معضلة "إسرائيل" في الشمال: لا عودة ولا أمن من دون إبعاد حزب الله عن الحدود
اليأس يسيطر على رؤساء المجالس الاستيطانية في شمالي فلسطين المحتلة، والمستوطنون يتمسّكون بعدم العوة إلى المستوطنات، في ظل غياب أي بوادر لحلحلة أمورهم، ومع مثول الخطر الذي يشكّله حزب الله.
الصراخ المستمر لرؤساء المجالس المحلية الاستيطانية شمالي فلسطين المحتلة،والمستوطنين الذين أُخلوا من منازلهم، بشأن "تخلي الحكومة عن منطقتهم" بعد أن تحوّلت إلى حزام أمني لا حياة فيه، اقترب من عتبة الانفجار، بعد أن سيطر اليأس عليهم، في ظلّ غياب أي بوادر لحلحلة أمورهم، ومع وجود دلائل على أنّهم سيدخلون إلى عام دراسي آخر ضائع، مطلع شهر أيلول/سبتمبر المقبل، في حال بقيت الأمور على حالها.
وكان لافتاً أنّه في الآونة الأخيرة، حصل ما يمكن وصفه بـ"بدء الاستيقاظ من صدمة إخلاء المستوطنات"، حيث تتم إعادة النظر بأصل جدوى تلك الخطوة، إذ أظهرت تصريحات كثيرة أنّ تلك الخطوة كانت خطأً استراتيجياً كان يجب ألا يحصل، إذ أطاح هذا الإجراء بكل مكوّنات النظرية الأمنية، فسقط فيه مبدأ الإنذار والردع، بحكم الإخلاء، ولم يتم تحقيق النصر والحسم مقابل حزب الله حتى الآن، حيث لا وجود للأمن في الشمال، ولا حتى الشعور به لدى المستوطنين الذين تم نقلهم تحت النار، منذ ما يزيد على 6 أشهر.
"الشمال متروك": عدد كبير من المستوطنين لن يعودوا حتى لو انتهت الحرب
أطلق عدد كبير من رؤساء السلطات الاستيطانية الشمالية تحذيراتٍ من أنّ عدداً كبيراً من المستوطنين لن يعود إلى مسكنه، حتى لو توقفت الحرب، لأنّ الخوف دفعه إلى الاستقرار في مكان آخر، يظنّه أكثر أمناً. وفي هذا السياق، رأى رئيس المجلس الإقليمي "متيه أشر" ورئيس منتدى خط المواجهة، موشيه دافيدوفيتش، أنّ الشمال متروك، فـ"الناس يعبّرون عن مشاعر قاسية، حيث استأجر بعضهم شققاً في مناطق أخرى، كما يقول آخرون إنّهم سيغادرون لأنّهم يشعرون بفقدان الثقة والشعور بالأمان تجاه الحكومة والدولة". وحذّر دافيديوفيتش من أنّ الـ80 ألف مستوطن الذين أُخلوا من منازلهم منذ 6 أشهر "لا يطمئنهم أي اتفاق مع حزب الله، لذلك، وما دام أنّهم لا يشعرون بالأمن واليقين، لن يعودوا إلى 6 تشرين الأول/أكتوبر".
بدوره، أشار رئيس المجلس الإقليمي للجليل الأعلى، غيورا زلتس، إلى أنّه في حال لم يعد المستوطنون إلى منازلهم قبل الأول من أيلول/سبتمبر المقبل، فسيجد العديد منهم صعوبةً بالعودة بعد ذلك التاريخ، لأنّ أولادهم سيكونون التحقوا بأطر تعليمية حينها، ويصعب إخراجهم منها. وحذّر زلتس من أنّ عدداً كبيراً من مستوطني الشمال الذين أُخلوا من منازلهم لا يريد العودة. وعلى سبيل المثال، لا يريد 80% من مستوطني "دوفيف" العودة إليها. وفي الإطار نفسه، أكد رئيس المجلس المحلي "شلومي"، غابي نعمان، أنّ 80% من المستوطنين لن يعودوا إلى منازلهم، من دون أن "يخضع حزب الله".
رئيس "كريات شمونة"، أفيحاي شتيرن، وصف الواقع الصعب الذي يعيشه سكان المستوطنة، وقال إنّهم موزّعون حالياً على 460 مستوطنةً في مختلف أنحاء "إسرائيل"، كاشفاً أنّ كل طالب من مستوطني المدينة تنقّل خلال الأشهر الـ6 الأخيرة، بين 3 مدارس على الأقل، كمعدل وسطي. ولفت شتيرن إلى أنّ 40% من مستوطني "كريات شمونة" أبلغوا بأنّهم "لن يعودوا إلى منازلهم من دون إعادة قوة الردع إلى إسرائيل، الذي تأكّل كثيراً أمام أعدائها، لأنّه من دون ذلك، ليس لإسرائيل حق الوجود". وتحدّث شتيرن أيضاً عن حالة عدم يقين لدى مستوطني الشمال الذين لا يعرفون وجهتهم، ولا يعرفون كيف سيبدو اليوم الذي يلي.
رئيس المجلس المحلي لـ"المطلة"، دافيد أزولاي، رأى من جهته أيضاً أن "لا عودة إلى المنازل في المدى المنظور"، لافتاً إلى أنّ المستوطنين لا يقبلون بأي اتفاق مع حزب الله، لأنّ ذلك سيضعهم في وضع يشبه وضع غلاف غزة قبل الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وأشار أزولاي إلى أنّه تم تدمير أكثر من 130 منزلاً في "المطلة"، ومع ذلك، لا تزال أوامر "الجيش" الإسرائيلي تقضي بـ"دفاع القوات عن محيطها، لا المبادرة للهجوم".
مستوطنو الشمال غير راضين عن تصرّف "إسرائيل" مع حزب الله
التشاؤم الذي يظهر في تصريحات رؤساء السلطات المحلية، ظهر أيضاً في استطلاعات الرأي التي تجريها جهات إسرائيلية مختلفة، حيث وجد استطلاع، عرضته "القناة 13" الإسرائيلية منذ يومين، أنّ 81% من مستوطني الشمال غير راضين عن تصرّف حكومتهم مقابل حزب الله، الذي أصبح هو المُقرِّر ما إذا كانوا سيعودون إلى الشمال، وبأي ظروف. ووجد الاستطلاع أيضاً أنّ أكثر من 81% من المستوطنين الذين أُخلوا من منازلهم لن يعودوا إلى منازلهم، من دون "إبعاد حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني".
وأظهر استطلاع رأي آخر نشرته صحيفة "معاريف" أنّه بعد مرور نصف سنة على الحرب، أفاد 62% من المستطلَعين بأنّهم غير راضين عن النتائج التي تحققت حتى الآن.