرية إلى روسيا عام 2019 بحوالى 485 مليون دولار، وتوزّعت أهم بنود الصادرات المصرية لروسيا بين منتجات فاكهة بقيمة 243 مليون دولار، استحوذت على (50.5%) من الحجم الكلي للصادرات، والخضار بقيمة 121 مليوناً (ونسبتها 25%) من الحجم الكلي للصادرات، إلى جانب تصدير ملابس بقيمة 29 مليوناً. كما صدّرت مصر آلات كهربائية ومعدات قيمتها 24 مليون دولار، استحوذت على (نسبة 5%) من إجمالي الصادرات المصرية، إلى جانب تصدير مستحضرات صيدلانية بنحو 15 مليون دولار، ومنظّفات قيمتها 6 ملايين دولار (7).
وأعلن المجلس التصديري للصناعات الغذائية المصنّعة أن حجم الصادرات المصرية إلى روسيا وأوكرانيا في 2021 بلغ حوالى 67 مليون دولار، منها 3.3 ملايين دولار صادرات إلى أوكرانيا، بما يمثل نسبة 1.7% من إجمالي الصادرات الغذائية المصرية البالغة 4.1 مليارات دولار في عام 2021.
وتمثل الصادرات الغذائية المصرية إلى روسيا في 2021 نسبة 13% من إجمالي الصادرات المصرية غير البترولية في العام نفسه، والبالغة 484 مليون دولار أميركي، وقد بلغ عدد الشركات الغذائية المصرية المصدّرة إلى روسيا في عام 2021 حوالى 152 شركة، من بينها 21 شركة تزيد صادراتها على مليون دولار أميركي، وقد بلغت هذه الصادرات الغذائية المصنّعة إلى روسيا خلال الفترة من 2014 إلى 2021 حوالى 267 مليون دولار أميركي.
أي إن الصادرات الغذائية المصرية إلى روسيا تعادل حوالى 20 ضعفاً من الصادرات الغذائية إلى أوكرانيا، وتحتل روسيا المركز الـ 21 في قائمة أهم الأسواق المستوردة للأغذية المصنّعة المصرية في 2021، وتمثل نسبة 1.6% من إجمالي الصادرات الغذائية المصرية خلال 2021، بينما تحتل أوكرانيا المركز الـ 81 في قائمة أهم الأسواق المستوردة للأغذية المصنّعة المصرية في العام نفسه، وتمثل نسبة 0.08% من إجمالي الصادرات الغذائية المصرية خلال عام 2021، فلم يزد إجمالي الصادرات الغذائية المصرية المصنّعة إلى أوكرانيا خلال الفترة من 2014 إلى 2021 على حوالى 21 مليون دولار أميركي (8).
وأخيراً، إذا انتقلت سياسات الحرب الاقتصادية الغربية ضد روسيا من المرحلة الأولى (المباشرة)، إلى الدول والأطراف الذين يتعاونون أو يتعاملون مع روسيا اقتصادياً وسياسياً وفنياً، للضغط أكثر على روسيا والقيادة الروسية، فإن مصر ستكون من المشمولين بها، وغالباً سوف تخضع بصورة كُليّة أو جزئية للمطالب الغربية، وهنا ستكون خسارة مصر الاقتصادية أكثر ممّا يُتوقع. وفي الخلاصة والاستنتاج، نستطيع تقدير حجم الخسارة المصرية في هذه الحالة بما بين 10 و15 مليار دولار سنوياً، متمثلة في العناصر التي أشرنا إليها من قبل.