انتخابات إيران.. قوة تنظيمية ومشاركة شعبية كثيفة أفشلتا الرهانات
مجدداً إيران تُفشل رهانات الغرب بنتظميها انتخابات شهدت مستوى تنظيمي لافت واستتباب للأمن ومشاركة شعبية كثيفة.
"الشعب أحبط مرة أخرى مؤمرات أعداء البلاد ورفع رأس الوطن الإسلامي عبر مشاركته الواسعة في الانتخابات بيقظة وبصيرة".
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي
أظهرت نسبة المشاركة التي سجّلت في انتخابات الدورة الثانية عشرة لمجلس الشورى الإسلامي، والدورة السادسة لمجلس خبراء القيادة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتي تجاوزت الـ40%، بعد تمديد الاقتراع في جميع المراكز الانتخابية حتى منتصف ليل أمس الجمعة، أنّ حرب حملة المقاطعة التي عمل الغرب على تأجيجها ضد إيران فشلت في هذه الانتخابات، التي شارك فيها نحو 25 مليون إيراني من أصل 61 مليوناً في الاقتراع والتصويت، من مختلف الفئات العمرية، حيث تمّ تسجيل نسبة مشاركة عالية من النساء أيضاً.
المشاركة الكثيفة للناخبين الإيرانيين، يقول المحلل السياسي، والدبلوماسي الإيراني السابق، سيد هادي سيد أفقهي، للميادين نت، جاءت على الرغم من محاولة الإعلام الغربي وخصوصاً القنوات الفضائية الناطقة باللغة الفارسية، وعلى رأسها قناة "إيران إنترناشيونال" التشكيك بنزاهة هذه الانتخابات، وهو ما بدأته بالفعل قبل أربعة أشهر بشنّ حربها الشرسة عليها عبر الفبركات والحرب النفسية، وإجراء اللقاءات مع بعض المسؤولين الإيرانيين المعارضين الذين هربوا إلى خارج إيران (في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا) للتحريض على الانتخابات والدعوة إلى مقاطعتها.
هؤلاء الأعداء، - وفق سيد أفقهي- مع أنهم يدركون جيداً أنهم لن ينجحوا إلا أنهم لم يفكّروا في انتظار ما ستسفر عنه الانتخابات لاستثمار نتائجها، بل كانوا يروّجون على أنّ هذه الانتخابات هي "عمل غير مجدٍ"، كما يزعمون عند أي استحقاق انتخابي، واستَبَقوا إجراءها بالتشكيك في نزاهتها.
وعليه، فإنّ الحملة الواسعة جداً التي غذّتها الدول المناهضة لإيران (أميركا ودول الغرب) بداية هذا العام، من دعايات وأكاذيب وتلفيقات وفبركات، وعلى الرغم من كل ما تملكه من ماكينة إعلامية جهنمية على كل المستويات، من الحرب السيبرانية، وعملاء الداخل الإيراني خصوصاً، أو من خلال الإعلام المحلي والأجنبي من صحف ومجلات، وحتى في الفضاءات الافتراضية للترويج من أن "لا جدوى لهذه الانتخابات"، إلا أنه رغم أنف أعداء إيران في الداخل والخارج، سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي، فقد تمت هذه العملية بنجاح، وتلقّى أعداء إيران هزيمة مدوّية، يؤكد أفقهي.
هزيمة مدوّية لتحالف الإصلاحيين والاعتداليين في طهران
وتتواصل عملية فرز أصوات الناخبين في انتخابات مجلسي الشورى وخبراء القيادة، ومن المتوقّع أن تستمر حتى مساء اليوم وربما منتصف الليل.
وبحسب المعلومات التي تمّ الحصول عليها من وزارة الداخلية، فإنّ نسبة المشاركة بلغت أكثر من 40%، وتمكّن المبدئيون من الفوز في الاستحقاقين.
ووفق المعطيات الأولية للميادين، فإنّ مرشحي جبهة الصمود المبدئية يتقدّمون في العاصمة طهران على منافسيهم من تحالف قوى الثورة المبدئي أيضاً برئاسة محمد باقر قاليباف الذي جاء في المرتبة الرابعة في طهران ما شكّل مفاجأة انتخابية، بينما فاز التيار المبدئي في عموم المحافظات في البلاد.
كذلك مُنيت قائمة صوت الشعب التي تمثّل تحالف الإصلاحيين والاعتداليين بهزيمة كبيرة في العاصمة طهران، إذ لم يتمكّن أيّ من مرشحيها من الحصول على الأصوات الكافية للدخول إلى البرلمان.
مجلس الشورى المقبل سيشهد تغييرات وحتى في رئاسته
هذه الانتخابات تستحق أن توصف بـ"العرس الانتخابي"، وفق أفقهي، حيث جاءت ضمن استحقاق دستوري يكفله دستور الجمهورية الإسلامية، بمشاركة مميّزة ومنتظمة جداً.
وعلى الرغم من أنّ عملية فرز الأصوات لا تزال في بداياتها، إلا أنّ سيد أفقهي ألمح إلى أنّ المؤشرات تشي بتغييرات في مجلس الشورى المقبل، وربما نشهد تغييراً أيضاً حتى في رئاسة المجلس، حيث من الممكن أن نرى وجوهاً جديدة، ومفاجآت أخرى تحملها، منها خسارة آية الله آملي لاريجاني مقعده في مجلس خبراء القيادة، والذي كان لدورتين ولمدة عشر سنوات رئيساً للقضاء الأعلى (يشغل حالياً رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام)، لكنه لم يوفّق بالفوز حالياً لانتخابه في محافظة مازندران، وهو ابن هذه المحافظة، متابعاً: بينما حقّق الرئيس الإيراني الحالي إبراهيم رئيسي فوزاً كبيراً في محافظة خراسان الجنوبية بفارق كبير.
مردفاً: "أودّ أن أشير هنا إلى نقطة مهمة وهي أنه لم يدخل أحد من الإصلاحيين إلى البرلمان الجديد، وعلى رأسهم علي مطهري رغم أن النتائج النهائية لم تعلن بعد.
انتخابات منظّمة واستتباب للأمن
ورغم العقوبات المفروضة على إيران، فقد توافقت الحكومة على إعداد وإقامة انتخابات منظّمة جداً، وأشار أفقهي إلى أنّ هناك العديد من الصحافيين والإعلاميين شاهدوا هذا الانتظام والضبط الأمني، والإشراف الكامل للدوائر المسؤولة، سواء في وزارة الداخلية أو المفتشين أو من مراقبي مجلس صيانة الدستور.
وفي هذا الإطار أعلن المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور في الجمهورية الإسلامية الإيرانية هادي طحان نظيف أنه بفضل التعاون الجيد بين الجهات التنفيذية والرقابية، لم تشهد العملية الانتخابية أي خلل سوى تقارير قليلة جداً من قبل جهاز الرقابة الشعبية.
وعليه، أفشلت إيران مجدداً بانتخاباتها الديمقراطية وقوتها التنظيمية وآلية إدارتها من دون أي عوائق، مخططات الغرب، وبعثت بمشاركة الشعب رسائل واضحة للأعداء الذين راهنوا ولا يزالون على زعزعة أمن إيران وبثّ الفرقة والفتن، والتحريض على قيادتها.
وفي هذا الإطار وجّه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، رسالة إلى الشعب في إيران عقب الانتخابات التي جرت في البلاد، أشاد بالشعب الإيراني على مشاركته الحماسية في الانتخابات، مشيراً إلى أنّ درايته بالتوقيت وتقبّله المسؤولية تستحق الثناء، مؤكداً أنّ الشعب أحبط مرة أخرى مؤمرات أعداء البلاد ورفع رأس الوطن الإسلامي عبر مشاركته الواسعة في الانتخابات بيقظة وبصيرة.