"نيويورك تايمز": توجيه اتهامات لعمران خان يهدد باضطرابات في باكستان
الخطوة ضد عمران خان هي تصعيد كبير للصراع على السلطة بينه وبين الحكومة الحالية وتهدد بتجدد الاضطرابات العامة.
وجّهت السلطات الباكستانية الأحد الماضي اتهامات إلى رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان بموجب قانون مكافحة الإرهاب في البلاد.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إن عمران خان يحاول العودة إلى الحياة السياسية بعد الإطاحة به في نيسان / أبريل الماضي بعد تصويت بحجب الثقة.
وجاءت الاتهامات ضد خان في أعقاب تجمع حاشد في العاصمة إسلام أباد، حيث أدان خان اعتقال أحد كبار مساعديه مؤخراً وتعهد برفع دعاوى قانونية ضد ضباط الشرطة والقاضي المتورط في القضية. وقالت الشرطة إن التعليقات ترقى إلى مستوى محاولة غير قانونية للترهيب.
ولم يتم القبض على خان وهو في إسلام أباد، وفقاً لفواد شودري، أحد كبار قادة حزبه السياسي، حركة "إنصاف باكستان". لكن خان لم يعلق علناً بعد على التهم.
أُجبر خان على ترك منصبه في نيسان / أبريل الماضي، لكنه أثبت منذ ذلك الحين أنه لا يزال قوة كبيرة في السياسة الباكستانية.
في الأشهر الأخيرة، استقطب الزعيم الشعبوي ذو الشخصية الكاريزمية عشرات الآلاف من الأشخاص إلى مسيراته في جميع أنحاء البلاد، ونجح حزبه في استغلال هذا التأثير لتحقيق النجاح الانتخابي. في تموز / يوليو الماضي، فاز حزبه بانتصار ساحق في الانتخابات المحلية في أكثر مقاطعات البنجاب اكتظاظاً بالسكان، وهذا الشهر أيضاً حقق نجاحاً جيداً في التصويت في المركز الاقتصادي للبلاد، كراتشي.
وقال عادل نجم، عميد "كلية فريدريك إس باردي للدراسات العالمية" في جامعة بوسطن وخبير في السياسة الباكستانية: "من الواضح أن عمران خان أقوى بكثير مما كان عليه عندما تمت تنحيته - ربما كانت التنحية أفضل شيء حدث له".
ومع ذلك، بينما يكافح خان من أجل العودة السياسية، يواجه هو ومؤيدوه حملة قمع متصاعدة تهدف إلى الحد من النجاح الانتخابي لحزبه، كما يقول المحللون.
وقد فرضت هيئة تنظيم الإعلام في باكستان حظراً على البث المباشر لخطاباته في القنوات التلفزيونية الإخبارية. ويقول العديد من الصحافيين ومقدمي البرامج الحوارية، الذين يتعاطفون مع خان، إنهم تعرضوا للمضايقة والتهديد من قبل سلطات الدولة في الأسابيع الأخيرة.
وسجن شهباز جيل، أحد كبار مساعدي خان، في وقت سابق من هذا الشهر، بتهمة الإدلاء بتعليقات مناهضة للجيش في برنامج حواري تلفزيوني. وقال مسؤولون إن دعوته لضباط الجيش لتحدي أوامر كبار الضباط كانت محاولة للتحريض على التمرد داخل الجيش.
يقول خان وقادة حزبه إن جيل قد تعرض للتعذيب والإيذاء الجنسي أثناء الاحتجاز، وهي اتهامات ينفيها كبار وزراء الحكومة ومسؤولو شرطة إسلام أباد.
وقالت وزيرة الداخلية رنا صنع الله في مؤتمر صحافي الأحد: "أستطيع أن أؤكد بوصفي وزيرة للداخلية أنه لم تتم ممارسة أي تعذيب ضد جيل أثناء احتجازه لدى الشرطة".
باكستان، وهي دولة مسلحة نووياً وتضم ثاني أكبر عدد من المسلمين في العالم، تكافح مع عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية منذ تأسيسها قبل 75 عاماً. وحتى في ظل الحكومات المدنية، يُنظر إلى المؤسسة العسكرية على أنها وسيط القوة الرئيسي في البلاد، ولها تأثير كبير على السياسات الانتخابية.
وأضافت الصحيفة أن الحملة الحالية على خان هي تغيير صارخ في حظه. فعندما تم انتخابه رئيساً للوزراء في عام 2018، عزا العديد من معارضي الفوز إلى صفقة الغرفة الخلفية التي أبرمها مع الجيش في البلاد. ووصف خصومه السياسيون قوات الأمن بأنها شنت حملة من الإكراه والترهيب ردعت معارضة خان وضيقت المنافسة في الانتخابات، كي تضمن نجاحه. ونفى مسؤولون عسكريون هذه الاتهامات.
في وقت سابق من هذا العام، بعد أن بدأ القادة العسكريون الباكستانيون يسحبون دعمهم لخان ويخففون قبضتهم على المعارضة السياسية له، تمت الإطاحة به في تصويت بحجب الثقة في البرلمان.
في الأشهر التي تلت ذلك، طالب خان بإجراء انتخابات جديدة واتهم الولايات المتحدة والجيش الباكستاني بتدبير مؤامرة للإطاحة بحكومته. وخلال كلمة ألقاها يوم الأحد الماضي في مدينة روالبندي، المتاخمة للعاصمة، كرر خان هجماته على الجيش بسبب دوره. وسأل الجيش: "هل أنت محايد حقًا أم لا؟".
ويخشى الكثير من أنه إذا تم القبض على اخان الآن، يمكن أن يغرق ذلك البلاد في جولة جديدة من الاضطرابات العامة والاحتجاجات العنيفة في الشوارع. ومع انتشار خبر اعتقاله المحتمل، تجمع العاملون في حزبه وأنصاره في منزل خان الفخم في ضواحي العاصمة ورددوا هتافات مناهضة للحكومة.
وقال شودري، الزعيم البارز لحزب خان: "يتجمع مئات الأشخاص في منزل السيد خان ويتوجه الآلاف إلى هنا من أجزاء أخرى من البلاد للتعبير عن دعمهم لقائدهم. تراجعت الشرطة الآن بعد النظر إلى العدد الهائل من الناس هنا. دعونا نرى ما سيحدث بعد ذلك".