مجلة أكاديمية: بسبب الحرب على غزة.. دول جنوب شرق آسيا تتحول ضد "إسرائيل"
المجلة الأكاديمية "World politics review" تشير إلى أن جرائم "إسرائيل" في قطاع غزّة تحشد دعم معظم دول جنوب شرق آسيا لفلسطين.
أفادت المجلة الأكاديمية "World politics review" أنّه في أعقاب هجوم الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر 2023 كان رد فعل دول جنوب شرق آسيا في الأساس بطريقتين. إذ أعرب المقربون من "إسرائيل" عن تضامنهم معها، بينما تعاطف آخرون مع الفلسطينيين لكنهم فيما عدا ذلك التزموا بالممارسات الإقليمية المعتادة المتمثلة في محاولة تجنّب الانحياز إلى أي طرف من أطراف الصراع.
النص منقولاً إلى اللغة العربية
الآن بعد مرور أكثر من خمسة أشهر، تحوّل قسمٌ كبير من جنوب شرق آسيا بشكلٍ أكثر حدّة ضد "إسرائيل". وتؤدي الجهود المبذولة لمعاقبة شركات الشحن الإسرائيلية وغيرها من الشركات إلى تعقيد سلاسل التوريد، مع ما يترتب على ذلك من آثار في العالم الحقيقي على الشركات الإسرائيلية. لكن التداعيات تؤثر أيضاً على السياحة الإسرائيلية والدبلوماسية في المنطقة.
عملت "إسرائيل" مُنذ فترةٍ طويلة على تعزيز العلاقات الدبلوماسية والروابط الدفاعية والتجارية مع دول جنوب شرق آسيا. والآن أدّى عدوانها على غزّة إلى عرقلة هذه الجهود لسنواتٍ قادمة.
ومن بين الإجراءات الأولى التي اتّخذتها دول المنطقة رداً على العدوان على غزّة، منعت ماليزيا أواخر العام الماضي السفن الإسرائيلية من الرسو في موانئها، مما يُمثل تصعيداً كبيراً في نهجها تجاه الحرب. وذهب رئيس الوزراء الماليزي، أنور إبراهيم إلى ما هو أبعد من ذلك، فوصف الحرب بأنّها "ذروة الهمجية".
وقبل 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أشار سفير "إسرائيل" في سنغافورة إلى أنّ "إسرائيل" ستُحاول إقامة علاقات دبلوماسية مع ماليزيا. وقد تجمّدت هذه الجهود بشكلٍ كبير وسوف تمرّ سنواتٌ عديدة قبل أن تصبح مُجدية مرّةً أخرى.
المشهد السياسي في إندونيسيا مُشابه لماليزيا. يقترب الرئيس جوكو ويدودو من نهاية فترة ولايته، وأصبحت البلاد علمانية رسمياً. لكن السكان المتدينين بشكلٍ متزايد في إندونيسيا، وحاجة جوكوي إلى الحفاظ على أوراق اعتماده كمدافع عن مصالح المسلمين، دفع جاكرتا إلى اتخاذ موقفٍ مُتشدد بشأن الحرب خلال أيامه الأخيرة في منصبه.
كما هو الحال أيضاً مع ماليزيا، في حين لا توجد علاقات دبلوماسية رسمية بين إندونيسيا و"إسرائيل"، كانت هناك تحرّكات نحو علاقات دفاعية سرية أوثق. لكن وزير دفاع جوكوي، برابوو سوبيانتو، والذي من المرجح أن يخلفه كرئيس يرى دوراً أكبر لجاكرتا على المسرح العالمي. ويمكن أن يشمل ذلك السعي إلى الحصول على مكانةٍ أعلى في الشرق الأوسط.
وعلى عكس جوكوي، فإنّ برابوو ليس مسلماً متديناً. لكنّه أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية هذا العام، قاد تجمعاً حاشداً انتقد فيه النهج الإسرائيلي في التعامل مع العدوان على قطاع غزّة.
ونتيجة لذلك، فمن المتوقع أن يتخذ برابوو نهجاً أكثر صرامة تجاه "إسرائيل" بمجرّد أن يصبح رئيساً فعلياً، الأمر الذي قد يزيد من تعقيد التوقعات بالنسبة للشحن التجاري الإسرائيلي.
أما الدول الأخرى التي كانت ردود أفعالها أكثر حيادية تجاه هجوم 7 أكتوبر، فإنّها تبتعد الآن عن "إسرائيل" أيضاً. وتُواجه الفلبين وتايلاند، اللتان تتمتعان بعلاقات دافئة مع "إسرائيل" منذ سنوات، صعوبة في التوصل إلى حل وسط يهدئ غضب مواطنيهما بشأن مقتل العمال المهاجرين الفلبينيين والتايلنديين في "إسرائيل" خلال 7 أكتوبر، في حين تواجهان أيضاً مُشكلة تهدئة الرأي العام الذي تحوّل بشكلٍ حاد ضد الحرب على غزّة. وفي الوقت الراهن، من المرجح أيضاً أن يضعوا العلاقات مع "إسرائيل" في حالة تجميدٍ أعمق.
وحتى فيتنام المتحفظة، التي تقيم علاقات دبلوماسية واتفاق تجارة حرة مع "إسرائيل" ونادراً ما تحاول أن تكون في المقدمة في أي قضايا عالمية، دعت إلى وضع حدٍ فوري للعنف في غزّة. وإذا استمر الصراع، فقد تضطر هانوي إلى خفض مستوى بعض تلك العلاقات الدبلوماسية والتجارية.
لقد كانت سنغافورة منذ فترة طويلة أقرب شريك لـ"إسرائيل" في جنوب شرق آسيا، بل إنّها تعتبر نفسها أقرب إلى "إسرائيل"، ولكنّها أيضاً بدأت في التحوّط من أجل تجنّب تنفير عدد كبير من سكانها المسلمين.
بعد سنوات من السعي إلى رفع مكانتها الدبلوماسية في جنوب شرق آسيا، مع بعض النجاح، وجهت "إسرائيل" لنفسها انتكاسة بسبب إدارتها للحرب في غزّة. في الوقت الحالي وفي المستقبل المنظور، إلى جانب العلاقات الدفاعية والاستخباراتية الهادئة، سيتعين على "إسرائيل" أن تلعب دورها بحذرٍ شديد في المنطقة.