انتخابات البرلمان الأوروبي.. ما هي الأحزاب والتكتلات السياسية المتنافسة؟
انتخابات البرلمان الأوروبي تمتدّ 4 أيام في كافة الدول الأعضاء في الاتحاد، لانتخاب 720 نائباً، فكيف تنظّم الانتخابات؟
انطلق التصويت، الخميس، في هولندا لاختيار نواب البرلمان الأوروبي، في انتخاباتٍ تستمر 4 أيام، في الفترة الممتدة بين الـ6 والـ9 من حزيران/يونيو 2024. حيث يتوجه نحو 373 مليون أوروبي إلى صناديق الاقتراع في بلدانهم، لانتخاب 720 نائباً يمثلونهم في البرلمان الأوروبي المُقبل.
ما البرلمان الأوروبي؟
يُعدّ البرلمان الأوروبي الهيئة الوحيدة المنتخَبة بصورة مُباشرة في الاتحاد الأوروبي، والتي تُمثّل مواطني الدول الأعضاء فيه. وتشمل وظائفه الأساسية التفاوض على قوانين الاتحاد الأوروبي مع حكومات الدول الأعضاء، والتي يُمثلها المجلس الأوروبي.
ويوافق البرلمان الأوروبي أيضاً على ميزانية الاتحاد الأوروبي، ويُصوّت على الاتفاقيات الدولية وتوسع الكتلة، كما أنّه يتولى مسؤوليات رقابية كبيرة، بما في ذلك سلطة الموافقة على تعيين رئيس المفوضية الأوروبية، أو رفض ذلك، وهو المنصب الذي تشغله حالياً المستشارة الألمانية، أورسولا فون دير لاين.
وعلى عكس البرلمانات الوطنية، لا يتمتع البرلمان الأوروبي بالحق في اقتراح القوانين، لكن يُمكنه فقط التفاوض على تلك التي تقترحها المفوضية الأوروبية التنفيذية.
وللتصويت في انتخابات البرلمان الأوروبي تأثيرٌ غير مباشر فيمن سيصبح رئيساً للمؤسسات الرئيسة الثلاث في الاتحاد الأوروبي: المفوضية الأوروبية، المجلس الأوروبي والبرلمان الأوروبي.
يتم اختيار رؤساء المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي، بصورة تقليدية، من جانب قادة الاتحاد الأوروبي، خلال اجتماع مغلقٍ بعد الانتخابات، ثم يتمّ تقديم هذه الأسماء إلى البرلمان الأوروبي، الذي يتعيّن على نوابه المصادقة على الاختيارات بالأغلبية المطلقة.
وكان هذا الأمر منطقياً، ما دام رئيس المفوضية الأوروبية - الذي يُمكن القول إنّه أقوى الرؤساء الثلاثة - له دور بيروقراطي إلى حد كبير. لكن، على مدى الأعوام الـ15 الماضية، جمع مكتب رئيس المفوضية سلطةً كبيرة، كونه مسؤولاً عن السياسة التجارية للاتحاد الأوروبي بأكمله، بالإضافة إلى تطبيق قانون المنافسة.
وفي الآونة الأخيرة، في عهد الرئيسة الحالية، أورسولا فون دير لاين، تولت المفوضية مسؤولية استجابة أوروبا لجائحة "كوفيد-19"، بالإضافة إلى تنسيق الدعم لأوكرانيا.
وفي ضوء هذه الصلاحيات المتزايدة، يسعى رؤساء المجموعات السياسية الرئيسة في البرلمان الأوروبي لمنح الناخبين مزيداً من الآراء بشأن من يحصل على المنصب الأعلى في بروكسل.
التصويت وعدد النواب
بدأ التصويت في هولندا، الخميس 6 حزيران/يونيو الجاري، لتليها أيرلندا يوم الجمعة، ولاتفيا ومالطا وسلوفاكيا، السبت في الـ8 من الشهر الجاري. وفي التشيك، سيتم فتح صناديق الاقتراع يومي الجمعة والسبت، بينما في إيطاليا سيتم التصويت يومي السبت والأحد.
وستُجري دول الاتحاد الأوروبي العشرون الأخرى (النمسا وبلجيكا وبلغاريا وكرواتيا وقبرص والدنمارك وإستونيا وفنلندا وفرنسا وألمانيا واليونان والمجر وليتوانيا ولوكسمبورغ وبولندا والبرتغال ورومانيا وسلوفينيا وإسبانيا والسويد) انتخاباتها يوم الأحد 9 حزيران/يونيو الجاري.
أما بالنسبة إلى عدد النواب، فإنّه سيتم، في عام 2024، انتخاب 720 عضواً في البرلمان الأوروبي، ويتم في العادة تحديد عدد أعضاء البرلمان الأوروبي قبل كل انتخابات.
ولا يُمكن أن يزيد العدد الإجمالي لأعضاء البرلمان الأوروبي على 750، بالإضافة إلى الرئيس، ويوجد حالياً 705 أعضاء في البرلمان الأوروبي، ويمكن أن يكون لكلّ دولة من دول الاتحاد الأوروبي ما لا يقل عن ستة أعضاء في البرلمان الأوروبي، وكحدٍّ أقصى 96.
وبشأن إعلان النتائج، سيتم نشر النتائج الأولية مساء الأحد 9 حزيران/يونيو الجاري.
تنظيم الانتخابات
يتم تنظيم الانتخابات الأوروبية وفقاً للتشريعات الوطنية للدول الأعضاء، على الرغم من وجود عدد من الأحكام المشتركة التي ينصّ عليها قانون الاتحاد الأوروبي.
ولا بدّ من ضمان التمثيل النسبي. وبينما يتم تنظيم معظم البلدان، كدائرة انتخابية واحدة، فإنّ عدة بلدان - بلجيكا وآيرلندا وإيطاليا وبولندا - تقسم أراضيها إلى دوائر انتخابية متعددة.
ويجوز لمواطني الاتحاد الأوروبي، الذين يعيشون في دولةٍ أخرى في الاتحاد الأوروبي، اختيار التصويت والترشح للانتخابات هناك.
القوائم الانتخابية
وفيما يتعلّق بالقوائم الانتخابية، هناك عدد من الأنظمة الوطنية المعمول بها، وهي: القوائم المغلقة (لا يوجد إمكان لتغيير ترتيب المرشحين)، والقوائم شبه المفتوحة (يمكن للناخبين تغيير موقف المرشحين في قائمة واحدة مختارة)، والقوائم المفتوحة (يمكن للناخبين اختيار المرشحين من قوائم متعددة).
ويتم تحديد سن التصويت أيضاً بموجب التشريعات الوطنية. وفي معظم الدول الأعضاء يبلغ 18 عاماً، باستثناء اليونان (17)، وبلجيكا وألمانيا ومالطا والنمسا (16). ويتراوح الحد الأدنى لسن الترشح بين 18 و25 عاماً في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.
الأحزاب والمجموعات السياسية المتنافسة
تتنافس في الانتخابات الأحزاب الوطنية، لكنّها تشكّل لاحقاً مجموعات سياسية في البرلمان الأوروبي، وهي الأحزاب الأوروبية الكبرى، مثل حزب الشعب الأوروبي (EPP)، والتحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين (S&D)، وتجديد أوروبا (Renew Europe)، والخضر/التحالف الأوروبي الحر (Greens/EFA)، واليسار الأوروبي الموحد (GUE/NGL)، وحزب الهوية والديمقراطية (ID)، والمحافظون والإصلاحيون الأوروبيون EUROPEAN CONSERVATIVES AND REFORMISTS (ECR).
وحكمت البرلمان، على مدى الأعوام الخمسة الماضية، أغلبيةٌ من ثلاث مجموعات من حزب الشعب الأوروبي من يمين الوسط، والاشتراكيين والديمقراطيين من يسار الوسط، والليبراليين من حركة تجديد أوروبا.
وقادت هذه المجموعات معاً سياسة الاتحاد الأوروبي، والتي شملت الصفقة الخضراء واستجابة الاتحاد الأوروبي للأزمة في أوكرانيا. وقسّمت بينها المناصب العليا في مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
المجموعات السياسية في البرلمان المنتهية ولايته
"حزب الشعب الأوروبي EUROPEAN PEOPLE'S PARTY": إنّ مجموعة يمين الوسط هي الأكبر في البرلمان الأوروبي، ويُهيمن عليها الديمقراطيون المسيحيون الألمان، مع عددٍ لا بأس به من البولنديين والرومانيين.
وشكّلت المجموعة تحالفاً مع الاشتراكيين وحزب تجديد أوروبا الليبرالي على مدى الأعوام الخمسة الماضية، وقسّمت المناصب العليا ودفعت سياسات، مثل "الصفقة الخضراء".
المجموعة السياسية الثانية هي "التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين PROGRESSIVE ALLIANCE OF SOCIALISTS AND DEMOCRATS". وتُعَدّ المجموعة من يسار الوسط، ثاني أكبر المجموعات في البرلمان الأوروبي. وأصبحت المجموعة محور فضيحة "قطر غيت" المتعلقة بتمويل جماعات الضغط في أواخر عام 2022، بعد اعتقال بعض أعضاء البرلمان الأوروبي وموظفيه. وتقول إن أولويتها هي مكافحة البطالة وجعل المجتمعات أكثر عدالة.
ويسيطر حزب النهضة، بزعامة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على المجموعة السياسية الثالثة، والتي تُعرف بـ"تجديد أوروبا RENEW EUROPE". ومن المتوقع أن يأتي في المرتبة الثانية بفارق كبير بعد حزب التجمع الوطني، من أقصى اليمين، بزعامة مارين لوبان في الانتخابات. وتقول المجموعة الليبرالية: "نحن مؤيدون لأوروبا بصورة لا لبس فيها"، مؤكدةً "دعمها القيم الديمقراطية للاتحاد الأوروبي".
والمجموعة السياسية الرابعة هي "الخضر/التحالف الحر الأوروبي GREENS/EUROPEAN FREE ALLIANCE"، إذ يمكن للحزب الذي يهيمن عليه الخضر في ألمانيا أن يزعم النجاح في الهيئة التشريعية السابقة في مكافحة تغير المناخ بموجب الصفقة الخضراء للاتحاد الأوروبي، على الرغم من عدم كونه جزءاً من الأغلبية المكونة من ثلاث مجموعات. ومن المتوقع أن يخسر مقاعد هذه المرّة، بحيث يرى الناخبون بوضوح أكبر تكلفة التحول الأخضر. وتقول المجموعة إنّ الأعوام الخمسة المقبلة حاسمة لتحول الاقتصاد الأخضر في الاتحاد الأوروبي.
والمجموعة الخامسة هي "المجموعة اليسارية GUE/NGL" التي تضع مجموعة اليسار، بمن في ذلك أعضاء البرلمان الأوروبي من حزب فرنسا غير الخاضعة، وحزب "بوديموس" يونيدا الإسباني، وحزب اليسار الألماني، حقوق العمال والعدالة الاقتصادية والمساواة بين النساء والأقليات، في رأس أولوياتها.
والمجموعة السادسة، المحافظون والإصلاحيون الأوروبيون EUROPEAN CONSERVATIVES AND REFORMISTS (ECR). كانت مجموعة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين ذات يوم موطناً لحزب المحافظين البريطاني، والآن يهيمن عليها أعضاء حزب القانون والعدالة البولندي، المشكك في صيغة الاتحاد الأوروبي، والذي خاض معركة مع بروكسل عندما كان في الحكومة حتى أواخر عام 2023.
ومن المقرر أن تصبح مجموعة "فراتيلي دي اتاليا" (إخوان إيطاليا)، التابعة لرئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، لاعباً رئيساً في المجموعة بعد الانتخابات.
وهناك مجموعة الهوية والديمقراطية (ID)، والتي بدا أنّها في أقصى اليمين في البرلمان، مع حزب "RN" الفرنسي، بين أكبر الفائزين في الانتخابات، بحيث ابتعد الناخبون عن الأحزاب الرئيسة بسبب إحباطهم من تكاليف المعيشة وأزمة الطاقة والهجرة.
ومع ذلك، طردت المجموعة حزب "البديل من أجل ألمانيا"، بعد أن قال المرشح الرئيس للحزب الألماني، والذي اتُّهم مساعده بـ"التجسس لمصلحة الصين"، إنّ قوات الأمن الخاصة النازية "ليست كلها مجرمين". ليتهم معارضو "ID" المجموعة بخدمة المصالح الروسية، مع دعوات إلى الغرب من أجل وقف تسليح أوكرانيا.