"الجيش" الإسرائيلي "انهار" يوم طوفان الأقصى: دعوات للتحقيق الفوري وتحمل المسؤولية
يُلاحظ داخل "الجيش" الإسرائيلي تزايد الأصوات التي تدعو قيادة الأركان إلى البدء فوراً بالتحقيق بأحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر، وبمجريات الحرب التي بدأت في أعقابها.
تحدثت العديد من التقارير الإسرائيلية عن تزايد الحديث داخل "الجيش" الإسرائيلي، لا سيما من قبل ضباط الصف الثاني (ما دون رتبة لواء)، عن ضرورة إجراء تحقيق فوري بإخفاق 7 تشرين الأول / أكتوبر المنصرم، وبمجريات الحرب منذ ذلك الوقت. وأشارت التقارير أيضاً إلى أن هؤلاء الضباط يطالبون أيضاً المستوى الأعلى (قيادة الأركان) باتخاذ قرارات صعبة، لأن الوقت صار مناسباً للوفاء بمسؤولياتها علناً، والمبادرة إلى الاستقالة، لأنّه "حتى لو وُضعت كتب استقالة مسؤولي "الجيش" صباح الغد (على الطاولة)، لا تزال هناك مسافة كبح حتى تدخل الاستقالة حيز التنفيذ، وحتى يتم تعيين بدلاء، وتسلّم وتسليم منتظم"، وفقاً لضباط كبار في "الجيش" الإسرائيلي.
ضباط يطالبون بتحقيق فوري
كتبت صحيفة "إسرائيل هيوم" الإسرائيلية، في تقريرٍ أعدته، اليوم الثلاثاء، بشأن "الجيش" الإسرائيلي، أنه يُلاحظ داخل "الجيش" الإسرائيلي تزايد الأصوات التي تدعو قيادة الأركان إلى البدء فوراً بالتحقيق بأحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر، وبمجريات الحرب التي بدأت في أعقابها. وأضافت الصحيفة أن كثيرين من القادة الميدانيين في "الجيش" الإسرائيلي، وخاصةً من رتبة مقدم، عقيد، وعميد، يرون أن الوقت حان لبدء التحقيق، لا سيما بعد مرور نحو 4 أشهر على بدء القتال، وبعد أن خفف "الجيش" بشكلٍ كبير حجم قواته العاملة في قطاع غزة. لذلك يرى هؤلاء القادة أن الوقت حان لاتخاذ قرارات صعبة، قبل (إمكانية) البدء بقتال أكثر تعقيداً على الجبهة الشمالية.
وتحدث أحد قادة الوحدات القتالية في "الجيش" الإسرائيلي إلى الصحيفة، وأكد أن النقاش بشأن هذا الموضوع منتشر بين الكثيرين من ضباط "الجيش"، في مختلف الوحدات والتشكيلات، إذ في بداية الحرب، لم يكن من الواضح بعد من كان ضد من، وكان من الصواب التريث في التحقيق، لكن مرحلة الانتظار كان يجب أن تنتهي قبل عدة أسابيع، عندما بدأ "الجيش" الإسرائيلي بتخفيض كبير في القوات وتسريح جنود احتياط. وأعرب الضابط الإسرائيلي، بحسب الصحيفة، عن أسفه لأن الشعور لديه ولدى آخرين هو أن القادة من فوقهم يرون أن الوضع الحالي "مريح" بالنسبة لهم، فالحرب دخلت نوعاً من الروتين. وأشار الضابط الإسرائيلي إلى أن التحقيق لن يكون مناسباً أو سهلاً لأحد، لكن عدم إجراء التحقيق يمنع الاستنتاجات المطلوبة للمستقبل، ويجعل من الصعب جداً الخروج من التصورات السابقة، وحتى المفاهيم التي قادت إلى الوضع الحالي.
وأشارت الصحيفة إلى أن المستويات الميدانية في "الجيش" الإسرائيلي ترى أنه من المُناسب البدء الآن بالتحقيق، وتحديداً قبل انطلاق الحرب في الشمال، بهدف استخلاص الدروس من القتال في غزة وإدماجها بطريقة منتظمة في بناء القوة وخطط العمليات وتدريب القوات استعداداً لحرب في الشمال.
ونقلت الصحيفة أيضاً عن قادة كبار في "الجيش" الإسرائيلي، قولهم إنّ الوقت اليوم مناسب لقيادة "الجيش" الإسرائيلي للوفاء بمسؤولياتها علناً (والاستقالة فوراً)، على الرغم من أن الحرب في غزة لم تنته بعد، ومن احتمال اندلاع حرب في الشمال في الأسابيع أو الأشهر المقبلة، إذ، حتى لو وُضعت كتب الاستقالة على الطاولة، بحسب هؤلاء القادة، لا تزال هناك "مسافة كبح" حتى تدخل هذه الاستقالة حيز التنفيذ.
هليفي يُؤجل التحقيقات
في مقابل الدعوات لإجراء تحقيق فوري بإخفاقات 7 أكتوبر، وما بعده، والتي يُفترض، بحسب الصحيفة، أن يقرر مسألة التوقيت لبدئها، رئيس هيئة الأركان العامة في "الجيش" الإسرائيلي، هرتسي هليفي. إلا أنه، ما زال يعتقد، وفقاً للصحيفة، بأن الوقت لم يحن بعد للبدء بالتحقيق، فـ "الجيش" الإسرائيلي يخوض قتالاً شديداً في خان يونس، واهتمام قادة المنطقة الجنوبية في "الجيش" الإسرائيلي -التي تُعد جزءاً مركزياً من التحقيق، ولا يمكن للجهات الأخرى البدء بالتحقيق من دونها - يجب أن يُوجه بشكل أساسي إلى الحرب، وليس إلى التحقيق.
ولفتت "إسرائيل هيوم"، إلى أنه على الرغم من أن هليفي لم يتخذ بعد قراراً بشأن بدء التحقيقات الداخلية، إلا أنه وجد الوقت للتفكير في أيّ من المسؤولين السابقين يريدهم في فرق التحقيق (الخارجية)، فتوجّه إلى اللواء احتياط يوآف هار إيفن؛ رئيس الأركان ووزير "الأمن" سابقاً شاؤول موفاز؛ اللواء احتياط سامي تورجمان؛ اللواء احتياط أهارون زئيفي فركش؛ والعميد احتياط أوري سييفرت، إلا أنه بعد تلقيه انتقادات من أعضاء الكابينت، جمّد العملية.
وفي هذا السياق، أشار موقع "واللا" الإخباري، في تقرير أعده أمس الاثنين، إلى أن قرار هليفي بتشكيل فرق تحقيق خارجية، ينتهك "اتفاق شرف" عُقد بين كبار الضباط في "الجيش" الإسرائيلي، وتعهدوا فيه بأنهم لن ينشغلوا بما سبق 7 أكتوبر، بل سيركزون على تحقيق أهداف الحرب أولاً. وأضاف الموقع أن هذه الفرق لم يتم إحباطها من قبل السياسيين (في الكابينت) فحسب، بل من قبل مسؤولين بارزين من قيادة "الجيش" الإسرائيلي الذين كانوا قلقين جداً بشأن صياغة "القصة" من قبل اللجنة، بطريقة تضرّ بفرصهم في الدفاع عن وجهة نظرهم من الحدث.
وإضافة إلى ذلك، أفادت صحيفة "إسرائيل هيوم"، أن هليفي طلب أيضاً من مراقب "الدولة"، متنياهو أنغلمن، تأجيل موعد البدء إجراء الرقابة على إخفاقات "الجيش" الإسرائيلي في 7 أكتوبر، لعدم "حرف انتباه الضباط القادة عن القتال"، إلا أن أنغلمن رفض ذلك.
في السياق نفسه، عقد هليفي مؤتمراً صحافياً اليوم الثلاثاء، قال فيه "إن التحقيق سيستغرق وقتاً". وتأكيداً على موقف هليفي، أعلن المتحدث باسم "الجيش" الإسرائيلي، في بيانٍ أن "عملية التحقيقات في "الجيش" الإسرائيلي ستبدأ في الأسابيع المقبلة، بمجرد أن تسمح شدة الحرب بذلك. "الجيش" الإسرائيلي وقادته يركزون الآن على الحرب، وعلى الأنشطة التي تخدمها".
البدلاء يستعدون
أعد موقع "واللا" الإخباري، تقريراً تخطى فيه مسألة "استقالة قيادة "الجيش" الإسرائيلي"، ودخل في لعبة الأسماء البديلة والمُرشحة لتولي المناصب العليا خلفاً لسلسلة القدامى في "الجيش" الإسرائيلي، الذين شاركوا في مفهوم "حماس مردوعة"، وفقاً للموقع.
ولفت الموقع إلى أنه في إطار الاستعداد لليوم التالي، يزعمون في قيادة المؤسسة العسكرية والأمنية في "إسرائيل"، أن القرار بشأن جولة التعيينات رفيعة المستوى في هيئة الأركان العامة في "الجيش" الإسرائيلي مرتبطة باستمرار الحرب في قطاع غزة وشدتها؛ وبإمكانية حصول معركة واسعة النطاق مع حزب الله؛ وبقرار رئيس الأركان أو قيادة شعبة الاستخبارات العسكرية في "الجيش" الإسرائيلي "أمان"، وعلى رأسها اللواء أهارون حليفا، ورئيس وحدة الأبحاث، العميد عاميت ساعر؛ وقائد الوحدة 8200، العميد "ي"، بشأن مستقبلهم العسكري.
وعدّد موقع "واللا" الأسماء المطروحة لخلافة هليفي، وأشار إلى أن المرشح الأول ليحلّ محله، هو مدير عام وزارة الأمن، اللواء احتياط إيال زمير، والذي يحظى بتقدير كبير من جانب رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، يوآف غالانت. أما المرشح الثاني، وفقاً لـ "واللا"، فهو نائب رئيس هيئة الأركان العامة الحالي، اللواء أمير برعام الذي تولى سابقاً مهمة قيادة المنطقة الشمالية. أمّا المرشح الثالث، فهو قائد المنطقة الشمالية حالياً، اللواء أوري غوردن، الذي كان سابقاً قائداً للجبهة الداخلية، ورئيس أركان لذراع البرّ.
أمّا بشأن منصب نائب رئيس هيئة الأركان العامة، فتشمل قائمة المرشحين، بحسب "واللا"، الأسماء المرشحة لخلافة هليفي، إضافة إلى قائد ذراع البرّ، اللواء تامير يدعي، واللواء احتياط عميكام نوركين، الذي قاد في السابق شعبة التخطيط وسلاح الجو.
وتطرق الموقع أيضاً إلى منصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، وقال إن أبرز المرشحين هو قائد المنطقة الوسطى حاليا، اللواء يهودا فوكس. وأضاف الموقع أنه "يُثار الآن حديث في المؤسسة الأمنية، بما في ذلك في القدس، بشأن إمكانية تعيين رئيس شعبة القوة البشرية، اللواء ينيف عاشور، المعروف كقتالي، وكان سابقاً رئيس شعبة العمليات، في منصب قائد منطقة - بأرجحية عالية - أو السكرتير العسكري لرئيس الحكومة - بأرجحية منخفضة - كمحطة انتقالية (نحو أمان). وثمة أيضاً، بحسب "واللا"، من يُرشح السكرتير العسكري لرئيس الحكومة الحالي، اللواء آفي غيل؛ والملحق العسكري في واشنطن اللواء هادي زلبرمان، لخلافة حاليفا.
هيئة الأركان غير منسجمة
في معرض حديثه عن المرشحين لخلافة قادة "الجيش" الإسرائيلي الحاليين، سلّط موقع "واللا" الإسرائيلي الضوء على واقع هيئة الأركان، وأشار إلى أن مسألة عدم التجانس بشأن طاولة هيئة الأركان العامة، واضحة، وتعبّر عن نفسها من خلال لون القلنسوات. وأضاف الموقع أنه ثمة سؤال يطرح الآن، وفي هذه الظروف، وهو هل ستودع هيئة الأركان سلسلة طويلة من الضباط برتبة لواء، وتتخطى الجيل الذي شارك في مفهوم التسوية في الجبهة الجنوبية، وأوجد مصطلح "حماس مردوعة"، فتتم ترقية عمداء إلى رُتب لواء بهدف إيجاد حمض نووي جديد في "الجيش" الإسرائيلي. وفي هذا السياق، كشف الموقع أن أفكاراً أُثيرت بالفعل داخل "الجيش" الإسرائيلي بشأن تقليص مناصب، كقيادة العمق، وفي ذراع البرّ، الذي يضم اليوم 5 ضباط برتبة لواء، ورئيس شعبة الاستراتيجيا وإيران، التي انشقت عن شعبة التخطيط. كذلك من المتوقع، بحسب الموقع، حدوث تأرجح كبير في شعبة الاستخبارات، عندما يتخذ القرار بإحضار رئيس "أمان" "لوضع المفاتيح".
وفي هذا السياق، قال مفوض شكاوى الجنود سابقاً، اللواء في احتياط "الجيش"، إسحاق بريك، لقناة "كان" الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، إنّ "إسرائيل" مدعوة لأن تبدأ بعملية ترميم اقتصادها ومجتمعها وجيشها، أثناء القتال، ولا تنتظر انتهاء هذه الحرب، لأنها ستطول. وأضاف بريك، أن "إسرائيل" تواجه مشكلة في الجهات (والأشخاص) التي ستقود عملية الترميم، لأن من أوجد هذه الفوضى الكبيرة مع الضربة القاسية في غزة، "لا يمكنه أن يطلق النار على رجله ويقول أنا سأعالج أخطائي"، ويقود عملية الترميم. فما حصل، وفقاً لبريك، ليس خللاً أو فشلاً، بل انهيار نتيجة تطورات غير صحيحة داخل "الجيش" الإسرائيلي، منعت الإصلاح. وخلص بريك إلى ضرورة إجراء تغيير لجزء من قيادة "الجيش" العليا، والحكومة من أجل إيجاد من يتخذ القرارات (الصحيحة).