"نيويورك تايمز": "إسرائيل" أخطرت واشنطن بهجومها على منشآة نطنز فقط قبل ساعتين
قال مسؤولون إسرائيليون إنهم اتخذوا احتياطات لأن الأميركيين سرّبوا معلومات عن بعض العمليات الإسرائيلية، وهو اتهام نفاه المسؤولون الأميركيون.
نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن مسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) قولهم إن البرقية التي أرسلها هذا العام ضابط الوكالة المنتهية ولايته والمسؤول عن بناء شبكات تجسس في إيران قد ترددت أصداؤها في جميع أنحاء مقر وكالة الاستخبارات في لانغلي: فقد تلاشت شبكة المخبرين الأميركية إلى حد كبير بسبب عمليات مكافحة التجسس الفعالة التي نفذتها طهران، والتي أعاقت الجهود لإعادة بناء شبكة التجسس الأميركية.
وقال مسؤولون أميركيون للصحيفة إن "إسرائيل" ساعدت في سد هذه الفجوة، حيث زوّدت عملياتها القوية في إيران الولايات المتحدة بدفق من المعلومات الاستخبارية الموثوقة حول أنشطة إيران النووية وبرامجها الصاروخية ودعمها للميليشيات في جميع أنحاء المنطقة.
وأضافت الصحيفة أن أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية تتمتع بتاريخ طويل من التعاون وأنها عملت في توافق تام خلال إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، التي وافقت أو كانت طرفاً في العديد من العمليات الإسرائيلية في حرب الظل ضد إيران.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن ذلك قد تغير بعد انتخاب الرئيس جو بايدن، الذي وعد بإحياء الاتفاق النووي مع إيران الذي عارضته "إسرائيل" بشدة. وفي الربيع الماضي، قام بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، بتقليص تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الولايات المتحدة لأنه لم يثق بإدارة بايدن.
وسيلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي نفتالي بينيت، مع الرئيس بايدن في البيت الأبيض اليوم الخميس حيث سيبحثان إمكانية إعادة بناء الثقة حتى وهما يسعيان وراء أجندات متناقضة بشأن إيران. إذ تفضل إدارة بايدن النهج الدبلوماسي، وإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 والبناء عليه، بينما يقول المسؤولون الإسرائيليون إن القوة وحدها هي التي يمكن أن تمنع إيران من بناء قنبلة ذرية.
وقال مسؤولون إسرائيليون كبار للصحيفة إن الهدف الرئيسي لنفتالي بينيت سيكون تحديد ما إذا كانت إدارة بايدن ستستمر في دعم العمليات الإسرائيلية السرية ضد البرنامج النووي الإيراني. إذ يأمل المسؤولون الإسرائيليون في ألا يحد أي اتفاق جديد مع إيران من مثل هذه العمليات التي تضمنت في الماضي تخريب المنشآت النووية الإيرانية واغتيال علماء نوويين إيرانيين.
ويأتي اجتماع بايدن وبينيت في البيت الأبيض بعد أسابيع فقط من سفر مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز إلى فلسطين المحتلة ولقائه بنظيره الإسرائيلي ديفيد بارنيا، مدير جهاز الموساد، وكذلك اجتماعه مع بينيت، كإشارة إلى أهمية التعاون الاستخباري في العلاقات الثنائية.
وقال الجنرال أهرون زئيفي فركش، المدير السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، للصحيفة: "إن تبادال المعلومات الاستخبارية والعملياتية بين "إسرائيل" والولايات المتحدة هو أحد أهم الموضوعات المدرجة على جدول أعمال الاجتماع. فقد طورت "إسرائيل" قدرات فريدة لجمع المعلومات الاستخبارية في عدد من الدول المعادية، وهي قدرات لم تكن الولايات المتحدة قادرة على تطويرها بمفردها والتي من دونها سيكون أمنها القومي عرضة للخطر".
وقال تقرير الصحيفة الأميركية إنه في لقائه مع بايدن، سيكون موقف بينيت قوياً من حقيقة أن الولايات المتحدة أصبحت أكثر اعتماداً على "إسرائيل" للحصول على معلومات عن إيران. فلدى الولايات المتحدة مصادر أخرى للمعلومات، بما في ذلك التنصت الإلكتروني من قبل وكالة الأمن القومي، لكنها تفتقر إلى شبكة التجسس (البشرية) داخل البلاد التي تمتلكها "إسرائيل".
فقد أصبحت المخاطرة بمثل هذا الاعتماد واضحة في نيسان / أبريل الماضي عندما فجرت "إسرائيل" متفجرات في محطة نطنز النووية الإيرانية. ونقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قولهم إن نتنياهو قد أمر مسؤولي الأمن القومي الإسرائيلي بخفض المعلومات التي نقلوها إلى الولايات المتحدة حول العمليات المخطط لها في إيران.
وكشفت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قولهم إنه في يوم الهجوم على نطنز، أعطت وكالة الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية، الموساد، إخطاراً للولايات المتحدة قبل أقل من ساعتين، وهو وقت قصير جداً بالنسبة للولايات المتحدة لتقييم العملية أو لمطالبة "إسرائيل" بإلغائها.
وتحدث مسؤولون إسرائيليون وأميركيون تمت مقابلتهم للصحيفة أثناء إعداد هذا المقال بشرط عدم الكشف عن هويتهم. وقال المسؤولون الإسرائيليون إنهم اتخذوا الاحتياطات لأن الأميركيين سرّبوا معلومات عن بعض العمليات الإسرائيلية، وهو اتهام نفاه المسؤولون الأميركيون.
وقال مسؤولون إسرائيليون آخرون إن إدارة بايدن لم تكن مهتمة بمخاوفهم الأمنية، وركزت على إحياء الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحب منه الرئيس ترامب.
ولعلها المرة الأولى التي يكشف فيها مسؤولون إسرائيليون وأميركيون عن دور واضح ومباشر لجهاز الموساد الإسرائيلي في الهجوم على منشآة نطنز الإيرانية، وعن إبلاغهم الأميركيين بعملية الاعتداء قبل ساعتين من تنفيذها.
نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم