فرنسا: مؤشرات بشأن اقتراب إطاحة حكومة بارنييه.. والبلاد نحو أزمة سياسية
احتمال سقوط حكومة ميشال بارنييه خلال أيام يحمل في طياته مخاطر عديدة لأنه سيقحم فرنسا في أزمة سياسية، مع العجز عن تشكيل أخرى من قبل الرئيس ايمانويل ماكرون الذي تتوالى الدعوات لاستقالته.. ماذا في التفاصيل؟
كل المؤشرات توحي أنّ عمر حكومة ميشال بارنييه في فرنسا قد لا يتجاوز منتصف هذا الأسبوع إلا بمعجزة، لكن المعجزة لن تحصل على الأرجح بعدما اختار بارنييه اللجوء إلى استخدام المادة 49.3.
وتجاوز تصويت النواب على موازنة الضمان الصحي، وذلك رغم كل التحذيرات، وبخاصةٍ من "حزب التجمع الوطني"، بزعامة مارين لوبان، التي شكّل حزبها ضمانة وجود هذه الحكومة منذ تشكيلها، وإذ بلوبان تعاود التأكيد على ما كانت أعلنته في وقت سابق، من أنها "ستصوّت ضد الحكومة"، وأنّ حزبها تقدم هو الآخر بمشروع لحجب الثقة عنها.
والطرح بحجب الثقة سبقه إليه "حزب فرنسا غير الخاضعة"، بزعامة جان لوك ميلانشون، بُعيد لجوء بارنييه إلى المادة المثيرة للحنق السياسي والجدل، ولئن صدقت نوايا وتصريحات مسؤولي حزب لوبان، فالأرجح أن يسقط بارنييه وحكومته بالضربة القاضية عند النظر في موضوع حجب الثقة، وذلك اعتباراً من يوم الأربعاء المقبل، ما يؤشر إلى احتمال "دخول فرنسا في مرحلة من عدم الاستقرار السياسي"، نتيجة عدم امتلاك أي من الكتل الثلاث الرئيسية الوازنة في الجمعية الوطنية الأغلبية النيابية المطلوبة.
وتحدد الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية بـ 289 نائباً ما يدفع إلى ضرورة حصول توافقات بين بعض هذه الكتل تحتمها الضرورة، وتقاطع الرغبة المشتركة في الاطاحة بالحكومة.
يملك تحالف اليسار بتشكيلاته المختلفة 192 نائباً، لكن إذا ما أضيف اليهم نواب "حزب التجمع الوطني" الذي يؤكّد أنه سيصوّت لصالح أي طرح لحجب الثقة، وعددهم مع حلفائهم 143، حينها يمكن القول إنّ حجب الثقة سيكون "محسوماً"، رغم احتمال امتناع بعض النواب الاشتراكيين عن التصويت. وإذا ما تمّ تأمين الغالبية المطلوبة ستكون حكومة بارنييه الثانية التي يُطاح بها في تاريخ الجمهورية الخامسة وأيضاً الأقصر عمراً.
سقوط حكومة بارنييه يحمل في طياته مخاطر عديدة لأنه سيقحم البلاد في أزمة سياسية، مع العجز عن تشكيل حكومة أخرى من قبل الرئيس ايمانويل ماكرون، الذي تتوالى الدعوات لاستقالته، وذلك على اعتبار أنّ ذلك سيمهّد لمعالجة أكبر. لكن الاستقالة إن تمّت، وهو أمر مستبعد بفعل ما يعرف عن ماكرون من عناد، فهي لا يمكن أن تحل لب المشكلة المتمثّل بكيفية تشكيل حكومة لإدارة شؤون الدولة ذات صلاحيات واضحة، وعندها سيكون على فرنسا أن تتعايش مع واقعها السياسي الهشّ إلى أن تنقضي المهلة القانونية التي يفرضها الدستور لحل الجمعية الوطنية مجدداً، أي بداية الصيف، على أمل تشكيل أغلبية متجانسة تُعيد لفرنسا استقرارها السياسي بما يسمح لها بأن تلعب دورها الإقليمي والدولي بفعالية.