"هآرتس": لا صلة لـ"إسرائيل" بالتقارب بين إيران والسعودية

صحيفة "هآرتس" تتحدث عن أصداء إعلان التقارب بين إيران والسعودية في الأوساط الإسرائيلية وتبادل الاتهامات بين المسؤولين الإسرائيليين بشأنه.

  • إيران: الاتفاق مع السعودية أثبت استعداد طهران لتعزيز السلام والاستقرار
    "هآرتس": لا صلة لـ"إسرائيل" بالتقارب بين إيران والسعودية

تحدثت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في مقال كتبه محلل الشؤون العسكرية عاموس هرئِل عن التقارب الإيراني السعودي الذي أعلن عنه مؤخراً في بيان مشترك، ووقعه في الأوساط الإسرائيلية.

وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف: 

فور الإعلان عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية، انطلق تبادل اتهامات بين السياسيين في "إسرائيل"، مصدر سياسي كبير في روما، الذي بالصدفة احتفل هناك بعيد زواجه، اتّهم أول أمس رئيسي الحكومة السابقية، يائير لابيد ونفتالي بينيت، بأن التقارب بين الرياض وطهران بدأ في نوبتهما، بينما زعم الاثنان أن نتنياهو منهمك بمبادرات الانقلاب على النظام إلى حد انه توقف عن تكريس وقتٍ واهتمام لقضايا استراتيجية وعلى رأسها قرة عينه وقف المشروع النووي الإيراني. 

هناك شيء ما في المزاعم المتبادلة، وفي الحالتين هي تقريباً غير ذات صلة. "إسرائيل"، كعادتها، مقتنعة بأنّها مركز الشرق الأوسط، إن لم يكن العالم بأسره، لكن يبدو أنه من وراء منحى التقارب المستجد، بعد قطيعة سبع سنوات، مثُلت اعتبارات باردة بين الخصمين القديمين ليس لها أي صلة تقريباً بـ"إسرائيل".

البوادر الأولى، مثلما زعم نتنياهو، كانت بالفعل في عهد حكومة بينيت – لابيد، لكن لم يكن بمقدور "إسرائيل" فعل الكثير من أجل إقناع السعوديين بتغيير رأيهم. 

إلى حدٍ بعيد، المصالحة تنبع من تبادل نوبات بين القوى العظمى العالمية، وليس بين حكومات "إسرائيل". منذ سنوات والولايات المتحدة تبث إشارة عن نيتها تقليص انخراطها في الشرق الأوسط، في الوقت الذي تزيد فهي الصين من اهتمامها بما يجري في المنطقة. والصينيون كانوا بالفعل الوسطاء المركزيين في الجولة الأخيرة من الاتصالات التي انتهت بنجاح.

جرس التنبيه بالنسبة إلى السعودية كان تحديداً في عهد إدارة ترامب، عندما ألحق الإيرانيون في 2019 ضرراً هائلاً بمواقع النفط لأرامكو في السعودية، في هجوم طائرات مسيرة وصواريخ جوالة والأميركيون امتنعوا عن الرد. 

السلطة في الإمارات كانت أول من استخلصت الاستنتاجات، عندما انسحبت من الحرب مع الحوثيين في اليمن، حلفاء إيران، بعد مدة قصيرة، الآن، عندما يفهم السعوديون أن الولايات المتحدة لن تقاتل ضد إيران من أجلهم، والصين مستعدة لوساطة تقارب، وإيران مستمرة في التعزز كقوة عسكرية إقليمية، ربما لا عجب في أن يختاروا المصالحة. رغم الكراهية الكبيرة بين الطرفين، ورغم المنافسة المستمرة على الهيمنة في الشرق الأوسط. 

حتى بعد هذا القرار، الذي لم يُنفّذ بعد، من الممكن أن احتمالات تطبيعٍ إسرائيلي – سعودي لم يُدفن كلياً. الشروط السعودية موجّهة في الأساس إلى الولايات المتحدة وليس "إسرائيل". ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يطلب حلفاً علنياً مع واشنطن، مشابه لعضوية الناتو من أجل شراء أسلحة أميركية متقدّمة، وضوء أخضر من البيت الأبيض لمشروعٍ نووي مدني مثار جدل. في هذه الخلفية، ولو بأهمية أقل، تمثُل العملية السياسية مع الفلسطينيين، التي يرفض نتنياهو دفعها منذ سنوات.

الرياض يمكنها أن تتجاهل بلباقة ما يجري في الضفة الغربية، لكن إذا كان جبل الهيكل [الحرم القدسي] مرة أخرى في بؤرة مواجهة عنيفة، من المشكوك فيه ان تكون لامبالية حيال ذلك كلياً.

قبل انتقاله إلى تركيز كل جهود على الانقلاب على النظام، نتنياهو سوّق حثيثاً وعدين استراتيجيين نحو عودته إلى السلطة، وكلاهما مرتبطين: الأول هو تطبيع كامل مع السعودية والثاني كان حلاً، عسكرياً تلميحاً، للتهديد النووي من إيران، إذا توقّع أحدٌ ما ان طيارين سعوديين سيقاتلون من أجله في أجواء إيران، هذه الأفكار المبالغ فيها سقطت منذ زمن من جدول الأعمال.

فيما خص هجوماً إسرائيلياً، رغم الخط المتشدد نسبياً الذي تبنّته إدارة بايدن مؤخراً ضد المشروع النووي، يبدو أن القطار الجوي من المسؤولين الأميركيين القادمين إلى هنا في الأشهر الأخيرة جاء لضمان العكس: ألا تعمل إسرائيل بأي حال في إيران من دون إذنٍ أميركي. 

طهران، بعد فترة قاسية، ماضية في تعزيز موقفها الاستراتيجي. الخطوة الأهم الأولى كانت التقارب من روسيا، رغم ان هذا كلّفها برودة من الغرب بسبب المساعدة العسكرية التي منحتها لروسيا في حربها في أوكرانيا، الخطوة الثانية هي المصالحة مع السعودية، ضمن التشديد على كون الصين طرفاً مركزياً في الاتفاق. 

في الوقت نفسه، إيران مستمرة في التقدّم نحو الهدف الذي وُسم في الماضي في الغرب وفي إسرائيل بأنّه خط أحمر: إنتاج يورانيوم مخصب بنسبة 90%. 

أحداث الأشهر الأخيرة تكشف كلام نتنياهو الفارغ في القضية الإيرانية. فانتازيته [أوهامه] عن حلفٍ إسرائيلي – سُنّي لكبح الإيرانيين، إلى حد هجومٍ مشترك، يتبدد. حالياً تبدو قيمة [هذه الأوهام] مثلها مثل قيمة الوعد بـ "سيادة في يوم الأحد"، الذي وزّعه على المستوطنين في سنة 2020، في مدار تقديم "صفقة القرن" من الرئيس دونالد ترامب. قيمة هذا الحلف تبدو الآن مثلها مثل ضم الضفة.