"يديعوت أحرونوت": البيت يحترق والحكومة الإسرائيلية تغمض عينيها
صحيفة "يديعوت أحرونوت" تتحدث عن القلق الإسرائيلي من تدهور الأوضاع الأمنية في النقب المحتل، وتقول إنّ الحكومة الإسرائيلية لا يمكنها إعداد خطة أمن.
نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الإثنين، مقالاً لوزير الأمن الداخلي السابق أفيغدور كهلاني تحدث فيه عن القلق الإسرائيلي من خسارة الأراضي في النقب والجليل، ومن تدهور الأوضاع الأمنية في الآونة الأخيرة.
وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:
العنف يعربد في النقب وفي المدن المختلطة، ورجال الشرطة يخشون ويمتنعون عن احتكاك. أولادنا لن يغفروا لنا إذا أعطيناهم دولة ضعيفة حدودها بين الخضيرة وغديراً.
طوال كل السنين وجّهنا غالبية مواردنا إلى أمن الدولة تجاه الخارج: حزب الله، حركة حماس، سوريا، وبداهةً إيران. يبدو لي اننا نسينا النظر إلى داخل البيت والتأكد ما إذا كنا آمنين فيه. داخل البيت يحرقون لنا السجادة من تحت أقدامنا، يأخذون الأثاث، وغير بعيدٍ اليوم الذي سيقطعون فيه الكهرباء عنّا. أعداء الخارج مقلقون، لكن طوال السنين وجدنا أجوبة على المشاكل الخارجية بما يمكّننا من النوم بعينٍ واحدة تراقب.
يأخذون منّا ما أقمناه وقاتلنا عليه ونحن نغمض عيوننا. جزء كبير من حقول الرماية في النقب لم يعد بأيدينا، وكذلك أراضٍ أخرى. السفر على طرقات النقب مجازفة ويجب على كل من يحاول حماية نفسه حمل سلاح. زراعتنا تُدمّر وثمارها يسرقون. الوسائل الزراعية تُحرق والتأمين هو دفع خوة. سياراتنا تُسرق ونحن نهرول إلى شركات التأمين. يرشقون حجراً علينا ونحن نهرب ونخاف الرد، كيلا نُحاكَم.
مقاولون يأتون بمرافقٍ يطلب هذا وليس لهم حماية. بيوتٌ تُبنى دون رخصة، لكن فقط في أجزاءٍ معينة من البلد، وسجوننا أصبحت مدارس وجامعات. شرطيون يخافون على مستقبلهم وأحياناً يتجنبون الاحتكاك. أعلام "إسرائيل" تُحرق على رأس السارية [على الملأ]، وفي التظاهرات ضدنا أعلام أعدائنا تبتهج مع الريح.
في عملية "حارس الأسوار" مررنا بدرس وطن. جار يعيش بتعايش في بيتٍ مشترك رأى جاره يوجّه المشاغبين لحرق سيارته. الشرطة لم تنشر عدد السيارات التي أُحرقت في أعمال الشغب. خشينا الخروج من المنزل وما من عنوانٍ لمخلّص. يهود ضُربوا في الشوارع قرب منازلهم. الناس خافوا الذهاب إلى الكنيس للصلاة في حين كانت المساجد تعجّ بالناس. يمكنني عرض الكثير من الأمثلة لكن الغطاء قصير.
الحكومة لا ترى بعيداً. وأنا أتحدث عن كل حكومة. طبيعي أن يخاف منتَخب على موقعه ومستقبله، ولا أحد يشتكي على ذلك، كنتُ هناك.
الجيش يخطط ويرى بعيداً، وكذلك الشاباك والموساد اللذين مرّا بتغييرٍ كبير وعميق. الأمن الداخلي للدولة مرهون بجهاتٍ كثيرة وليس بالشرطة فقط. العقيدة الأمنية لم تتغير منذ عشرات السنين. أيضاً عندما كنتُ في منصب وزير الأمن الداخلي أطفأنا حرائق ولم نستعد لأجيالٍ قادمة. تغيير العقيدة الأمنية هو قرار حكومة وليس وزير أو مفتش عام. يجب على الحكومة أن تبني عقيدة أمنية جديدة تتناسب والتهديدات اليوم.
الحكومة لا يمكنها إعداد خطة أمن، الحكومة يمكنها إقرار خطة أعدّها لها فريق متخصص. لو كان يُطلب مني، لكان بإمكاني القول للحكومة على ماذا ستقوم لجنة تحقيقٍ مستقبلية لفحص الصدمة التي سنمر بها في المستقبل ومن الذي سيُتّهم بفشل السياسات. العنوان مكتوبٌ بأحرفٍ ضخمة ولا من يقرأ ويذهب للتطبيق.
حسناً تفعل الحكومة إذا أخذت أشخاصاً أذكياء ومتمرسين من مجالات القضاء، التشريع، الشاباك، الجيش، الجبهة الداخلية، ممثلو مدن، وممثلو مالية وغيرهم. وتجلس هذه المجموعة لعدة أشهر، وتأتي بخطة ناجزة للحكومة، تقرّها أو لا تقرّها. إقرار الحكومة هو بمثابة أمرٍ لكل السلطات للبدء بالتطبيق.
المسائل التي ستُطرح هي بالتأكيد: حجم الشرطة والحدود بينها وبين الجيش، مصادر قوة بشرية ووسائل، هل ينقل الجيش الإسرائيلي جنوداً إلى الشرطة وهل يجب أن يكونوا لزاماً بزي الشرطة، عدد المقاتلين والمحققين، دور حرس الحدود، هل يُقام حرس مدني وماذا ستكون مهامه ولمن يخضع، دمج قوات الجبهة الداخلية في المهام الوطنية في أوقات السلم، عمل الشاباك والموساد في مساعدة الأمن الداخلي، سياسة حمل السلاح للدفاع عن النفس، إشراك مفتشي البلديات في الأمن العام وزيادة مهمة للكاميرات في كل التجمعات السكنية في "إسرائيل".
يمكنني مواصلة تقديم مقترحات لكن اللائحة تطول. المهم هو الملّح، وعلينا استباق اللجنة - وكلما كان أبكر كان أفضل. علينا أن نفهم أننا في واقعٍ جديد ومواءمة أنفسنا وظروف اليوم. شعب "إسرائيل" يحب الحياة وهو يحاول بكل قوته الحفاظ على نظامٍ ديمقراطي، لكن هذا لا يعني بث ضعفٍ سيكلّفنا مستقبلنا. أولادنا والأجيال القادمة لن يغفروا لنا إذا سلّمناهم دولة ضعيفة حدودها بين الخضيرة وغديرا، أو يكون وجودها مرهون بحماية العالم لنا وبرغبة أعداءنا في إبقائنا كمحمية طبيعية.