بعد هزيمة البحر الأحمر.. الجماعات التكفيرية بيدق أميركي متجدد لزعزعة اليمن
بعد مسارات من الفشل واجهتها واشنطن أمام جبهة صنعاء، تحاول الولايات المتحدة وبريطانيا تحريك أدواتهما من الجماعات الإرهابية، لاستخدامها بهدف زعزعة الأمن في الداخل اليمني.
في عمليةٍ أمنية كبيرة، نجحت الأجهزة الأمنية اليمنية في تحقيق إنجازٍ لافت بعد مباغتتها أوكار تنظيم "داعش" الإرهابي، فجر أمس الثلاثاء، في منطقة الخشعة في محافظة البيضاء اليمنية. وشنّت الأجهزة عملية استباقية تمكّنت خلالها من تطهير المنطقة، كما نجحت في تصفية عددٍ من أخطر عناصر التنظيم، إلى جانب قياديين، بعدما كانوا يحضّرون لعمليات انتحارية في العاصمة صنعاء وبعض المحافظات.
وتأتي هذه العملية في ظل تقارير تحدثت، مؤخراً، عن محاولات أميركية - بريطانية لتحريك أدواتها من الجماعات التكفيرية والإرهابية، لاستخدامها بيدقاً متجدداً لإحداث فتنة في الداخل اليمني، ولاستخدامها ورقةً ميدانية ضد الدولة والشعب اليمني، في مواجهة مواقفه البطولية في إسناد الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة ونصرته.
مسارات من الفشل واجهتها واشنطن أمام جبهة صنعاء منذ العدوان على اليمن عام 2015. وفي الشهور الأخيرة، ونتيجة لموقف صنعاء الداعم لغزة، وجبهة الضغط التي شكلتها في البحر الأحمر، بدأت الولايات المتحدة الأميركية خطوتها التالية القائمة على تفجير الأوضاع في اليمن. فالولايات المتحدة فشلت في تأمين ملاحة السفن المتّجهة نحو موانئ الاحتلال الإسرائيلي، كما برز إخفاقها في حشد الدول وضمّها إلى تحالفات قياساً مع تشكيلات سابقة كانت فيها القطب الأوحد، وما التحالف الذي أنشأته في وجه اليمن (تحالف الازدهار) إلّا دليلٌ على ذلك، إذ تبيّن أنه فاشل، ورفضت غالبية الدول الأوروبية الانضمام إليه.
والأمر لم يقتصر على ذلك، إذ لم ينجح العدوان الأميركي - البريطاني المتجدد على المحافظات اليمنية في إضعاف وتيرة عمليات صنعاء، وثني عملياتها في البحرين الأحمر والعربي. إلى جانب ذلك، فشل تهديد الولايات المتحدة في إيقاف عملية السلام في اليمن.
وبعدما أدركت واشنطن عدم فاعلية الخطوات التي اتّخذتها ضد اليمن، لجأت بالتالي إلى محاولة زعزعه أمن البلاد عبر أجنداتها الداخلية، أي "داعش" وأخواته، وفق ما يؤكد مسؤولون في صنعاء.
ضربة أمنية لأداة أمريكا
— الدكتور احمد مطهر الشامي (@drahmedalshami) February 20, 2024
أمريكا في حربها على اليمن لا تقتصر على الجانب العسكري والاقتصادي، بل تخوض حربا شاملة، ومن بين حروبها صناعة جماعات تكفيرية كداعش، ودعمها وتحريكها للقيام بأعمال تستهدف أبناء الشعب، نبارك للأجهزة الأمنية عمليتهم البطولية في البيضاء.#الإرهاب_صناعة_أمريكية
تحركات واشنطن "مكشوفة"
وفي هذا الإطار، رأى المستشار القانوني اليمني، عبد الوهاب الخيل، أنّ تحريك الولايات المتحدة لهذه الخلايا الإرهابية في هذا التوقيت الحساس يسعى إلى تحييد اليمنيين عن دعم غزة.
وأكد الخيل، في حديثٍ للميادين نت، أنّ "واشنطن تحرّك هذه الخلايا في المناطق التي تريد أن تغرقها في مستنقع الإرهاب ومشكلاته، وتسعى في ما بعد إلى إخضاع هذه المناطق أو إشغالها"، مشيراً إلى أنّ الولايات المتحدة "تعتقد أنها ستُخضع اليمن عبر استهداف الجبهة الداخلية وتفكيكها، بغرض التشويش على معركتنا في دعم غزة، ومواجهة الكيان الصهيوني والأميركي والبريطاني".
وبيّن المستشار اليمني أنّ واشنطن تسعى لإيجاد أرض خصبة للإرهاب في اليمن، لافتاً إلى أنّ هذه التحركات تهدف إلى "تحريك النعرات والفتن الأهلية والمذهبية في الداخل".
ولفت الخيل، في هذا السياق، إلى أنّ الولايات المتحدة تحاول، عبر "داعش"، "تخذيل الناس وتخويفهم لثنيهم عن الخروج إلى المسيرات الكبيرة الداعمة لغزة"، مشدداً في الوقت نفسه على أنّ "التحركات الأميركية مكشوفة، ونعلم بها، وقد أعددنا العدة لمواجهتها".
كذلك، طمأن أنّ الجبهة الداخلية اليمنية محصّنة ضد المؤامرات الأميركية، لافتاً إلى أنّ "الأجهزة الأمنية تقوم بجهود كبيرة في هذا الجانب، بالتوازي مع الجهود الكبيرة المبذولة على الجبهة الخارجية".
العراق و"داعش".. والورقة نفسها
في العراق، لا يختلف المشهد كثيراً. إذ يشي الحراك المتصاعد لتنظيم "داعش" في العراق بتغييرات طرأت على خطّة عمله مؤخراً، إذ يقول مراقبون إنّ واشنطن "بدأت في النفخ في بوق عودة التنظيم الإرهابي"، حيث تعمل على إعادة إحيائه ذراعاً ميدانية لها في البلاد.
وجاءت هذه التحركات الإرهابية في ظل عمليات المقاومة الإسلامية العراقية المساندة لغزة، والتي لم تقتصر استهدافاتها على قواعد الاحتلال الأميركي في كل من سوريا والعراق، بل عبرت الحدود، وصولاً إلى معاقل الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، وذلك ضمن استراتيجية وحدة الساحات لفصائل المقاومة.
وفي هذا الصدد، أكد رئيس مركز "ارتقاء" للبحوث والتواصل الجماهيري، عباس العرداوي، في تصريحاتٍ للميادين نت، أنّ الولايات المتحدة تحاول جاهدةً الضغط على العراق بالوسائل كافة، "لأنه طالب بمغادرتها بعد الأحداث الدامية واستهدافها لأبناء الشعب العراقي، وبعد موقفه من استهداف إخواننا في غزة".
وأشار العرداوي إلى أنّ واشنطن تحاول أن تتعكز على ورقة الاقتصاد عبر الضغط على الدينار العراقي من خلال الدولار الأميركي تارةً، أو من خلال المجاميع الإرهابية التي تعيد تفعيلها تارةً أخرى.
وشدّد على أنّ ورقة "داعش" هي من الأوراق الأساسية والمهمة والتي تمّ الضغط بها على العديد من المناطق العراقية، مشيراً إلى وجود 20 إلى 30 ألفاً من الإرهابيين في مخيم الهول وغيره، "وهذه أوراق مهمة يتم العمل على إعادة إحيائها".
وبحسب ما تابع، يشهد العراق عمليات جديدة لـ "داعش" والعصابات الإرهابية، بالإضافة إلى استهدافات للقوات الأمنية وتفعيل بعض الخلايا الأمنية تحت ذرائع متعددة. كذلك، أوضح أنّ تنظيم "داعش" هو ورقة أميركية تسعى واشنطن لأن تضغط بها في المنطقة، بهدف إرباك المقاومة وإشغال المنطقة، لترك الفرصة للاحتلال الإسرائيلي لإكمال جريمته في غزة.
وأكد العرداوي للميادين نت وجود جهوزية عالية جداً للحشد الشعبي والقوات الأمنية، مشيراً إلى عمليات اصطياد لشخصيات أساسية ومهمة داخل عصابات "داعش".
هكذا، يتضح مجدداً أنّ "داعش هو ورقة من الأوراق التي تُستخدم أميركياً، لكن لا قدرة له على التأثير في تغيير المعادلة، ولا سيما معادلة المقاومة في الوقوف إلى جانب غزة ومجاهديها والانتصار للقضية الأساس، فلسطين"، وفق الباحث العراقي.