الاحتلال يفعّل ضوءاً أحمر.. تحذير من عمليات على غرار 7 أكتوبر في الضفة الغربية
الاحتلال يقلق من سيناريو "يقض مضجع المؤسسة العسكرية والأمنية" وهو انقضاض منظم من جانب الكتائب الفلسطينية الضفة الغربية على مستوطنات كما حصل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 في قطاع غزة.
رسمت التطورات الميدانية في الضفة الغربية صورة مُقلقة لـ"إسرائيل"، مع تزايد عمليات المقاومة الفلسطينية، ومع ارتفاع الإنذارات لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية بإمكانية حصول عمليات تُشكل نواة لاندلاع انتفاضة جديدة، قد تطال الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48.
هذا القلق دفع بشعبة الاستخبارات العسكرية في "الجيش" الإسرائيلي، "أمان"، إلى توجيه إنذار بشأن واقع أمني متفجّر محتمل في الضفة الغربية.
وما زاد من طين القلق في "إسرائيل" بِلة، هو كشف أرقام ومعطيات أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تعاملت منذ بداية الحرب، مع أكثر من 1100 هجوم كبير، في الضفة، تتضمن محاولات تنفيذ هجمات إطلاق نار وتفجير عبوات وعمليات طعن ودهس.
إضافة إلى ذلك، أفادت تقارير إسرائيلية أن ما يرفع من مستوى القلق أيضاً هو وجود عمليات نقل أسلحة عبر الأردن من الضفة الغربية لم، تتمكن قوات الأمن الإسرائيلية من إحباطها، فوصلت إلى العناصر الفلسطينية المسلحة في الضفة الغربية.
تحذير من "أمان" يُشعل ضوءاً أحمر
كشف محلل الشؤون العسكرية في موقع "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلي، رون بن يشاي، الأربعاء، أن "أمان"، نقلت تقديراً تحذيرياً إلى المؤسسة العسكرية والأمنية، تُرجح فيه حصول تصعيد في الضفة الغربية، و"قد يكون بأبعاد انتفاضة"، بحيث تتضمن عمليات فدائية في "إسرائيل".
و لفت بن يشاي إلى أنه يُلاحظ في "إسرائيل" حصول تغير منذ اندلاع حرب طوفان الأقصى، في استخدام العبوات بشكل مكثف في العمليات داخل الضفة الغربية، كما يُلاحظ حصول ارتفاع في الحافزية وسط الشباب هناك.
وأشار بن يشاي أيضاً إلى وجود خشية ملموسة في المؤسسة العسكرية والأمنية في "إسرائيل" من اندلاع انتفاضة كاملة يتخللها الكثير من المواجهات النارية.
وأضاف أن السيناريو الذي يقض مضجع المؤسسة العسكرية والأمنية هو انقضاض منظم من جانب الكتائب الفلسطينية في شمال الضفة الغربية على مستوطنات أو مزارع تابعة للمستوطنين، كما حصل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بمشاركة أجهزة الأمن الفلسطينية. وفي "الجيش" الإسرائيلي يسمّون ذلك "سيناريو تغيير وجهة السلاح".
وحذّر بن يشاي من أن "إسرائيل" موجودة حالياً في فخ، لأنه إذا لم تعمل داخل مناطق الضفة، قد تتوسع ظاهرة العمليات، لتنزلق إلى عمق "إسرائيل"، لذلك يعمل "الجيش" الإسرائيلي في محاولةٍ لإخماد موجة العمليات، بحيث يوجد اليوم في الضفة 23 كتيبة ووحدة خاصة لـ"الجيش".
من جهته، لفت مراسل شؤون المناطق الفلسطينية المحتلة في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أليشع بن كيمون، إلى أنه منذ أكثر من 10 أشهر من الحرب، يعمل "الجيش" الإسرائيلي على إبقاء ساحة الضفة الغربية هادئة نسبياً، من خلال اعتماد أنشطة هجومية.
يأتي ذلك، على خلفية "تخوف المؤسسة الأمنية والعسكرية من أن يؤدي التصعيد فيها إلى اندلاع انتفاضة ستصبح جبهة رئيسية بموازاة الجبهتين الجنوبية والشمالية".
وأشار بن كيمون إلى أن مصادر أمنية إسرائيلية تحذر منذ أشهر من حصول هذا التصعيد، بعد أن لاحظت عدة عوامل قد تؤدي إلى اشتعال الساحة في الضفة الغربية، هي:
العامل السياسي: "إسرائيل" جمدت الوضع السياسي، و"الكابينت" يرفض تمرير أي قرار مهم يتعلق بالسلطة الفلسطينية، فيما التصريحات الواضحة لوزراء كبار، حول منع قيام الدولة الفلسطينية، قد تؤجج الساحة.
العامل الاقتصادي: منذ بداية الحرب، لم يناقش "الكابينت" على الإطلاق تجديد إدخال عمال فلسطينيين إلى "إسرائيل". وبالإضافة إلى عشرات الآلاف من الفلسطينيين العاطلين عن العمل، هناك تجميد لحركة التجار ورجال الأعمال من الضفة، بحيث أن الوضع الاقتصادي الصعب ينعكس مباشرة على السلطة.
وبحسب تقديرات المؤسسة الأمنية والعسكرية، يوجد إحباط كبير لدى أفراد الأجهزة بسبب الوضع الاقتصادي الهش وحالة عدم اليقين، وهناك خطر من أن ينزلقوا إلى "الإرهاب".
العامل الاجتماعي: أدت ظواهر العنف القومي من قبل المستوطنين في شمال الضفة الغربية، إلى زيادة شعور الفلسطينيين بالإحباط، بسبب "عدم وجود رد إنفاذ للقانون في هذه المسألة".
1100 هجوم كبير منذ بداية "طوفان الأقصى"
أشارت مراسلة الشؤون السياسية في صحيفة "إسرائيل هيوم" الإسرائيلية، شيريت أفيطان كوهِن، إلى أن بيانات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية كشفت أنه منذ بداية الحرب، تعامل "الشاباك" و"الجيش" الإسرائيلي مع أكثر من 1100 هجوم كبير في الضفة الغربية، بما في ذلك هجمات إطلاق نار وعبوات وطعن ودهس.
وأضافت المراسلة أنه بحسب تقديرات مصادر في المؤسسة الأمنية والعسكرية، يحبط الشاباك و"الجيش" الإسرائيلي كل يوم ما بين هجومٍ إلى هجومين.
ولفتت أفيطان كوهِن إلى أن أحد الإجراءات المضادة الأحدث التي تستخدمها قوات الأمن الإسرائيلية، أكثر فأكثر في الأشهر الأخيرة، يتم تنفيذها من الجو، فقوات الأمن، باستخدام طائرات، تستهدف عن قصد "المطلوبين" في المناطق الفلسطينية.
وفي الأسبوع الماضي وحده، تعاملت مع أكثر من 10 هجمات، ومنذ بداية الحرب، وتم تنفيذ 60 غارة جوية على مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، كما تم اعتقال أكثر من 4400 مطلوباً في الضفة الغربية، وتم وضع اليد على مئات الوسائل القتالية بما فيها أسلحة ومتفجرات، وفق معطيات للاحتلال.
"قطرة في محيط"
في معرض حديثه عن تصاعد العمليات في الضفة الغربية، وخطورة إنزلاقها إلى عمق "إسرائيل"، قال محلل الشؤون العسكرية في "القناة 13" الإسرائيلية، ألون بن دافيد، إن عملية التفجير التي حصلت الأسبوع الماضي في "تل أبيب"، فرضت على الجميع في "إسرائيل" طرح تساؤلات حول مصدر هذه العبوة، هل صُنعت في الضفة؟ أو هُربّت من الخارج؟
بن دافيد حذّر من أنه يوجد جهد إيراني كبير لتهريب عبوات إلى "إسرائيل" عبر الحدود الأردنية.
وفي هذا السياق، أفادت قناة "مكان" الإسرائيلية، بأنه لم يعد هناك أي شك لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية، بأن عبوات ناسفة خطيرة الانفجار، وصلت إلى المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، بعد تهريبها عبر ثغرات في السياج الحدودي مع الأردن.
وأضافت القناة أنه "في السنوات الأخيرة، تم إحباط عمليات تهريب ذخيرة عسكرية، لكن هناك العديد من عمليات التهريب التي لم تتمكن قوات الأمن من إحباطها، بحيث أن "الجيش" الإسرائيلي يُقدر بأن الأسلحة والذخيرة التي تم ضبطها في عمليات التهريب التي تم إحباطها هي قطرة في محيط، مقارنة بالأسلحة والذخيرة التي وصلت إلى العناصر الفلسطينية المسلحة في الضفة الغربية".
مخاوف من موجة جديدة من العمليات
نقلت المراسلة في صحيفة "إسرائيل هيوم" الإسرائيلية، رونيت زيلبرشتاين، عن مسؤولين سابقين في المؤسسة الأمنية والعسكرية أنهم قلقون من أن "إسرائيل" قد تواجه موجة جديدة من الهجمات في المستوطنات الرئيسية.
وفي السياق نفسه، رأى المسؤول السابق في "الشاباك"، والباحث في مجال "العلاقات الإسرائيلية – الفلسطينية"، دورون ماتسا، أنه "منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، وحتى قبل ذلك، كان من الواضح أن الضفة الغربية تتأجج لأنه يوجد بنية تحتية بُنيت تحت أنوفنا وتحت أنظار الأجهزة الأمنية الفلسطينية".
كما نقلت المراسلة عن الرئيس السابق لمنطقة القدس ورئيس شعبة السايبر في "الشاباك"، إيريك بيربينغ، قوله إن "المؤسسة الأمنية والعسكرية، وخاصة الشاباك والجيش الإسرائيلي أيضاً، يعتبرون هذا الهجوم على تل أبيب بمثابة فشل".
وأكد أنه فشل مهني، أولاً كان فشلاً استخبارياً، وثانيا كان فشلاً لشعبة العمليات، وهي المعابر، والشرطة، والدوريات التي هدفها توفير الحماية.
ولفت إلى أنّ "هذا الهجوم يحدث للمرة الأولى بعد نحو 20 عاماً، سواء كان ذلك هجوماً بعبوة أو هجوماً عبر شخص"، مطالباً المؤسسة الأمنية والعسكرية باعتباره حادث يستحدق التحقق، "مع كل العواقب القاسية".