بعد سقوط نظام الأسد في سوريا.. ما مصير اللاجئين في أوروبا؟
منذ العام الماضي وسياسة الهجرة واللجوء مدرجة على جدول أعمال اجتماعات الاتحاد الأوروبي سيما وأن دولاً عدة كانت اشتكت العديد من تكاليف وأعباء اللاجئين على اقتصاداتها وعلى أمنها ومجتمعاتها. رحيل نظام الأسد يشكل فرصة للتخلص من اللاجئين السوريين.
أمس، حل اليوم العالمي للمهاجرين، والذي يصادف الثامن عشر من كانون الأول/ديسمبر من كل عام. تهدف هذه المناسبة إلى الاحتفاء بمساهمات هؤلاء في المجتمعات والدول التي تستضيفهم.
المهاجرون، الذين كانت تُفتح لهم الأبواب على مصاريعها في كثير من دول الغرب، ما عادوا محل ترحيب، على الرغم من الحاجة إليهم في كثير من القطاعات التي هجرها أبناء تلك المجتمعات، وأعدادهم بلغت 43.7 مليوناً في منتصف العام الحالي، وفق أرقام الأمم المتحدة.
اللافت أن محاربة الهجرة تحولت إلى منهاج في كثير من دول الغرب، وباتت عنواناً رئيساً في كثير من برامج المرشحين والأحزاب في أوروبا، مع جنوح دول متعددة منها نحو أقصى اليمين، حتى في دول كانت تؤنسن الهجرة وتتعامل معها على أنها حاجة وطنية، والسويد وفرنسا وألمانيا بعض الأمثلة على ذلك، بحيث بات يطغى فيها الخطاب القومي والخطاب الشعبوي .
تقول الأمم المتحدة إن الهجرة كانت دائماً جزءاً حيوياً ومُثرياً للمجتمعات، بحيث تساهم في قوة السكان وقدرتهم على الصمود وتعزيز الاقتصاد، الذي يركز على الرفاهية لجميع الناس، لكنَّ كُثُراً في أوروبا، وعند الضفة الأخرى من الأطلسي، ما عادوا يرونها كذلك. تحولت نظرتهم إلى المهاجرين على أنهم عبءٌ على الاقتصادات الوطنية، ونظمُ عيش تهدد المجتمعات المحلية. وبات التركيز منصبّاً على العمالة الماهرة. وهذا يعني استقطاباً لأصحاب الاختصاصات من أبناء دول العالم الثالث، وتفريغها من عقولها بعد أن أفرغتها الاستعمار الغربي من مقدراتها الاقتصادية وثرواتها، على مدى عقود.
مع اندلاع حرب أوكرانيا، تهافتت دول أوروبا الغربية على فتح أبوابها أمام اللاجئين الأوكرانيين. قُدِّمت إليهم مساعدات مهولة، وأُحيطوا بتدابير غير عادية. وسبق للقارة العجوز أن استقبلت دفعات من المهاجرين في الأعوام الأخيرة، لكنها لم تُذِقهم طعم الكرم الأوروبي، كما فعلت مع الأوكرانيين.
السوريون شكّلوا العدد الأكبر من اللاجئين إلى أوروبا في العقد الماضي. تدفق في منتصفه أكثر من مليون لاجئ سوري. يومها فتحت لهم تركيا أبوابها للضغط على الأوروبيين. اليوم، بعد نحو عقد من الزمن، يُثار جدل بشأن مصير هؤلاء اللاجئين. هل سيعودون إلى بلدهم بعد رحيل نظام الأسد؟ طرحٌ يريد كثيرون من المسؤولين الأوروبيين ترجمته من أجل الحد من ظاهرة الهجرة، التي يَعُدّها البعض أحد عوامل عدم الاستقرار في دولهم، وبهدف وضع حد لتأثير المهاجرين المسلمين منهم في المجتمعات الأوروبية. وبعض الأطراف السياسية يضغط من أجل تشديد سياسة الترحيل، وخصوصاً للاجئين السوريين. لكن، هل يمكن ذلك بينما الأوضاع في سوريا لم تستقر بعدُ؟
المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تأمل أن تنهي التحولات في سوريا أزمة اللاجئين السوريين، مع تأكيد ضرورة اتخاذ هؤلاء قرارات العودة من دون ضغوط، والنمسا تريد استراتيجية أوروبية للتعامل مع الملف، قد يكون أساسها التحفيز المالي على العودة.
المستشار النمساوي، كارل نيهامر، يرى أن أوروبا في حاجة ماسة إلى استراتيجية شاملة بشأن سوريا، وأنه لن تكون هناك فائدة لأوروبا إذا تمت إعادة توزيع المواطنين السوريين داخل دولها، مضيفا أن سوريا الآن في حاجة إلى مواطنيها السوريين، في إشارة واضحة إلى الرغبة في ترحيلهم.
قد يصعب على كثيرين من هؤلاء العودة إلى سوريا الآن، أو مستقبلاً، بعد كل هذه الأعوام التي أمضوها، والمعاناة التي عاشوها، لكن قد يكون عليهم التكيف مع إرادة الأوروبيين، الذين تسودهم الإسلاموفوبيا، ويجاهرون بالرغبة في المحافظة على قيم القارة العجوز وهويتها.