هل روسيا دولة قوية أم ضحية للظلم؟
لن تعامل الولايات المتحدة وحلفاؤها روسيا كواحدة من القوى العالمية الكبرى إذا لم تتخذ قيادتها جميع الخطوات اللازمة لإظهار القوة الروسية، فلا نفع في الشكوى من ظلم الغرب.
كتب نيكولا ميكوفيتش، في موقع CGTN الصيني، تقريراً تناول فيه الإستراتيجية الروسية تجاه الغرب، بعنوان: "هل روسيا دولة قوية أم ضحية للظلم؟".
قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في الاجتماع العام لــ"منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي" قبل أيام: "الدول القوية فقط وذات السيادة يمكن أن يكون لها رأي في النظام العالمي الناشئ، وإلا أصبحت أو سيتعيّن عليها أن تبقى مستعمرات بلا حقوق".
ما يعني أنه إذا لم تحقّق روسيا جميع أهدافها في أوكرانيا، فإنّ الولايات المتحدة وحلفاءها لن يحترموا موسكو ولن يعاملوها كدولة قوية ذات سيادة، فالتاريخ يُظهر أنّ القوة هي التي تصنع الصواب. ووفقاً للرئيس بوتين فإنّ العالم الحديث يمرّ بـ"حقبة" من المتغييرات الرئيسة.
في العام الفائت شارك ممثلون عن 141 دولة في المنتدى. هذا العام حظي المنتدى بمشاركة 69 دولة فقط، من بينها جمهوريتا دونيتسك الشعبية، و لوغانسك الشعبية.
في الماضي، كان من الصعب تخيل أن دونيتسك ولوغانسك ستشاركان يوماً ما في رد روسيا خلال منتدى دافوس". الآن يجري التعامل مع قادة الجمهوريتين على أنهم ضيوف مهمون.
وفي جميع المنتديات الاقتصادية السابقة في سانت بطرسبرغ، كانت الشركات الغربية هي التي تؤدي الدور الرئيس، ومنحت معاملة خاصة. وفي عام 2022 وقّعت الشركات والسلطات الروسية من مختلف مناطق الاتحاد الروسي اتفاقيات يمكن أن يكون لها تأثيرٌ إيجابي في تنمية الاقتصاد الروسي. لكن الآن ستتوجّه إنتاجات الصناعات الروسية نحو الأسواق المحلية، بدلاً من الاعتماد على الصادرات لتحقيق الإيرادات.
وقالت رئيسة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا: " على روسيا أن تقلّل من اعتمادها المستمر منذ عقود على صادرات المواد الخام وأن تحفّز الشركات الخاصة على تجنب الانزلاق مرّة أخرى نحو التخلف التكنولوجي على النمط السوفياتي مع الغرب".
وقال الرئيس الروسي إنّ الكرملين: "لن يسلك طريق العزلة الذاتية، وستركز روسيا على تعميق علاقاتها بالدول التي ترغب في العمل معها، مثل: مصر ،ومالي، وتركيا، وسوريا، وأفغانستان، وغيرها من الدول الطامحة إلى تطوير التعاون الاقتصادي مع موسكو".
لكنّ الخوف حقيقةً يأتي في حال استمرار الصراع في أوكرانيا فترةً طويلة، ويمكن أن يكون له تأثيرٌ كبير في الاقتصاد الروسي، ويجبر الكرملين على القيام بتحرّك غير تقليدي. وإذا ما استمرّ الغرب في إمداد أوكرانيا بالسلاح، فسيتعيّن على روسيا عاجلاً أم آجلاً تغيير إستراتيجيتها، وإعلان التعبئة الجزئية على الأقل.
ومثل هذا الإجراء لا يعني نشر قوات إضافية في أوكرانيا وحسب، ولكن تعبئة الصناعة العسكرية الروسية أيضاً، فضلاً عن قطاعات أخرى من اقتصاد البلاد. ولا يزال من غير المؤكّد في هذه المرحلة إن كانت القيادة السياسية والشركات الوطنية الكبرى، مستعدة لاتخاذ مثل هذه الخطوة الجذرية.
ونظراً إلى أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها سيستمرون في دعم كييف وقواتها المسلحة، فإنّ التطورات العسكرية في الدولة الواقعة في أوروبا الشرقية قد تجبر موسكو قريباً على تغيير نهجها في عمليتها العسكرية الخاصة.
وبينما كان القادة الروس مشغولين بعقد المنتدى الاقتصادي في سانت بطرسبرغ، تعهّد ممثلو أكثر من 50 دولة إرسال مزيد من القدرات العسكرية إلى أوكرانيا. فالغرب وأوكرانيا مصمّمان على مواصلة القتال، ما يعني أنهما سيرفعان المخاطر ويتخطّيان "الخطوط الحمر" لروسيا. لكن، كيف سيكون رد فعل موسكو؟
وكان الرئيس الروسي قد شدّد على أنّ "روسيا تدخل العصر الجديد كدولة قوية وذات سيادة، وسنحرص على الاستفادة من الفرص الهائلة الجديدة التي يفتحها لنا هذا العصر وستزداد قوة"، متهماً الغرب بـ"الغطرسة الاستعمارية، ومحاولة سحق بلاده بالعقوبات".
لن تعامل الولايات المتحدة وحلفاؤها روسيا كواحدة من القوى العالمية الكبرى إذا لم تتخذ قيادتها جميع الخطوات اللازمة لإظهار القوة الروسية، فلا نفع في الشكوى من ظلم الغرب. وكما كتب المفكر الإستراتيجي سون تزو، في كتابه "فن الحرب" قبل 2500 عام: "إذا قاتلت بكل قوتك فهناك فرصة للحياة".
الكرة مرّة أخرى في الملعب الروسي.