"هآرتس": هل كان نتنياهو شريكاً في الفشل الذريع الذي لحق لقاء كوهين والمنقوش؟

مقال في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية يتحدث عمّا إذا كان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على علم بلقاء وزيري خارجية "إسرائيل" وليبيا، الذي لقي "فشلاً ذريعاً"، في وقتٍ يرفض مكتبه الرد على هذا السؤال.

  • رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية إيلي كوهين (صورة أرشيفية)
    رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية إيلي كوهين (صورة أرشيفية)

كتب مراسل الشؤون الدبلوماسية أمير تيبون مقالاً، في صحيفة "هآرتس"، تحدّث فيه عن كواليس لقاء وزيري خارجية "إسرائيل" وليبيا إيلي كوهين ونجلاء المنقوش في إيطاليا في أرجاء حكومة الاحتلال، وما إذا كان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على علمٍ بهذا اللقاء وشريكاً في الفشل الذريع الذي وقع في أعقابه، في وقتٍ لا يُجيب أحد على هذا السؤال، إذ "لا يوجد جواب جيد عليه". 

وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية: 

بعد أكثر من 42 ساعة على الحرج الدبلوماسي الهائل الذي سببه نشر البيان عن لقاء وزيري خارجية "إسرائيل" وليبيا، سؤال واحد بقي غير محلول: ما الذي علمه بالضبط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وأقره؟ الأجوبة على غالبية الأسئلة الأخرى المرتبطة بالحادثة تبينت مع انقضاء اليومين الماضيين.

على سبيل المثال، من المعلوم أنّ رئيس الحكومة الليبية، عبد الحميد دبيبة، علم باللقاء لكنه سارع إلى نفض يده منه وأقال وزيرة الخارجية من منصبها بعد الإعلان الرسمي من "إسرائيل" بشأن الموضوع. ومن الواضح أيضاً أنّه لحق ضرر، ليس فقط بالعلاقات السرية لـ"إسرائيل" مع ليبيا، بل أيضاً بمحاولات دفع علاقات مع دول عربية ومسلمة أخرى في المنطقة. 

في أخبار "القناة 12"، أُفيد أمس بأنّ نتنياهو علم باللقاء وكان ينوي إصدار بيان بشأنه، لكن مكتب رئيس الحكومة يرفض الرد بصورة منتظمة على أسئلة صحافيين في هذا الخصوص. وكذلك لم يُفد برد واضح من جانب وزير الخارجية إيلي كوهين على هذا السؤال.

مصدران حكوميان كانا مشاركين في الحادثة قالا لـ "هآرتس" إنّ نتنياهو علم أنّ وزارة الخارجية تعمل مع الحكومة الليبية في طرابلس، التي هي فقط واحدة من مراكز القوة في البلد الشمال أفريقي المنقسم والمختلف. ومع ذلك، لم يكن بإمكان المصدران القول ما الذي جرى الاتفاق عليه بالضبط بين رئيس الحكومة ووزير الخارجية في كل ما يتعلق بالبيان الذي أخرج قناة الاتصال السرية من الظل. 

أحد المصادر أوضح أنّ عدم إطلاع رئيس الحكومة على حدث كهذا يعدّ أمر شاذ جداً. صحيحٌ أنّ ليس كل لقاء أو بيان لوزير الخارجية يمر عبره، لكن حدث كهذا يجب أن ينال موافقته، لأنّ الحساسية واضحة للجميع. من المريح لرئيس الحكومة أن تُوجّه كل النيران إلى الوزير، لكن من الصعب تصور أنّه لم يكن مشاركاً في القرار عموماً، إذ "لا يُعمل هكذا في إسرائيل". 

من ناحية نتنياهو، ليس هناك جواب جيد على هذا السؤال. إذا عرف وأقرّ نشر البيان، فإنّه شريك كامل في الإخفاق الذريع الذي وقّع في أعقابه. أمّا إذا لم يعلم، فذلك يثير أسئلة بشأن وظيفته كرئيس حكومة.

نتنياهو وعد "إسرائيل" والعالم أنّه رغم الطابع المتطرف وعدم خبرة غالبية الوزراء في حكومته الحالية، هو الذي سيدير وسيقود "مع يده على المقود". لكن حالياً، لا يبدو أنّ هذا هو الوضع. 

في محاولة لإبعاد نفسه عن الحادثة الدبلوماسية، نتنياهو أصدر صباح أمس بياناً مفاده أنّه "وجّه كل الوزارات بإقرار مسبق لكل لقاء دبلوماسي سري مع مكتب رئيس الحكومة". لم يتضمن البيان تطرقاً شخصياً إلى الوزير كوهين. في حين أنّ نتنياهو اختار العمل في الماضي بصورة فظة أكثر في حالات شعر فيها بأنّ نشاطاً دبلوماسياً داخل صفوف الحكومة يقوّض صلاحياته. 

ففي سنة 2014 التقت تسيبي ليفني، وكانت حينها وزيرة "القضاء" والمسؤولة عن المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، برئيسها محمود عباس، ليسارع نتنياهو إلى إطلاع صحفيين بأنّه لم يُطلع على مسألة الاجتماع، وهدد بإقالة ليفني.

ولاحقاً في سنة 2015، أرسل نتنياهو رئيس "الشاباك" حينها، يورام كوهِن، لنقل رسالة إلى عباس بأنّ الاجتماعات التي عقدها وزير كبير في الحكومة الإسرائيلية مع خصمه محمد دحلان، ليست مقبولة بالنسبة إليه، ووجهت أصابع الاتهام حينها إلى وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان. 

الحادثة الليبية أكثر تعقيداً بالنسبة إلى نتنياهو، فالمشكلة هي التنفيذ الهاوي والفاشل. وهو يحاول الآن أن يُنسي الحادثة وأن يُقلّص أضرارها الدبلوماسية والجماهيرية. فيما السبب وراء عدم تهديده بإقالة كوهين هو أنّ الأخير سيُنهي ولايته في كل الأحوال بعد 4 أشهر، وسيحل مكانه يسرائيل كاتس، وزير الطاقة اليوم، نتيجة اتفاق سياسي وُقّع مع إقامة الحكومة. هذا الاتفاق يُضعف وزارة الخارجية ويلحق ضرراً بعملها، والنتائج تظهر جيداً في الحادثة الدبلوماسية المتدحرجة في الأيام الأخيرة.