"يديعوت أحرونوت": ما من سببٍ للاحتفال باتفاق الترسيم البحري مع لبنان
صحيفة "يديعوت أحرونوت" تقول إنّ "الاتفاق البحري مع لبنان جيد، لكن يبدو أنه أقل جودة مما كان يمكن لحكومة مستقرة أن تحققه".
الكاتب ناحوم برنياع يكشف في صحيفة "يديعوت أحرونوت" نقلاً عن مصدر أنّ زعيم المعارضة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو أمر الجيش بعدم قتل عناصر من حزب الله في سوريا.
فيما يلي النص المنقول للعربية:
الاتفاق البحري مع لبنان جيد، مُلح ومفيد، لكن يبدو أنه أقل جودة مما كان يمكن لحكومة مستقرة تحقيقه، لكن ما هو أكثر إقلاقاً: إقراره يتم بإجراءٍ مشكوك فيه من ناحية تشريعية ومثير للغيظ من ناحية ديمقراطية.
على رسلكم: ما من سببٍ للاحتفال. الاتفاق البحري مع لبنان جيد، مُلح ومفيد، لكنه يبدو انه أقل جودة مما كان يمكن لحكومة إسرائيلية مستقرة تحقيقه. وما يجب أن يكون أكثر إقلاقاً هو أن إقراره يتم بإجراءٍ متسرع، غير سوي، مشكوك فيه من ناحية تشريعية ومثير للغيظ من ناحية ديمقراطية.
أبدأ بمشكلة إقراره: إقامة ائتلاف بينيت – لابيد كان مرتبطاً بتغيير تشريعي وترتيبات سياسية كان من الصعب هضمها. تعيين رئيس كتلة صغيرة رئيسًا للحكومة، تناوب قصير المدة، رئيس حكومة بديل، قانون نروجي موسّع، تضخيم عدد الوزراء وغير ذلك. كل هذه المناورات المشكوك فيها حظيت بشرعية لسبب وحيد: الرغبة في استبدال نتنياهو، الشلل، الانقسام والتحريض الذين ميّزوا حكوماته الأخيرة.
السؤال هو ما إذا هناك مكان لشرعنة إجراءات من هذا النوع الآن، فيما حكومة التغيير هي حكومة انتقالية والانتخابات على الأبواب. من المناسب أن يسأل مؤيدو الحكومة أنفسهم ما إذا كانت الخشية من عودة نتنياهو لا تحرجهم أكثر من اللازم. ما يسمحون به للحكومة اليوم سيرتد عليهم كالبومرنغ في حكومة متطرفة، ضد ديمقراطية، والتي يمكن أن تتشكل بعد الانتخابات. ليس جيدًا أن من قام للدفاع عن قواعد اللعبة الديمقراطية ينتهكها على رؤوس الأشهاد.
في ما يخص نتنياهو، يبرر هذا الأسبوع كل ما يقوله خصومه عنه. يصف اتفاق الترسيم بأنه "اتفاق إذعان"، لا أقل. "على مدى 10 سنوات والحكومات برئاستي لم تُذعن لإملاءات (السيد حسن) نصر الله، إلى أن أتى لابيد"، وأعلن أمس أمام الكاميرات. مصدر كبير روى لي أمس شيئاً عن تراث نتنياهو لم أكن أعرفه: عندما بدأت الحكومة الحالية ولايتها دُهشت في اكتشاف أن المستوى السياسي وجّه الجيش في فترة نتنياهو بأنه في عمليات الجيش الإسرائيلي على الأراضي السورية : لا تقتلوا عناصر حزب الله، إذا كان هناك قتلى، نصر الله يمكن أن يطلق صواريخ من الحدود اللبنانية.
حقائب أموال لحماس، حصانة لمقاتلي حزب الله في سوريا: يمكن احترام حذَر نتنياهو في استخدام القوة العسكرية، لا يمكن احترام دجله. بالمناسبة، لحظة تبين له أن الاتفاق يحظى بتعاطف وسط الناخبين، توقف عن التهديد بإلغائه. استطلاع عاجل واحد – وأُزيل التهديد.
والآن، باختصار، إلى تسلسل الاتفاق ومغزاه. أولًا، إنه اتفاق مهم، ليس تاريخياً. من يقول هذا يظلم الاتفاق ويظلم التاريخ. الاتفاق التاريخي يفرض نقاشًا منتظمًا وتصويتاً في الكنيست، فالمناقشة والتصويت لن يحدثا. الاتفاق سيحسّن أمن منصات الغاز في البحر الأبيض المتوسط، وفي المدى البعيد ربما يُضعف سيطرة حزب الله وإيران على السياسة اللبنانية. في المدى القصير إنه يعزز حزب الله في فترة حضيضٍ عميق، ويمنحه هالة رسمية ووطنية. هذا ليس جيداً لكنه بعيد من أن يكون فظيعاً. من الأفضل لإسرائيل الابتعاد عن الانهماك بالسياسة اللبنانية. لن يأتي خيرٌ من هذا.
إسرائيل أصرت على كامل حقوقها في الكيلومترات الخمسة الأولى من شاطئ رأس الناقورة غرباً. هذه هي الميزة الأمنية الثانية للاتفاق. في هذا الشريط، لديها من الآن حدود متفق عليها ومعترف بها. لقد سارت نحو لبنان في الشريط التالي، بين الكيلومتر الخامس إلى الكيلومتر الـ 22. التنازل، قال لي أمس أحد رؤساء المفاوضات، ليس مهماً. هناك أيضاً آراء أخرى. التنازل الإسرائيلي الإضافي كان في عمق البحر، بين الحد الشمالي – الغربي لحقل قانا، وبين حدود المياه الاقتصادية مع قبرص. إذا وُجد غازٌ هناك، لبنان سيحتفل. احتمال ذلك منخفض جداً، لكن يجوز الأمل دائماً، حتى للبنانيين.
احتمال وجود غاز في حقل قانا كبير، لكن ليس أكيداً. إسرائيل ستحصل على حصتها من شركة النفط الفرنسية "توتال"، صاحبة الحقوق، بضمانة أميركية. بخلاف المناورة من مكتب رئيس الحكومة، ليس الحديث عن مليارات – الأمر بعيد من هذا؛ بخلاف مزاعم نتنياهو، لم نخسر مليارات.
في هذه الغضون، من يربح من الغاز هو الشركات التي تستخرجه. مع هذا، إسرائيل لها مصلحة جلية في نجاح التنقيب: ليس بسبب المال، بل أيضاً بسبب أمن منصات الغاز في المياه الاقتصادية لإسرائيل.
المؤسسة الأمنية دعمت الاتفاق بكل قوتها. دعمته لأنه لا مصلحة لها في حرب لبنان ثالثة، ولا حتى بحربٍ قصيرة. ليس نصر الله فقط خرج مكلوماً من حرب 2006.
بينيت شكّل حدود القطاع في المفاوضات طالما كان رئيساً للحكومة. سعى إلى اتفاق، أيضاً حتى لو استلزم تنازلًا. بعدما أخلى كرسيه للابيد لم يشارك في القرارات. من المشكوك فيه أن يكون ما تم الاتفاق عليه في نهاية المطاف ملؤه سعادة، ومن المشكوك فيه ما إذا كان الاستغلال الذي قام به لابيد للاتفاق لأغراضٍ سياسية قد أسرّه، لكنه لن يفرض فيتو ويجوز الافتراض أنه سيصوّت مع: إلى حدٍ كبير، هذا الاتفاق هو اتفاقه.
قرار محاولة إقرار الاتفاق قبل الانتخابات يستند إلى مبررين. الأول، الرئيس اللبناني ميشال عون يُنهي ولايته في آخر الشهر الحالي، ومن المشكوك فيه صلاحيته في التوقيع عليه بعد انتهاء ولايته، والثاني، منصة كاريش جاهزة للبدء باستخراج الغاز. تشغيلها دون اتفاق مرتبط بخطر حريقٍ عسكري.
هناك من هم مقتنعون بهذه المبررات، وهناك من يعتبرها ذرائع.
أياً يكن، عملية الإقرار تبدأ اليوم.