هل سيغير الصراع بين روسيا وأوكرانيا نظام الطاقة العالمي؟
يعتبر الكاتب نيكولا ميكوفيتش أن خيار تنويع مصادر الطاقة أمر لا مفر منه بالنسبة للأوروبين، مع أن العملية ستكون مؤلمة للغاية بالنسبة للمستهلك الأوروبي.
-
حريق في منشأة لتخزين النفط في مدينة فاسيلكوف بالقرب من العاصمة الأوكرانية 27 شباط 2022
أزمة الطاقة الناشئة في العالم إثر العقوبات الغربية المستجدة على روسيا والعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، تشغل بال العالم، والكل يسأل عن مآلات الأزمة، وكيف سيتغير شكل سوق الطاقة العالمية، وانعكاسات ذلك على التحالفات الدولية. عن ذلك يكتب نيكولا ميكوفيتش في موقع "CGTN" الصيني. وفيما يلي النص الكامل للمقال المنقول إلى العربية:
غيرت الحرب في أوكرانيا العالم بالفعل؛ فرض الغرب عقوبات شديدة على الاتحاد الروسي، ولم يعد أمام موسكو الآن خيار سوى تعزيز تعاونها مع الدول الآسيوية. كيف سيؤثر الواقع الجيوسياسي الجديد على أوروبا؟
على الرغم من الأجواء المشحونة بالعقوبات والعقوبات المضادة، يواصل الاتحاد الأوروبي وروسيا الأعمال المتعلقة بالطاقة كالمعتاد، على الأقل في الوقت الحالي، تستمر شحنات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب المختلفة دون تغيير.
مع ذلك،أسعار الطاقة آخذة في الارتفاع. فكما هو معروف أن 40 في المائة من إمدادات الغاز الطبيعي في أوروبا تأتي من روسيا. وبعض دول البلقان تعتمد بنسبة 100 في المائة على الطاقة الروسية، وإذا توقف الاتحاد الأوروبي، سواء كان ذلك طوعاً أو تحت ضغط من الولايات المتحدة عن شراء الغاز الروسي، فمن المتوقع أن تعاني اقتصادات العديد من دول القارة.
مثل هذه الخطوة ستؤثر بلا شك على روسيا أيضاً، لكن لا يبدو أن الكرملين مهتم بوقف إمدادات الغاز إلى أوروبا. وبالفعل، يستعد الاتحاد الأوروبي لخفض واردات الغاز الروسي، لكن لا يمكنهم استبدال الاتحاد الروسي كمورد رئيسي للطاقة على المدى القصير.
يبدو أن خيار تنويع مصادر الطاقة أمر لا مفر منه بالنسبة للأوروبين، مع أن العملية ستكون مؤلمة للغاية بالنسبة للمستهلك الأوروبي. ومن المحتمل أن تخسر روسيا، من جانبها، إيرادات كبيرة إذا ظل سوق الطاقة الغربي مغلقاً، وسيتعين على موسكو اعتماد نموذج اقتصادي جديد، والبدء في عملية إعادة تصنيع البلاد، وتغيير توجهها الاقتصادي والسياسي من الغرب إلى الشرق.
في الحقيقة، ستكون عملية فك الارتباط بين روسيا والغرب عواقب وخيمة على النظام العالمي الحالي. لكن ماذا سيكون مصير أوكرانيا؟ فلقد تحطم البلد الذي ضربته الحرب بالفعل. سوف تستغرق سنوات كي تتعافى من المأساة الضارية.
على المدى الطويل، من المحتمل أن توقّع أوكرانيا وروسيا اتفاق سلام، لكن في هذه المرحلة لا شيء يشير إلى أن الحرب ستنتهي في أي وقت قريب. في حين أن بعض الدول الغربية مثل ألمانيا وفنلندا وفرنسا والسويد، يزودون حكومة كييف بالأسلحة، بينما رفضت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بفرض حظر طيران فوق الجمهورية السوفيتية السابقة.
علاوة على ذلك، تشير بعض التقارير إلى أن بولندا قد تزود أوكرانيا في نهاية المطاف بطائرات مقاتلة. في الواقع، بدون دعم جوي، قد تفقد القوات الأوكرانية السيطرة في النهاية على المدن المهمة استراتيجياً، بما في ذلك العاصمة كييف.
من ناحية أخرى، سيكون من الصعب على الجيش الروسي الحفاظ على القانون والنظام في أجزاء من البلاد التي تخضع لسيطرته. وقد يستغرق موسكو سنوات لكسب قلوب وعقول السكان الأوكرانيين، ومن منظور الكرملين سيكون من الضرورة "نزع النازية" عن الدولة الواقعة في أوروبا الشرقية.
إن "نزع السلاح" من أوكرانيا، بحسب الرئيس فلاديمير بوتين، هو هدف روسي آخر. لكن طالما استمر الغرب في تزويد الجيش الأوكراني بالسلاح، فسيكون من المستحيل على الكرملين تنفيذ أجندته.
الغرب والولايات المتحدة، لا يزالان يتمتعان بنفوذ هائل على أوكرانيا، وسيتعين عليهما عاجلاً أم آجلاً عقد قمة مع القادة الروس لإنهاء الأعمال الحربية في الميدان. في غضون ذلك، من المرجح أن يتكيف العالم، وخاصة أوروبا، مع الواقع الجديد الذي ستكون فيه أسعار الطاقة الرخيصة من الماضي.
* نقله إلى العربية: حسين قطايا